الآيات البقرة كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَ هُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَ عَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَ عَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَ هُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَ صَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَ كُفْرٌ بِهِ وَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ إِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَ الْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَ لا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا الآية النساء يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً وَ إِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً وَ لَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ وَ مَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً وَ ما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَ اجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَ اجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً و قال تعالى فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَ اللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا أَ تُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَ اقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ لا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَ لا نَصِيراً إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَ أَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَ يَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيها فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَ يُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَ يَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَ اقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَ أُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً و قال سبحانه يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً و قال سبحانه وَ إِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَ لْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَ لْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَ لْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَ أَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَ أَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَ خُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِياماً وَ قُعُوداً وَ عَلى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً وَ لا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَ تَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ وَ كانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً المائدة يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ وَ لَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَ لَا الْهَدْيَ وَ لَا الْقَلائِدَ وَ لَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَ رِضْواناً وَ إِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا وَ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَ تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى وَ لا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ
و قال تعالى وَ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى و قال تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ عَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ و قال تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَ النَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ وَ يَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَ هؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ الأنفال وَ قاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ و قال تعالى وَ لا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَ مِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَ عَدُوَّكُمْ وَ آخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَ ما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَ أَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ وَ إِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَ أَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَ لكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَ عَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ اللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ التوبة يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَ إِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ وَ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَ أَبْناؤُكُمْ وَ إِخْوانُكُمْ وَ أَزْواجُكُمْ وَ عَشِيرَتُكُمْ وَ أَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَ تِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَ مَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ جِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَ اللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ و قال تعالى وَ قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً و قال سبحانه يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَ الْمُنافِقِينَ وَ اغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ و قال تعالى وَ ما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَ لْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَ اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ الحج إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَ لَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَ بِيَعٌ وَ صَلَواتٌ وَ مَساجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً وَ لَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ محمد وَ يَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَ ذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلى لَهُمْ طاعَةٌ وَ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ
إلى قوله تعالى فَلا تَهِنُوا وَ تَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَ اللَّهُ مَعَكُمْ وَ لَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ الفتح هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ وَ لِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ كانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَ يُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَ كانَ ذلِكَ عِنْدَ اللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً وَ يُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَ الْمُنافِقاتِ وَ الْمُشْرِكِينَ وَ الْمُشْرِكاتِ الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ لَعَنَهُمْ وَ أَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَ ساءَتْ مَصِيراً وَ لِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ كانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً إلى قوله تعالى قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَ إِنْ تَتَوَلَّوْا كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً إلى قوله سبحانه فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَ أَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً وَ مَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها وَ كانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَ كَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَ لِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَ يَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً وَ أُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها وَ كانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً وَ لَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَ لا نَصِيراً سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا الحجرات إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ الحديد لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَ قاتَلُوا وَ كُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ الحشر وَ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ وَ لكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ أَمْوالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً وَ يَنْصُرُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ الصف يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ تُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ يُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَ مَساكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَ أُخْرى تُحِبُّونَها نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَ فَتْحٌ قَرِيبٌ وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوارِيِّينَ مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ وَ كَفَرَتْ طائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ التحريم يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَ الْمُنافِقِينَ وَ اغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ تفسير يَسْئَلُونَكَ قال الطبرسي رحمه الله قال المفسرون بعث رسول الله ص سرية من المسلمين فأمر عليهم عبد الله بن جحش الأسدي و هو ابن عم النبي ص و ذلك قبل قتال بدر بشهرين على رأس سبعة عشر شهرا من مقدمه المدينة فانطلقوا حتى هبطوا نخلة فوجدوا بها عمرو بن الحضرمي في عير تجارة لقريش في آخر يوم جمادى الآخرة و كانوا يرون أنه من جمادى و
هو رجب فاختصم المسلمون فقال قائل منهم هذه غرة من عدو و غنم رزقتموه فلا ندري أ من الشهر الحرام هذا اليوم أم لا فقال قائل منهم لا نعلم هذا اليوم إلا من الشهر الحرام و لا نرى أن تستحلوه لطمع أشفيتم عليه فغلب على الأمر الذين يريدون عرض الحياة الدنيا فشدوا على ابن الحضرمي فقتلوه و غنموا عيره فبلغ ذلك كفار قريش و كان ابن الحضرمي أول قتيل قتل بين المشركين و المسلمين و ذلك أول فيء أصابه المسلمون فركب وفد كفار قريش حتى قدموا على النبي ص فقالوا أ يحل القتال في الشهر الحرام فأنزل الله هذه الآية فالسائلون أهل الشرك على جهة العيب للمسلمين باستحلالهم القتال في الشهر الحرام و قيل السائلون أهل الإسلام سألوا ذلك ليعلموا كيف الحكم فيه عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ بدل اشتمال عن الشهر قُلْ قِتالٌ فِيهِ أي في الشهر الحرام كَبِيرٌ أي ذنب عظيم ثم استأنف و قال وَ صَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَ كُفْرٌ بِهِ أي و الصد عن سبيل الله و الكفر به وَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أي و الصد عن المسجد الحرام أو يسألونك عن القتال في الشهر الحرام و عند المسجد الحرام و قيل معناه و الكفر بالمسجد الحرام وَ إِخْراجُ أَهْلِهِ يعني أهل المسجد و هم المسلمون منه أي من المسجد أَكْبَرُ أي أعظم وزرا عِنْدَ اللَّهِ يعني إخراجهم المسلمين من مكة حين هاجروا إلى المدينة و الظاهر يدل على أن القتال في الشهر الحرام كان محرما و قيل إن النبي عقل ابن الحضرمي وَ الْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ أي الفتنة في الدين و هو الكفر أعظم من القتل في الشهر الحرام يعني قتل ابن الحضرمي وَ لا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ يعني أهل مكة حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ أي يصدوكم عن دين الإسلام و يلجئوكم إلى الارتداد إِنِ اسْتَطاعُوا أي إن قدروا على ذلك. قوله تعالى خُذُوا حِذْرَكُمْ قال البيضاوي أي تيقظوا و استعدوا للأعداء و الحذر و الحذر كالإثر و الأثر و قيل ما يحذر به كالحزم و السلاح فَانْفِرُوا فاخرجوا إلى الجهاد ثُباتٍ جماعات متفرقين جمع ثبة أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً مجتمعين كركبة واحدة وَ إِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ الخطاب لعسكر رسول الله ص المؤمنين منهم و المنافقين و المبطئون منافقوهم تثاقلوا و تخلفوا عن الجهاد أو يبطئوا غيرهم كما أبطأ ابن أبي ناسا يوم أحد فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ كقتل و هزيمة قالَ أي المبطئ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً حاضرا فيصيبني ما أصابهم وَ لَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ كفتح و غنيمة لَيَقُولَنَّ أكده تنبيها على فرط تحسرهم كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُ مَوَدَّةٌ اعتراض بين الفعل و مفعوله و هو يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً للتنبيه على ضعف عقيدتهم و أن قولهم هذا قول من لا مواصلة بينكم و بينه أو حال عن الضمير في ليقولن أو داخل في المقول أي يقول المبطئ لمن يثبطه من المنافقين و ضعفة المسلمين تطرية و حسدا كأن لم يكن بينكم و بين محمد مودة حيث لم يستعن بكم فتفوزوا بما فاز يا ليتني كنت معهم و قيل إنه متصل بالجملة الأولى و هو ضعيف
