الآيات المائدة قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَ ما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ الأعراف وَ اتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ وَ لَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَ لكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَ اتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا الكهف وَ كَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ إلى قوله تعالى سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَ يَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَ يَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَ ثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ. تفسير سيأتي تفسير الآية الأولى. و قال الدميري دل على أن للعالم فضيلة ليست للجاهل لأن الكلب إذا علم تحصل له فضيلة على غير المعلم فالإنسان أولى بذلك لا سيما إذا عمل بما علم
كما قال علي ع لكل شيء قيمة و قيمة المرء ما يحسنه
و أما آيات الأعراف فالمشهور أنها في بلعم بن باعوراء كما مرت قصته في المجلد الخامس. قال الدميري قال قتادة هذا مثل ضربه الله تعالى لكل من عرض عليه الهدى فأبى أن يقبله وَ لَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها أي وفقناه للعمل بها فكان يرفع بذلك منزلته في الدنيا و الآخرة وَ لكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ أي ركن إلى الدنيا و شهواتها و لذاتها فعوقب في الدنيا بأنه كان يلهث كما يلهث الكلب يشبه به صورة و هيئة. قال القتيبي كل شيء يلهث إنما يلهث من إعياء أو عطش إلا الكلب فإنه يلهث في حال الكلال و حال الراحة و في حال الري و في حال العطش فضربه الله تعالى مثلا لمن كذب بآياته فقال إن وعظته فهو ضال و إن تركته فهو ضال كالكلب إن طردته لهث و إن تتركه على حالة لهث انتهى. و اللهث نفس بسرعة و حركة أعضاء الفم معها و امتداد اللسان قال الواحدي و غيره هذه الآية من أشد الآي على أهل العلم و ذلك أن الله تعالى أخبر أنه آتاه من اسمه الأعظم و الدعوات المستجابات و العلم و الحكمة فاستوجب بالسكون إلى الدنيا و اتباع الهوى تغيير النعم بالانسلاخ عنها و من ذا الذي يسلم من هاتين الحالتين إلا من عصمه الله. و قال أكثر أهل التفسير على أن كلب أهل الكهف كان من جنس الكلاب و روي عن ابن جريح أنه قال كان أسدا و يسمى الأسد كلبا و قال قوم كان رجلا طباخا لهم حكاه الطبري و يضعفه بسط الذراعين فإنه في العرف من صفة الكلب و روي أن جعفر بن محمد الصادق ع قرأ كالبهم فيحتمل أن يريد هذا الرجل و قال خالد بن معدان ليس في الجنة من الدواب سوى كلب أهل الكهف و حمار عزير و ناقة صالح و قيل إن من أحب أهل الخير نال من بركتهم كلب أحب أهل فضل صحبهم ذكره الله تعالى في القرآن معهم و الوصيد فناء الكهف و قيل هو التراب و قيل هو الباب و قيل عتبة الباب و قيل إن الكلب كان لهم و قيل مروا بكلب فنبح لهم فطردوه فعاد فطردوه مرارا فقام الكلب على رجليه و رفع يديه إلى السماء كهيئة الداعي و نطق فقال لا تخافوا مني فإني أحب أحباء الله فنوموا حتى أحرسكم. و قال السدي لما خرجوا مروا براع و معه كلب فقال الراعي إني أتبعكم على أن أعبد الله تعالى معكم قالوا سر فسار معهم و تبعهم الكلب فقالوا يا راعي هذا الكلب ينبح علينا و ينبه بنا فما لنا به من حاجة فطردوه فأبى إلا أن يلحق بهم فرجموه فرفع يديه كالداعي فأنطقه الله تعالى فقال يا قوم لم تطردونني لم ترجمونني لم تضربونني فو الله لقد عرفت الله قبل أن تعرفوه بأربعين سنة فتعجبوا من ذلك و زادهم الله بذلك هدى
قال محمد الباقر ع كان أصحاب الكهف صياقلة
قال عمرو بن دينار إن مما أخذ على العقرب أن لا تضر أحدا في ليل أو نهار صلى على نوح و مما أخذ على الكلب أن لا يضر أحدا حمل عليه في ليل أو نهار قرأ وَ كَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ و قال القرطبي بلغنا عمن تقدم أن في سورة الرحمن آية يقرؤها الإنسان على الكلب إذا حمل عليه فلا يؤذيه بإذن الله عز و جل و هي يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ الآية
11- الكافي، عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي عن أبي عبد الله ع قال يكره أن يكون في دار الرجل المسلم الكلب
12- و منه، عن العدة عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن ابن بكير عن زرارة عن أبي عبد الله ع قال ما من أحد يتخذ كلبا إلا نقص في كل يوم من عمل صاحبه قيراط
