1- يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي أن كسرى كتب إلى فيروز الديلمي و هو من بقية أصحاب سيف بن ذي يزن أن احمل إلي هذا العبد الذي يبدأ باسمه قبل اسمي فاجترأ علي و دعاني إلى غير ديني فأتاه فيروز و قال له إن ربي أمرني أن آتيه بك فقال له رسول الله ص إن ربي خبرني أن ربك قتل البارحة فجاء الخبر أن ابنه شيرويه وثب عليه فقتله في تلك الليلة فأسلم فيروز و من معه فلما خرج الكذاب العبسي أنفذه رسول الله ص ليقتله فتسلق سطحا فلوى عنقه فقتله
بيان فتسلق أي صعد
2- يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي أن هرقل بعث رجلا من غسان و أمره أن يأتيه بخبر محمد و قال له احفظ لي من أمره ثلاثا انظر على أي شيء تجده جالسا و من على يمينه و إن استطعت أن تنظر إلى خاتم النبوة فافعل فخرج الغساني حتى أتى النبي ص فوجده جالسا على الأرض و وجد علي بن أبي طالب ع عن يمينه و جعل رجليه في ماء يفور فقال من هذا على يمينه قيل ابن عمه فكتب ذلك و نسي الغساني الثالثة فقال له رسول الله ص تعال فانظر إلى ما أمرك به صاحبك فنظر إلى خاتم النبوة فانصرف الرجل إلى هرقل قال ما صنعت قال وجدته جالسا على الأرض و الماء يفور تحت قدميه و وجدت عليا ابن عمه عن يمينه و أنسيت ما قلت لي في الخاتم فدعاني فقال هلم إلى ما أمرك به صاحبك فنظرت إلى خاتم النبوة فقال هرقل هذا الذي بشر به عيسى ابن مريم أنه يركب البعير فاتبعوه و صدقوه ثم قال للرسول اخرج إلى أخي فأعرض عليه فإنه شريكي في الملك فقلت له فما طاب نفسه عن ذهاب ملكه
بيان قوله فقلت له لعله من كلام الراوي قال للإمام ع إنما قال هرقل شريكي لأنه لم يطب نفسه أن يذهب ملكه و يحتمل أن يكون في الأصل فقال أي النبي ص و الأظهر أن المراد أن هرقل قال لرسوله اخرج إلى أخي فأعرض عليه الإسلام فإن أسلم أسلمت و كان أخوه شريكه في السلطنة و قوله فقلت كلام الرسول على الالتفات و ضمير له للأخ و كذا ضمير نفسه
3- يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي أن دحية الكلبي قال بعثني رسول الله ص بكتاب إلى قيصر فأرسل إلى الأسقف فأخبره بمحمد و كتابه فقال هذا النبي الذي كنا ننتظره بشرنا به عيسى ابن مريم و قال الأسقف أما أنا فمصدقه و متبعه فقال قيصر أما أنا إن فعلت ذلك ذهب ملكي ثم قال قيصر التمسوا لي من قومه هاهنا أحدا أسأله عنه و كان أبو سفيان و جماعة من قريش دخلوا الشام تجارا فأحضرهم و قال ليدن مني أقربكم نسبا به فأتاه أبو سفيان فقال أنا سائل عن هذا الرجل الذي يقول إنه نبي ثم قال لأصحابه إن كذب فكذبوه قال أبو سفيان لو لا حيائي أن يأثر أصحابي عني الكذب لأخبرته بخلاف ما هو عليه فقال كيف نسبه فيكم قلت ذو نسب قال هل قال هذا القول منكم أحد قلت لا قال فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل قلت لا قال فأشراف الناس اتبعوه أو ضعفاؤهم قلت ضعفاؤهم قال فهل يزيدون أو ينقصون قلت يزيدون قال يرتد أحد منهم سخطا لدينه قلت لا قال فهل يغدر قلت لا قال فهل قاتلتموه قلت نعم قال فكيف حربكم و حربه قلت ذو سجال مرة له و مرة عليه قال هذا آية النبوة قال فما يأمركم قلت يأمرنا أن نعبد الله وحده و لا نشرك به شيئا و ينهانا عما كان يعبد آباؤنا و