1- ج، ]الإحتجاج[ حدث الشيخ أبو علي الحسن بن محمد الرقي بالرملة في شوال سنة ثلاث و عشرين و أربعمائة عن الشيخ المفيد أبي عبد الله محمد بن محمد بن النعمان رضي الله عنه أنه قال رأيت في المنام سنة من السنين كأني قد اجتزت في بعض الطرق فرأيت حلقة دائرة فيها ناس كثيرة فقلت ما هذا قالوا هذه حلقة فيها رجل يقص فقلت من هو قالوا عمر بن الخطاب ففرقت الحلقة فإذا أنا برجل يتكلم على الناس بشيء لم أحصله فقطعت عليه الكلام و قلت أيها الشيخ أخبرني ما وجه الدلالة على فضل صاحبك أبي بكر عتيق بن أبي قحافة من قول الله تعالى ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ فقال وجه الدلالة على أبي بكر من هذه الآية في ستة مواضع الأول أن الله تعالى ذكر النبي ص و ذكر أبا بكر فجعله ثانيه فقال ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ و الثاني أنه وصفهما بالاجتماع في مكان واحد لتأليفه بينهما فقال إِذْ هُما فِي الْغارِ و الثالث أنه أضافه إليه بذكر الصحبة ليجمع بينهما فيما تقتضي الرتبة فقال إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ و الرابع أنه أخبر عن شفقة النبي ص عليه و رفقه به لموضعه عنده فقال لا تَحْزَنْ و الخامس أنه أخبره أن الله معهما على حد سواء ناصرا لهما و دافعا عنهما فقال إِنَّ اللَّهَ مَعَنا و السادس أنه أخبر عن نزول السكينة على أبي بكر لأن رسول الله ص لم تفارقه السكينة قط قال فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ فهذه ستة مواضع تدل على فضل أبي بكر من آية الغار لا يمكنك و لا لغيرك الطعن فيها فقلت له حبرت بكلامك في الاحتجاج لصاحبك عنه و إني بعون الله سأجعل جميع ما أتيت به كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ أما قولك إن الله تعالى ذكر النبي ص و جعل أبا بكر ثانيه فهو إخبار عن العدد لعمري لقد كانا اثنين فما في ذلك من الفضل فنحن نعلم ضرورة أن مؤمنا و مؤمنا أو مؤمنا و كافرا اثنان فما أرى لك في ذكر العدد طائلا تعتمده و أما قولك إنه وصفهما بالاجتماع في المكان فإنه كالأول لأن المكان يجمع المؤمن و الكافر كما يجمع العدد المؤمنين و الكفار و أيضا فإن مسجد النبي ص أشرف من الغار و قد جمع المؤمنين و المنافقين و الكفار و في ذلك قوله عز و جل فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ عِزِينَ و أيضا فإن سفينة نوح قد جمعت النبي و الشيطان و البهيمة و المكان لا يدل على ما أوجبت من الفضيلة فبطل فضلان و أما قولك إنه أضافه إليه بذكر الصحبة فإنه أضعف من الفضلين الأولين لأن اسم الصحبة يجمع المؤمن و الكافر و الدليل على ذلك قول الله تعالى قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَ هُوَ يُحاوِرُهُ أَ كَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا و أيضا فإن اسم الصحبة يطلق بين العاقل و بين البهيمة و الدليل على ذلك من كلام العرب الذي نزل القرآن بلسانهم لقول الله عز و جل وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ أنهم سموا الحمار صاحبا فقالوا شعر
إن الحمار مع الحمار مطية فإذا خلوت به فبئس الصاحب
و أيضا فقد سموا الجماد مع الحي صاحبا فقالوا ذلك في السيف و قالوا
زرت هندا و ذاك غير اختيار و معي صاحب كتوم اللسان
يعني السيف فإذا كان اسم الصحبة تقع بين المؤمن و الكافر و بين العاقل و البهيمة و بين الحيوان و الجماد فأي حجة لصاحبك فيه و أما قولك إنه قال لا تَحْزَنْ فإنه وبال عليه و منقصة له و دليل على خطائه لأن قوله لا تَحْزَنْ نهي و صورة النهي قول القائل لا تفعل فلا يخلو أن يكون الحزن وقع من أبي بكر طاعة أو معصية فإن كان طاعة فإن النبي ص لا ينهى عن الطاعات بل يأمر بها و يدعو إليها و إن كان معصية فقد نهاه النبي ص عنها و قد شهدت الآية بعصيانه بدليل أنه نهاه و أما قولك إنه قال إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فإن النبي ص قد أخبر أن الله معه و عبر عن نفسه بلفظ الجمع كقوله إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ و قد قيل أيضا في هذا إن أبا بكر قال يا رسول الله حزني على أخيك علي بن أبي طالب ع ما كان منه فقال له النبي ص لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا أي معي و مع أخي علي بن أبي طالب و أما قولك إن السكينة نزلت على أبي بكر فإنه ترك للظاهر لأن الذي نزلت عليه السكينة هو الذي أيده بالجنود كذا يشهد ظاهر القرآن في قوله فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَ أَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها فإن كان أبو بكر هو صاحب السكينة فهو صاحب الجنود ففي هذا إخراج النبي ص من النبوة على أن هذا الموضع لو كتمته على صاحبك لكان خيرا له لأن الله تعالى أنزل السكينة على النبي في موضعين كان معه قوم مؤمنين فشركهم فيها فقال في أحد الموضعين فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى و قال في الموضع الآخر ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ أَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها و لما كان في هذا الموضع خصه وحده بالسكينة فقال فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ فلو كان معه مؤمن لشركه معه في السكينة كما شرك من ذكرنا قبل هذا من المؤمنين فدل إخراجه من السكينة على إخراجه من الإيمان فلم يحر جوابا و تفرق الناس و استيقظت من نومي
أقول روى الكراجكي رحمه الله في كنز الفوائد مثله