بيان لعله محمول على الكراهة كما يشير إليه الخبر السابق و على كلب لم يكن في اتخاذه منفعة أو لم يكن بينه و بينه باب مغلق مع أنه يحتمل أن يكون مع الحالين أخف كراهة. قال الدميري لا يجوز اقتناء الكلب الذي لا نفع فيه و ذلك لما في اقتنائها من مفاسد الترويع و العقر للمار و لعل ذلك لمجانبة الملائكة لمحلها و مجانبة الملائكة أمر شديد لما في مخالطتهم من الإلهام إلى الخير و الدعاء إليه و اختلف الأصحاب في جواز اتخاذ الكلب لحفظ الدرب و الدور على وجهين أصحهما الجواز و اتفقوا على جواز اتخاذه للزارع و الماشية و الصيد لكن يحرم اقتناء كلب الماشية قبل شرائها و كذلك كلب الزرع و الصيد لمن لا يزرع و لا يصيد فلو خالف و اقتنى نقص من أجره كل يوم قيراط و في رواية قيراطان و كلاهما في الصحيح و حمل ذلك على نوع من الكلاب بعضها أشد أذى من بعض أو لمعنى فيها أو يكون ذلك مختلفا باختلاف المواضع فيكون القيراطان في المدن و نحوها و القيراط في البوادي أو يكون ذلك في زمنين ذكر القيراط أولا ثم ذكر التغليظ فذكر القيراطين و المراد بالقيراط مقدار معلوم عند الله تعالى ينقص من أجر عمله و اختلفوا في المراد بما نقص منه فقيل مما مضى من عمله و قيل من مستقبله و قيل قيراط من عمل الليل و قيراط من عمل النهار و قيل قيراط من عمل الفرض و قيراط من عمل النفل و أول من اتخذ الكلب للحراسة نوح ع قال يا رب أمرتني أن أصنع الفلك و أنا في صناعة أصنع أياما فيجيئوني بالليل فيفسدون كل ما عملت فمتى يلتئم لي ما أمرتني به فقد طال علي أمري فأوحى الله إليه يا نوح اتخذ كلبا يحرسك فاتخذ نوح كلبا و كان يعمل بالنهار و ينام بالليل فإذا جاء قومه ليفسدوا بالليل ينبحهم الكلب فينتبه نوح فيأخذ الهراوة و يثب لهم و يهربون منه فالتأم له ما أراد
13- الكافي، عن العدة عن أحمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال سألته عن الكلب يمسك في الدار قال لا
14- و منه، عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن يوسف بن عقيل عن محمد بن قيس عن أبي جعفر ع قال قال أمير المؤمنين ع لا خير في الكلب إلا كلب الصيد أو كلب ماشية
15- و منه، عن العدة عن أحمد بن محمد بن خالد عن أبيه عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن جراح المدائني عن أبي عبد الله ع قال لا تمسك كلب الصيد في الدار إلا أن يكون بينك و بينه باب
بيان كأن المراد بالباب الباب المغلق عليه
لما روى الصدوق عليه الرحمة في الفقيه عن الصادق ع لا تصل في دار فيها كلب إلا أن يكون كلب الصيد و أغلقت دونه بابا فلا بأس فإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب و لا بيتا فيه تماثيل و لا بيتا فيه بول مجموع في آنية
انتهى. و يحتمل أن يكون المراد أن كون الكلب في بيت آخر لا يوجب نقص صلاة المصلي و إن كان بين البيت الذي فيه الكلب و بين البيت الذي يصلى فيه باب فإنهما لا يصيران بذلك بيتا واحدا و الأول أظهر لما مر
و لما رواه الكليني أيضا عن العدة عن البرقي عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال سألته عن كلب الصيد يمسك في الدار قال إذا كان يغلق دونه الباب فلا بأس
و قال العلامة قدس سره في المنتهى يكره الصلاة في بيت فيه كلب لما رواه ابن بابويه عن الصادق ع و ذكر الخبر المتقدم
ثم قال و روى الشيخ عن محمد بن مروان عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص إن جبرئيل أتاني فقال إنا معاشر الملائكة لا ندخل بيتا فيه كلب و لا تماثيل جسد و لا إناء يبال فيه
و نفور الملائكة يؤذن بكونه ليس هو موضع رحمة فلا يصلح أن يتخذ للعبادة انتهى و نحوه قال الشهيد نور الله مرقده في الذكرى. و قال الدميري قال أبو عمرو بن الصلاح لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب و لا جرس ثم قال و أما قوله ص لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب و لا صورة فقال العلماء سبب امتناعهم من البيت الذي فيه الصورة كونها معصية فاحشة و فيها مضاهاة خلق الله تعالى و بعضها في صورة ما يعبدون من دون الله عز و جل و سبب امتناعهم من البيت الذي فيه الكلب لكثرة أكله النجاسات و لأن بعض الكلاب يسمى شيطانا كما جاء في الحديث و الملائكة ضد الشيطان و لقبح رائحة الكلب أو لملائكة تكره الرائحة الخبيثة و لأنها منهي عن اتخاذها فعوقب متخذها بحرمانه دخول الملائكة عليه و صلاتها فيه و استغفارها له و تبركها عليه في بيته و دفعها أذى الشياطين. و الملائكة الذين لا يدخلون بيتا فيه كلب و لا صورة هم ملائكة يطوفون بالرحمة و التبرك و الاستغفار و أما الحفظة و الموكلون بقبض الأرواح فيدخلون في كل بيت و لا تفارق الحفظة الآدمي في حال لأنهم مأمورون بإحصاء أعمالهم و كتابتها. قال الخطابي و إنما لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب و لا صورة مما يحرم اقتناؤه من الكلاب و الصور و أما ما ليس اقتناؤه بحرام من كلب الصيد و الزرع و الماشية و الصورة التي تمتهن في البساط و الوسادة و غيرها فلا يمتنع دخول الملائكة بسببه و أشار القاضي إلى نحو ما قاله الخطابي و قال النووي و الأظهر أنه عام في كل كلب و صورة و إنهم يمتنعون من الجميع لإطلاق الأحاديث و أما الجرو الذي كان في بيت النبي ص تحت السرير كان له فيه عذر ظاهر فإنه لم يعلم به و مع هذا امتنع جبرئيل ع من دخول البيت بسببه فلو كان العذر في وجود الكلب و الصورة لا يمنعهم لم يمتنع جبرئيل