يأمرنا بالصلاة و الصوم و العفاف و الصدق و أداء الأمانة و الوفاء بالعهد قال هذه صفة نبي و قد كنت أعلم أنه يخرج و لم أظن أنه منكم فإنه يوشك أن يملك ما تحت قدمي هاتين و لو أرجو أن أخلص إليه لتجشمت لقياه و لو كنت عنده لغسلت قدميه و إن النصارى اجتمعوا على الأسقف ليقتلوه فقال اذهب إلى صاحبك فاقرأ عليه السلام و أخبره أني أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و أن النصارى أنكروا ذلك علي ثم خرج إليهم فقتلوه
بيان قال الجوهري تقول أثرت الحديث آثره إذا ذكرته عن غيرك و قال الجزري السجل الدلو الملأى ماء و يجمع على سجال و منه حديث أبي سفيان و هرقل و الحرب بيننا سجال أي مرة لنا و مرة علينا و أصله أن المستقين بالسجل يكون لكل واحد منهم سجل و قال تجشمت الأمر تكلفته
4- يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي أنه لما بعث محمد ص بالنبوة بعث كسرى رسولا إلى باذان عامله في أرض المغرب بلغني أنه خرج رجل قبلك يزعم أنه نبي فلتقل له فليكفف عن ذلك أو لأبعثن إليه من يقتله و يقتل قومه فبعث باذان إلى النبي ص بذلك فقال لو كان شيء قلته من قبلي لكففت عنه و لكن الله بعثني و ترك رسل باذان و هم خمسة عشر نفرا لا يكلمهم خمسة عشر يوما ثم دعاهم فقال اذهبوا إلى صاحبكم فقولوا له إن ربي قتل ربه الليلة إن ربي قتل كسرى الليلة و لا كسرى بعد اليوم و قتل قيصر و لا قيصر بعد اليوم فكتبوا قوله فإذا هما قد ماتا في الوقت الذي حدثه محمد ص
5- يج، ]الخرائج و الجرائح[ روي عن جرير بن عبد الله البجلي قال بعثني النبي ص بكتابه إلى ذي الكلاع و قومه فدخلت عليه فعظم كتابه و تجهز و خرج في جيش عظيم و خرجت معه نسير إذ رفع لنا دير راهب فقال أريد هذا الراهب فلما دخلنا عليه سأله أين تريد قال هذا النبي الذي خرج في قريش و هذا رسوله قال الراهب لقد مات هذا الرسول فقلت من أين علمت بوفاته قال إنكم قبل أن تصلوا إلي كنت أنظر في كتاب دانيال مررت بصفة محمد و نعته و أيامه و أجله فوجدت أنه توفي في هذه الساعة فقال ذو الكلاع أنا أنصرف قال جرير فرجعت فإذا رسول الله ص توفي ذلك اليوم
6- قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال بعث الله إلى كسرى ملكا وقت الهاجرة و قال يا كسرى تسلم أو أكسر هذه العصا فقال بهل بهل فانصرف عنه فدعا حراسه و قال من أدخل هذا الرجل علي فقالوا ما رأيناه ثم أتاه في العام المقبل و وقته فكان كما كان أولا ثم أتاه في العام الثالث فقال تسلم أو أكسر هذه العصا فقال بهل بهل فكسر العصا ثم خرج فلم يلبث أن وثب عليه ابنه فقتله
7- قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ ابن مهدي المامطيري في مجالسه أن النبي كتب إلى كسرى من محمد رسول الله إلى كسرى بن هرمزد أما بعد فأسلم تسلم و إلا فأذن بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ السَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى فلما وصل إليه الكتاب مزقه و استخف به و قال من هذا الذي يدعوني إلى دينه و يبدأ باسمه قبل اسمي و بعث إليه بتراب فقال ص مزق الله ملكه كما مزق كتابي أما إنه ستمزقون ملكه و بعث إلي بتراب أما إنكم ستملكون أرضه فكان كما قال