و المنادى في يا لَيْتَنِي محذوف أي يا قوم و قيل يا أطلق للتنبيه على الاتساع فَأَفُوزَ نصب على جواب التمني الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ أي الذين يبيعونها بها و المعنى أن بطيء هؤلاء عن القتال فليقاتل المخلصون الباذلون أنفسهم في طلب الآخرة أو الذين يشترونها و يختارونها على الآخرة و هم المبطئون و المعنى حثهم على ترك ما حكى عنهم و المستضعفين عطف على الله أي و في سبيل المستضعفين و هو تخليصهم من الأسر و صونهم عن العدو أو على السبيل بحذف المضاف أي و في خلاص المستضعفين و يجوز نصبه على الاختصاص فإن سبيل الله تعالى يعم أبواب الخير و تخليص ضعفة المسلمين من أيدي الكفار أعظمها و أخصها مِنَ الرِّجالِ وَ النِّساءِ وَ الْوِلْدانِ بيان للمستضعفين و هم المسلمون الذين بقوا بمكة لصد المشركين أو ضعفهم عن الهجرة مستذلين ممتحنين و إنما ذكر الولدان مبالغة في الحث و تنبيها على تناهي ظلم المشركين بحيث بلغ أذاهم الصبيان و قيل المراد به العبيد و الإماء و هو جمع وليد. و قال الطبرسي رحمه الله قيل يريد بذلك قوما من المسلمين بقوا بمكة و لم يستطيعوا الهجرة منهم سلمة بن هشام و الوليد بن الوليد و عياش بن أبي ربيعة و أبو جندل بن سهيل و جماعة كانوا يدعون الله أن يخلصهم من أيدي المشركين و يخرجهم من مكة و هم الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها أي يقولون في دعائهم ربنا سهل لنا الخروج من هذه القرية يعني مكة التي ظلم أهلها بافتتان المؤمنين عن دينهم و منعهم عن الهجرة وَ اجْعَلْ لَنا بألطافك و تأييدك مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يلي أمرنا بالكفاية حتى ينقذنا من أيدي الظلمة وَ اجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً ينصرنا على من ظلمنا فاستجاب سبحانه دعاءهم فلما فتح رسول الله ص مكة جعل الله سبحانه نبيه لهم وليا فاستعمل على مكة عتاب بن أسيد فجعله لهم نصيرا و كان ينصف الضعيف من الشديد فأغاثهم الله تعالى و كانوا أعز بها من الظلمة قبل ذلك فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ يعني جميع الكفار. و قال في قوله تعالى فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ اختلفوا فيمن نزلت فيه هذه الآية فقيل نزلت في قوم قدموا المدينة من مكة فأظهروا المسلمين الإسلام ثم رجعوا إلى مكة لأنهم استوخموا المدينة فأظهروا الشرك ثم سافروا ببضائع المشركين إلى اليمامة فأراد المسلمون أن يغزوهم فاختلفوا فقال بعضهم لا نفعل فإنهم مؤمنون و قال الآخرون إنهم مشركون فأنزل الله فيهم الآية عن مجاهد و الحسن و هو المروي عن أبي جعفر ع و قيل نزلت في الذين تخلفوا عن أحد و قالوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالًا لَاتَّبَعْناكُمْ الآية فاختلف أصحاب رسول الله ص فيهم فقال فريق منهم نقتلهم و قال آخرون لا نقتلهم فنزلت الآية عن زيد بن ثابت وَ اللَّهُ أَرْكَسَهُمْ أي ردهم إلى حكم الكفار بما أظهروا من الكفر و قيل أهلكهم بكفرهم و قيل خذلهم فأقاموا على كفرهم أَ تُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا أي تحكموا بهداية مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ أي من حكم الله بضلاله أو خذله و لم يوفقه وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ أي نسبه إلى الضلالة فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا أي لن ينفعه أن يحكم غيره بهدايته وَدُّوا أي تمنى هؤلاء المنافقون الذين اختلفتم في أمرهم لَوْ تَكْفُرُونَ أنتم بالله و رسوله كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً في الكفر فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ أي فلا تستنصروهم و لا تستنصحوهم و لا تستعينوا بهم في الأمور حَتَّى يُهاجِرُوا
أي يخرجوا من دار الشرك و يفارقوا أهلها فِي سَبِيلِ اللَّهِ أي في ابتغاء دينه فَإِنْ تَوَلَّوْا عن الهجرة فَخُذُوهُمْ أيها المؤمنون وَ اقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ من أرض الله من الحل و الحرم وَ لا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا أي خليلا وَ لا نَصِيراً ينصركم على أعدائكم إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أي إلا من وصل من هؤلاء إلى قوم بينكم و بينهم موادعة و عهد فدخلوا فيهم بالحلف و الجوار فحكمهم حكم أولئك في حقن دمائهم و اختلف في هؤلاء فالمروي عن أبي جعفر ع أنه قال المراد بقوله قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ مِيثاقٌ هو هلال بن عويم السلمي واثق عن قومه رسول الله ص و قال في موادعته على أن لا تحيف يا محمد من أتانا و لا نحيف من أتاك فنهى الله سبحانه أن يعرض لأحد عهد إليهم و به قال السدي و ابن زيد و قيل هم بنو مدلج و كان سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي جاء إلى النبي ص بعد أحد فقال أنشدك الله و النعمة و أخذ منه ميثاقا أن لا يغزو قومه فإن أسلم قريش أسلموا لأنهم كانوا في عقد قريش فحكم الله فيهم ما حكم في قريش ففيهم نزل هذا ذكره عمر بن شيبة ثم استثنى لهم حالة أخرى فقال أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أي ضاقت قلوبهم من أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ فلا عليكم و لا عليهم و إنما عنى به أشجع فإنهم قدموا المدينة في سبعمائة يقودهم مسعود بن دخيلة فأخرج إليهم النبي ص أحمال التمر ضيافة و قال نعم الشيء الهدية أمام الحاجة و قال لهم ما جاء بكم قالوا لقرب دارنا منك و كرهنا حربك و حرب قومنا يعنون بني ضمرة الذين بينهم و بينهم عهد لقلتنا فيهم فجئنا لنوادعك فقبل النبي ص ذلك منهم و وادعهم فرجعوا إلى بلادهم ذكره علي بن إبراهيم في تفسيره فأمر الله سبحانه المسلمين أن لا يتعرضوا لهؤلاء وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ بتقوية قلوبهم فيجترءون على قتالكم فَلَقاتَلُوكُمْ أي لو فعل ذلك لقاتلوكم فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ يعني هؤلاء الذين أمر بالكف عن قتالهم بدخولهم في عهدكم أو بمصيرهم إليكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم. فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَ أَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ يعني صالحوكم و استسلموا لكم فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا يعني إذا سالموكم فلا سبيل لكم إلى نفوسهم و أموالهم. قال الحسن و عكرمة نسخت هذه الآية و التي بعدها و الآيتان في سورة الممتحنة لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ إلى قوله الظَّالِمُونَ الآيات الأربع بقوله فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ الآية. سَتَجِدُونَ آخَرِينَ اختلف فيمن عني بهذه الآية فقيل نزلت في ناس كانوا يأتون النبي ص فيسلمون رئاء ثم يرجعون إلى قريش فيرتكسون في الأوثان يبتغون بذلك أن يأمنوا قومهم و يأمنوا نبي الله ص فأبى الله ذلك عليهم عن ابن عباس و مجاهد و قيل نزلت في نعيم بن مسعود الأشجعي كان ينقل الحديث بين النبي ص و بين المشركين عن السدي و قيل نزلت في أسد و غطفان عن مقاتل و قيل نزلت في عيينة بن حصن الفزاري و ذلك أنهم أجدبت بلادهم فجاء إلى رسول الله ص و وادعه على أن يقيم ببطن نخل و لا يتعرض له و كان منافقا ملعونا و هو الذي سماه رسول الله ص الأحمق المطاع في قومه و هو المروي عن الصادق ع. يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ فيظهرون الإسلام وَ يَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ فيظهرون لهم الموافقة لهم في دينهم كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيها المراد بالفتنة هنا الشرك و الإركاس الرد أي كلما دعوا إلى الكفر أجابوا و رجعوا إليه فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ أيها المؤمنون أي فإن لم يعتزل قتالكم هؤلاء الذين يريدون أن يأمنوكم و يأمنوا قومهم وَ يُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ أي لم يستسلموا لكم و لم يصالحوكم وَ لم يَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ عن قتالهم فَخُذُوهُمْ أي فأسروهم وَ اقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ أي وجدتموهم سُلْطاناً مُبِيناً أي حجة ظاهرة و قيل عذرا بينا في القتال. و في قوله تعالى إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قيل نزلت في أسامة بن زيد و أصحابه بعثهم النبي ص سرية فلقوا رجلا قد انحاز بغنم له إلى جبل و كان قد أسلم فقال لهم السلام عليكم لا إله إلا الله محمد رسول الله فبدر إليه أسامة فقتله و استاقوا غنمه عن السدي و روي عن ابن عباس و قتادة أنه لما نزلت الآية حلف أسامة أن لا يقتل رجلا قال لا إله إلا الله و بهذا اعتذر إلى علي ع
لما تخلف عنه و إن كان عذره غير مقبول لوجوب طاعة الإمام و قيل نزلت في محلم بن خثامة الليثي و كان بعثة النبي ص في سرية فلقيه عامر بن الأضبط الأشجعي فحياه بتحية الإسلام و كان بينهما أخية فرماه بسهم فقتله فلما جاء إلى النبي ص جلس بين يديه و سأله أن يستغفر له فقال ص لا غفر الله لك فانصرف باكيا فما مضت عليه سبعة أيام حتى هلك و دفن فلفظته الأرض فقال ص لما أخبر به إن الأرض تقبل من هو شر من محلم صاحبكم و لكن الله أراد أن يعظم من حرمتكم ثم طرحوه بين صدفي الجبل و ألقوا عليه الحجارة و نزلت الآية عن الواقدي و محمد بن إسحاق رواية عن ابن عمر و ابن مسعود و قيل كان صاحب السرية المقداد عن ابن جبير و قيل أبو الدرداء عن ابن زيد إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أي سرتم و سافرتم للغزو و الجهاد فتبينوا أي ميزوا بين الكافر و المؤمن و بالثاء و التاء توقفوا و تأنوا حتى تعلموا من يستحق القتل وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ أي حياكم بتحية أهل الإسلام أو من استسلم لكم فلم يقاتلكم مظهرا أنه من أهل ملتكم لَسْتَ مُؤْمِناً أي ليس لإيمانك حقيقة و إنما أسلمت خوفا من القتل أو لست بآمن تَبْتَغُونَ أي تطلبون عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا يعني الغنيمة و المال فَعِنْدَ اللَّهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ أي في مقدوره تعالى فواضل و نعم و رزق إن أطعتموه فيما أمركم به و قيل معناه ثواب كثير لمن ترك قتل المؤمن. كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ اختلف في معناه فقيل كما كان هذا الذي قتلتموه مستخفيا في قومه بدينه خوفا على نفسه منهم كنتم أنتم مستخفين بأديانكم من قومكم حذرا على أنفسكم و قيل كما كان هذا المقتول كافرا فهداه الله كذلك كنتم كفارا فهداكم الله. و قال البيضاوي أي أول ما دخلتم في الإسلام تفوهتم بكلمتي الشهادة فحصنتم بها دماءكم و أموالكم من غير أن يعلم مواطاة قلوبكم ألسنتكم فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ بالاشتهار بالإيمان و الاستقامة في الدين فَتَبَيَّنُوا و افعلوا بالداخلين في الإسلام كما فعل الله بكم. أقول سيأتي تفسير آية الصلاة في غزوة ذات الرقاع. قوله تعالى شَعائِرَ اللَّهِ قيل مناسك الحج و قيل دين الله و قيل فرائضه وَ لَا الشَّهْرَ الْحَرامَ بالقتال فيه أو بالنسيء وَ لَا الْهَدْيَ ما أهدي إلى الكعبة وَ لَا الْقَلائِدَ أي ذوات القلائد من الهدي و عطفها على الهدي للاختصاص فإنه أشرف الهدي أو القلائد أنفسها و النهي عن إحلالها مبالغة في النهي عن التعرض للهدي و القلائد جمع قلادة و هو ما قلد به الهدي من نعل أو لحاء شجر و غيرهما ليعلم به أنه هدي فلا يتعرض له وَ لَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ بالقتال قاصدين لزيارته يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَ رِضْواناً أي أن يثيبهم و يرضى عنهم وَ لا يَجْرِمَنَّكُمْ أي و لا يحملنكم أو لا يكسبنكم شَنَآنُ قَوْمٍ أي شدة بغضهم و عداوتهم أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ لأن صدوكم عام الحديبية أَنْ تَعْتَدُوا بالانتقام و هو ثاني مفعولي يجرمنكم وَ تَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوى على العفو و الإغضاء و متابعة الأمر و مجانبة الهوى وَ لا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَ الْعُدْوانِ للتشفي و الانتقام. و قال الطبرسي رحمه الله قال أبو جعفر الباقر ع نزلت هذه الآية في رجل من بني ربيعة يقال له الحطم و قال السدي أقبل الحطم بن هند البكري حتى أتى رسول الله ص وحده و خلف خيله خارج المدينة فقال إلى ما تدعو و قد كان النبي ص قال لأصحابه يدخل عليكم اليوم رجل من بني ربيعة يتكلم بلسان شيطان فلما أجابه النبي ص قال أنظرني لعلي أسلم و لي من أشاوره فخرج من عنده فقال رسول الله ص لقد دخل بوجه كافر و خرج بعقب غادر فمر بسرح من سروح المدينة فساقه و انطلق به و هو يرتجز و يقول
تدلفها الليل بسواق حطم. ليس براعي إبل و لا غنم.و لا بجزار على ظهر وضم. باتوا نياما و ابن هند لم ينم.بات يقاسيها غلام كالزلم. خدلج الساقين ممسوح القدم.
ثم أقبل من عام قابل حاجا قد قلد هديا فأراد رسول الله ص أن يبعث إليه فنزلت هذه الآية وَ لَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ و هو قول عكرمة و ابن جريح و قال ابن زيد نزلت يوم الفتح في ناس يؤمون البيت من المشركين يهلون بعمرة فقال المسلمون يا رسول الله أن هؤلاء مشركون مثل هؤلاء دعنا نغير عليهم فأنزل الله تعالى هذه الآية بيان يقال دلفت الكتيبة في الحرب تقدمت يقال دلفناهم قوله بسواق أي بحاد يحدو بالإبل يسوقهن بحدائه و الحطم بضم الحاء و فتح الطاء من صيغ المبالغة من الحطم بمعنى الكسر و الوضم الخشبة و البادية التي يوضع عليها اللحم و قال الجوهري الزلم بالتحريك القدح قال الشاعر
بات يقاسيها غلام كالزلم. ليس براعي إبل و لا غنم.