16- الكافي، عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله ع أن رسول الله ص رخص لأهل القاصية في الكلب يتخذونه
بيان القاصية البعيدة عن المعمورة
17- الكافي، عن علي عن أبيه عن ابن محبوب عن العلاء عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله ع عن الكلب السلوقي فقال إذا مسسته فاغسل يدك
بيان غسل اليدين إذا كان رطبا على الوجوب و إذا كان يابسا على الاستحباب على المشهور و سيأتي الكلام فيه في كتاب الطهارة. و قال الدميري في حياة الحيوان الكلب حيوان معروف و ربما وصف به فقيل للرجل كلب و للمرأة كلبة و الجمع أكلب و كلاب و كليب مثل أعبد و عباد و عبيد و هو جمع عزيز و الأكالب جمع أكلب قال ابن سيدة و قد قالوا في جمع كلاب كلابات. و هو نوعان أهلي و سلوقي نسبة إلى سلوق و هي مدينة باليمن تنسب إليها الكلاب السلوقية و كلا النوعين في الطبع سواء و في طبعه الاحتلام و تحيض إناثه و تحمل الأنثى ستين يوما و منها ما يقل عن ذلك و تضع جراءها عميا فلا تفتح عيونها إلا بعد اثني عشر يوما و الذكور تهيج قبل الإناث و ينزو الذكر إذا كمل له سنة و ربما تسفد قبل ذلك و إذا سفد الكلبة كلاب مختلفة الألوان أدت إلى كل كلب شبهه. و في الكلب من اقتفاء الأثر و شم الرائحة ما ليس لغيره من الحيوانات و الجيفة أحب إليه من اللحم الغريض و يأكل العذرة و يرجع في قيئه و بينه و بين الضبع عداوة شديدة و ذلك إذا كان في موضع مرتفع و وطئت الضبع ظله في القمر رمى بنفسه إليها مخذولا فتأكله و إذا دهن كلب بشحمها جن و اختلط و إذا حمل إنسان لسان ضبع لم تنبح عليه الكلاب و من طبعه أنه يحرس ربه و يحمي حرمه شاهدا و غائبا ذاكرا و غافلا نائما و يقظان و هو أيقظ الحيوان عينا في وقت حاجته إلى النوم و إنما غالب نومه نهارا عند الاستغناء عن الحراسة و هو في نومه أسمع من فرس و أحذر من عقعق و إذا نام كسر أجفان عينيه و لا يطبقهما و ذلك لخفة نومه و سبب خفته أن دماغه بارد بالنسبة إلى دماغ الإنسان و من عجيب طباعه أنه يكرم الجلة من الناس و أهل الوجاهة و لا ينبح على أحد منهم و ربما حاد عن طريقه و ينبح على الأسود من الناس و الدنس الثياب و الضعيف الحال و من طباعه البصبصة و الترضي و التودد و التألف بحيث إذا دعي بعد الضرب و الطرد رجع و إذا لاعبه ربه عضه العض الذي لا يؤلم و أضراسه لو أنشبها في الحجر لنشبت و يقبل التأديب و التلقين و التعليم حتى لو وضعت على رأسه مسرجة و طرح له مأكول لم يلتفت إليه ما دام على تلك الحالة فإذا أخذت المسرجة عن رأسه وثب إلى مأكوله و تعرض له أمراض سوداوية في زمن مخصوص و يعرض للكلب الكلب و هو بفتح اللام و هو داء يشبه الجنون. و علامة ذلك أن تحمر عيناه و تعلوهما غشاوة و تسترخي أذناه و يندلع لسانه و يكثر لعابه و سيلان أنفه و يطأطئ رأسه و ينحدب ظهره و يتعوج صلبه إلى جانب و لا يزال يدخل ذنبه بين رجليه و يمشي خائفا مغموما كأنه سكران و يجوع فلا يأكل و يعطش فلا يشرب و ربما رأى الماء فيفزع منه و ربما يموت منه خوفا و إذا لاح له شبح حمل عليه من غير نبح و الكلاب تهرب منه فإن دنا منها غفلة بصبصت له و خضعت و خشعت بين يديه فإذا عقر هذا الكلب إنسانا عرض له أمراض ردية
منها أن يمتنع من شرب الماء حتى يهلك عطشا و لا يزال يستسقي حتى إذا سقي الماء لم يشربه فإذا استحكمت هذه العلة به فقعد للبول خرج منه شيء على هيئة صورة الكلاب الصغار قال صاحب الموجز في الطب الكلب حالة كالجذام تعرض للكلب و الذئب و ابن آوى و ابن عرس و الثعلب ثم ذكر غالب ما تقدم و قال غيره الكلب جنون يصيب الكلاب فتموت و تقتل كل شيء عضته إلا الإنسان فإنه قد يعالج فيسلم قال و داء الكلب يعرض للحمار و يقع في الإبل أيضا فيقال كلبت الإبل تكلب كلبا و أكلب القوم إذا وقع في إبلهم و يقال كلب الكلب و استكلب إذا ضري و تعود أكل الناس انتهى. و ذكر القزويني في عجائب المخلوقات أن بقرية من أعمال حلب بئرا يقال لها بئر الكلب إذا شرب منها من عضه كلب الكلب برأ و هي مشهورة. و أما السلوقي فمن طباعه أنه إذا عاين الظباء قريبة منه أو بعيدة عرف المقبل من المدبر و مشي الذكر من مشي الأنثى و يعرف الميت من الناس و المتماوت حتى أن الروم لا تدفن ميتا حتى تعرضه على الكلاب فيظهر لهم من شمها إياه علامة يستدل بها على حياته أو موته و يقال إن هذا لا يوجد إلا في نوع منها يقال له القلطي و هو صغير الجرم قصير القوائم جدا و يسمى الصيني و إناث السلوقي أسرع تعلما من الذكور و الفهد بالعكس و السود من الكلاب أقل صبرا من غيرها.