الماوردي في أعلام النبوة إن كسرى كتب في الوقت إلى عامله باليمن باذان و يكنى أبا مهران أن احمل إلي هذا الذي يذكر أنه نبي و بدأ باسمه قبل اسمي و دعاني إلى غير ديني فبعث إليه فيروز الديلمي في جماعة مع كتاب يذكر فيه ما كتب به كسرى فأتاه فيروز بمن معه فقال له إن كسرى أمرني أحملك إليه فاستنظره ليلة فلما كان من الغد حضر فيروز مستحثا فقال النبي ص أخبرني ربي أنه قتل ربك البارحة سلط الله عليه ابنه شيرويه على سبع ساعات من الليل فأمسك حتى يأتيك الخبر فراع ذلك فيروز و هاله و عاد إلى باذان فأخبره فقال له باذان كيف وجدت نفسك حين دخلت عليه فقال و الله ما هبت أحدا كهيبة هذا الرجل فوصل الخبر بقتله في تلك الليلة من تلك الساعة فأسلما جميعا و ظهر العبسي و ما افتراه من الكذب فأرسل ع إلى فيروز اقتله قتله الله فقتله
8- أقول قال الكازروني في المنتقى، في حوادث السنة السادسة فيها اتخذ رسول الله ص الخاتم و ذلك أنه قيل إن الملوك لا يقرءون كتابا إلا مختوما. و فيها بعث رسول الله ص ستة نفر فخرجوا مصطحبين في ذي الحجة حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس و دحية بن خليفة الكلبي إلى قيصر و عبد الله بن حذافة إلى كسرى و عمرو بن أمية الضميري إلى النجاشي و شجاع بن وهب إلى الحارث بن أبي شمر الغساني و سليط بن عمرو العامري إلى هوذة بن علي النخعي أما المقوقس فإنه لما وصل إليه حاطب أكرمه و أخذ كتاب رسول الله ص و كتب في جوابه قد علمت أن نبيا قد بقي و قد أكرمت رسولك و أهدى إلى رسول الله ص أربع جوار منهن مارية أم إبراهيم و أختها سيرين و حمارا يقال له عفير و قيل يعفور و بغلة يقال لها الدلدل و لم يسلم فقبل رسول الله ص هديته و قال ضن الخبيث بملكه و لا بقاء لملكه و اصطفى مارية لنفسه و أما سيرين فوهبها لحسان بن وهب و أما الحمار فنفق منصرفه من حجة الوداع و أما البغلة فبقيت إلى زمان معاوية. و أما قيصر و هو هرقل ملك الروم فإنه أصبح يوما مهموما فقالت له بطارقته في ذلك فقال أجل أريت في هذه الليلة أن ملك الختان صار ظاهرا قالوا ما نعلم أمة تختتن إلا يهود و هم في سلطانك و سألوه أن يقتلهم جميعا فيستريح فبينا هم في ذلك من رأيهم إذ أتاهم رسول صاحب بصرى برجل من العرب يقوده فقال أيها الملك إن هذا من العرب يحدث عن أمر حدث ببلاده عجب فقال هرقل لترجمانه سله ما هذا الحدث الذي كان ببلاده فسأله فقال خرج من بين أظهرنا رجل يزعم أنه نبي فاتبعه ناس و خالفه الآخرون و كانت بينهم ملاحم فتركتهم على ذلك قال جردوه فجردوه فإذا هو مختون فقال هرقل هذا و الله الذي رأيت أعطوه ثوبه انطلق ثم دعا صاحب شرطته فقال قلب لي الشام ظهرا و بطنا حتى تأتيني برجل من قوم هذا الرجل يعني النبي ص قال أبو سفيان و كنت قد خرجت في تجارة في زمن الهدنة فهجم علينا صاحب شرطته فقال أنتم من قوم هذا الرجل فقلنا نعم فدعانا. و بإسنادي في سماع البخاري إليه بإسناده عن عبد الله بن عباس أن أبا سفيان بن حرب أخبره أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش و كانوا تجارا بالشام في المدة التي كان رسول الله ص ماد فيها أبا سفيان و كفار قريش فأتوهم بإيليا فدعاهم في مجلسه و حوله عظماء الروم ثم دعاهم و دعا ترجمانه فقال أيكم أقرب نسبا بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي فقال أبو سفيان فقلت أنا أقربهم نسبا فقال أدنوه مني و قربوا أصحابه فاجعلوه عند ظهره ثم قال لترجمانه قل
