1- ج روي أنّ عمر بن الخطاب كان يخطب الناس على منبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فذكر في خطبته أنّه أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ. فقال له الحسين عليه السلام من ناحية المسجد انزل أيّها الكذّاب عن منبر أبي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، لا منبر أبيك. فقال له عمر فمنبر أبيك لعمري يا حسين لا منبر أبي، من علّمك هذا أبوك عليّ بن أبي طالب. فقال له الحسين إن أطع أبي فيما أمرني فلعمري إنّه لهاد و أنا مهتد به، و له في رقاب الناس البيعة على عهد رسول اللّه )ص( نزل بها جبرئيل عليه السلام من عند اللّه تعالى لا ينكرها أحد إلّا جاحد بالكتاب، قد عرفها الناس بقلوبهم و أنكروها بألسنتهم، و ويل للمنكرين حقّنا أهل البيت )ع(، ما ذا يلقاهم به محمّد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من إدامة الغضب و شدّة العذاب. فقال عمر يا حسين من أنكر حقّ أبيك فعليه لعنة اللّه أمّرنا النّاس فتأمّرنا، و لو أمّروا أباك لأطعنا. فقال له الحسين )ع( يا ابن الخطاب فأيّ الناس أمّرك على نفسه قبل أن تؤمّر أبا بكر على نفسك ليؤمّرك على الناس بلا حجّة من نبيّ و لا رضى من آل محمّد فرضاكم كان لمحمّد عليه و آله السلام رضى، أو رضى أهله كان له سخطا أما و اللّه لو أنّ للّسان مقالا يطول تصديقه، و فعلا يعينه المؤمنون لما تخطّيت رقاب آل محمّد )ص(، ترقى منبرهم و صرت الحاكم عليهم بكتاب نزل فيهم، لا تعرف معجمه، و لا تدري تأويله إلّا سماع الآذان، المخطئ و المصيب عندك سواء، فجزاك اللّه جزاك، و سألك عمّا أحدثت سؤالا حفيّا. قال فنزل عمر مغضبا و مشى معه أناس من أصحابه حتى أتى باب أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه، فاستأذن عليه فأذن له، فدخل فقال يا أبا الحسن ما لقيت من ابنك الحسين يجهرنا بصوت في مسجد رسول اللّه )ص( و يحرّض عليّ الطغام و أهل المدينة. فقال له الحسن عليه السلام مثل الحسين بن النبيّ صلّى اللّه عليه و آله يستحثّ بمن لا حكم له، أو يقول بالطغام على أهل دينه، أما و اللّه ما نلت ما نلت إلّا بالطغام، فلعن اللّه من حرّض الطغام. فقال له أمير المؤمنين عليه السلام مهلا يا أبا محمّد فإنّك لن تكون قريب الغضب، و لا لئيم الحسب، و لا فيك عروق من السودان، اسمع كلامي، و لا تعجل بالكلام. فقال له عمر يا أبا الحسن إنّهما ليهمّان في أنفسهما بما لا يرى بغير الخلافة. فقال له أمير المؤمنين عليه السلام هما أقرب نسبا برسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله من أبيهما أما فأرضهما يا ابن الخطاب بحقّهما يرض عنك من بعدهما. قال و ما رضاهما يا أبا الحسن قال رضاهما الرجعة عن الخطيئة، و التقيّة عن المعصية بالتوبة. فقال له عمر أدّب يا أبا الحسن ابنك أن لا يتعاطى السلاطين الذين هم الحكماء في الأرض. فقال له أمير المؤمنين عليه السلام أنا أؤدّب أهل المعاصي على معاصيهم، و من أخاف عليه الزلّة و الهلكة، فأمّا من ولده رسول اللّه )ص( لا يحلّ أدبه، فإنّه ينتقل إلى أدب خير له منه، أما فأرضهما يا ابن الخطاب. قال فخرج عمر فاستقبله عثمان بن عفان و عبد الرحمن بن عوف، فقال له عبد الرحمن يا أبا حفص ما صنعت و قد طالت بكما الحجّة. فقال له عمر و هل حجّة مع ابن أبي طالب و شبليه. فقال له عثمان يا ابن الخطاب هم بنو عبد مناف الأسمنون و الناس عجاف. فقال له عمر ما أعد ما صرت إليه فخرا فخرت به، أ بحمقك. فقبض عثمان على مجامع ثيابه ثمّ جذبه و ردّه، ثم قال يا ابن الخطاب كأنّك تنكر ما أقول. فدخل بينهما عبد الرحمن بن عوف و فرّق بينهما، و افترق القوم.
بيان قوله عليه السلام إلّا سماع الآذان.. أي لا تعرف معنى الكتاب إلّا بما تسمعه الآذان من الناس، و في بعض النسخ الفعلان بصيغة الغيبة أي لا يمكن معرفة الكتاب و تأويله إلّا بالسماع ممّن ينتهي عمله إلى الوحي الإلهي. و الحفاوة و الحفاية و الإحفاء الاستقصاء في السّؤال. و التحريض على القتال الحثّ و التّرغيب و التّحريض عليه. و الطّغام الأراذل. قوله ليهمّان.. أي يقصدان أمرا لا يحصل إلّا بالخلافة، فأجاب عليه السلام بأنّ الخلافة غير بعيد منهما، فإنّ أباهما خليفة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و هما أقرب نسبا به صلّى اللّه عليه و آله منه. قوله عليه السلام فإنّه ينتقل.. أي يترقّى بنفسه في الآداب الحسنة من غير تأديب، و يحتمل الاستفهام الإنكاري، و يؤيّده أنّ في بعض النسخ ويحك أ أؤدّبه فإنّه ينتقل.. و السمن.. كناية عن وفور المال و الشرف، كما أنّ العجف.. كناية عن عدمهما و قلّتهما.
2- كشف عن زيد بن علي، عن أبيه، أنّ الحسين بن عليّ عليهما السلام أتى عمر بن الخطاب و هو على المنبر يوم الجمعة فقال له انزل عن منبر أبي. فبكى عمر، ثم قال صدقت يا بني، منبر أبيك لا منبر أبي فقال عليّ عليه السلام ما هو و اللّه عن رأيي. فقال صدقت و اللّه ما اتّهمتك يا أبا الحسن، ثم نزل عن المنبر فأخذه فأجلسه إلى جانبه على المنبر فخطب الناس و هو جالس على المنبر معه، ثم قال أيّها الناس سمعت نبيّكم صلّى اللّه عليه و آله يقول احفظوني في عترتي و ذريتي، فمن حفظني فيهم حفظه اللّه، ألا لعنة اللّه على من آذاني فيهم. ثلاثا.
3- ما ابن الصلت، عن ابن عقدة، عن محمد بن عيسى الضرير، عن محمد بن زكريّا المكّي، عن كثير بن طارق، عن زيد.. مثله.