و في كتاب فضل الكلاب على كثير ممن لبس الثياب، لمحمد بن خلف المرزبان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال رأى النبي ص رجلا قتيلا فقال ما شأنه فقالوا إنه وثب على غنم بني زهرة فأخذ منها شاة فوثب عليه كلب الماشية فقتله فقال ص قتل نفسه و أضاع دينه و عصى ربه و خان أخاه و كان الكلب خيرا منه
و قال ابن عباس كلب أمين خير من صاحب خئون قال و كان للحارث بن صعصعة ندماء لا يفارقهم و كان شديد المحبة لهم فخرج في بعض متنزهاته و معه ندماؤه فتخلف منهم واحد فدخل على زوجته فأكلا و شربا ثم اضطجعا فوثب الكلب عليها فقتلهما فلما رجع الحارث إلى منزله وجدهما قتيلين فعرف الأمر فأنشأ يقول
فيا عجبا للخل يهتك حرمتي و يا عجبا للكلب كيف يصونو ما زال يرعى ذمتي و يحوطني و يحفظ عرسي و الخليل يخون
. و ذكر الإمام أبو الفرج بن الجوزي في بعض مصنفاته أن رجلا خرج في بعض أسفاره فمر على قبة مبنية أحسن بناء بالقرب من ضيعة هناك و عليها مكتوب من أحب أن يعلم سبب بنائها فليدخل القرية فدخل القرية و سأل أهلها عن سبب بناء القبة فلم يجد عند أحد خبرا من ذلك إلى أن دل على رجل قد بلغ من العمر مائتي سنة فسأله فأخبره عن أبيه أنه حدثه أن ملكا كان بتلك الأرض و كان له كلب لا يفارقه في سفر و لا حضر و لا نوم و لا يقظة و كانت له جارية خرساء مقعدة فخرج ذات يوم في تنزهاته و أمر بربط الكلب لئلا يذهب معه و أمر طباخه أن يصنع له طعاما من اللبن كان يهواه و إن الطباخ صنعه و جاء به فوضعه عند الجارية و الكلب و تركه مكشوفا و ذهب فأقبلت حية عظيمة إلى الإناء فشربت من ذلك الطعام و ردته و ذهبت فأقبل الملك من نزهته و أمر بالطعام فوضع بين يديه فجعلت الجارية تصفق بيديها و تشير إلى الملك أن لا يأكله فلم يعلم أحد ما تريد فوضع الملك يده في الصحفة و جعل الكلب يعوي و يصيح و يجذب نفسه من السلسلة حتى كاد أن يقتل نفسه فعجب الملك من ذلك و أمر بإطلاقه فأطلق فغدا إلى الملك و قد رفع يده باللقمة إلى فيه فوثب الكلب و ضربه على يده فطار اللقمة منها فغضب الملك و أخذ طبرا كان بجنبه و هم أن يضرب به الكلب فأدخل الكلب رأسه في الإناء و ولغ من ذلك الطعام و انقلب على جنبه و قد تناثر لحمه فعجب الملك ثم التفت إلى الجارية فأشارت إليه بما كان من أمر الحية ففهم الملك الأمر و أمر بإراقة الطعام و تأديب الطباخ لكونه ترك الآنية مكشوفة و أمر بدفن الكلب و ببناء القبة عليه و بتلك الكتابة التي رأيتها قال و هي أغرب ما يحكى. و في كتاب النشور عن أبي عثمان المديني قال إنه كان في بغداد رجل يلعب بالكلاب فأسحر يوما في حاجة له و تبعه كلب كان يختصه من كلابه فرده فلم يرجع فتركه و مشى حتى انتهى إلى قوم كان بينه و بينهم عداوة فصادفوه بغير عدة فقبضوا عليه و الكلب يراهم و أدخلوه الدار فدخل الكلب معهم فقتلوا الرجل و ألقوه في بئر و طموا رأس البئر و ضربوا الكلب و أخرجوه و طردوه فخرج يسعى إلى بيت صاحبه فعوى فلم يعبئوا به و افتقدت أم الرجل ابنها و علمت أنه قد تلف فأقامت عليه المأتم و طردت الكلاب عن بابها فلزم ذلك الكلب الباب و لم ينطرد فاجتاز يوما بعض قتلة صاحبه بالباب و الكلب رابض فلما رآه وثب إليه و خمش ساقيه و نهشه و تعلق به و اجتهد المجتازون في تخليصه منه فلم يمكنهم و ارتفعت للناس ضجة عظيمة و جاء حارث الدرب فقال لم يتعلق هذا الكلب بالرجل إلا و له معه قصة و لعله هو الذي جرحه و سمعت أم القتيل الكلام فخرجت فحين رأت الكلب متعلقا بالرجل تأملت الرجل فذكرت أنه كان أحد أعداء ابنها و ممن يتطلبه فوقع في نفسها أنه قاتل ابنها فتعلقت به فرفعوهما إلى الراضي بالله فادعت عليه