لهم إني سائل هذا عن هذا الرجل فإن كذبني فكذبوه قال أبو سفيان فو الله لو لا الحياء من أن يأثروا علي كذبا لكذبت عنه ثم كان أول ما سألني عنه أن قال كيف نسبه فيكم قلت هو فينا ذو نسب قال فهل قال هذا القول منكم أحد قبله قط قلت لا قال فهل كان في آبائه من ملك قلت لا قال فأشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم قلت بل ضعفاؤهم قال أ يزيدون أم ينقصون قلت بل يزيدون قال فهل يرتد منهم أحد سخطه لدينه بعد أن يدخل فيه قلت لا قال فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال قلت لا قال فهل يغدر قلت لا و نحن في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها قال و لم يمكني كلمة أدخل فيها شيئا غير هذه الكلمة قال فهل قاتلتموه قلت نعم قال فكيف كان قتالكم إياه قلت الحرب بيننا و بينه سجال ينال منا و ننال منه قال فما ذا يأمركم قلت يقول اعبدوا الله وحده و لا تشركوا به شيئا و اتركوا ما يقول آباؤكم و يأمرنا بالصلاة و الصدقة و العفاف و الصلة فقال للترجمان قل له سألتك عن نسبه فذكرت أنه ذو نسب و كذلك الرسل تبعث في نسب قومها و سألتك هل قال أحد منكم هذا القول فذكرت أنه لا فقلت لو قال أحد هذا القول قبله لقلت رجل يأتيني بقول قيل قبله و سألتك هل كان من آبائه من ملك فذكرت أن لا قلت فلو كان من آبائه من ملك لقلت رجل يطلب ملك أبيه و سألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال فذكرت أن لا فقد علمت أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس و يكذب على الله و سألتك أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه و هم أتباع الرسل و سألتك أ يزيدون أم ينقصون فذكرت أنهم يزيدون و كذلك أمر الإيمان حتى يتم و سألتك أ يرتد أحد سخطه
لدينه بعد أن يدخل فيه فذكرت أن لا و كذلك الإيمان حين يخالط بشاشة القلوب و سألتك هل يغدر فذكرت أن لا و كذلك الرسل لا تغدر و سألتك بما يأمركم فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله و لا تشركوا به شيئا و ينهاكم عن عبادة الأوثان و يأمركم بالصلاة و الصدقة و العفاف فإن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمي هاتين و قد كنت أعلم أنه خارج لم أكن أظن أنه منكم فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاه و لو كنت عنده لغسلت قدمه ثم دعا بكتاب رسول الله ص الذي بعث به دحية إلى عظيم بصرى فدفعه إلى هرقل فقرأه فإذا فيه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ من محمد رسول الله عبده و رسوله إلى هرقل عظيم الروم و سلام عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم أسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإن عليك إثم اليريسين و يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَ بَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَ لا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَ لا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ. قال أبو سفيان فلما قال ما