الآيات آل عمران وَ كَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ما ضَعُفُوا وَ مَا اسْتَكانُوا وَ اللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ وَ ما كانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَ إِسْرافَنا فِي أَمْرِنا وَ ثَبِّتْ أَقْدامَنا وَ انْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ فَآتاهُمُ اللَّهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَ حُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ وَ اللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ الأنعام وَ لَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ و قال تعالى وَ لَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَ أُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا و قال تعالى وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْناهُمْ بِالْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ فَلَوْ لا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا وَ لكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ ما كانُوا يَعْمَلُونَ فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذا فَرِحُوا بِما أُوتُوا أَخَذْناهُمْ بَغْتَةً فَإِذا هُمْ مُبْلِسُونَ فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ و قال وَ كَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً الأعراف وَ كَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ فَما كانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا إِلَّا أَنْ قالُوا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ يونس وَ لَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ وَ ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ و قال تعالى وَ لِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ فَإِذا جاءَ رَسُولُهُمْ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ هود ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْها قائِمٌ وَ حَصِيدٌ وَ ما ظَلَمْناهُمْ وَ لكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَ ما زادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ وَ كَذلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذا أَخَذَ الْقُرى وَ هِيَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ و قال تعالى فَلَوْ لا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ وَ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ وَ كانُوا مُجْرِمِينَ وَ ما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَ أَهْلُها مُصْلِحُونَ الرعد وَ لَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ الإسراء وَ كَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ مريم وَ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَ رِءْياً و قال تعالى وَ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً طه أَ فَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى الأنبياء وَ كَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وَ أَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ لا تَرْكُضُوا وَ ارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَ مَساكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ فَما زاَلَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ و قال تعالى وَ لَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ الحج وَ كَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَها وَ هِيَ ظالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُها وَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ
و قال تعالى وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَ لا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَ الْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ الشعراء 108- وَ ما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ ذِكْرى وَ ما كُنَّا ظالِمِينَ النمل قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ القصص وَ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها فَتِلْكَ مَساكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا وَ كُنَّا نَحْنُ الْوارِثِينَ وَ ما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِنا وَ ما كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرى إِلَّا وَ أَهْلُها ظالِمُونَ التنزيل أَ وَ لَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَ فَلا يَسْمَعُونَ سبأ وَ ما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ وَ قالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا وَ أَوْلاداً وَ ما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ ص كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَ لاتَ حِينَ مَناصٍ المؤمن أَ وَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَ آثاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَ ما كانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ الزخرف وَ كَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ وَ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ بَطْشاً وَ مَضى مَثَلُ الْأَوَّلِينَ و قال تعالى وَ كَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَ إِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ قالَ أَ وَ لَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ق وَ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ الذاريات كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ التغابن أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالُوا أَ بَشَرٌ يَهْدُونَنا فَكَفَرُوا وَ تَوَلَّوْا وَ اسْتَغْنَى اللَّهُ وَ اللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ
1- فس، ]تفسير القمي[ الربيون الجموع الكثيرة و الربة الواحدة عشرة آلاف فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ من قتل نبيهم وَ إِسْرافَنا فِي أَمْرِنا يعنون خطاياهم وَ كَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ يعني ما بعث الله نبيا إلا و في أمته شَياطِينَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ أي يقول بعضهم لبعض لا تؤمنوا بزخرف القول غرورا فهذا وحي كذب قوله فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أي عذابا بالليل أَوْ هُمْ قائِلُونَ يعني وقت القيلولة نصف النهار
و قال البيضاوي مِنْها قائِمٌ أي باق كالزرع القائم وَ حَصِيدٌ أي و منها عافي الأثر كالزرع المحصود
2- فس، ]تفسير القمي[ غَيْرَ تَتْبِيبٍ أي غير تخسير فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ أي طولت لهم الأمل ثم أهلكتهم
أقول لعله بيان لحاصل المعنى و الإملاء الإمهال
-3 فس، ]تفسير القمي[ قال علي بن إبراهيم في قوله هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَ رِءْياً قال عنى به الثياب و الأكل و الشرب
و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ع قال الأثاث المتاع و رؤيا الجمال و المنظر الحسن
4- فس، ]تفسير القمي[ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً أي حسا
حدثنا جعفر بن أحمد عن عبيد الله بن موسى عن ابن البطائني عن أبيه عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال قلت قوله وَ كَمْ أَهْلَكْنا الآية قال أهلك الله من الأمم ما لا يحصون فقال يا محمد هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً أي ذكرا
بيان قال البيضاوي الركز الصوت الخفي
5- فس، ]تفسير القمي[ أَ فَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ يقول يبين لهم
و قال البيضاوي يَرْكُضُونَ يهربون مسرعين راكضين دوابهم أو مشبهين بهم من فرط إسراعهم حَصِيداً مثل الحصيد و هو النبت المحصود خامِدِينَ ميتين من خمدت النار قوله تعالى بَطِرَتْ مَعِيشَتَها أي بسبب معيشتها قال البيضاوي فِي أُمِّها أي في أصلها التي هي أعمالها لأن أهلها يكون أفطن و أنبل
6- فس، ]تفسير القمي[ وَ لاتَ حِينَ مَناصٍ أي ليس هو وقت مفر
و قال البيضاوي لا هي المشبهة بليس زيدت عليها تاء التأنيث للتأكيد و قال فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ أي فخرقوا في البلاد و تصرفوا فيها أو جالوا في الأرض كل مجال حذر الموت هَلْ مِنْ مَحِيصٍ لهم من الله أو من الموت
7- فس، ]تفسير القمي[ قوله وَ كَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا يعني ما بعث الله نبيا إلا و في أمته شَياطِينَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ أي يقول بعضهم لبعض لا تؤمنوا بزخرف القول غرورا فهذا وحي كذب قوله بَياتاً أي عذابا بالليل أَوْ هُمْ قائِلُونَ يعني نصف النهار قوله بَطِرَتْ مَعِيشَتَها أي كفرت قوله مِنْ واقٍ أي من دافع قوله أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً أي من قريش قوله فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ أي مروا
8- ع، ]علل الشرائع[ بإسناد العلوي عن أمير المؤمنين ع قال قال رسول الله ص إن نبيا من أنبياء الله بعثه الله عز و جل إلى قومه فبقي فيهم أربعين سنة فلم يؤمنوا به فكان لهم عيد في كنيسة فأتبعهم ذلك النبي فقال لهم آمنوا بالله قالوا له إن كنت نبيا فادع لنا الله أن يجيئنا بطعام على لون ثيابنا و كانت ثيابهم صفراء فجاء بخشبة يابسة فدعا الله عز و جل عليها فاخضرت و أينعت و جاءت بالمشمش حملا فأكلوا فكل من أكل و نوى أن يسلم على يد ذلك النبي خرج ما في جوف النوى من فيه حلوا و من نوى أنه لا يسلم خرج ما في جوف النوى من فيه مرا
9- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ تميم القرشي عن أبيه عن الأنصاري عن الهروي قال سمعت علي بن موسى الرضا ع يقول أوحى الله عز و جل إلى نبي من أنبيائه إذا أصبحت فأول شيء يستقبلك فكله و الثاني فاكتمه و الثالث فاقبله و الرابع فلا تؤيسه و الخامس فاهرب منه قال فلما أصبح مضى فاستقبله جبل أسود عظيم فوقف و قال أمرني ربي أن آكل هذا و بقي متحيرا ثم رجع إلى نفسه فقال إن ربي جل جلاله لا يأمرني إلا بما أطيق فمشى إليه ليأكله فكلما دنا منه صغر حتى انتهى إليه فوجده لقمة فأكلها فوجدها أطيب شيء أكله ثم مضى فوجد طستا من ذهب فقال أمرني ربي أن أكتم هذا فحفر له و جعله فيه و ألقى عليه التراب ثم مضى فالتفت فإذا الطست قد ظهر فقال قد فعلت ما أمرني ربي عز و جل فمضى فإذا هو بطير و خلفه بازي فطاف الطير حوله فقال أمرني ربي أن أقبل هذا ففتح كمه فدخل الطير فيه فقال له البازي أخذت صيدي و أنا خلفه منذ أيام فقال إن الله عز و جل أمرني أن لا أؤيس هذا فقطع من فخذه قطعة فألقاها إليه ثم مضى فلما مضى إذا هو بلحم ميتة منتن مدود فقال أمرني ربي عز و جل أن أهرب من هذا فهرب منه و رجع و رأى في المنام كأنه قد قيل له إنك قد فعلت ما أمرت به فهل تدري ما ذا كان قال لا قال له أما الجبل فهو الغضب إن العبد إذا غضب لم ير نفسه و جهل قدره من عظم الغضب فإذا حفظ نفسه و عرف قدره و سكن غضبه كانت عاقبته كاللقمة الطيبة التي أكلتها و أما الطست فهو العمل الصالح إذا كتمه العبد و أخفاه أبى الله عز و جل إلا أن يظهره ليزينه به مع ما يدخر له من ثواب الآخرة و أما الطير فهو الرجل الذي يأتيك بنصيحة فاقبله و اقبل نصيحته و أما البازي فهو الرجل الذي يأتيك في حاجة فلا تؤيسه و أما اللحم المنتن فهي الغيبة فاهرب منها
10- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ الصدوق عن ابن موسى عن محمد بن هارون عن عبيد الله بن موسى عن محمد بن الحسين عن محمد بن محصن عن يونس بن ظبيان قال قال الصادق ع إن الله تعالى أوحى إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل إن أحببت أن تلقاني غدا في حظيرة القدس فكن في الدنيا وحيدا غريبا مهموما محزونا مستوحشا من الناس بمنزلة الطير الواحد فإذا كان الليل آوى وحده استوحش من الطيور استأنس بربه
11- شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع في قول الله فَأَتَى اللَّهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ قال كان بيت غدر يجتمعون فيه
12- شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي السفاتج عن أبي عبد الله ع أنه قرأ فأتى الله بيتهم من القواعد يعني بيت مكرهم
13- كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد و علي بن إبراهيم عن أبيه جميعا عن ابن محبوب عن الهيثم بن واقد الجزري قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إن الله عز و جل بعث نبيا من أنبيائه إلى قومه و أوحى إليه أن قل لقومك إنه ليس من أهل قرية و لا ناس كانوا على طاعتي فأصابهم فيها سراء فتحولوا عما أحب إلى ما أكره إلا تحولت لهم عما يحبون إلى ما يكرهون و ليس من أهل قرية و لا أهل بيت كانوا على معصيتي فأصابهم فيها ضراء فتحولوا عما أكره إلى ما أحب إلا تحولت لهم عما يكرهون إلى ما يحبون و قل لهم إن رحمتي سبقت غضبي فلا تقنطوا من رحمتي فإنه لا يتعاظم عندي ذنب أغفره و قل لهم لا يتعرضوا معاندين لسخطي و لا يستخفوا بأوليائي فإن لي سطوات عند غضبي لا يقوم لها شيء من خلقي
14- كتاب المحتضر للحسن بن سليمان، من كتاب الشفاء و الجلاء عن أبي جعفر ع قال مر نبي من أنبياء بني إسرائيل برجل بعضه تحت حائط و بعضه خارج قد نقبته الطير و مزقته الكلاب ثم مضى فرفعت له مدينة فدخلها فإذا هو عظيم من عظمائها ميت على سرير مسجى بالديباج حوله المجامر فقال يا رب أشهد أنك حكم عدل لا تجور عبدك لم يشرك بك طرفة عين أمته بتلك الميتة و هذا عبدك لم يؤمن بك طرفة عين أمته بهذه الميتة قال الله عز و جل عبدي أنا كما قلت حكم عدل لا أجور ذاك عبدي كانت له عندي سيئة و ذنب أمته بتلك الميتة لكي يلقاني و لم يبق عليه شيء و هذا عبدي كانت له عندي حسنة فأمته بهذه الميتة لكي يلقاني و ليس له عندي شيء
15- كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم الهاشمي عن جده محمد بن الحسن بن محمد بن عبد الله عن سليمان الجعفري عن الرضا ع قال أوحى الله عز و جل إلى نبي من الأنبياء إذا أطعت رضيت و إذا رضيت باركت و ليس لبركتي نهاية و إذا عصيت غضبت و إذا غضبت لعنت و لعنتي تبلغ السابع من الوراء
بيان الوراء ولد الولد
16- كا، ]الكافي[ عدة من أصحابنا عن أحمد بن أبي عبد الله عن محمد بن عيسى عن الدهقان عن درست عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال شكا نبي من الأنبياء إلى الله عز و جل الضعف فقيل له اطبخ اللحم باللبن فإنهما يشدان الجسم
17- كا، ]الكافي[ بالإسناد المقدم عن ابن سنان عنه ع قال إن نبيا من الأنبياء شكا إلى الله الضعف و قلة الجماع فأمره بأكل الهريسة
-18 كا، ]الكافي[ بهذا الإسناد عنه ع قال شكا نبي من الأنبياء إلى الله عز و جل قلة النسل فقال كل اللحم بالبيض
19- كا، ]الكافي[ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد بن خالد عن فرات بن أحنف أن بعض أنبياء بني إسرائيل شكا إلى الله عز و جل قسوة القلب و قلة الدمعة فأوحى الله إليه أن كل العدس فأكل العدس فرق قلبه و كثرت دمعته
20- كا، ]الكافي[ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن بكر بن صالح رفعه إلى أبي عبد الله ع أنه قال شكا نبي من الأنبياء إلى الله عز و جل الغم فأمره عز و جل بأكل العنب
21- كا، ]الكافي[ محمد بن عبد الله بن جعفر عن أبيه عن علي بن سليمان بن رشيد عن مروك بن عبيد عمن ذكره عن أبي عبد الله ع قال ما بعث الله عز و جل نبيا إلا و معه رائحة السفرجل
22- كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن يونس بن يعقوب عن أبي أسامة عن أبي عبد الله ع قال العطر من سنن المرسلين
23- ل، ]الخصال[ الأربعمائة قال أمير المؤمنين ع الطيب في الشارب من أخلاق النبيين
-24 كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن محمد بن يحيى عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله ع قال ثلاث أعطيهن الأنبياء العطر و الأزواج و السواك
25- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن فضال عن علي بن عقبة عن مهدي عن أبي الحسن موسى ع قال ما بعث الله نبيا و لا وصيا إلا سخيا