قوله خدلج الساقين بتشديد اللام أي عظيمهما. قوله تعالى إِذْ هَمَّ قَوْمٌ قد مر سبب نزولها في باب معجزاته ص في كفاية شر الأعداء قوله لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَ النَّصارى أَوْلِياءَ قال الطبرسي رحمه الله اختلف في سبب نزوله و إن كان حكمه عاما لجميع المؤمنين فقال عطية بن سعد العوفي و الزهري لما انهزم أهل بدر قال المسلمون لأوليائهم من اليهود آمنوا قبل أن يصيبكم الله بيوم مثل يوم بدر فقال مالك بن ضيف أعزكم إن أصبتم رهطا من قريش لا علم لهم بالقتال أما لو أردنا أن نستجمع عليكم لم يكن لكم يدان بقتالنا فجاء عبادة بن الصامت الخزرجي إلى رسول الله ص فقال يا رسول الله إن لي أولياء من اليهود كثير عددهم قوية أنفسهم شديدة شوكتهم و إني أبرأ إلى الله و رسوله من ولايتهم و لا مولى إلا الله و رسوله فقال عبد الله بن أبي لكني لا أبرأ من ولاية اليهود لأني أخاف الدوائر و لا بد لي منهم فقال رسول الله ص يا أبا الجناب ما نفست به من ولاية اليهود على عبادة بن الصامت فهو لك دونه فقال إذا أقبل فأنزل الله الآية و قال السدي لما كانت وقعة أحد اشتدت على طائفة من الناس فقال رجل من المسلمين أنا ألحق بفلان اليهودي و آخذ منه أمانا و قال آخر أنا ألحق بفلان النصراني ببعض أرض الشام و آخذ منه أمانا فنزلت الآية و قال عكرمة نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر حين قال لبني قريظة إذا رضوا بحكم سعد أنه الذبح و المعنى لا تعتمدوا على الانتصار منهم بهم بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ في العون و النصرة وَ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ أي استنصر بهم فَإِنَّهُ مِنْهُمْ أي هو كافر مثلهم فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أي شك و نفاق يعني ابن أبي يُسارِعُونَ فِيهِمْ أي في موالاة اليهود و قيل موالاة اليهود و نصارى نجران لأنهم كانوا يميرونهم دائِرَةٌ أي دولة تدور لأعداء المسلمين على المسلمين فنحتاج إلى نصرتهم و قيل معناه نخشى أن يدور الدهر علينا بمكروه يعنون الجدب فلا يميروننا فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ يعني فتح مكة و قيل يفتح بلاد المشركين أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فيه إعزاز المسلمين و ظهور الإسلام و قيل إظهار نفاق المنافقين مع الأمر بقتالهم أو موت هذا المنافق أو القتل و السبي لبني قريظة و الإجلاء لبني النضير فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ من نفاقهم و ولايتهم اليهود و دس الأخبار إليهم نادِمِينَ وَ يَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أي صدقوا الله و رسوله ظاهرا و باطنا تعجبا من نفاق المنافقين أَ هؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ حلفوا به جَهْدَ أَيْمانِهِمْ بأغلظ الأيمان و أوكدها إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ أي أنهم مؤمنون و معكم في معاونتكم حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ أي شرك. و قال رحمه الله في قوله و لا تحسبن الذين كفروا سبقوا أي لا تحسبن يا محمد أعداءك الكافرين قد سبقوا أمر الله و أعجزوه و أنهم قد فاتوك فإن الله سبحانه يظفرك بهم كما وعدك إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ أي لا يعجزون الله و لا يفوتونه حتى لا
يثقفنهم يوم القيامة أو لا يعجزونك وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ هذا أمر منه سبحانه بأن يعدوا السلاح قبل لقاء العدو روي أن القوة الرمي و قيل إنها اتفاق الكلمة و الثقة بالله تعالى و الرغبة في ثوابه و قيل الحصون وَ مِنْ رِباطِ الْخَيْلِ أي ربطها و اقتنائها للغزو تُرْهِبُونَ بِهِ أي تخيفون بما تعدونه لهم عَدُوَّ اللَّهِ وَ عَدُوَّكُمْ يعني مشركي مكة و كفار العرب وَ آخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ أي و ترهبون كفارا آخرين دون هؤلاء و اختلفوا في الآخرين فقيل إنهم بنو قريظة و قيل هم أهل فارس و قيل هم المنافقون لا يعلم المسلمون أنهم أعداؤهم و هم أعداؤهم لا تَعْلَمُونَهُمُ أي لا تعرفونهم لأنهم يصلون و يصومون و يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله و يختلطون بالمؤمنين اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ أي يعرفهم لأنه المطلع على الأسرار و قيل هم الجن وَ ما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أي في الجهاد و في طاعة الله يُوَفَّ إِلَيْكُمْ أي يوفر عليكم ثوابه في الآخرة وَ أَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ أي لا تنقصون شيئا منه وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ أي مالوا إلى الصلح و ترك الحرب فَاجْنَحْ لَها أي مل إليها وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ أي فوض أمرك إلى الله إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ لا تخفى عليه خافية و قيل إنها منسوخة بقوله فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ و قيل إنهم ليست بمنسوخة لأنها في الموادعة لأهل الكتاب و الأخرى لعباد الأوثان وَ إِنْ يُرِيدُوا أي الذين يطلبون منك الصلح أَنْ يَخْدَعُوكَ بأن تكفوا عن القتال حتى يقووا فيبدءوكم بالقتال من غير استعداد منكم فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ أي فإن الذي يتولى كفايتك الله هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَ بِالْمُؤْمِنِينَ أي قواك بالنصر من عنده و بالمؤمنين الذي ينصرونك وَ أَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ و أراد بالمؤمنين الأنصار و هم الأوس و الخزرج عن أبي جعفر ع و السدي و أكثر المفسرين و أراد بتأليف القلوب ما كان بين الأوس و الخزرج من المعاداة و القتال فإنه لم يكن حيان من العرب بينهما من العداوة مثل ما كان بين هذين الحيين فألف الله قلوبهم حتى صاروا متوادين متحابين ببركة نبينا ص و قيل أراد كل متحابين في الله لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ أي لم يمكنك جمع قلوبهم على الألفة وَ لكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ بأن لطف لهم بحسن تدبيره و بالإسلام الذي هداهم إليه إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ لا يمتنع عليه شيء يريد فعله و لا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة قال الزجاج و هذا من الآيات العظام و ذلك أن النبي ص بعث إلى قوم أنفتهم شديدة بحيث لو لطم رجل من قبيلة لطمة قاتل عنه قبيلة فألف الإيمان بين قلوبهم حتى قاتل الرجل أباه و أخاه و ابنه فأعلم الله سبحانه أن هذا ما تولاه منهم إلا هو يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أي كافيك الله و يكفيك متبعوك من المؤمنين و قال الحسن معناه الله حسبك و حسب من اتبعك أي يكفيك و يكفيهم قال الكلبي نزلت هذه الآية بالبيداء في غزوة بدر قبل القتال يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ أي رغبهم فيه إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ على القتال يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ من العدو وَ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا اللفظ خبر و المراد به الأمر بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ أي ذلك النصر من الله تعالى لكم على الكفار و الخذلان للكفار بأنكم تفقهون أمر الله و تصدقونه فيما وعدكم من الثواب فيدعوكم ذلك إلى الصبر على القتال و الجد فيه و الكفار لا يفقهون أمر الله و لا يصدقونه و لما علم الله تعالى أن ذلك يشق عليهم تغيرت المصلحة في ذلك فقال الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ الحكم في الجهاد وَ عَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً أراد به ضعف البصيرة و العزيمة و لم يرد ضعف البدن فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ على القتال يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ من العدو وَ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ أي بعلم الله أو بأمره وَ اللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ أي معونة الله معهم.
و قال رحمه الله في قوله تعالى لا تَتَّخِذُوا آباءَكُمْ وَ إِخْوانَكُمْ أَوْلِياءَ هذا في أمر الدين فأما في أمر الدنيا فلا بأس بمجالستهم و معاشرتهم لقوله سبحانه وَ صاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً و روي عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع أنها نزلت في حاطب بن أبي بلتعة حيث كتب إلى قريش يخبرهم بخبر النبي ص لما أراد فتح مكة و قال ابن عباس لما أمر الله سبحانه المؤمنين بالهجرة و أرادوا الهجرة فمنهم من تعلقت به زوجته و منهم من تعلق به أبواه و أولاده فكانوا يمنعونهم من الهجرة فيتركون الهجرة لأجلهم فبين سبحانه أن أمر الدين مقدم على النسب و إذا وجب قطع قرابة الأبوين فالأجنبي أولى إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمانِ أي اختاروه عليه وَ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فترك طاعة الله لأجلهم و أطلعهم على أسرار المسلمين فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ لنفوسهم و الباخسون حقها من الثواب قُلْ يا محمد لهؤلاء المتخلفين عن الهجرة إِنْ كانَ آباؤُكُمْ إلى قوله وَ عَشِيرَتُكُمْ أي أقاربكم وَ أَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها أي اكتسبتموها وَ تِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها أي أن تكسد إذا شغلتم بطاعة الله و الجهاد وَ مَساكِنُ تَرْضَوْنَها أي يعجبكم المقام فيها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ أي آثر في نفوسكم مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ أي من طاعتهما وَ جِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا أي انتظروا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ أي بحكمه فيكم و قيل بعقوبتكم إما عاجلا أو آجلا فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ ورد عن الصادقين ع أنهم قالوا إنها كانت ثمانين موطنا وَ قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً أي قاتلوهم جميعا مؤتلفين غير مختلفين بأن يكون حالا عن المسلمين و يجوز أن يكون حالا عن المشركين. و قال رحمه الله في قوله تعالى جاهِدِ الْكُفَّارَ بالسيف و القتال وَ الْمُنافِقِينَ باللسان و الوعظ و التخويف أو بإقامة الحدود و روي في قراءة أهل البيت ع جاهد الكفار بالمنافقين قالوا