القتل فأمر بحبسه بعد أن ضربه فلم يقر فلزم الكلب باب الحبس فلما كان بعد أيام أمر الراضي بإطلاقه فلما خرج من باب الحبس تعلق الكلب كما فعل أولا فعجب الناس من ذلك و جهدوا على خلاصه منه فلم يقدروا على ذلك إلا بعد جهد جهيد و أخبر الراضي بذلك فأمر بعض غلمانه أن يطلق الرجل و يرسل الكلب خلفه و يتبعه فإذا دخل الرجل داره بادره و دخل و أدخل الكلب و مهما رأى الكلب يعمل يعلمه بذلك ففعل ما أمره به فلما دخل الرجل داره بادره غلام الخليفة و دخل و أدخل الكلب معه ففتش البيت فلم ير أثره و لا خبره و أقبل الكلب ينبح و يبحث عن موضع البئر التي طرح فيها القتيل فعجب الغلام من ذلك و أخبر الراضي بأمر الكلب فأمر بنبشه فنبشه الغلام فوجد الرجل قتيلا فأخذ صاحب الدار إلى بين يدي الراضي فأمر بضربة فأقر على نفسه و على جماعة بالقتل فقتل فطلب الباقون فهربوا. و في عجائب المخلوقات أن شخصا قتل شخصا بأصبهان و ألقاه في بئر و للمقتول كلب يرى ذلك فكان يأتي كل يوم إلى رأس البئر و ينحي التراب عنها و يشير إليها و إذا رأى القاتل نبح عليه فلما تكرر ذلك منه حفروا البئر فوجدوا القتيل بها ثم أخذوا الرجل و قرروه فأقر فقتلوه به.
و ذكر ابن عبد البر في كتاب بهجة المجالس و أنس الجالس، أنه قيل لجعفر الصادق ع و هو أحد الأئمة الاثني عشر كم تتأخر الرؤيا فقال خمسين سنة لأن النبي ص رأى كان كلبا أبقع ولغ في دمه فأوله بأن رجلا يقتل الحسين ابن بنته فكان الشمر بن ذي الجوشن قاتل الحسين ع و كان أبرص فتأخرت الرؤيا بعد خمسين سنة
و في الرسالة القشيري في باب الجود و السخاء أن عبد الله بن جعفر خرج إلى ضيعة فنزل على نخيل قوم و فيهم غلام أسود يعمل عليها إذ أتى الغلام بغدائه و هو ثلاثة أقراص فرمى بقرص منها إلى كلب كان هناك فأكله ثم رمى إليه الثاني و الثالث فأكلهما و عبد الله بن جعفر ينظر فقال يا غلام كم قوتك كل يوم قال ما رأيت فلم آثرت هذا الكلب قال إن هذه الأرض ليست بأرض كلاب و إنه جاء من مسافة بعيدة جائعا فكرهت رده فقال له عبد الله بن جعفر فما أنت صانع اليوم قال أطوي يومي هذا فقال عبد الله بن جعفر لأصحابه ألام على السخاء و هذا أسخى مني ثم إنه اشترى الغلام فأعتقه و اشترى الحائط و ما فيه و وهب ذلك له. و دخل أبو العلاء المعري يوما على الشريف المرتضى فعثر برجل فقال الرجل من هذا الكلب فقال أبو العلاء الكلب من لا يعرف للكلب سبعين اسما فقربه المرتضى و اختبره فوجده علامة و إنه جرى ذكر المتنبي يوما فتنقصه الشريف المرتضى و ذكر معايبه فقال أبو العلاء المعري لو لم يكن من شعر المتنبي إلا قوله
لك يا منازل في القلوب منازل
لكفاه شرفا و فضلا فغضب الشريف المرتضى و أمر بسحبه و إخراجه من مجلسه ثم قال لمن حضر مجلسه أ تدرون أي شيء أراد هذا الأعمى بذكر هذه القصيدة و للمتنبي أحسن منها و لم يذكرها قالوا لا قال إنما أراد قوله فيها
و إذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي بأني كامل
18- الكافي، عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله ع قال قال أمير المؤمنين ع بعثني رسول الله ص إلى المدينة فقال لا تدع صورة إلا محوتها و لا قبرا إلا سويته و لا كلبا إلا قتلته
بيان قال الدميري روى مسلم عن عبد الله بن معقل قال أمر رسول الله ص بقتل الكلاب ثم قال ما بالكم و بال الكلاب ثم رخص في كلب الصيد و كلب الغنم
فحمل الأصحاب الأمر بقتلها على الكلب الكلب و الكلب العقور و اختلفوا في قتل ما لا ضرر فيه منها فقال القاضي حسين و إمام الحرمين و الماوردي و النووي و مسلم لا يجوز قتلها و قيل إن الأمر بقتلها منسوخ و على الكراهة اقتصر الرافعي في الشرح و تبعه في الروضة و زاد أنها كراهية تنزيه لا تحريم لكن قال الشافعي و اقتل الكلاب التي لا نفع فيها حيث وجدتها و هذا هو الراجح في المهمات