قال و فرغ من قراءة الكتاب كثر عنده الصخب و ارتفعت الأصوات فأخرجنا فقلت لأصحابي حين أخرجنا لقد أمر أمر ابن أبي كبشة أنه يخافه ملك بني الأصفر فما زلت موقنا أنه سيظهر حتى أدخل الله على الإسلام. هرقل عظيم الروم ملك إحدى و ثلاثين سنة و في ملكه توفي النبي ص. ماد فيها أي ضرب لهم مدة في الهدنة إلى انقضاء المدة و إيليا بيت المقدس و معناه بيت الله و حكي فيه القصر و بلغة ثالثة الياء بحذف الياء الأولى و سكون اللام و المد و الترجمان بفتح التاء و ضم الجيم و روي بضمهما و هو المفسر لغة بلغة قوله أن يأثروا علي أي عني و السخطة الكراهية للشيء و عدم الرضاء به قوله سجال أي مرة على هؤلاء و مرة على هؤلاء من مساجلة المستقين على البئر بالدلاء و بشاشة القلوب أنسها و لطفها قوله لتجشمت أي تكلفت ما فيه من مشقة و بصرى مدينة فيصارية من الشام و الدعاية الدعوة و هي من دعوت كالشكاية من شكيت قوله يؤتك الله أجرك مرتين مرة لاتباع عيسى أو غيره و مرة لاتباعه ص قوله إثم الأريسيين هكذا أورده جل الرواة و روي اليريسين و روي الأريسين قيل هم الأكارون و قيل الخدم و الأعوان معناه إن عليك إثم رعاياك ممن صددته عن الإسلام فاتبعوك على كفرك أي إن عليك مثل إثمهم قوله أمر أمر ابن أبي كبشة أي عظم و أبو كبشة اسم الحارث بن عبد العزى رجل من خزاعة خالف قريشا في عبادة الأصنام و عبد الشعرى و قد مر ذكره في آباء النبي ص و قيل هو زوج حليمة مرضعة النبي ص و بنو الأصفر الروم و جدهم الأصفر بن روم بن إسحاق و قيل بل لأن جيشا من الحبش غلب عليهم في الزمان الأول فوطئ نساؤهم فولدوا أولادا صفرا نسبوا إليهم. و أما كسرى فلما بلغه كتاب رسول الله ص قرأه فمزقه فدعا عليهم رسول الله ص أن يمزقوا كل ممزق. و روي عن محمد بن إسحاق قال قال بعث رسول الله ص عبد الله بن حذافة بن قيس إلى كسرى بن هرمز ملك فارس و كتب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس سلام عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى و آمن بالله و رسوله و شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله و أدعوك بداعية الله عز و جل فإني أنا رسول الله ص إلى الناس كافة لأنذر مَنْ كانَ حَيًّا وَ يَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ فأسلم تسلم فإن أبيت فإن إثم المجوس عليك. فلما قرأ كتاب رسول الله ص شققه و قال يكتب إلي بهذا الكتاب و هو عبدي فبلغني أن رسول الله ص قال مزق الله ملكه حين بلغه أنه شقق كتابه ثم كتب كسرى إلى باذان و هو على اليمن أن ابعث إلى هذا الرجل الذي بالحجاز من عندك رجلين جلدين فليأتياني به. و في رواية كتب إلى باذان أن بلغني أن في أرضك رجلا يتنبأ فاربطه و ابعث
به إلي فبعث باذان قهرمانه و هو بانوبه و كان كاتبا حاسبا و بعث معه برجل من الفرس يقال له خرخسك فكتب معهما إلى رسول الله ص يأمره أن ينصرف معهما إلى كسرى و قال لبانوبه ويلك انظر ما الرجل و كلمه و أتني بخبره فخرجا حتى قدما المدينة على رسول الله ص و كلمه بانوبه و قال إن شاهنشاه ملك الملوك كسرى كتب إلى الملك باذان يأمره أن يبعث إليك من يأتيه بك و قد بعثني إليك لتنطلق معي فإن فعلت كتبت فيك إلى ملك الملوك بكتاب ينفعك و يكف عنك به و إن