لأن النبي ص لم يكن يقاتل المنافقين و إنما كان يتألفهم و لأن المنافقين لا يظهرون الكفر و علم الله تعالى بكفرهم لا يبيح قتلهم إذا كانوا يظهرون الإيمان وَ اغْلُظْ عَلَيْهِمْ و أسمعهم الكلام الغليظ الشديد. و في قوله تعالى وَ ما كانَ الْمُؤْمِنُونَ قيل كان رسول الله ص إذا خرج غازيا لم يتخلف عنه إلا المنافقون و المعذرون فلما أنزل الله عيوب المنافقين و بين نفاقهم في غزاة تبوك قال المؤمنون و الله لا نتخلف عن غزاة يغزوها رسول الله ص و لا سرية أبدا فلما أمر رسول الله ص بالسرايا إلى الغزو نفر المسلمون جميعا و تركوا رسول الله ص وحده فنزلت الآية عن ابن عباس في رواية الكلبي و قيل إنها نزلت في ناس من أصحاب رسول الله ص خرجوا في البوادي فأصابوا من الناس معروفا و خصبا و دعوا من وجدوا من الناس على الهدى فقال الناس ما نراكم إلا و قد تركتم صاحبكم و جئتمونا فوجدوا في أنفسهم من ذلك حرجا و أقبلوا كلهم من البادية حتى دخلوا على النبي ص فأنزل الله هذه الآية عن مجاهد لِيَنْفِرُوا كَافَّةً هذا نفي معناه النهي أي ليس للمؤمنين أن ينفروا إلى الجهاد بأجمعهم و يتركوا النبي ص فريدا و قيل معناه ليس عليهم أن ينفروا كلهم من بلادهم إلى النبي ص ليتعلموا الدين و يضيعوا من وراءهم و يخلوا ديارهم فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ فيه وجوه أحدها فهلا خرج إلى الغزو من كل قبيلة جماعة و يبقى مع النبي ص جماعة ليتفقهوا في الدين يعني الفرقة القاعدين يتعلمون القرآن و السنن و الفرائض و الأحكام فإذا رجعت السرايا و قد نزل بعدهم القرآن و تعلمه القاعدون قالوا لهم إذا رجعوا إليهم إن الله قد أنزل بعدكم على نبيكم قرآنا و قد تعلمناه فيتعلمه السرايا فذلك قوله
وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ أي و ليعلموهم القرآن و يخوفوهم به إذا رجعوا إليهم لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ فلا يعملون بخلافه و قال الباقر ع كان هذا حين كثر الناس فأمرهم الله أن تنفر منهم طائفة و تقيم طائفة للتفقه و أن يكون الغزو نوبا. و ثانيها أن التفقه و الإنذار يرجعان إلى الفرقة النافرة و حثها الله على التفقه لترجع إلى المتخلفة فتحذرها معنى لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ ليتبصروا و يتيقنوا بما يريهم الله عز و جل من الظهور على المشركين و نصرة الدين وَ لِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ من الكفار إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ من الجهاد فيخبرونهم بنصر الله النبي ص و المؤمنين لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ أن يقاتلوا النبي ص فينزل بهم ما نزل بأصحابهم من الكفار. و ثالثها أن التفقه راجع إلى النافرة و التقدير ما كان لجميع المؤمنين أن ينفروا إلى النبي ص و يخلوا ديارهم و لكن لينفر إليه من كل ناحية طائفة ليسمع كلامه و يتعلم الدين منه ثم ترجع إلى قومها فيبين لهم ذلك و ينذرهم عن الجبائي قال و المراد بالنفر هنا الخروج لطلب العلم الَّذِينَ يَلُونَكُمْ أي من قرب منكم مِنَ الْكُفَّارِ الأقرب منهم فالأقرب في النسب و الدار قال الحسن كان هذا قبل الأمر بقتال المشركين كافة و قال غيره هذا الحكم قائم الآن لأنه لا ينبغي لأهل بلد أن يخرجوا إلى قتال الأبعد و يدعوا الأقرب و الأدنى لأن ذلك يؤدي إلى الضرر و ربما يمنعهم ذلك عن المضي في وجهتهم إلا أن تكون بينهم و بين الأقرب موادعة فلا بأس حينئذ بمجاوزة الأقرب إلى الأبعد وَ لْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً أي شجاعة أو شدة أو صبرا على الجهاد قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا قال البيضاوي أي غائلة المشركين إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ في أمانة الله كَفُورٍ كمن يتقرب إلى الأصنام بذبيحته فلا يرضى فعلهم و لا ينصرهم أُذِنَ رخص للذين يقاتلون المشركين و المأذون فيه محذوف لدلالته عليه و قرأ نافع و ابن عامر و حفص بفتح التاء أي للذين يقاتلونهم المشركون بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا بسبب أنهم ظلموا و هم أصحاب رسول الله ص كان المشركون يؤذونهم و كانوا يأتونه من بين مضروب و مشجوج يتظلمون إليه فيقول لهم اصبروا فإني لم أؤمر بالقتال حتى هاجر فأنزلت و هي أول آية نزلت في القتال بعد ما نهي عنه في نيف و سبعين آية وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ وعد لهم بالنصر كما وعد بدفع أذى الكفار عنهم الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ يعني مكة بِغَيْرِ حَقٍّ بغير موجب استحقوا به إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ على طريقة قول النابغة.
و لا عيب فيهم غير أن سيوفهم. بهن فلول من قراع الكتائب.
و قيل منقطع. وَ لَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ بتسليط المؤمنين منهن على الكافرين لَهُدِّمَتْ لخربت باستيلاء المشركين على أهل الملل صَوامِعُ صوامع الرهبانية وَ بِيَعٌ و بيع النصارى وَ صَلَواتٌ و كنائس اليهود و سميت بها لأنها يصلى فيها و قيل أصله صلوتا بالعبرانية فعربت وَ مَساجِدُ و مساجد المسلمين يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً صفة للأربع أو المساجد خصت بها تفضيلا وَ لَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ أي ينصر دينه و قد أنجز الله وعده بأن سلط المهاجرين و الأنصار على صناديد العرب و أكاسرة العجم و قياصرتهم و أورثهم أرضهم و ديارهم إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ على نصرهم عَزِيزٌ لا يمانعه شيء. و قال في قوله تعالى لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ أي هلا نزلت سورة في أمر الجهاد فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ مبينة لا تشابه فيها وَ ذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ أي الأمر به رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ ضعف في الدين و قيل نفاق يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ جبنا و مخافة فَأَوْلى لَهُمْ فويل لهم أفعل من الولي و هو القرب أو فعلى من آل و معناه الدعاء عليهم بأن يليهم المكروه أو يئول إليه أمرهم طاعَةٌ وَ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ استئناف أي أمرهم طاعة أو طاعة و قول معروف خير لهم أو حكاية قولهم لقراءة أبي يقولون طاعة فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ أي جد و هو لأصحاب الأمر و إسناده إليه مجاز فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ أي فيما زعموا من الحرص على الجهاد أو الإيمان لَكانَ الصدق خَيْراً لَهُمْ فَهَلْ عَسَيْتُمْ فهل يتوقع منكم إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أمور الناس و تأمرتم عليهم أو أعرضتم و توليتم عن الإسلام أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ تناجزا على الولاية و تجاذبا لها فَلا تَهِنُوا فلا تضعفوا وَ تَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ و لا تدعوا إلى الصلح تذللا و يجوز نصبه بإضمار أن وَ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ الأغلبون وَ اللَّهُ مَعَكُمْ ناصركم وَ لَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ و لن يضيع أعمالكم من وترت الرجل إذا قتلت متعلقا له من قريب أو حميم فأفردته عنه من الوتر شبه به تعطيل ثواب العمل و إفراده منه. و في قوله تعالى هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ الثبات و الطمأنينة فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ حتى يثبتوا حيث تقلق النفوس و تدحض الأقدام لِيَزْدادُوا إِيماناً مَعَ إِيمانِهِمْ يقينا مع يقينهم برسوخ العقيدة و اطمئنان النفس عليها أو أنزل فيها السكون إلى ما جاء به الرسول ليزدادوا إيمانا بالشرائع مع إيمانهم بالله و باليوم الآخر وَ لِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ يدبر أمرها فيسلط بعضها على بعض تارة و يوقع فيما بينهم السلم أخرى كما تقتضيه حكمته الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ الأمر السوء و هو أن لا ينصر رسوله و المؤمنين عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ دائرة ما يظنونه و يتربصونه بالمؤمنين لا يتخطاهم. و قال الطبرسي وَ لِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ يعني الملائكة و الجن و الإنس و الشياطين و المعنى لو شاء لأعانكم بهم و فيه بيان أنه لو شاء لأهلك المشركين لكنه عالم بهم و بما يخرج من أصلابهم فأمهلهم لعلمه و حكمته و لم يأمر بالقتال عن عجز و احتياج لكن ليعرض المجاهدين لجزيل الثواب قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ الذين تخلفوا عنك في الخروج إلى الحديبية مِنَ الْأَعْرابِ سَتُدْعَوْنَ فيما بعد إِلى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ و هم هوازن و حنين و قيل هوازن و ثقيف و قيل بنو حنيفة مع مسيلمة و قيل أهل فارس و قيل الروم و قيل هم أهل صفين أصحاب معاوية تُقاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ معناه أن أحد الأمرين لا بد أن يقع لا محالة و تقديره أو هم يسلمون أي يقرون بالإسلام و يقبلونه و قيل ينقادون لكم فَإِنْ تُطِيعُوا