26- لي، ]الأمالي للصدوق[ القطان و الدقاق و السناني جميعا عن ابن زكريا القطان عن محمد بن العباس عن محمد بن أبي السري عن أحمد بن عبد الله بن يونس عن ابن طريف عن ابن نباتة قال قال علي ع على المنبر سلوني قبل أن تفقدوني فقام إليه الأشعث بن قيس فقال يا أمير المؤمنين كيف تؤخذ من المجوس الجزية و لم ينزل عليهم كتاب و لم يبعث إليهم نبي فقال بلى يا أشعث قد أنزل الله عليهم كتابا و بعث إليهم نبيا و كان لهم ملك سكر ذات ليلة فدعا بابنته إلى فراشه فارتكبها فلما أصبح تسامع به قومه فاجتمعوا إلى بابه فقالوا أيها الملك دنست علينا ديننا فأهلكته فاخرج بظهرك نقم عليك الحد فقال لهم اجتمعوا و اسمعوا كلامي فإن يكن لي مخرج مما ارتكبت و إلا فشأنكم فاجتمعوا فقال لهم هل علمتم أن الله عز و جل لم يخلق خلقا أكرم عليه من أبينا آدم و أمنا حواء قالوا صدقت أيها الملك قال أ فليس قد زوج بنيه بناته و بناته من بنيه قالوا صدقت هذا هو الدين فتعاقدوا على ذلك فمحا الله ما في صدورهم من العلم و رفع عنهم الكتاب فهم الكفرة يدخلون النار بغير حساب و المنافقون أشد حالا منهم فقال الأشعث و الله ما سمعت بمثل هذا الجواب و الله لا عدت إلى مثلها أبدا الخبر
27- ج، ]الإحتجاج[ في خبر الزنديق الذي سأل الصادق ع عن مسائل فكان فيما سأله أخبرني عن المجوس أ بعث الله إليهم نبيا فإني أجد لهم كتبا محكمة و مواعظ بليغة و أمثالا شافية يقرون بالثواب و العقاب و لهم شرائع يعملون بها فقال ع ما من أمة إلا خلا فيها نذير و قد بعث إليهم نبي بكتاب من عند الله فأنكروه و جحدوا كتابه قال و من هو فإن الناس يزعمون أنه خالد بن سنان قال ع إن خالدا كان عربيا بدويا ما كان نبيا و إنما ذلك شيء يقوله الناس قال أ فزردشت قال إن زردشت أتاهم بزمزمة و ادعى النبوة فآمن منهم قوم و جحده قوم فأخرجوه فأكلته السباع في برية من الأرض قال فأخبرني عن المجوس كانوا أقرب إلى الصواب في دهرهم أم العرب قال العرب في الجاهلية كانت أقرب إلى الدين الحنيفي من المجوس و ذلك أن المجوس كفرت بكل الأنبياء و جحدت كتبها و أنكرت براهينها و لم تأخذ بشيء من سننها و آثارها و إن كيخسرو ملك المجوس في الدهر الأول قتل ثلاث مائة نبي و كانت المجوس لا تغتسل من الجنابة و العرب كانت تغتسل و الاغتسال من خالص شرائع الحنيفية و كانت المجوس لا تختتن و هو من سنن الأنبياء و إن أول من فعل ذلك إبراهيم خليل الله و كانت المجوس لا تغسل موتاها و لا تكفنها و كانت العرب تفعل ذلك و كانت المجوس ترمي الموتى في الصحارى و النواويس و العرب تواريها في قبورها و تلحد لها و كذلك السنة على الرسل إن أول من حفر له قبر آدم أبو البشر و ألحد له لحد و كانت المجوس تأتي الأمهات و تنكح البنات و الأخوات و حرمت ذلك العرب و أنكرت المجوس بيت الله الحرام و سمته بيت الشيطان و العرب كانت تحجه و تعظمه و تقول بيت ربنا و تقر بالتوراة و الإنجيل و تسأل أهل الكتاب و تأخذ و كانت العرب في كل الأسباب أقرب إلى الدين الحنيف من المجوس قال فإنهم احتجوا بإتيان الأخوات أنها سنة من آدم قال فما حجتهم في إتيان البنات و الأمهات و قد حرم ذلك آدم و كذلك نوح و إبراهيم و موسى و عيسى و سائر الأنبياء ع
-28 كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن أبي يحيى الواسطي عن بعض أصحابنا قال سئل أبو عبد الله ع عن المجوس أ كان لهم نبي فقال نعم أ ما بلغك كتاب رسول الله إلى أهل مكة أن أسلموا و إلا نابذتكم بحرب فكتبوا إلى النبي ص أن خذ منا الجزية و دعنا على عبادة الأوثان فكتب إليهم النبي ص أني لست آخذ الجزية إلا من أهل الكتاب فكتبوا إليه يريدون بذلك تكذيبه زعمت أنك لا تأخذ الجزية إلا من أهل الكتاب ثم أخذت الجزية من مجوس هجر فكتب إليهم النبي ص أن المجوس كان لهم نبي فقتلوه و كتاب أحرقوه أتاهم نبيهم بكتابهم في اثني عشر ألف جلد ثور
29- يه، ]من لا يحضر الفقيه[ المجوس تؤخذ منهم الجزية لأن النبي ص قال سنوا بهم سنة أهل الكتاب و كان لهم نبي فقتلوه و كتاب يقال له جاماست كان يقع في اثني عشر ألف جلد ثور فحرقوه
30- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال إن قوما فيما مضى قالوا لنبي لهم ادع لنا ربك يرفع عنا الموت فدعا لهم فرفع الله عنهم الموت فكثروا حتى ضاقت عليهم المنازل و كثر النسل و يصبح الرجل يطعم أباه و جده و أمه و جد جده و يوضئهم و يتعاهدهم فشغلوا عن طلب المعاش فقالوا سل لنا ربك أن يردنا إلى حالنا التي كنا عليها فسأل نبيهم ربه فردهم إلى حالهم
31- كا، ]الكافي[ الحسين بن محمد رفعه عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه قال قلت لأبي عبد الله ع إني لأكره الصلاة في مساجدهم فقال لا تكره فما من مسجد بني إلا على قبر نبي أو وصي نبي قتل فأصاب تلك البقعة رشه من دمه فأحب الله أن يذكر فيها فأد فيها الفريضة و النوافل و اقض فيها ما فاتك
32- كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم عن اليقطيني عن يونس عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله ع قال إن الله لم يعذب أمة فيما مضى إلا يوم الأربعاء وسط الشهر
33- كا، ]الكافي[ العدة عن أحمد بن محمد عن ابن أبي نجران عن المفضل عن جابر عن أبي جعفر ع قال صلى في مسجد الخيف سبعمائة نبي و إن ما بين الركن و المقام لمشحون من قبور الأنبياء و إن آدم لفي حرم الله عز و جل
34- كا، ]الكافي[ العدة عن سهل عن محمد بن الوليد عن شباب الصيرفي عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ع قال دفن ما بين الركن اليماني و الحجر الأسود سبعون نبيا أماتهم الله جوعا و ضرا
35- كا، ]الكافي[ العدة عن سهل عن محمد بن عبد الحميد عن يحيى بن عمرو عن ابن سنان عن أبي عبد الله ع قال أوحى الله إلى بعض أنبيائه الخلق الحسن يميث الخطيئة كما تميث الشمس الجليد