أبيت فهو من قد علمت فهو مهلكك و مهلك قومك و مخرب بلادك و كانا قد دخلا على رسول الله ص و قد حلقا لحاهما و أعفيا شواربهما فكره النظر إليهما و قال ويلكما من أمركما بهذا قالا أمرنا بهذا ربنا يعنيان كسرى فقال رسول الله ص لكن ربي أمرني بإعفاء لحيتي و قص شاربي ثم قال لهما ارجعا حتى تأتياني غدا و أتى رسول الله ص الخبر من السماء أن الله عز و جل قد سلط على كسرى ابنه شيرويه فقتله في شهر كذا و كذا لكذا و كذا من الليل فلما أتيا رسول الله ص قال لهما إن ربي قد قتل ربكما ليلة كذا و كذا من شهر كذا و كذا بعد ما مضى من الليل كذا و كذا سلط عليه شيرويه فقتله فقالا هل تدري ما تقول إنا قد نقمنا منك ما هو أيسر من هذا فنكتب بها عنك و نخبر الملك قال نعم أخبراه ذلك عني و قولا له إن ديني و سلطاني سيبلغ ما بلغ ملك كسرى و ينتهي إلى منتهى الخف و الحافر و قولا له إنك إن أسلمت أعطيتك ما تحت يديك و ملكتك على قومك. ثم أعطى خرخسك منطقة فيها ذهب و فضة كان أهداها له بعض الملوك فخرجا من عنده حتى قدما على باذان و أخبراه الخبر فقال و الله ما هذا بكلام ملك و إني لأرى الرجل نبيا كما يقول و لننظر ما قد قال فلئن كان ما قد قال حقا ما فيه كلام أنه نبي مرسل و إن لم يكن فسترى فيه رأينا فلم يلبث باذان أن قدم عليه كتاب شيرويه أما بعد فإني قد قتلت كسرى و لم أقتله إلا غضبا لفارس لما كان استحل من قتل أشرافهم فإذا جاءك كتابي هذا فخذ لي الطاعة ممن قبلك و أنظر الرجل الذي كان كسرى كتب إليك فيه فلا تهجه حتى يأتيك أمري فيه. فلما انتهى كتاب شيرويه باذان قال إن هذا الرجل لرسول فأسلم و أسلمت الأبناء من فارس من كان منهم باليمن. و أما النجاشي فإن رسول الله ص بعث عمرو بن أمية إليه في شأن جعفر بن أبي طالب و أصحابه و كتب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ من محمد رسول الله إلى النجاشي ملك الحبشة إني أحمد إليك الله الملك القدوس السلام المهيمن و أشهد أن عيسى ابن مريم روح الله وَ كَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ البتول الطيبة فحملت بعيسى و إني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له فإن تبعتني و تؤمن بالذي جاءني فإني رسول الله و قد بعثتإليك ابن عمي جعفرا و معه نفر من المسلمين وَ السَّلامُ عَلى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدى. فكتب النجاشي إلى رسول الله ص بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إلى محمد رسول الله من النجاشي سلام عليك يا نبي الله و رحمة الله و بركاته الذي لا إله إلا هو الذي هداني إلى الإسلام أما بعد فقد بلغني كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى فو رب السماء و الأرض إن عيسى ما يزيد على ما ذكرت ثفروقا إنه كما قلت و قد عرفنا ما بعثت به إلينا و قدم ابن عمك و أصحابك و أشهد أنك رسول الله و قد بايعتك و بايعت ابن عمك و أسلمت على يديه لله رب العالمين و قد بعثت إليك يا نبي الله فإن شئت أن آتيك فعلت يا رسول الله فإني أشهد أن ما تقول حق و السلام عليك و رحمة الله و بركاته. قال ابن إسحاق فذكر لي أنه بعث ابنه في ستين من الحبشة في سفينة حتى إذا توسطوا البحر غرقت بهم السفينة فهلكوا.