أي في قتالهم كَما تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ أي عن الخروج إلى الحديبية وَ أَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً يعني فتح خيبر و قيل فتح مكة وَ مَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها يعني غنائم خيبر و قيل غنائم هوازن وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً مع النبي ص و من بعده إلى يوم القيامة فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ يعني غنيمة خيبر وَ كَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ و ذلك أن النبي ص لما قصد خيبر و حاصر أهلها همت قبائل من أسد و غطفان أن يغيروا على أموال المسلمين و عيالهم بالمدينة فكف الله أيديهم عنهم بإلقاء الرعب في قلوبهم و قيل إن مالك بن عوف و عيينة بن حصين مع بني أسد و غطفان جاءوا لنصرة اليهود من خيبر فقذف الله الرعب في قلوبهم و انصرفوا وَ لِتَكُونَ الغنيمة التي عجلها لهم آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ على صدقك حيث وعدتهم أن يصيبوها فوقع المخبر على وفق الخبر وَ يَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً أي و يزيدكم هدى بالتصديق بمحمد ص و ما جاء به مما ترون من عدة الله في القرآن بالفتح و الغنيمة وَ أُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها أي وعدكم الله مغانم أخرى لم تقدروا عليها بعد أو قرية أخرى و هي مكة و قيل هي ما فتح الله على المسلمين بعد ذلك إلى اليوم و قيل إن المراد بها فارس و الروم قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها أي قدرة أو علما وَ لَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا من قريش يوم الحديبية لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ منهزمين و قيل الذين كفروا من أسد و غطفان الذين أرادوا نهب ذراري المسلمين سُنَّةَ اللَّهِ أي هذه سنتي في أهل طاعتي و أهل معصيتي أنصر أوليائي و أخذل أعدائي. لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قاتَلَ لأن القتال قبل الفتح كان أشد و الحاجة إلى النفقة و إلى الجهاد كان أكثر و أمس. و في قوله تعالى وَ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ قال ابن عباس نزل قوله ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى في أموال كفار أهل القرى و هم قريظة و بنو النضير و هما بالمدينة و فدك و هي من المدينة على ثلاثة أميال و خيبر و قرى عرينة و ينبع جعلها الله لرسوله ص يحكم فيها ما أراد و أخبر أنها كلها له فقال أناس فهلا قسمها فنزلت الآية و قيل إن الآية الأولى بيان أموال بني النضير خاصة لقوله وَ ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ و الآية الثانية بيان الأموال التي أصيبت بغير قتال و قيل إنهما واحد و الآية الثانية بيان قسم المال الذي ذكره الله في الآية الأولى و عن ابن عباس قال قال رسول الله ص يوم بني النضير إن شئتم قسمتم للمهاجرين من أموالكم و دياركم و تشاركونهم في هذه الغنيمة و إن شئتم كانت لكم دياركم و أموالكم و لا يقسم لكم شيء من الغنيمة فقال لهم الأنصار بل نقسم لهم من أموالنا و ديارنا و نؤثرهم بالغنيمة و لا نشاركهم فيها فنزلت وَ يُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ الآية مِنْهُمْ أي من اليهود الذين أجلاهم فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لا رِكابٍ من الوجيف سرعة السير أي لم تسيروا إليها على خيل و لا إبل و الركاب الإبل التي تحمل القوم وَ لكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ أي يمكنهم من عدوهم من غير قتال بأن يقذف الرعب في قلوبهم جعل الله أموال بني النضير لرسوله ص خاصة يفعل بها ما يشاء فقسمها رسول الله ص بين المهاجرين و لم يعط الأنصار منها شيئا إلا ثلاثة نفر كانت بهم حاجة و هم أبو دجانة و سهل بن حنيف و الحارث بن صمة مِنْ أَهْلِ الْقُرى أي من أموال كفار أهل القرى فَلِلَّهِ يأمر فيه بما أحب وَ لِلرَّسُولِ بتمليك الله إياه وَ لِذِي الْقُرْبى يعني أهل بيت رسول الله ص و قرابته و هم بنو هاشم وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ منهم كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ الدولة الشيء الذي يتداوله القوم بينهم أي لئلا يكون الفيء متداولا بين الرؤساء منكم يعمل فيه كما كان يعمل في الجاهلية وَ ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ أي ما أعطاكم من الفيء فارضوا به و ما أمركم به فافعلوه قال الزجاج ثم بين سبحانه من المساكين الذين لهم الحق فقال للفقراء المهاجرين ثم ثنى سبحانه بوصف الأنصار و مدحهم حتى طابت أنفسهم عن الفيء فقال وَ الَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَ الْإِيمانَ الآية
وَ أُخْرى تُحِبُّونَها أي و تجارة أخرى أو خصلة أخرى تحبونها عاجلا مع ثواب الآجل نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ أي على قريش وَ فَتْحٌ قَرِيبٌ أي فتح مكة و قيل فتح فارس و الروم و سائر فتوح الإسلام على العموم. و قال في قوله تعالى جاهِدِ الْكُفَّارَ وَ الْمُنافِقِينَ روي عن أبي عبد الله ع أنه قرأ جاهد الكفار بالمنافقين و قال إن رسول الله ص لم يقاتل منافقا قط إنما كان يتألفهم
1- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن البزنطي عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ع قال شعارنا يا محمد يا محمد و شعارنا يوم بدر يا نصر الله اقترب اقترب و شعار المسلمين يوم أحد يا نصر الله اقترب و يوم بني النضير يا روح القدس أرح و يوم بني قينقاع يا ربنا لا يغلبنك و يوم الطائف يا رضوان و شعار يوم حنين يا بني عبد الله يا بني عبد الله و يوم الأحزاب حم لا ينصرون و يوم بني قريظة يا سلام أسلمهم و يوم المريسيع و هو يوم بني المصطلق ألا إلى الله الأمر و يوم الحديبية أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ و يوم خيبر يوم القموص يا علي ائتهم من عل و يوم الفتح نحن عباد الله حقا حقا و يوم تبوك يا أحد يا صمد و يوم بني الملوح أمت أمت و يوم صفين يا نصر الله و شعار الحسين ع يا محمد و شعارنا يا محمد
بيان الشعار ككتاب العلامة في الحرب و قال الجزري في حديث الجهاد إذا ثبتم فقولوا حم لا ينصرون قيل معناه اللهم لا ينصرون و يريد به الخبر لا الدعاء لأنه لو كان دعاء لقال لا ينصروا مجزوما فكأنه قال و الله لا ينصرون و قيل إن السور التي أولها حم سور لها شأن فنبه أن ذكرها لشرف منزلتها مما يستظهر به على استنزال النصر من الله و قوله لا ينصرون كلام مستأنف كأنه حين قال قولوا حم قيل ما ذا يكون إذا قلناها فقال لا ينصرون و قال و فيه كان شعارنا يا منصور أمت و هو أمر بالموت و المراد به التفاؤل بالنصر بعد الأمر بالإماتة مع حصول الغرض للشعار فإنهم جعلوا هذه الكلمة علامة بينهم يتعارفون بها لأجل ظلمة الليل انتهى. و قال الجوهري يقال أتيته من عل الدار بكسر اللام أي من عال و أتيته من عل بضم اللام. أقول و في بعض روايات العامة أمت أمت بدون يا منصور فقالوا المخاطب هو الله تعالى و الظاهر أن المخاطب كل واحد من المقاتلين لا سيما في هذه الرواية
2- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن بعض أصحابه عن السكوني عن أبي عبد الله ع قال قدم أناس من مزينة على النبي ص فقال ما شعاركم قالوا حرام قال بل شعاركم حلال
3- و روي أيضا أن شعار المسلمين يوم بدر يا منصور أمت و شعار يوم أحد للمهاجرين يا بني عبد الله يا بني عبد الرحمن و للأوس يا بني عبد الله
4- نوادر الراوندي، بإسناده عن موسى بن جعفر عن آبائه ع مثل الخبرين و في آخر الأخيرة يا بني عبيد الله
-5 و بهذا الإسناد قال قال رسول الله ص لسرية بعثها ليكن شعاركم حم لا ينصرون فإنه اسم من أسماء الله تعالى عظيم
6- و بهذا الإسناد عن علي ع قال كان شعار أصحاب رسول الله ص يوم مسيلمة يا أصحاب البقرة و كان شعار المسلمين مع خالد بن الوليد أمت أمت
7- مع، ]معاني الأخبار[ ابن المتوكل عن السعدآبادي عن البرقي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع أنه قال في رجل نذر أن يتصدق بمال كثير فقال الكثير ثمانون فما زاد لقول الله تبارك و تعالى لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ و كانت ثمانين موطنا
8- فس، ]تفسير القمي[ محمد بن عمر قال كان المتوكل قد اعتل علة شديدة فنذر إن عافاه الله أن يتصدق بدنانير كثيرة أو قال دراهم كثيرة فعوفي فجمع العلماء فسألهم عن ذلك فاختلفوا عليه قال أحدهم عشرة آلاف و قال بعضهم مائة ألف فلما اختلفوا قال له عبادة ابعث إلى ابن عمك علي بن محمد بن علي الرضا ع فاسأله فبعث إليه فسأله فقال الكثير ثمانون فقال له رد إليه الرسول فقل من أين قلت ذلك قال من قول الله تبارك و تعالى لرسوله لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ و كانت المواطن ثمانين موطنا
كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم عن بعض أصحابه مثله
-9 ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ ابن مخلد عن محمد بن عبد الواحد النحوي عن حنبل بن إسحاق عن عمرو بن عون عن عبد الله بن حكيم عن سفيان عن أبي إسحاق عن حبة العرني عن حقيبة أن رسول الله ص كتب إليه كتابا فرقع به دلوه فقالت له ابنته عمدت إلى كتاب سيد العرب فرقعت به دلوك ليصيبنك بلاء قال فأغارت عليه خيل النبي ص فهرب و أخذ كل قليل و كثير هو له ثم جاء بعد مسلما فقال له النبي ص انظر ما وجدت من متاعك قبل قسمة السهام فخذه
أقول سيأتي ذكر بعض غزواته ص النادرة في باب أحوال أصحابه ص
10- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله ع قال بعث رسول الله ص جيشا إلى خثعم فلما غشيهم استعصموا بالسجود فقتل بعضهم فبلغ ذلك النبي ص فقال أعطوا الورثة نصف العقل بصلاتهم و قال النبي ص ألا إني بريء من كل مسلم نزل مع مشرك في دار الحرب
بيان قال في النهاية إنما أمر بالنصف لأنهم قد أعانوا على أنفسهم بمقامهم بين ظهراني الكفار فكانوا كمن هلك بجناية نفسه و جناية غيره فتسقط حصة جنايته من الدية
11- نوادر الراوندي، بإسناده عن موسى بن جعفر عن آبائه عن أمير المؤمنين ع مثله
12- و بهذا الإسناد قال قال رسول الله ص لا تقتلوا في الحرب إلا من جرت عليه المواسي
13- و بهذا الإسناد قال قال رسول الله ص أمير القوم أقطفهم دابة
14- و بهذا الإسناد قال قال علي ع لما بعثني رسول الله ص إلى اليمن قال يا علي لا تقاتل أحدا حتى تدعوه إلى الإسلام و ايم الله لئن يهد الله على يدك رجلا خير لك مما طلعت عليه الشمس و لك ولاؤه
بيان من جرت عليه المواسي أي من نبتت عانته لأن المواسي إنما تجري على من أنبت أراد من بلغ الحلم من الكفار ذكره الجزري و قال القطاف تقارب الخطو في سرعة و منه الحديث أقطف القوم دابة أميرهم أي أنهم يسيرون بسير دابته فيتبعونه كما يتبع الأمير
15- كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن يحيى عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عن أبيه ع قال قرأت في كتاب لعلي ع أن رسول الله ص كتب كتابا بين المهاجرين و الأنصار و من لحق بهم من أهل يثرب أن كل غازية غزت بما يعقب بعضها بعضا بالمعروف و القسط بين المسلمين فإنه لا يجار حرمة إلا بإذن أهلها و إن الجار كالنفس غير مضار و لا إثم و حرمة الجار على الجار كحرمة أمه و أبيه لا يسالم مؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله إلا على عدل سواء