36- كا، ]الكافي[ العدة عن البرقي عن ابن محبوب عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله ع قال إن الله عز و جل أوحى إلى نبي من أنبيائه في مملكة جبار من الجبارين أن ائت هذا الجبار فقل له إني لم أستعملك على سفك الدماء و اتخاذ الأموال و إنما استعملتك لتكف عني أصوات المظلومين فإني لم أدع ظلامتهم و إن كانوا كفارا
-37 نهج، ]نهج البلاغة[ الحمد لله الذي لبس العز و الكبرياء و اختارهما لنفسه دون خلقه و جعلهما حمى و حرما على غيره و اصطفاهما لجلاله و جعل اللعنة على من نازعه فيهما من عباده ثم اختبر بذلك ملائكته المقربين ليميز المتواضعين منهم من المستكبرين فقال سبحانه و هو العالم بمضمرات القلوب و محجوبات الغيوب إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ اعترضه الحمية فافتخر على آدم بخلقه و تعصب عليه لأصله فعدو الله إمام المتعصبين و سلف المستكبرين الذي وضع أساس العصبية و نازع الله رداء الجبرية و ادرع لباس التعزز و خلع قناع التذلل أ لا ترون كيف صغره الله بتكبره و وضعه بترفعه فجعله في الدنيا مدحورا و أعد له في الآخرة سعيرا و لو أراد الله سبحانه أن يخلق آدم من نور يخطف الأبصار ضياؤه و يبهر العقول رواؤه و طيب يأخذ الأنفاس عرفه لفعل و لو فعل لظلت له الأعناق خاضعة و لخفت البلوى فيه على الملائكة و لكن الله سبحانه يبتلي خلقه ببعض ما يجهلون أصله تمييزا بالاختبار لهم و نفيا للاستكبار عنهم و إبعادا للخيلاء منهم فاعتبروا بما كان من فعل الله بإبليس إذ أحبط عمله الطويل و جهده الجهيد و كان قد عبد الله ستة آلاف سنة لا يدرى أ من سني الدنيا أو من سني الآخرة عن كبر ساعة واحدة فمن ذا بعد إبليس يسلم على الله سبحانه بمثل معصيته كلا ما كان الله سبحانه ليدخل الجنة بشرا بأمر أخرج به منها ملكا إن حكمه في أهل السماء و أهل الأرض لواحد و ما بين الله و بين أحد من خلقه هوادة في إباحة حمى حرمه على العالمين فاحذروا عباد الله أن يعديكم بدائه و أن يستفزكم بخيله و رجله فلعمري لقد فوق لكم سهم الوعيد و أغرق لكم بالنزع الشديد و رماكم من مكان قريب و قال رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ قذفا بغيب بعيد و رجما بظن مصيب فصدقه به أبناء الحمية و إخوان العصبية و فرسان الكبر و الجاهلية حتى إذا انقادت له الجامحة منكم و استحكمت الطماعية منه فيكم فنجمت الحال من السر الخفي إلى الأمر الجلي استفحل سلطانه عليكم و دلف بجنوده نحوكم فأقحموكم ولجات الذل و أحلوكم ورطات القتل و أوطئوكم إثخان الجراحة طعنا في عيونكم و حزا في حلوقكم و دقا لمناخركم و قصدا لمقاتلكم و سوقا بخزائم القهر إلى النار المعدة لكم فأصبح أعظم في دينكم جرحا و أورى في دنياكم قدحا من الذين أصبحتم لهم مناصبين و عليهم متألبين فاجعلوا عليه حدكم و له جدكم فلعمر الله لقد فخر على أصلكم و وقع في حسبكم و دفع في نسبكم و أجلب بخيله عليكم و قصد برجله سبيلكم يقتنصونكم بكل مكان و يضربون منكم كل بنان لا تمتنعون بحيلة و لا تدفعون بعزيمة في حومة ذل و حلقة ضيق و عرصة موت و جولة بلاء فأطفئوا ما كمن في قلوبكم من نيران العصبية
و أحقاد الجاهلية فإنما تلك الحمية تكون في المسلم من خطرات الشيطان و نخواته و نزغاته و نفثاته و اعتمدوا وضع التذلل على رءوسكم و إلقاء التعزز تحت أقدامكم و خلع التكبر من أعناقكم و اتخذوا التواضع مسلحة بينكم و بين عدوكم إبليس و جنوده فإن له من كل أمة جنودا و أعوانا و رجلا و فرسانا و لا تكونوا كالمتكبر على ابن أمه من غير ما فضل جعله الله فيه سوى ما ألحقت العظمة بنفسه من عداوة الحسد و قدحت الحمية في قلبه من نار الغضب و نفخ الشيطان في أنفه من ريح الكبر الذي أعقبه الله به الندامة و ألزمه آثام القاتلين إلى يوم القيامة ألا و قد أمعنتم في البغي و أفسدتم في الأرض مصارحة لله بالمناصبة و مبارزة للمؤمنين بالمحاربة فالله الله في كبر الحمية و فخر الجاهلية فإنه ملاقح الشنآن و منافخ الشيطان اللاتي خدع بها الأمم الماضية و القرون الخالية حتى أعنقوا في حنادس جهالته و مهاوي ضلالته ذللا على سياقه سلسا في قياده أمرا تشابهت القلوب فيه و تتابعت القرون عليه و كبرا تضايقت الصدور به ألا فالحذر الحذر من طاعة ساداتكم و كبرائكم الذين تكبروا عن حسبهم و ترفعوا فوق نسبهم و ألقوا الهجينة على ربهم و جاحدوا الله على ما صنع بهم مكابرة لقضائه و مغالبا لآلائه فإنهم قواعد أساس العصبية و دعائهم أركان الفتنة و سيوف اعتزاء الجاهلية فاتقوا الله و لا تكونوا لنعمه عليكم أضدادا و لا لفضله عندكم حسادا و لا تطيعوا الأدعياء الذين شربتم بصفوكم كدرهم و خلطتم بصحتكم مرضهم و أدخلتم في حقكم باطلهم و هم أساس الفسوق و أحلاس العقوق اتخذهم إبليس مطايا ضلال و جندا بهم يصول على الناس و تراجمة ينطق على ألسنتهم استراقا لعقولكم و دخولا في عيونكم نفثا في أسماعكم فجعلكم مرمى نبله و موطأ قدمه و مأخذ يده فاعتبروا بما أصاب الأمم المستكبرين من قبلكم من بأس الله و صولاته و وقائعه و مثلاته و اتعظوا بمثاوي خدودهم و مصارع جنوبهم و استعيذوا بالله من لواقح الكبر كما تستعيذونه من طوارق الدهر فلو رخص الله في الكبر لأحد من عباده لرخص فيه لخاصة أنبيائه و رسله و لكنه سبحانه كره إليهم التكابر و رضي لهم التواضع فألصقوا بالأرض خدودهم و عفروا في التراب وجوههم و خفضوا أجنحتهم للمؤمنين و كانوا أقواما مستضعفين قد اختبرهم الله بالمخمصة و ابتلاهم بالمجهدة و امتحنهم بالمخاوف و مخضهم بالمكاره فلا تعتبروا الرضا و السخط بالمال و الولد جهلا بمواقع الفتنة و الاختبار في مواضع الغنى و الإقتار فقد قال سبحانه و تعالى أَ يَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَ بَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ فإن الله سبحانه يختبر عباده المستكبرين في أنفسهم بأوليائه المستضعفين في أعينهم و لقد دخل موسى بن عمران و معه أخوه هارون ع على فرعون و عليهما مدارع الصوف و بأيديهما العصي فشرطا له إن أسلم بقاء ملكه و دوام عزه فقال أ لا تعجبون من هذين يشرطان لي دوام العز و بقاء الملك