قال الواقدي عن أشياخه كتب رسول الله إلى النجاشي كتابين يدعوه في أحدهما إلى الإسلام و يتلو عليه القرآن فأخذ كتاب رسول الله ص فوضعه على عينه و نزل من سريره ثم جلس على الأرض تواضعا ثم أسلم و شهد شهادته الحق و قال لو كنت أستطيع أن آتيه لآتينه و كتب إلى رسول الله ص بإجابته و تصديقه و إسلامه على يد جعفر بن أبي طالب. و في الكتاب الآخر يأمره أن يزوجه أم حبيبة بنت أبي سفيان و كانت قد هاجرت إلى الحبشة مع زوجها عبد الله بن جحش الأسدي فتنصر هناك و مات و أمره في الكتاب أن يبعث إليه بمن قبله من أصحابه ففعل ذلك و هذه الأخبار دالة على أن النجاشي هو الذي كانت الهجرة إلى أرضه و روي أنه غير ذلك. و أما الحارث بن أبي الشمر الغساني فقال شجاع بن وهب انتهيت بكتاب رسول الله و هو بغوطة دمشق و هو مشغول بتهية الأنزال و الألطاف لقيصر و هو جاء من حمص إلى إيليا فأقمت على بابه يومين أو ثلاثة فقلت لحاجبه إني رسول رسول الله ص فقال لا تصل إليه حتى يخرج يوم كذا و كذا و جعل حاجبه و كان روميا يسألني عن رسول الله ص فكنت أحدثه عن صفة رسول الله ص و ما يدعو إليه فيرق حتى يغلبه البكاء و يقول إني قرأت الإنجيل و أجد صفة هذا النبي بعينه و أنا أؤمن به و أصدقه و أخاف من الحارث أن يقتلني و كان يكرمني و يحسن ضيافتي فخرج الحارث يوما فجلس و وضع التاج على رأسه و أذن لي عليه فدفعت إليه كتاب رسول الله ص فقرأه ثم رمى به و قال من ينتزع مني ملكي أنا سائر إليه و لو كان باليمن جئته علي بالناس فلم يزل يعرض حتى قام و أمر بالخيول تنعل ثم قال أخبر صاحبك بما ترى و كتب إلى قيصر يخبره خبري و ما عظم عليه فكتب إليه قيصر أن لا تسر إليه و اله عنه و وافني بإيليا فلما جاءه جواب كتابه دعاني فقال متى تريد أن تخرج إلى صاحبك فقلت غدا فأمر لي بمائة مثقال ذهب و وصلني حاجبه بنفقة و كسوة فقال اقرأ على رسول الله ص مني السلام فقدمت على النبي ص فأخبرته فقال باد ملكه و مات الحارث بن أبي الشمر عام الفتح. و أما هوذة بن علي فإنه كان من الملوك العقلاء إلا أن التوفيق عزيز. قال الواقدي عن أشياخه بعث رسول الله ص سليط بن عمرو العامري إلى هوذة بن علي الحنفي يدعوه إلى الإسلام و كتب معه كتابا فقدم عليه فأنزله و حياة و قرأ كتاب رسول الله ص و كتب إليه و أجمله و أنا شاعر قومي و خطيبهم و العرب تهاب مكاني فاجعل لي بعض الأمر أتبعك. و أجاز سليط بن عمرو بجائزة و كساه أثوابا من نسج هجر فقدم بذلك كله على رسول الله ص و أخبره عنه بما قال فقرأ كتابه و قال لو سألني سبابة من