19- العلل، عن محمد بن شاذان بن أحمد البراوذي عن محمد بن محمد بن الحارث السمرقندي عن صالح بن سعد الترمذي عن عبد المنعم بن إدريس عن أبيه عن وهب بن منبه اليماني قال لما ركب نوح ع في السفينة ألقى الله عز و جل السكينة على ما فيها من الدواب و الطير و الوحش فلم يكن شيء فيها يضر شيئا كانت الشاة تحتك بالذئب و البقرة تحتك بالأسد و العصفور يقع على الحية فلا يضر شيء شيئا و لا يهيجه و لم يكن لها ضجر و لا صخب و لا سبة و لا لعن قد أهمتهم أنفسهم و أذهب الله عز و جل حمة كل ذي حمة فلم يزالوا كذلك في السفينة حتى خرجوا منها و كان الفأر قد كثر في السفينة و العذرة فأوحى الله عز و جل إلى نوح ع أن يمسح الأسد فمسحه فعطس فخرج من منخريه هران ذكر و أنثى فخفف الفأر و مسح وجه الفيل فعطس فخرج من منخريه خنزيران ذكر و أنثى فخفف العذرة
بيان في القاموس الحمة كثبة السم أو الإبرة يضرب بها الزنبور و الحية و نحو ذلك أو يلذع بها و الجمع حمات و حمى
20- العلل، عن أحمد بن محمد بن عيسى العلوي عن محمد بن إبراهيم بن أسباط عن أحمد بن محمد بن زياد القطان عن أبي الطيب أحمد بن محمد بن عبد الله عن عيسى بن جعفر العلوي العمري عن آبائه عن عمر بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب ع أن النبي ص سئل مما خلق الله عز و جل الكلب قال خلقه من بزاق إبليس قيل و كيف ذلك يا رسول الله قال لما أهبط الله عز و جل آدم و حواء إلى الأرض أهبطهما كالفرخين المرتعشين فعدا إبليس الملعون إلى السباع و كانوا قبل آدم في الأرض فقال لهم إن طيرين قد وقعا من السماء لم ير الراءون أعظم منهما تعالوا فكلوهما فتعاوت السباع معه و جعل إبليس يحثهم و يصيح و يعدهم بقرب المسافة فوقع من فيه من عجلة كلامه بزاق فخلق الله عز و جل من ذلك البزاق كلبين أحدهما ذكر و الآخر أنثى فقاما حول آدم و حواء الكلبة بجدة و الكلب بالهند فلم يتركوا السباع أن يقربوهما و من ذلك اليوم الكلب عدو السبع و السبع عدو الكلب
21- و منه، عن أبيه عن محمد بن يحيى العطار و عن محمد بن أحمد الأشعري عن البرقي عن رجل عن ابن أسباط عن عمه رفع الحديث إلى علي ع قال قال رسول الله ص إذا سمعتم نباح الكلب و نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان الرجيم فإنهم يرون و لا ترون فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ الخبر
22- القصص، بالإسناد عن الصدوق عن أبيه عن محمد العطار عن ابن أبان عن ابن أورمة عن أبي أحمد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع قال إن قوم نوح ع شكوا إلى نوح ع الفأر فأمر الله تعالى الفهد فعطس فطرح السنور فأكل الفأر و شكوا إليه العذرة فأمر الله الفيل أن يعطس فسقط الخنزير
23- ثواب الأعمال، عن ابن مسرور عن ابن عامر عن عمه عن ابن أبي عمير عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله ع قال إن امرأة عذبت في هرة ربطتها حتى ماتت عطشا
-24 نوادر الراوندي، عن عبد الواحد بن إسماعيل الروياني عن محمد بن الحسن التميمي عن سهل بن أحمد الديباجي عن محمد بن محمد بن الأشعث عن موسى بن إسماعيل بن موسى عن أبيه عن جده موسى بن جعفر عن آبائه ع قال قال رسول الله ص رأيت في النار صاحب العباء التي قد غلها و رأيت في النار صاحب المحجن الذي كان يسرق الحاج بمحجنه و رأيت في النار صاحبة الهرة تنهشها مقبلة و مدبرة كانت أوثقتها لم تكن تطعمها و لم ترسلها تأكل من حشاش الأرض و دخلت الجنة فرأيت صاحب الكلب الذي أرواه من الماء
تبيان قال في النهاية المحجن عصا معقفة الرأس كالصولجان و الميم زائدة و منه الحديث كان يسرق الحاج بمحجنه فإذا فطن به قال تعلق بمحجني انتهى.