و هما بما ترون من حال الفقر و الذل فهلا ألقي عليهما أساورة من ذهب إعظاما للذهب و جمعه و احتقارا للصوف و لبسه و لو أراد الله سبحانه بأنبيائه حيث بعثهم أن يفتح لهم كنوز الذهبان و معادن العقيان و مغارس الجنان و أن يحشر معهم طير السماء و وحوش الأرض لفعل و لو فعل لسقط البلاء و بطل الجزاء و اضمحل الأنباء و لما وجب للمقابلين أجور المبتلين و لا استحق المؤمنون ثواب المحسنين و لا لزمت الأسماء معانيها و لكن الله سبحانه جعل رسله أولي قوة في عزائمهم و ضعفة فيما ترى الأعين من حالاتهم مع قناعة تملأ القلوب و العيون غنى و خصاصة تملأ الأبصار و الأسماع أذى و لو كانت الأنبياء ع أهل قوة لا ترام و عزة لا تضام و ملك تمتد نحوه أعناق الرجال و تشد إليه عقد الرحال لكان ذلك أهون على الخلق في الاعتبار و أبعد لهم في الاستكبار و لآمنوا عن رهبة قاهرة لهم أو رغبة مائلة بهم فكانت النيات مشتركة و الحسنات مقتسمة و لكن الله سبحانه أراد أن يكون الاتباع لرسله و التصديق بكتبه و الخشوع لوجهه و الاستكانة لأمره و الاستسلام لطاعته أمورا له خاصة لا يشوبها من غيرها شائبة و كلما كانت البلوى و الاختبار أعظم كانت المثوبة و الجزاء أجزل أ لا ترون أن الله سبحانه اختبر الأولين من لدن آدم ع إلى الآخرين من هذا العالم بأحجار لا تضر و لا تنفع و لا تبصر و لا تسمع فجعلها بيته الحرام الذي جعله الله للناس قياما ثم وضعه بأوعر بقاع الأرض حجرا و أقل نتائق الدنيا مدرا و أضيق بطون الأودية قطرا بين جبال خشنة و رمال دمثة و عيون وشلة و قرى منقطعة لا يزكو بها خف و لا حافر و لا ظلف ثم أمر سبحانه آدم ع و ولده أن يثنوا أعطافهم نحوه فصار مثابة لمنتجع أسفارهم و غاية لملقى رحالهم تهوي إليه ثمار الأفئدة من مفاوز قفار سحيقة و مهاوي فجاع عميقة و جزائر بحار منقطعة حتى يهزوا مناكبهم ذللا يهلون لله حوله و يرملون على أقدامهم شعثا غبرا له قد نبذوا السرابيل وراء ظهورهم و شوهوا بإعفاء الشعور محاسن خلقهم ابتلاء عظيما و امتحانا شديدا و اختبارا مبينا و تمحيصا بليغا جعله الله تعالى سببا لرحمته و وصلة إلى جنته و لو أراد سبحانه أن يضع بيته الحرام و مشاعره العظام بين جنات و أنهار و سهل و قرار جم الأشجار داني الثمار ملتف البنى متصل القرى بين برة سمراء و روضة خضراء و أرياف محدقة و عراص مغدقة و زروع ناضرة و طرق عامرة لكان قد صغر قدر الجزاء على حسب ضعف البلاء و لو كانت الأساس المحمول عليها و الأحجار المرفوع بها بين زمردة خضراء و ياقوتة حمراء و نور و ضياء لخفف ذلك مضارعة الشك في الصدور و لوضع مجاهدة إبليس عن القلوب و لنفى معتلج الريب من الناس و لكن الله سبحانه يختبر
عباده بأنواع الشدائد و يتعبدهم بألوان المجاهد و يبتليهم بضروب المكاره إخراجا للتكبر من قلوبهم و إسكانا للتذلل في نفوسهم و ليجعل ذلك أبوابا فتحا إلى فضله و أسبابا ذللا لعفوه فالله الله في عاجل البغي و آجل وخامة الظلم و سوء عاقبة الكبر فإنها مصيدة إبليس العظمى و مكيدته الكبرى التي تساور قلوب الرجال مساورة السموم القاتلة فما تكدي أبدا و لا تشوي أحدا لا عالما لعلمه و لا مقلا في طمره و عن ذلك ما حرس الله عباده المؤمنين بالصلوات و الزكوات و مجاهدة الصيام في الأيام المفروضات تسكينا لأطرافهم و تخشيعا لأبصارهم و تذليلا لنفوسهم و تخفيضا لقلوبهم و إذهابا للخيلاء عنهم لما في ذلك من تعفير عتاق الوجوه بالتراب تواضعا و التصاق كرائم الجوارح بالأرض تصاغرا و لحوق البطون بالمتون من الصيام تذللا مع ما في الزكاة من صرف ثمرات الأرض و غير ذلك إلى أهل المسكنة و الفقر انظروا إلى ما في هذه الأفعال من قمع نواجم الفخر و قدع طوالع الكبر و لقد نظرت فما وجدت أحدا من العالمين يتعصب لشيء من الأشياء إلا عن علة تحتمل تمويه الجهلاء أو حجة تليط بعقول السفهاء غيركم فإنكم تتعصبون لأمر ما يعرف له سبب و لا علة أما إبليس فتعصب على آدم ع لأصله و طعن عليه في خلقته فقال أنا ناري و أنت طيني و أما الأغنياء من مترفة الأمم فتعصبوا لآثار مواقع النعم فقالوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا وَ أَوْلاداً وَ ما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ فإن كان لا بد من العصبية فليكن تعصبكم لمكارم الخصال و محامد الأفعال و محاسن الأمور التي تفاضلت فيها المجداء و النجداء من بيوتات العرب و يعاسيب القبائل بالأخلاق الرغيبة و الأحلام العظيمة و الأخطار الجليلة و الآثار المحمودة فتعصبوا لخلال الحمد من الحفظ للجوار و الوفاء بالذمام و الطاعة للبر و المعصية للكبر و الأخذ بالفضل و الكف عن البغي و الإعظام للقتل و الإنصاف للخلق و الكظم للغيظ و اجتناب الفساد في الأرض و احذروا ما نزل بالأمم قبلكم من المثلات بسوء الأفعال و ذميم الأعمال فتذكروا في الخير و الشر أحوالهم و احذروا أن تكونوا أمثالهم فإذا تفكرتم في تفاوت حاليهم فألزموا كل أمر لزمت العزة به شأنهم و زاحت الأعداء له عنهم و مدت العافية فيه عليهم و انقادت النعمة له معهم و وصلت الكرامة عليه حلبهم من الاجتناب للفرقة و اللزوم للألفة و التحاض عليها و التواصي بها و اجتنبوا كل أمر كسر فقرتهم و أوهن منتهم