الأرض ما فعلت باد و باد ما في يده فلما انصرف رسول الله ص من الفتح جاءه جبرئيل فأخبره أنه قد مات. بيان قال الجزري البش فرح الصديق بالصديق و اللطف في المسألة و الإقبال عليه و منه حديث قيصر و كذلك الإيمان إذا خالط بشاشة القلوب بشاشة اللقاء الفرح بالمرئي و الانبساط إليه و الأنس به. و قال في كتابه إلى هرقل أدعوك بدعاية الإسلام أي بدعوته و هي كلمة الشهادة يدعى إليها أهل الملل الكافرة و في رواية بداعية الإسلام و هي مصدر بمعنى الدعوة كالعافية و العاقبة و قال أمر أي كثر و ارتفع شأنه و قال كان المشركون ينسبون النبي ص إلى أبي كبشة و هو رجل من خزاعة خالف قريشا في عبادة الأوثان و عبد الشعرى العبور فلما خالفهم النبي ص في عبادة الأوثان شبهوه به و قيل إنه كان جد النبي ص من قبل أمه فأرادوا أنه نزع في الشبه إليه. و قال في كتاب النبي ص إلى هرقل فإن أبيت فعليك إثم الأريسين قد اختلف في هذه اللفظة صفة و معنى فروي الأريسين بوزن الكريمين و روي الأريسيين بوزن الشريبيين فقال أبو عبيد هم الخدم و الخول يعني بصدهم إياهم عن الدين كما قال ربنا إنا أطعنا سادتنا و كبراءنا أي عليك مثل إثمهم و قال ابن الأعرابي أرس يأرس أرسا فهو أريس و أرس يؤرس تأريسا فهو أريس و جمعها أريسون و إريسون و آرارسة هم الأكارون و إنما قال ذلك لأن الأكارين كانوا عندهم من الفرس و هم عبدة النار فجعل عليه إثمهم و قال أبو عبيدة أصحاب الحديث يقولون الأريسيين منسوبا مجموعا و الصحيح الأريسين يعني بغير نسب و رده الطحاوي عليه و قال بعضهم إن في رهط هرقل فرقة تعرف بالأروسية فجاء على النسب إليهم و قيل إنهم أتباع عبد الله بن أريس رجل كان في الزمن الأول قتلوا نبيا بعث الله إليهم و قيل الأريسون الملوك واحدهم أريس و قيل هم العشارون انتهى. قوله ثفروقا أي شيئا قال الفيروزآبادي الثفروق بالضم قمع التمرة أو ما يلتزق به قمعها و ما له ثفروق أي شيء. أقول ثم قال الكازروني و في هذه السنة جاءت خولة بنت ثعلبة و كان زوجها أوس بن الصامت فأخبرت رسول الله ص بأنه ظاهر منها. أقول سيأتي شرح القصة في باب ما جرى بينه ص و بين أصحابه. ثم قال و فيها ماتت أم رومان أم عائشة و فيها أسلم أبو هريرة
9- و قال ابن الأثير و أرسل العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن شادي أخي عبد القيس و قيل إن إرساله كان سنة ثمان فلما أتاه العلاء يدعوه و من معه بالبحرين إلى الإسلام أو الجزية و كانت ولاية البحرين للفرس فأسلم المنذر و أسلم جمع من العرب فأما أهل البلاد من اليهود و النصارى و المجوس فإنهم صالحوا العلاء و المنذر على الجزية و لم يكن بالبحرين قتال إنما بعضهم أسلم و بعضهم صالح
10- نقل من خط الشهيد رحمه الله قيل كتب النجاشي رحمه الله كتابا إلى النبي ص فقال رسول الله ص لعلي ع اكتب جوابا و أوجز فكتب بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أما بعد فكأنك من الرقة علينا منا و كأنا من الثقة بك منك لأنا لا نرجو شيئا منك إلا نلناه و لا نخاف منك أمرا إلا أمناه و بالله التوفيق فقال النبي ص الحمد لله الذي جعل من أهلي مثلك و شد أزري بك