بيان أقول في روايات العامة هكذا كل غازية غزت يعقب بعضها بعضا قال الجزري الغازية تأنيث الغازي و هي هنا صفة جماعة غازية و المراد بقوله يعقب بعضها بعضا أن يكون الغزو بينهم نوبا فإذا خرجت طائفة ثم عادت لم تكلف أن تعود ثانية حتى تعقبها أخرى غيرها انتهى و على رواية الكليني لعل قوله بما زيد من النساخ و في التهذيب غزت معنا فقوله يعقب خبر و على ما في نسخ الكافي لعل قوله بالمعروف بدل أو بيان لقوله بما يعقب و قوله فإنه لا يجار خبر أي كل طائفة غازية بما يلزم أن يعقب و يتبع بعضها بعضا فيه و هو المعروف و القسط بين المسلمين فإنه لا يجار أي فليعلم هذا الحكم و في بعض النسخ لا يجوز حرب و الأول هو الموافق لنسخ التهذيب أي لا ينبغي أن يجار حرمة كافر إلا بإذن أهل غازية أي سائر الجيش و إن الجار كالنفس أي من أمنته ينبغي محافظته و رعايته كما تحفظ نفسك غير مضار إما حال عن المجير على صيغة الفاعل أي يجب أن يكون المجير غير مضار و لا آثم في حق المجار أو من المجار فيحتمل بناء المفعول أيضا بل الأول يحتمل ذلك قوله ص لا يسالم مؤمن دون مؤمن أي لا يصالح واحد دون أصحابه و إنما يقع الصلح بينهم و بين عدوهم باجتماع ملإهم على ذلك. أقول قال الطبرسي رحمه الله في مجمع البيان قال المفسرون جميع ما غزا رسول الله ص بنفسه ست و عشرون غزاة فأول غزاة غزاها الأبواء ثم غزاة بواط ثم غزاة العشيرة ثم غزاة بدر الأولى ثم بدر الكبرى ثم غزاة بني سليم ثم غزاة السويق ثم غزاة ذي أمر ثم غزاة أحد ثم غزاة نجران ثم غزاة الأسد ثم غزاة بني النضير ثم غزاة ذات الرقاع ثم غزاة بدر الأخيرة ثم غزاة دومة الجندل ثم غزاة الخندق ثم غزاة بني قريظة ثم غزاة بني لحيان ثم غزاة بني قرد ثم غزاة بني المصطلق ثم غزاة الحديبية ثم غزاة خيبر ثم غزاة الفتح فتح مكة ثم غزاة حنين ثم غزاة الطائف ثم غزاة تبوك قاتل ص منها في تسع غزوات غزاة بدر الكبرى و هو الجمعة السابع عشر من شهر رمضان سنة اثنتين من الهجرة و أحد و هو في شوال سنة ثلاث و الخندق و بني قريظة في شوال سنة أربع و بني المصطلق و بني لحيان في شعبان سنة خمس و خيبر سنة ست و الفتح في رمضان سنة ثمان و حنين و الطائف في شوال سنة ثمان فأول غزاة غزاها بنفسه و قاتل فيها بدر و آخرها تبوك و أما عدد سراياه فست و ثلاثون سرية على ما عد في مواضعه
16- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه و محمد بن يحيى عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله ع قال أغار المشركون على سرح المدينة فنادى فيها مناد يا سوء صاحباه فسمعها رسول الله ص في الجبل فركب فرسه في طلب العدو و كان أول أصحابه لحقه أبو قتادة على فرس له و كان تحت رسول الله سرج دفتاه ليف ليس فيه أشر و لا بطر فطلب العدو فلم يلقوا أحدا و تتابعت الخيل فقال أبو قتادة يا رسول الله إن العدو قد انصرف فإن رأيت أن نستبق فقال نعم فاستبقوا فخرج رسول الله ص سابقا عليهم ثم أقبل عليهم فقال أنا ابن العواتك من قريش إنه لهو الجواد البحر يعني فرسه
بيان السرح المال الماشية و الدف بالفتح الجنب من كل شيء أو صفحته كالدفة و قال الجزري فيه أنه ص قال أنا ابن العواتك من سليم العواتك جمع عاتكة و أصل عاتكة المتضمخة بالطيب و العواتك ثلاث نسوة كن من أمهات النبي ص إحداهن عاتكة بنت هلال بن فالج بن ذكوان و هي أم عبد مناف بن قصي و الثانية عاتكة بنت مرة بن هلال بن فالج و هي أم هاشم بن عبد مناف و الثالثة عاتكة بنت الأوقص بن مرة بن هلال و هي أم وهب أبي آمنة أم النبي ص فالأولى من العواتك عمة الثانية و الثانية عمة الثالثة و بنو سليم تفخر بهذه الولادة و قال الجوهري قال النبي ص يوم حنين أنا ابن العواتك من سليم يعني جداته و هن تسع عواتك ثلاث منهن من بني سليم و قال و يسمى الفرس الواسع الجري بحرا
17- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن البزنطي عن أبان عن الفضل أبي العباس عن أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ قال نزلت في بني مدلج لأنهم جاءوا إلى رسول الله ص فقالوا إنا حصرت صدورنا أن نشهد أنك رسول الله ص فلسنا معك و لا مع قومنا عليك قال قلت كيف صنع بهم رسول الله ص قال وادعهم إلى أن يفرغ من العرب ثم يدعوهم فإن أجابوا و إلا قاتلهم
18- قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ لما كان بعد سبعة أشهر من الهجرة نزل جبرئيل بقوله أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ الآية و قلد في عنقه سيفا و في رواية لم يكن له غمد فقال له حارب بهذا قومك حتى يقولوا لا إله إلا الله
أهل السير أن جميع ما غزا النبي ص بنفسه ست و عشرون غزوة على هذا النسق الأبواء بواط العشيرة بدر الأولى بدر الكبرى السويق ذي أمر أحد نجران بنو سليم الأسد بنو النضير ذات الرقاع بدر الآخرة دومة الجندل الخندق بنو قريظة بنو لحيان بنو قرد بنو المصطلق الحديبية خيبر الفتح حنين الطائف تبوك و يلحق بها بنو قينقاع قاتل في تسع و هي بدر الكبرى و أحد و الخندق و بني قريظة و بني المصطلق و بني لحيان و خيبر و الفتح و حنين و الطائف و أما سراياه فست و ثلاثون أولها سرية حمزة لقي أبا جهل بسيف البحر في ثلاثين من المهاجرين و في ذي القعدة بعث سعد بن أبي وقاص في طلب عير ثم عبيدة بن الحارث بعد سبعة أشهر في ستين من المهاجرين نحو الجحفة إلى أبي سفيان فتراموا بالأحياء
ابن إسحاق و غزا في ربيع الآخر إلى قريش و بني ضمرة و كرز بن جابر الفهري حتى بلغ بواط السنة الثانية في صفر غزا ودان حتى بلغ الأبواء و في ربيع الآخر غزوة العشيرة من بطن ينبع و وادع فيها بني مدلج و ضمرة و أغار كرز بن جابر الفهري على سرح المدينة فاستخلف على المدينة زيد بن حارثة و خرج حتى بلغ وادي سفوان بدر الأولى و حامل لوائه علي ثم بعث في آخر رجب عبد الله بن جحش في أصحابه ليرصد قريشا فقتل واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الجموح الحضرمي و هرب الحكم بن كيسان و عثمان بن عبد الدار و أخوه و استأمن الباقون و استاقوا العير إلى النبي ص فقال و الله ما أمرتكم بالقتال في الشهر الحرام و ذلك تحت النخلة فسمي غزوة النخلة فنزل يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ الآية فأخذ العير و فدى الأسيرين ثم غزا بدر الكبرى
19- أقول في تفسير النعماني بسنده المذكور في كتاب القرآن عن الصادق ع قال قال أمير المؤمنين ع في ذكر الناسخ و المنسوخ و منه أن الله تبارك و تعالى لما بعث محمدا ص أمره في بدء أمره أن يدعو بالدعوة فقط و أنزل عليه يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَ مُبَشِّراً وَ نَذِيراً وَ داعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَ سِراجاً مُنِيراً وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيراً وَ لا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَ الْمُنافِقِينَ وَ دَعْ أَذاهُمْ وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَ كَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا فبعثه الله بالدعوة فقط و أمره أن لا يؤذيهم فلما أرادوه بما هموا به من تبييت أمره الله تعالى بالهجرة و فرض عليه القتال فقال سبحانه أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ فلما أمر الناس بالحرب جزعوا و خافوا فأنزل الله تعالى أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ آتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَ قالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْ لا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ إلى قوله سبحانه أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ فنسخت آية القتال آية الكف فلما كان يوم بدر و عرف الله تعالى حرج المسلمين أنزل على نبيه وَ إِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها وَ تَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فلما قوي الإسلام و كثر المسلمون أنزل الله تعالى فَلا تَهِنُوا وَ تَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَ اللَّهُ مَعَكُمْ وَ لَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ فنسخت هذه الآية الآية التي أذن لهم فيها أن يجنحوا ثم أنزل الله سبحانه في آخر السورة فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ خُذُوهُمْ وَ احْصُرُوهُمْ إلى آخر الآية و من ذلك أن الله تعالى فرض القتال على الأمة فجعل على الرجل الواحد أن يقاتل عشرة من المشركين فقال إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ إلى آخر الآية ثم نسخها سبحانه فقال الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَ عَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ إلى آخر الآية فنسخ بهذه الآية ما قبلها فصار من فر من المؤمنين في الحرب إن كانت عدة المشركين أكثر من رجلين لرجل لم يكن فارا من الزحف و إن كانت العدة رجلين لرجل كان فارا من الزحف و ساق الحديث إلى قوله ع و نسخ قوله سبحانه وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً يعني اليهود حين هادنهم رسول الله ص فلما رجع من غزاة تبوك أنزل الله تعالى قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ إلى قوله تعالى وَ هُمْ صاغِرُونَ فنسخت هذه الآية تلك الهدنة
20- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن البزنطي عن أبان بن عثمان عن زرارة عن أبي جعفر ع أن ثمامة بن أثال أسرته خيل النبي ص و قد كان رسول الله ص قال اللهم أمكني من ثمامة فقال له رسول الله ص إني مخيرك واحدة من ثلاث أقتلك قال إذا تقتل عظيما أو أفاديك قال إذا تجدني غاليا أو أمن عليك قال إذا تجدني شاكرا قال فإني قد مننت عليك قال فإني أشهد أن لا إله إلا الله و أنك رسول الله و قد و الله علمت أنك رسول الله حيث رأيتك و ما كنت لأشهد بها و أنا في الوثاق
-21 كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار قال أظنه عن أبي حمزة الثمالي عن أبي عبد الله ع قال كان رسول الله ص إذا أراد أن يبعث سرية دعاهم فأجلسهم بين يديه ثم يقول سيروا بسم الله و بالله و في سبيل الله و على ملة رسول الله ص و لا تغلوا و لا تمثلوا و لا تغدروا و لا تقتلوا شيخا فانيا و لا صبيا و لا امرأة و لا تقطعوا شجرا إلا أن تضطروا إليها و أيما رجل من أدنى المسلمين أو أفضلهم نظر إلى رجل من المشركين فهو جار حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ فإن تبعكم فأخوكم في الدين و إن أبى فأبلغوه مأمنه و استعينوا بالله عليه
بيان الغلول الخيانة في المغنم و السرقة من الغنيمة قبل القسمة و الغل بالكسر الغش و الحقد و يقال مثل بالقتيل إذا جدع أنفه و أذنه و مذاكيره أو شيئا من أطرافه و أما مثل بالتشديد فهو للمبالغة إلا أن تضطروا إليها يمكن أن يكون استثناء من الجميع أو من الأخير فقط بإرجاع الضمير إلى الشجرة و النظر هنا كناية عن الأمان و ستأتي الأحكام مفصلة في كتاب الجهاد إن شاء الله تعالى
22- كا، ]الكافي[ العدة عن أحمد عن الوشاء عن محمد بن حمران و جميل عن أبي عبد الله ع قال كان رسول الله ص إذا بعث سرية دعا بأميرها فأجلسه إلى جنبه و أجلس أصحابه بين يديه ثم قال سيروا بسم الله