و أقول صاحب الكلب إشارة إلى ما رواه الدميري عن مسلم أن النبي ص قال بينما امرأة تمشي بفلاة من الأرض إذا اشتدت عليها العطش فنزلت بئرا فشربت ثم صعدت فوجدت كلبا يأكل الثرى من العطش فقالت لقد بلغ بهذا الكلب مثل الذي بلغ بي ثم نزلت البئر فملأت خفها و أمسكته بفيها ثم صعدت فسقته فشكر الله لها ذلك و غفر لها فقالوا يا رسول الله أ و لنا في البهائم أجر قال نعم في كل كبد رطبة أجر
و قال في النهاية و فيه فإذا كلب يأكل الثرى من العطش أي التراب الندي. أقول فالظاهر على هذا صاحبه الكلب التي أروته إلا أن يكون إشارة إلى قصة أخرى شبيهة بذلك
-25 الدر المنثور، عن ابن عباس قال الحواريون لعيسى ابن مريم لو بعثت لنا رجلا شهد السفينة فحدثنا عنها فانطلق بهم حتى انتهى إلى كثب من تراب فأخذ كفا من ذلك التراب و قال أ تدرون ما هذا قالوا الله و رسوله أعلم قال هذا كعب حام بن نوح فضرب الكثيب بعصاه و قال قم بإذن الله فإذا هو قائم ينفض التراب عن رأسه قد شاب قال له عيسى هكذا هلكت قال لا مت و أنا شاب و لكنني ظننت أنها الساعة فمن ثم شبت قال حدثنا عن سفينة نوح قال كان طولها ألف ذراع و مائتي ذراع و عرضها ستمائة ذراع كانت ثلاث طبقات فطبقة فيها الدواب و الوحش و طبقة فيها الإنس و طبقة فيها الطير فلما كثر أرواث الدواب أوحى الله إلى نوح أن اغمز ذنب الفيل فغمزه فوقع منه خنزير و خنزيرة فأقبلا على الروث فلما وقع الفأر بخرز السفينة يقرضه أوحى الله إلى نوح أن اضرب عيني الأسد فخرج من منخره سنور و سنورة فأقبلا على الفأر فقال له عيسى كيف علم نوح أن البلاد قد غرقت قال بعث الغراب يأتيه بالخبر فوجد جيفة فوقع عليها فدعا عليه بالخوف فلذلك لا يألف البيوت ثم بعث الحمامة فجاءت بورق زيتون بمنقارها و طين برجلها فعلم أن البلاد قد غرقت فطوقها الخضرة التي في عنقها و دعا لها أن تكون في أنس و أمان فمن ثم تألف البيوت فقالوا يا روح الله ألا تنطلق به إلى أهالينا فيجلس معنا و يحدثنا قال كيف يتبعكم من لا رزق له ثم قال له عد بإذن الله فعاد ترابا
و عن عكرمة قال لما حمل نوح في السفينة الأسد قال يا رب إنه يسألني الطعام من أين أطعمه قال إني سوف أشغله عن الطعام فسلط الله عليه الحمى فكان نوح يأتي بالكبش فيقول كل فيقول الأسد آه
و عن وهب بن منبه قال لما أمر نوح أن يحمل مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ قال كيف أصنع بالأسد و البقر و كيف أصنع بالعناق و الذئب و كيف أصنع بالحمام و الهر قال من ألقى بينهم العداوة قال أنت يا رب قال فإني أؤلف بينهم حتى لا يتضادون
توضيح خرز السفينة الخيوط التي تخاط بها
26- حياة الحيوان، السنور بكسر السين المهملة و فتح النون المشددة واحد السنانير حيوان متواضع ألوف خلقه الله تعالى لدفع الفأرة قيل إن أعرابيا صاد سنورا فلم يعرفه فتلقاه رجل فقال ما هذا السنور و لقي آخر فقال ما هذا القط ثم لقي آخر فقال ما هذا الهر ثم لقي آخر فقال ما هذا الضبون ثم لقي آخر فقال ما هذا الخيدع ثم لقي آخر فقال ما هذا الخيطل ثم لقي آخر فقال ما هذا الدم فقال الأعرابي أحمله و أبيعه لعل الله تعالى أن يجعل فيه مالا كثيرا فلما أتى به إلى السوق قيل له بكم هذا فقال بمائة درهم فقيل له إنه يساوي نصف درهم فرمى به و قال لعنه الله ما أكثر أسماءه و أقل ثمنه و هذه الأسماء للذكر قاله في الكفاية و قال ابن قتيبة يقال في الأنثى سنورة
و روى الحاكم عن أبي هريرة قال كان النبي ص يأتي دار قوم من الأنصار و دونه دور لا يأتيها فشق عليهم ذلك فكلموه فقال إن في داركم كلبا قالوا فإن في دارهم سنورا فقال السنور سبع
و في رواية أخرى قال الهرة ليست بنجس إنما هي من الطوافين عليكم
