ج روي عن الباقر عليه السلام أنّ عمر بن الخطاب قال لأبي بكر اكتب إلى أسامة يقدم عليك، فإنّ في قدومه قطع الشنعة عنّا. فكتب أبو بكر إليه من أبي بكر خليفة رسول اللّه إلى أسامة بن زيد، أمّا بعد فانظر إذا أتاك كتابي فأقبل إليّ أنت و من معك، فإنّ المسلمين قد اجتمعوا ]عليّ[ و ولّوني أمرهم، فلا تتخلفنّ فتعصي و يأتيك منّي ما تكره، و السلام. قال فكتب إليه أسامة جواب كتابه من أسامة بن زيد عامل رسول اللّه )ص( على غزوة الشام، أمّا بعد، فقد أتاني ]منك[ كتاب ينقض أوله آخره ذكرت في أوله أنّك خليفة رسول اللّه، و ذكرت في آخره أنّ المسلمين اجتمعوا عليك فولّوك أمورهم و رضوا بك و اعلم، أنّي و من معي من جماعة المسلمين و المهاجرين، فلا و اللّه ما رضينا بك و لا ولّيناك أمرنا، و انظر أن تدفع الحقّ إلى أهله، و تخلّيهم و إيّاه، فإنّهم أحقّ به منك. فقد علمت ما كان من قوله رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله في عليّ عليه السلام يوم غدير خم، فما طال العهد فتنسى. انظر بمركزك، و لا تخلف فتعصي اللّه و رسوله و تعصي ]من[ استخلفه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله عليك و على صاحبك، و لم يعزلني حتّى قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و أنّك و صاحبك رجعتما و عصيتما، فأقمتما في المدينة بغير إذني. قال فهمّ أبو بكر أن يخلعها من عنقه، قال فقال له عمر لا تفعل قميص قمّصك اللّه لا تخلعه فتندم، و لكن ألحّ على أسامة بالكتب، و مر فلانا و فلانا و فلانا يكتبون إلى أسامة أن لا يفرّق جماعة المسلمين، و أن يدخل يده فيما صنعوا. قال فكتب إليه أبو بكر، و كتب إليه أناس من المنافقين أن ارض بما اجتمعنا عليه، و إيّاك أن تشمل المسلمين فتنة من قبلك، فإنّهم حديثو عهد بالكفر. فلمّا وردت الكتب على أسامة انصرف بمن معه حتّى دخل المدينة، فلمّا رأى اجتماع الناس على أبي بكر انطلق إلى عليّ بن أبي طالب فقال ما هذا فقال له علي هذا ما ترى قال له أسامة فهل بايعته فقال نعم. فقال له أسامة طائعا أو كارها قال لا، بل كارها قال فانطلق أسامة فدخل على أبي بكر، فقال السلام عليك يا خليفة المسلمين. قال فردّ أبو بكر و قال السلام عليك أيّها الأمير.
بيان انظر بمركزك، أي إلى مركزك و محلّك الّذي أقامك فيه النبيّ صلّى اللّه عليه و آله من عسكري، و أمرك أن تكون فيهم، أو من كونك رعية لأمير المؤمنين عليه السلام، أو انظر في أمرك، في مركزك و مقامك.
جا علي بن محمد البصري، عن أحمد بن إبراهيم، عن زكريا بن يحيى، عن عبد الجبار، عن سفيان، عن الوليد بن كثير، عن ابن الصيّاد، عن سعيد بن المسيب قال لمّا قبض النبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ارتجّت مكّة بنعيه. فقال أبو قحافة ما هذا قالوا قبض رسول اللّه. قال فمن ولي الناس بعده قالوا ابنك. قال فهل رضيت بنو عبد شمس و بنو المغيرة قالوا نعم. قال لا مانع لما أعطى اللّه و لا معطي لما منع اللّه، ما أعجب هذا الأمر يتنازعون النبوّة و يسلّمون الخلافة، إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ.
بيان أي ما أعجب منازعة بني عبد شمس و بني المغيرة في النبوّة الحقّة و تسليمهم الخلافة الباطلة. إِنَّ هذا لَشَيْءٌ يُرادُ، أي هذا الأمر لشيء من ريب الزمان يراد بنا فلا مردّ له، أو إنّ توليّ أمر الخلافة شيء يتمنّى، أو يريده كلّ أحد، أو إنّ دينكم يطلب ليؤخذ منكم كما قيل في الآية، و الأخير هنا أبعد.
ج روي أن أبا قحافة كان بالطائف لمّا قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و بويع لأبي بكر، فكتب إلى أبيه كتابا عنوانه من خليفة رسول اللّه إلى أبي قحافة، أمّا بعد، فإنّ الناس قد تراضوا بي، فأنا اليوم خليفة اللّه، فلو قدمت علينا لكان أحسن بك. فلمّا قرأ أبو قحافة الكتاب قال للرسول ما منعهم من علي قال الرسول هو حدث السن، و قد أكثر القتل في قريش و غيرها، و أبو بكر أسنّ منه. قال أبو قحافة إن كان الأمر في ذلك بالسنّ فأنا أحق من أبي بكر، لقد ظلموا عليّا حقّه، و لقد بايع له النبيّ و أمرنا ببيعته. ثم كتب إليه من أبي قحافة إلى أبي بكر أمّا بعد، فقد أتاني كتابك، فوجدته كتاب أحمق ينقض بعضه بعضا، مرّة تقول خليفة اللّه، و مرّة تقول خليفة رسول اللّه، و مرة تراضى بي الناس، و هو أمر ملتبس، فلا تدخلنّ في أمر يصعب عليك الخروج منه غدا، و يكون عقباك منه إلى الندامة، و ملامة النفس اللوّامة، لدى الحساب يوم القيامة، فإنّ للأمور مداخل و مخارج، و أنت تعرف من هو أولى منك بها، فراقب اللّه كأنّك تراه، و لا تدعن صاحبها، فإنّ تركها اليوم أخفّ عليك و أسلم لك.
شف من كتاب البهار للحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن ابن رئاب، عن فضيل الرسان و الحسن بن السكن، عمّن أخبره، عن أبي أمامة قال لمّا قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كتب أبو بكر إلى أسامة بن زيد من أبي بكر خليفة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إلى أسامة بن زيد، أمّا بعد، فإنّ المسلمين اجتمعوا عليّ لمّا أن قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فإذا أتاك كتابي هذا فأقبل. قال فكتب إليه أسامة بن زيد أمّا بعد، فإنّه جاءني كتاب لك ينقض آخره أوله، كتبت إليّ من أبي بكر خليفة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و على أهل بيته، ثم أخبرتني أنّ المسلمين اجتمعوا عليك. قال فلمّا قدم عليه قال له يا أبا بكر أ ما تذكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله حين أمرنا أن نسلّم على عليّ بإمرة المؤمنين، فقلت أ من اللّه و من رسوله فقال لك نعم، ثم قام عمر فقال أ من اللّه و من رسوله فقال نعم، ثم قام القوم فسلّموا عليه، فكنت أصغركم سنا، فقمت فسلّمت بإمرة المؤمنين فقال إنّ اللّه لم يكن ليجمع لهم النبوّة و الخلافة.