و ذكر مثل الحديث الأول ثم قال علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل عن أبي عبد الله ع مثله إلا أنه قال و أيما رجل من المسلمين نظر إلى رجل من المشركين في أقصى العسكر فأدناه فهو جار
23- كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله ع قال قال أمير المؤمنين ع نهى رسول الله ص أن يلقى السم في بلاد المشركين
24- كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن محبوب عن عباد بن صهيب قال سمعت أبا عبد الله ع يقول ما بيت رسول الله ص عدوا قط
25- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن القاسم بن محمد عن المنقري عن حفص بن غياث قال سألت أبا عبد الله ع عن مدينة من مدائن أهل الحرب هل يجوز أن يرسل عليهم الماء أو تحرق بالنار أو ترمى بالمناجيق حتى يقتلوا و فيهم النساء و الصبيان و الشيخ الكبير و الأسارى من المسلمين و التجار فقال يفعل ذلك بهم و لا يمسك عنهم لهؤلاء و لا دية عليهم للمسلمين و لا كفارة و سألته عن النساء كيف سقطت الجزية عنهن و رفعت عنهن فقال لأن رسول الله ص نهى عن قتال النساء و الولدان في دار الحرب إلا أن يقاتلوا فإن قاتلت أيضا فأمسك عنها ما أمكنك و لم تخف حالا
26- كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله ع أن النبي ص كان إذا بعث بسرية دعا لها
-27 كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم عن هارون بن مسلم عن مسعدة بن صدقة عن أبي عبد الله ع قال إن النبي ص كان إذا بعث أميرا له على سرية أمره بتقوى الله عز و جل في خاصة نفسه ثم في أصحابه عامة ثم يقول اغزوا بسم الله و في سبيل الله تعالى قاتلوا من كفر بالله و لا تغدروا و لا تغلوا و لا تمثلوا و لا تقتلوا وليدا و لا متبتلا في شاهق و لا تحرقوا النخل و لا تغرقوه بالماء و لا تقطعوا شجرة مثمرة و لا تحرقوا زرعا لأنكم لا تدرون لعلكم تحتاجون إليه و لا تعقروا من البهائم مما يؤكل لحمه إلا ما لا بد لكم من أكله و إذا لقيتم عدوا للمسلمين فادعوهم إلى إحدى ثلاث فإن هم أجابوكم إليها فاقبلوا منهم و كفوا عنهم و ادعوهم إلى الإسلام فإن دخلوا فيه فاقبلوه منهم و كفوا عنهم و ادعوهم إلى الهجرة بعد الإسلام فإن فعلوا فاقبلوا منهم و كفوا عنهم و إن أبوا أن يهاجروا و اختاروا ديارهم و أبوا أن يدخلوا في دار الهجرة كانوا بمنزلة أعراب المؤمنين يجري عليهم ما يجري على أعراب المؤمنين و لا يجري لهم في الفيء و لا في القسمة شيء إلا أن يهاجروا في سبيل الله فإن أبوا هاتين فادعوهم إلى إعطاء الجزية عن يد و هم صاغرون فإن أعطوا الجزية فاقبل منهم و كف عنهم و إن أبوا فاستعن الله عز و جل عليهم و جاهدهم في الله حق جهاده و إذا حاصرت أهل الحصن فأرادوك على أن ينزلوا على حكم الله عز و جل فلا تنزل بهم و لكن أنزلهم على حكمكم ثم اقض فيهم بعد ما شئتم فإنكم إن تركتموهم على حكم الله لم تدروا تصيبوا حكم الله فيهم أم لا و إذا حاصرت أهل حصن فإن آذنوك على أن تنزلهم على ذمة الله و ذمة رسول الله فلا تنزلهم و لكن أنزلهم على ذممكم و ذمم آبائكم و إخوانكم فإنكم إن تخفروا ذممكم و ذمم آبائكم و إخوانكم كان أيسر عليكم يوم القيامة من أن تخفروا ذمة الله و ذمة رسولالله
بيان الوليد الصبي و العبد و التبتل الانقطاع عن الدنيا إلى الله و الشاهق الجبل المرتفع و العقر ضرب قوائم الدابة بالسيف و هي قائمة و يستعمل في القتل و الإهلاك مطلقا قوله ص إلى إعطاء الجزية أي إن كانوا أهل الكتاب
28- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه و علي بن محمد عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري قال أخبرني النضر بن إسماعيل البجلي عن أبي حمزة الثمالي عن شهر بن حوشب قال قال لي الحجاج و سألني عن خروج النبي ص إلى مشاهده فقلت شهد رسول الله ص بدرا في ثلاثمائة و ثلاثة عشر و شهد أحدا في ستمائة و شهد الخندق في تسعمائة فقال عمن قلت عن جعفر بن محمد ع فقال ضل و الله من سلك غير سبيله
29- كا، ]الكافي[ العدة عن ابن عيسى عن ابن أشيم عن صفوان و البزنطي قالا قال ما أخذ بالسيف فذلك إلى الإمام يقبله بالذي يرى كما صنع رسول الله ص بخيبر قبل سوادها و بياضها يعني أرضها و نخلها و الناس يقولون لا يصلح قبالة الأرض و النخل و قد قبل رسول الله ص خيبر و على المتقبلين سوى قبالة الأرض العشر و نصف العشر في حصصهم و قال إن أهل الطائف أسلموا و جعلوا عليهم العشر و نصف العشر و إن مكة دخلها رسول الله ص عنوة فكانوا أسراء في يده فأعتقهم و قال اذهبوا فأنتم الطلقاء
30- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه و القاساني عن الأصبهاني عن المنقري عن حفص عن أبي عبد الله عن أبيه ع قال بعث الله محمدا ص بخمسة أسياف ثلاثة منها شاهرة فلا تغمد حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها و ساق الحديث إلى أن قال فسيف على مشركي العرب قال الله عز و جل فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَ خُذُوهُمْ وَ احْصُرُوهُمْ وَ اقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تابُوا يعني آمنوا وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ فَإِخْوانُكُمْ فِي الدِّينِ فهؤلاء لا يقبل منهم إلا القتل أو الدخول في الإسلام و أموالهم و ذراريهم سبي على ما سن رسول الله ص فإنه سبى و عفا و قبل الفداء و السيف الثاني على أهل الذمة قال الله تعالى وَ قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً نزلت هذه الآية في أهل الذمة ثم نسخها قوله عز و جل قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ لا يُحَرِّمُونَ ما حَرَّمَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ لا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صاغِرُونَ فمن كان منهم في دار الإسلام فلن يقبل منهم إلا الجزية أو القتل و ما لهم فيء و ذراريهم سبي و إذا قبلوا الجزية على أنفسهم حرم علينا سبيهم و حرمت أموالهم و حلت لنا مناكحهم و من كان منهم في دار الحرب حل لنا سبيهم و أموالهم و لم تحل لنا مناكحتهم و لم يقبل منهم إلا الدخول في دار الإسلام أو الجزية أو القتل و السيف الثالث سيف على مشركي العجم يعني الترك و الديلم و الخزر قال الله تعالى فَضَرْبَ الرِّقابِ حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها فأما قوله فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ يعني بعد السبي منهم وَ إِمَّا فِداءً يعني المفاداة بينهم و بين أهل الإسلام فهؤلاء لن يقبل منهم إلا القتل أو الدخول في الإسلام و لا يحل لنا مناكحتهم ما داموا في دار الحرب و الخبر طويل أخذنا منه موضع الحاجة
31- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله ع أن النبي ص بعث بسرية فلما رجعوا قال مرحبا بقوم قضوا الجهاد الأصغر و بقي الجهاد الأكبر قيل يا رسول الله و ما الجهاد الأكبر قال جهاد النفس
32- نوادر الراوندي بإسناده عن موسى بن جعفر عن آبائه ع مثله
-33 و بهذا الإسناد قال قال رسول الله ص نصرت بالصبا و أهلكت عاد بالدبور
34- و بهذا الإسناد قال قال علي ع اعتم أبو دجانة الأنصاري و أرخى عذبة العمامة من خلفه بين كتفيه ثم جعل يتبختر بين الصفين فقال رسول الله ص إن هذه لمشية يبغضها الله تعالى إلا عند القتال
بيان عذبة كل شيء طرفه و الاعتذاب أن يسبل للعمامة عذبتين من خلفها
35- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن بكر بن صالح عن القاسم بن بريد عن أبي عمرو الزبيري عن أبي عبد الله ع قال نزلت هذه الآية أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا في المهاجرين الذين أخرجهم أهل مكة من ديارهم و أموالهم أحل لهم جهادهم بظلمهم إياهم و أذن لهم في القتال الخبر
36- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن زرارة عن عبد الكريم بن عتبة الهاشمي عن أبي عبد الله ع قال إن رسول الله ص إنما صالح الأعراب على أن يدعهم في ديارهم و لا يهاجروا على إن دهمه من عدوه دهم أن يستنفرهم فيقاتل بهم و ليس لهم في الغنيمة نصيب
بيان في القاموس الدهماء العدد الكثير و دهمك كسمع و منع غشيك و أي الدهم هو أي أي الخلق هو
37- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه و محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين جميعا عن عثمان بن عيسى عن سماعة عن أحدهما ع قال إن رسول الله ص خرج بالنساء في الحرب حتى يداوين الجرحى و لم يقسم لهن من الفيء و لكنه نفلهن
38- كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن محمد بن يحيى عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله عن أبيه ع أن رسول الله ص أجرى الخيل التي أضمرت من الحصباء إلى مسجد بني زريق و سبقها من ثلاث نخلات فأعطى السابق عذقا و أعطى المصلي عذقا و أعطى الثالث عذقا
39- و بهذا الإسناد عن محمد بن يحيى عن غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله عن أبيه عن علي بن الحسين ع أن رسول الله ص أجرى الخيل و جعل سبقها أواقي من فضة
بيان تضمير الفرس و إضماره أن تعلفه حتى يسمن ثم ترده إلى القوت من الحصباء الظاهر أنه تصحيف الحفيا بالفاء قال في النهاية في حديث السباق ذكر الحفيا بالمد و القصر موضع بالمدينة على أميال و بعضهم يقدم الياء على الفاء انتهى. و بنو زريق خلق من الأنصار من ثلاث نخلات لعل كلمة من بمعنى على كما في قوله و نصرناه من القوم أو للسببية و المصلي الذي يلي السابق و العذق بالفتح النخلة بحملها
40- كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن عمران بن موسى عن الحسن بن ظريف عن عبد الله بن المغيرة رفعه قال قال رسول الله ص في قول الله عز و جل وَ أَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَ مِنْ رِباطِ الْخَيْلِ قال الرمي
41- نوادر الراوندي، بإسناده عن موسى بن جعفر عن آبائه ع قال غزا رسول الله ص غزاة فعطش الناس عطشا شديدا فقال النبي ص هل من ينبعث بالماء فضرب الناس يمينا و شمالا فجاء رجل على فرس أشقر بين يديه قربة من ماء فقال النبي ص اللهم و بارك في الأشقر
-42 و بهذا الإسناد قال كان رجل من نجران مع رسول الله ص في غزاة و معه فرس و كان رسول الله ص يستأنس إلى صهيله ففقده فبعث إليه فقال ما فعل فرسك فقال اشتد على شبعه فخصيته فقال النبي ص مثلت به الخيل معقود في نواصيها الخير إلى أن يقوم القيامة الخبر