و الطوافون الخدم و الطوافات الخدامات جعلها بمنزلة المماليك و قيل إن أهل سفينة نوح ع تأذوا من الفأر فمسح نوح جبهة الأسد فعطس و رمى بالسنور فلذلك هو أشبه شيء بالأسد بحيث لا يمكن أن يصور الهر إلا جاء أسدا و هو ظريف لطيف يمسح بلعابه وجهه و إذا جاعت الأنثى أكلت أولادها و قد يخلق الله في قلب الفيل الهرب منه فهو إذا رأى سنورا هرب و حكي أن جماعة من الهند هزموا بذلك و السنور ثلاثة أنواع أهلي و وحشي و السنور الزباد و يناسب الإنسان في أمور منها أن يعطس و يتثاءب و يتمطى و يتناول الشيء بيده و ذكر القزويني عن ابن الفقيه أن لبعض السنانير أجنحة كأجنحة الخفافيش من أصل الأذن إلى الذنب قال العلماء اتخاذ السنور و تربيته مستحب
27- الكافي، عن العدة عن أحمد بن محمد و محمد بن يحيى عن عبد الله بن محمد عن علي بن الحكم عن أبان عن زرارة عن أحدهما ع قال الكلاب السود البهم من الجن
28- و منه، عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسماعيل عن علي بن الحكم عن مالك بن عطية عن أبي حمزة الثمالي قال كنت مع أبي عبد الله ع فيما بين مكة و المدينة إذا التفت عن يساره فإذا كلب أسود بهيم فقال ما لك قبحك الله ما أشد مسارعتك فإذا هو شبه بالطائر فقلت ما هذا جعلت فداك فقال هذا عثم بريد الجن مات هشام الساعة فهو يطير ينعاه في كل بلدة
29- و منه، عن العدة عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمن عن مسمع عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص الكلاب من ضعفة الجن فإذا أكل أحدكم طعاما و شيء منها بين يديه فليطعمه أو ليطرده فإن لها أنفس سوء
30- و منه، عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن عبد الرحمن بن أبي هاشم عن سالم بن أبي سلمة عن أبي عبد الله ع قال سئل عن الكلاب فقال كل أسود بهيم و كل أحمر بهيم و كل أبيض بهيم فلذلك خلق الكلاب من الجن و ما كان أبلق فهو مسخ من الجن و الإنس
بيان كون الكلب الأسود و غيره من الجن يحتمل أن يكون المعنى أنه على صفتها أو أنه قد تتصور الجن بصورته أو مسخ من الجن أي كان في الأصل جنيا فمسخ بتلك الصورة و أما كون الأبلق مسخا من الجن و الإنس فهو أيضا يحتمل تطير الوجوه المذكورة بأنه على صفة شرار الجن و الإنس معا أو قد يكون ممسوخا من الجن و قد يكون ممسوخا من الإنس أو متولدا من ممسوخ الجن و ممسوخ الإنس.
قال الدميري روى مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه قال قال رسول الله ص يقطع الصلاة الحمار و المرأة و الكلب الأسود قيل لأبي ذر ما بال الكلب الأسود من الكلب الأحمر من الكلب الأصفر قال يا ابن أخي سألت رسول الله ص عما سألتني عنه فقال الكلب الأسود شيطان
فحمله بعض أهل العلم على ظاهره و قال الشيطان يتصور بصورة الكلاب السود و لذا
قال ع اقتلوا منهن كل أسود بهيم
و قيل لما كان الكلب الأسود أشد ضررا من غيره و أشد ترويعا كان المصلي إذا رآه اشتغل عن صلاته فانقطعت عليه لذلك و كذلك تأول الجمهور قوله ص يقطع الصلاة المرأة و الحمار فإن ذلك مبالغة في الخوف على قطعها و إفسادها بالشغل عن المذكورات و ذلك أن المرأة تفتن و الحمار ينهق و الكلب الأسود يروع و يشوش الفكر فلما كانت هذه الأمور آئلة إلى القطع جعلها قاطعة و احتج أحمد بحديث الكلب الأسود على أنه لا يجوز صيده و لا يحل لأنه شيطان. و قال الخنزير مشترك بين البهيمية و السبعية فالذي فيه من السبع الناب و أكل الجيف و الذي فيه من البهيمية الظلف و أكل العشب و العلف و يقال أنه ليس شيء من ذوات الأذناب ما للخنزير من قوة نابه حتى أنه يضرب بنابه صاحب السيف و الرمح فيقطع كل ما لاقى جسده من عظم و عصب و من عجيب أمره إذا قلعت إحدى عينيه مات سريعا.
و روى ابن ماجة عن أنس أن النبي ص قال طلب العلم فريضة على كل مسلم و واضع العلم في غير أهله كمقلد الخنازير الجوهر و اللؤلؤ و الدر
و قال في الإحياء جاء رجل إلى ابن سيرين و قال رأيت كأني أعلق الدر في أعناق الخنازير فقال أنت تعلم الحكمة غير أهلها