43- عم، ]إعلام الورى[ قال أهل السير و المفسرون إن جميع ما غزا رسول الله ص بنفسه ست و عشرون غزوة و إن جميع سراياه التي بعثها و لم يخرج معها ست و ثلاثون سرية و قاتل ص من غزواته في تسع غزوات و هي بدر و أحد و الخندق و بنو قريظة و المصطلق و خيبر و الفتح و حنين و الطائف فأول سرية بعثها أنه بعث حمزة بن عبد المطلب في ثلاثين راكبا فساروا حتى بلغوا سيف البحر من أرض جهينة فلقوا أبا جهل بن هشام في ثلاثين و مائة راكب من المشركين فحجز بينهم مجدي بن عمرو الجهني فرجع الفريقان و لم يكن بينهما قتال. ثم غزا رسول الله ص أول غزوة غزاها في صفر على رأس اثني عشر شهرا من مقدمه المدينة حتى بلغ الأبواء يريد قريشا و بني ضمرة ثم رجع و لم يلق كيدا فأقام بالمدينة بقية صفر و صدرا من شهر ربيع الأول. و بعث في مقامه ذلك عبيدة بن الحارث في ستين راكبا من المهاجرين ليس فيهم أحد من الأنصار و كان أول لواء عقده رسول الله ص فالتقى هو و المشركون على ماء يقال له أحيا و كانت بينهم الرماية و على المشركين أبو سفيان بن حرب. ثم غزا رسول الله ص في شهر ربيع الآخر يريد قريشا حتى بلغ بواط و لم يلق كيدا. ثم غزا غزوة العشيرة يريد قريشا حتى نزل العشيرة من بطن ينبع و أقام بها بقية جمادى الأولى و ليالي من جمادى الآخرة و وادع فيها بني مدلج و حلفاءهم من بني ضمرة
فروي عن عمار بن ياسر قال كنت أنا و علي بن أبي طالب رفيقين في غزوة العشيرة فقال لي علي هل لك يا أبا اليقظان في هذا النفر من بني مدلج يعملون في عين لهم ننظر كيف يعملون فأتيناهم فنظرنا إليهم ساعة ثم غشينا النوم فعمدنا إلى صور من النخل في دقعاء من الأرض فنمنا فيه فو الله ما هبنا إلا رسول الله بقدمه فجلسنا و قد تتربنا من تلك الدقعاء فيومئذ قال رسول الله ص لعلي ع يا أبا تراب لما عليه من التراب فقال أ لا أخبركم بأشقى الناس قلنا بلى يا رسول الله قال أحمر ثمود الذي عقر الناقة و الذي يضربك يا علي على هذه و وضع رسول الله ص يده على رأسه حتى يبل منها هذه و وضع يده على لحيته
ثم رجع رسول الله ص من العشيرة إلى المدينة فلم يقم بها عشر ليال حتى أغار كرز بن جابر الفهري على سرح المدينة فخرج رسول الله ص في طلبه حتى بلغ واديا يقال له سفوان من ناحية بدر و هي غزوة بدر الأولى و حامل لوائه علي بن أبي طالب ع و استخلف على المدينة زيد بن حارثة و فاته كرز فلم يدركه فرجع رسول الله ص فأقام جمادى و رجب و شعبان و كان بعث بين ذلك سعد بن أبي وقاص في ثمانية رهط فرجع و لم يلق كيدا. ثم بعث رسول الله ص عبد الله بن جحش إلى نخلة و قال كن بها حتى تأتينا بخبر من أخبار قريش و لم يأمره بقتال و ذلك في الشهر الحرام و كتب له كتابا و قال اخرج أنت و أصحابك حتى إذا سرت يومين فافتح كتابك و انظر فيه و امض لما أمرتك فلما سار يومين و فتح الكتاب فإذا فيه أن امض حتى تنزل نخلة فتأتينا من أخبار قريش بما يصل إليك منهم فقال لأصحابه حين قرأ الكتاب سمعا و طاعة من كان له رغبة في الشهادة فلينطلق معي فمضى معه القوم حتى إذا نزلوا نخلة مر بهم عمرو بن الحضرمي و الحكم بن كيسان و عثمان و المغيرة ابنا عبد الله معهم تجارة قدموا بها من الطائف أدم و زبيب فلما رآهم القوم أشرف لهم واقد بن عبد الله و كان قد حلق رأسه فقالوا عمار ليس عليكم منهم بأس و ائتمر أصحاب رسول الله و هي آخر يوم من رجب فقالوا لئن قتلتموهم إنكم لتقتلونهم في الشهر الحرام و لئن تركتموهم ليدخلن هذه الليلة مكة فليمنعن منكم فأجمع القوم على قتلهم فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله و استأمن عثمان بن عبد الله و الحكم بن كيسان و هرب المغيرة بن عبد الله فأعجزهم و استاقوا العير فقدموا بها على رسول الله ص فقال لهم و الله ما أمرتكم بالقتال في الشهر الحرام و أوقف الأسيرين و العير و لم يأخذ منها شيئا و سقط في أيدي القوم و ظنوا أنهم قد هلكوا و قالت قريش استحل محمد الشهر الحرام فأنزل الله سبحانه يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ الآية فلما نزل ذلك أخذ رسول الله ص العير و فداء الأسيرين و قال المسلمون نطمع لنا أن يكون غزاة فأنزل الله فيهم إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هاجَرُوا إلى قوله أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ الآية و كانت هذه قبل بدر بشهرين. بيان السيف بالكسر ساحل البحر و الأبواء بفتح الهمزة و سكون الباء و المد جبل بين مكة و المدينة و عنده بلد ينسب إليه و قال الفيروزآبادي بواط كغراب جبال جهينة على أبراد من المدينة منه غزوة بواط اعترض فيها ص لعير قريش و قال ذو العشيرة موضع بناحية ينبع غزوتها مشهورة و الصور بالفتح الجماعة من النخل و لا واحد له من لفظه و الدقعاء التراب و الأرض لا نبات بها و يقال هب من نومه يهب أي استيقظ و أهببته أنا و يقال سقط في يديه على بناء المجهول أي ندم نطمع لنا أن يكون غزاة قالوا ذلك على سبيل اليأس أي لا نطمع ثواب الغزوة فيما فعلنا بل نرضى أن لا يكون لنا وزر فرجاهم سبحانه رحمته بقوله أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ كما قال البيضاوي نزلت أيضا في السرية لما ظن بهم أنهم إن سلموا من الإثم فليس لهم أجر
44- نهج، ]نهج البلاغة[ في حديثه كنا إذا احمر البأس اتقينا برسول الله ص فلم يكن أحد منا أقرب إلى العدو منه
قال السيد رضي الله عنه و معنى ذلك أنه كان إذا عظم الخوف من العدو و اشتد عضاض الحرب فزع المسلمون إلى قتال رسول الله ص بنفسه فينزل الله تعالى النصر عليهم به و يأمنون ما كانوا يخافونه بمكانه و قوله ع إذا احمر البأس كناية عن اشتداد الأمر و قد قيل في ذلك أقوال أحسنها أنه شبه حمي الحرب بالنار التي تجمع الحرارة و الحمرة بفعلها و لونها و مما يقوي ذلك قول النبي ص و قد رأى مجتلد الناس يوم حنين و هي حرب هوازن الآن حمي الوطيس و الوطيس مستوقد النار فشبه ما استحر من جلاد القوم باحتدام النار و شدة التهابها
45- فس، ]تفسير القمي[ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَ صَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَ كُفْرٌ بِهِ وَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ إِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ فإنه كان سبب نزولها أنه لما هاجر رسول الله ص إلى المدينة بعث السرايا إلى الطرقات التي تدخل مكة تتعرض لعير قريش حتى بعث عبد الله بن جحش في نفر من أصحابه إلى نخلة و هي بستان بني عامر ليأخذوا عير قريش أقبلت من الطائف عليها الزبيب و الأدم و الطعام فوافوها و قد نزلت العير و فيهم عمرو بن الحضرمي و كان حليفا لعتبة بن ربيعة فلما نظر ابن الحضرمي إلى عبد الله بن جحش و أصحابه فزعوا و تهيئوا للحرب و قالوا هؤلاء أصحاب محمد فأمر عبد الله بن جحش أصحابه أن ينزلوا و يحلقوا رءوسهم فنزلوا و حلقوا رءوسهم فقال ابن الحضرمي هؤلاء قوم عمار ليس علينا منهم بأس فاطمأنوا و وضعوا السلاح فحمل عليهم عبد الله بن جحش فقتل ابن الحضرمي و أفلت أصحابه و أخذوا العير بما فيها و ساقوها إلى المدينة و كان ذلك في أول يوم من رجب من الأشهر الحرم فعزلوا العير و ما كان عليها فلم ينالوا منها شيئا فكتبت قريش إلى رسول الله ص أنك استحللت الشهر الحرام و سفكت فيها الدم و أخذت المال و كثر القول في هذا و جاء أصحاب رسول الله ص فقالوا يا رسول الله أ يحل القتل في الشهر الحرام فأنزل الله يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَ صَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَ كُفْرٌ بِهِ وَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ إِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَ الْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ قال القتال في الشهر الحرام عظيم و لكن الذي فعلت بك قريش يا محمد من الصد عن المسجد الحرام و الكفر بالله و إخراجك منه هو أكبر عند الله وَ الْفِتْنَةُ يعني الكفر بالله أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ثم أنزل عليه الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَ الْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ
أقول قال في المنتقى في حوادث السنة الثانية من الهجرة في هذه السنة تزوج علي بن أبي طالب ع فاطمة ع بنت رسول الله ص في صفر لليال بقين منه و بنى بها في ذي الحجة و قد روي أنه تزوجها في رجب بعد مقدم رسول الله ص المدينة بخمسة أشهر و بنى بها مرجعه من بدر و الأول أصح و روي عن بعض أهل التاريخ أن تزويجها كان في شهر ربيع الأول من سنه اثنتين من الهجرة و بنى بها فيها و ولدت الحسن ع في هذه السنة و قيل بل ولد الحسن ع منتصف شهر رمضان من سنة ثلاث و الحسين ع في سنة أربع و قيل كان بين ولادة الحسن ع و العلوق بالحسين ع خمسون ليلة و ولد الحسين ع لليال خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة. و في هذه السنة كانت سرية عبد الله بن جحش و في هذه السنة حولت القبلة إلى الكعبة كان النبي ص يصلي بمكة ركعتين بالغداة و ركعتين بالعشي فلما عرج به إلى السماء أمر بالصلوات الخمس فصارت الركعتان في غير المغرب للمسافر و للمقيم أربع ركعات فلما هاجر النبي ص إلى المدينة أمر أن يصلي نحو بيت المقدس لئلا يكذبه اليهود لأن نعته ص في التوراة أنه صاحب قبلتين و كانت الكعبة أحب القبلتين إلى النبي ص فأمره الله تعالى أن يصلي إلى الكعبة قال محمد بن حبيب الهاشمي حولت في الظهر يوم الثلاثاء للنصف من شعبان زار رسول الله ص أم بشر بن البراء بن معرور في بني سلمة فتغدى هو و أصحابه و جاءت الظهر فصلى بأصحابه في مسجد القبلتين ركعتين من الظهر إلى الشام ثم أمر أن يستقبل الكعبة و هو راكع في الركعة الثانية فاستدار إلى الكعبة فدارت الصفوف خلفه ثم أتم الصلاة فسمي مسجد القبلتين. و قال الواقدي كان هذا يوم الإثنين للنصف من رجب على رأس سبعة عشر شهرا و عن البراء على رأس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا و عن السدي على رأس ثمانية عشر شهرا من مهاجره ص. و في هذه السنة كان بناء مسجد قباء روي عن أبي سعيد الخدري قال لما صرفت القبلة إلى الكعبة أتى رسول الله ص مسجد قباء فقدم جدار المسجد إلى موضعه اليوم و أسسه بيده و نقل رسول الله ص و أصحابه الحجارة لبنائه و كان يأتيه كل سبت ماشيا و قال أبو أيوب الأنصاري هو المسجد الذي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى. و في هذه السنة نزلت فريضة رمضان في شعبان هذه السنة و أمر بزكاة الفطر على ما روي عن أبي سعيد الخدري قال نزل فرض شهر رمضان بعد ما صرفت القبلة إلى الكعبة بشهر في شعبان على رأس ثمانية عشر شهرا من مهاجر رسول الله ص فأمر رسول الله ص في هذه السنة بزكاة الفطر قبل أن يفرض الزكاة في الأموال. و في هذه السنة خرج رسول الله ص يوم العيد فصلى بالناس صلاة العيد و حملت بين يديه العنزة إلى المصلى فصلى إليها. و في هذه السنة كانت غزوة بدر