من تضاغن القلوب و تشاحن الصدور و تدابر النفوس و تخاذل الأيدي و تدبروا أحوال الماضين من المؤمنين قبلكم كيف كانوا في حال التمحيص و البلاء أ لم يكونوا أثقل الخلائق أعباء و أجهد العباد بلاء و أضيق أهل الدنيا حالا اتخذتهم الفراعنة عبيدا فساموهم سوء العذاب و جرعوهم المرار فلم تبرح الحال بهم في ذل الهلكة و قهر الغلبة لا يجدون حيلة في امتناع و لا سبيلا إلى دفاع حتى إذ رأى الله جد الصبر منهم على الأذى في محبته و الاحتمال للمكروه من خوفه جعل لهم من مضايق البلاء فرجا فأبدلهم العز مكان الذل و الأمن مكان الخوف فصاروا ملوكا حكاما و أئمة أعلاما و بلغت الكرامة من الله لهم ما لم تذهب الآمال إليه بهم فانظروا كيف كانوا حيث كانت الأملاء مجتمعة و الأهواء متفقه و القلوب معتدلة و الأيدي مترادفة و السيوف متناصرة و البصائر نافذة و العزائم واحدة أ لم يكونوا أربابا في أقطار الأرضين و ملوكا على رقاب العالمين فانظروا إلى ما صاروا إليه في آخر أمورهم حين وقعت الفرقة و تشتت الألفة و اختلفت الكلمة و الأفئدة و تشعبوا مختلفين و تفرقوا متحازبين قد خلع الله عنهم لباس كرامته و سلبهم غضارة نعمته و بقي قصص أخبارهم فيكم عبرا للمعتبرين منكم فاعتبروا بحال ولد إسماعيل و بني إسحاق و بني إسرائيل ع فما أشد اعتدال الأحوال و أقرب اشتباه الأمثال تأملوا أمرهم في حال تشتتهم و تفرقهم ليالي كانت الأكاسرة و القياصرة أربابا لهم يحتازونهم عن ريف الآفاق و بحر العراق و خضرة الدنيا إلى منابت الشيح و مهافي الريح و نكد المعاش فتركوهم عالة مساكين إخوان دبر و وبر أذل الأمم دارا و أجدبهم قرارا لا يأوون إلى جناح دعوة يعتصمون بها و لا إلى ظل ألفة يعتمدون على عزها فالأحوال مضطربة و الأيدي مختلفة و الكثرة متفرقة في بلاء أزل و أطباق جهل من بنات موءودة و أصنام معبودة و أرحام مقطوعة و غارات مشنونة فانظروا إلى مواقع نعم الله عليهم حين بعث إليهم رسولا فعقد بملته طاعتهم
و جمع على دعوته ألفتهم كيف نشرت النعمة عليهم جناح كرامتها و أسالت لهم جداول نعيمها و التفت الملة بهم في عوائد بركتها فأصبحوا في نعمتها غرقين و عن خضرة عيشها فكهين قد تربعت الأمور بهم في ظل سلطان قاهر و آوتهم الحال إلى كنف عز غالب و تعطفت الأمور عليهم في ذرى ملك ثابت فهم حكام على العالمين و ملوك في أطراف الأرضين يملكون الأمور على من كان يملكها عليهم و يمضون الأحكام فيمن كان يمضيها فيهم لا تغمز لهم قناة و لا تقرع لهم صفاة ألا و إنكم قد نفضتم أيديكم من حبل الطاعة و ثلمتم حصن الله المضروب عليكم بأحكام الجاهلية و إن الله سبحانه قد امتن على جماعة هذه الأمة فيما عقد بينهم من حبل هذه الألفة التي ينتقلون في ظلها و يأوون إلى كنفها بنعمة لا يعرف أحد من المخلوقين لها قيمة لأنها أرجح من كل ثمن و أجل من كل خطر و اعلموا أنكم صرتم بعد الهجرة أعرابا و بعد الموالاة أحزابا ما تتعلقون من الإسلام إلا باسمه و لا تعرفون من الإيمان إلا رسمه تقولون النار و لا العار كأنكم تريدون أن تكفئوا الإسلام على وجهه انتهاكا لحريمه و نقضا لميثاقه الذي وضعه الله لكم حرما في أرضه و أمنا بين خلقه و إنكم إن لجأتم إلى غيره حاربكم أهل الكفر ثم لا جبرئيل و لا ميكائيل و لا مهاجرون و لا أنصار ينصرونكم إلا المقارعة بالسيف حتى يحكم الله بينكم و إن عندكم الأمثال من بأس الله و قوارعه و أيامه و وقائعه فلا تستبطئوا وعيده جهلا بأخذه و تهاونا ببطشه و يأسا من بأسه فإن الله سبحانه لم يلعن القرن الماضي بين أيديكم إلا لتركهم الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فلعن السفهاء لركوب المعاصي و الحلماء لترك التناهي ألا و قد قطعتم قيد الإسلام و عطلتم حدوده و أمتم أحكامه ألا و قد أمرني الله بقتال أهل البغي و النكث و الفساد في الأرض فأما الناكثون فقد قاتلت و أما القاسطون فقد جاهدت و أما المارقة فقد دوخت و أما شيطان الردهة فقد كفيته بصعقة سمعت لها و جبة قلبه و رجة صدره و بقيت بقية من أهل البغي و لئن أذن الله تعالى في الكرة عليهم لأديلن منهم إلا ما يتشذر في أطراف البلاد تشذرا أنا وضعت في الصغر بكلاكل العرب و كسرت نواجم قرون ربيعة و مضر و قد علمتم موضعي من رسول الله ص بالقرابة القريبة و المنزلة الخصيصة وضعني في حجره و أنا وليد يضمني إلى صدره و يكنفني في فراشه و يمسني جسده و يشمني عرفه و كان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه و ما وجد لي كذبة في قول و لا خطلة في فعل و لقد قرن الله سبحانه به من لدن أن كان فطيما أعظم ملك من ملائكته يسلك به طريق المكارم و محاسن أخلاق العالم ليله و نهاره و لقد كنت أتبعه اتباع الفصيل أثر أمه يرفع لي في كل يوم علما من أخلاقه و يأمرني بالاقتداء به و لقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه و لا يراه غيري و لم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول
الله ص و خديجة رضي الله عنها و أنا ثالثهما أرى نور الوحي و الرسالة و أشم ريح النبوة و لقد سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحي عليه ص فقلت يا رسول الله ما هذه الرنة فقال هذا الشيطان قد أيس من عبادته إنك تسمع ما أسمع و ترى ما أرى إلا أنك لست بنبي و لكنك وزير و إنك لعلى خير و لقد كنت معه ص لما أتاه الملأ من قريش فقالوا له يا محمد إنك قد ادعيت عظيما لم يدعه آباؤك و لا أحد من بيتك و نحن نسألك أمرا إن أجبتنا إليه و أريتناه علمنا أنك نبي و رسول و إن لم تفعل علمنا أنك ساحر كذاب فقال ص لهم و ما تسألون قالوا تدعو لنا هذه الشجرة حتى تنقلع بعروقها و تقف بين يديك فقال ص إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فإن فعل الله ذلك لكم أ تؤمنون و تشهدون بالحق قالوا نعم قال فإني سأريكم ما تطلبون و إني لأعلم أنكم لا تفيئون إلى خير و أن فيكم من يطرح في القليب و من يحزب الأحزاب ثم قال يا أيتها الشجرة إن كنت تؤمنين بالله و اليوم الآخر و تعلمين إني رسول الله فانقلعي بعروقك حتى تقفي بين يدي بإذن الله فو الذي بعثه بالحق لانقلعت بعروقها و جاءت و لها دوي شديد و قصف كقصف أجنحة الطير حتى وقفت بين يدي رسول الله ص مرفرفة و ألقت بغصنها الأعلى على رسول الله ص و ببعض أغصانها على منكبي و كنت عن يمينه ص فلما نظر القوم إلى ذلك قالوا علوا و استكبارا فمرها فليأتك نصفها و يبقى نصفها فأمرها بذلك فأقبل إليه نصفها كأعجب إقبال و أشده دويا فكادت تلتف برسول الله ص فقالوا كفرا و عتوا فمر هذا النصف فليرجع إلى نصفه كما كان فأمره ص فرجع فقلت أنا لا إله إلا الله إني أول مؤمن بك يا رسول الله و أول من أقر بأن الشجر فعلت ما فعلت بأمر الله تبارك و تعالى تصديقا لنبوتك و إجلالا لكلمتك فقال القوم كلهم بل ساحر كذاب عجيب السحر خفيف فيه و هل يصدقك في أمرك إلا مثل هذا يعنونني و إني لمن قوم لا تأخذهم في الله لومة لائم سيماهم سيماء الصديقين و كلامهم كلام الأبرار عمار الليل و منار النهار متمسكون بحبل القرآن يحيون سنن الله و سنن رسوله ص لا يستكبرون و لا يعلون و لا يغلون و لا يفسدون قلوبهم في الجنان و أجسادهم في العمل
بيان بهره غلبه و الرواء بضم الراء و الهمز و المد المنظر الحسن و العرف بالفتح الريح الطيبة قوله ع لا يدرى أي لا يدريه أكثر الناس. قوله ع بأمر الباء للاستصحاب قوله ع ملكا أي في الظاهر لكونه في السماء و مخلوطا بهم. و قال الجزري الهوادة الرخصة و السكون و المحاباة و قال هذا شيء حمى أي محظور لا يقرب و أعداه الداء أي أصابه مثل ما بصاحب الداء و الاستفزاز الإزعاج و الاستنهاض على خفة و إسراع و الرجل اسم جمع لراجل. قوله ع لقد فوق أي وضع فوق سهمه على الوتر و أغرق أي استوفى مد القوس و بالغ في نزعها ليكون مرماه أبعد و وقع سهامه أشد. قوله من مكان قريب لقربه بهم و جريانه منهم مجرى الدم قوله ع بظن مصيب في بعض النسخ غير مصيب و وجه بوجوه. الأول أنه قال ما قال لا على وجه العلم بل على سبيل التوهم و المصيب الحق هو العلم دون التوهم أو الظن و إن اتفق وقوعهما. الثاني أن قوله لَأُغْوِيَنَّهُمْ بمعنى الشرك أو الكفر و الذين استثناهم المعصومون من المعاصي و لا ريب في كون هذا ظن غير مصيب. الثالث أنه ع إنما قال ذلك لأن غوايتهم كان منهم اختبارا و تصديق أبناء الحمية له يعود إلى وقوع الغواية منهم على وفق ظنه فكان ظنه في نسبتها إليه خطأ و بعبارة أخرى لما ظن أنه قادر على إجبارهم على المعاصي و سلب اختيارهم حكم ع بخطائه و لعل هذا أصوب. قوله ع الجامحة أي النفوس الجامحة من جمح الفرس إذا اعتز راكبه و غلبه و كل ما طلع و ظهر فقد نجم و استفحل أي قوي و اشتد و دلف أي تقدم و قحم في الأمر رمى بنفسه فيه من غير روية. و الولجة بالتحريك موضع أو كهف يستتر فيه المارة من مطر و غيره و الورطات المهالك. قوله ع إثخان الجراحة أي جعلكم واطئين لإثخانها و هو كثرتها كما قيل فهو مفعول ثان للإيطاء و يحتمل أن يكون مفعولا أولا و هو أظهر. و الحز القطع و الخزائم جمع خزامة و هي حلقة من شعر تجعل في وترة أنف البعير فيشد فيها الزمام و ورى الزند أي خرجت ناره و القدح إخراجها من الزند و تألبوا تجمعوا. قوله ع يقتنصونكم أي يتصيدونكم و الحومة معظم الماء و الحرب و غيرهما و موضع الجار و المجرور نصب على الحال أي يقتنصونكم في حومة ذل و الجولة الموضع الذي تجول فيه و النزغ الإفساد و في النهاية المسلحة القوم الذين يحفظون الثغر من العدو لأنهم يكونون ذوي سلاح أو لأنهم يسكنون المسلحة و هي كالثغر و المرقب يرقبون العدو لئلا يطرقهم على غفلة انتهى. و كلمة ما في قوله ع من غير ما فضل زائدة للتأكيد و أمعن في الطلب أي جد و أبعد و المصارحة المكاشفة و المناصبة المعاداة و أعنق أسرع و ليلة ظلماء حندس أي شديدة الظلمة و المهواة الوهدة يتردى الصيد فيها و ذللا بضمتين جمع ذلول و سلسا كذلك جمع سلس و هما بمعنى سهل الانقياد.
قوله ع أمرا أي اعتمدوا أمرا قوله ع تضايقت الصدور به كناية عن كثرته قوله ع تكبروا عن حسبهم قيل أي جهلوا أصلهم أنه الطين المنتن فتكبروا. قوله ع و ألقوا الهجينة أي نسبوا ما في الإنسان من القبائح إلى ربهم أو نسبوا الخطاء إليه تعالى فيما اختار لهم من خليفة الحق. قوله ع مكابرة لقضائه أي لحكمه عليهم بمتابعة أئمة الحق أو لما أوجب عليهم من شكر النعمة و الآلاء الأنبياء و الأوصياء ع. و اعتزاء الجاهلية نداؤهم يا لفلان فيسمون قبيلتهم فيدعونهم إلى المقاتلة و إثارة الفتنة قوله لنعمه عليكم أضدادا لعل المعنى أن تلك الخصال توجب زوال النعم عنكم فكأنكم أضداد و حساد لنعم الله عليكم. قوله ع شربتم بصفوكم أي شربتم كدرهم مستبدلين ذلك بصفوكم أو متلبسين بصفوكم و الأحلاس جمع حلس بالكسر و هو كساء رقيق يكون على ظهر البعير ملازما له فقيل لكل ملازم أمر هو حلس ذلك الأمر ذكره الجزري. و النفث النفخ استعير هنا لوساوس الشيطان و في بعض النسخ نثا من نث الحديث إذا أفشاه و مصارع جنوبهم مساقطها و لواقح الكبر ما يوجب حصوله. و خفض الجناح كناية عن لين الجانب و حسن الخلق و الشفقة و المخمصة الجوع و المجهدة المشقة و محصهم بالمهملتين أي خلصهم و طهرهم و بالمعجمتين أي حركهم و زلزلهم و الذهبان بالضم و الكسر جمع الذهب و العقيان بالكسر الذهب الخالص و البلاء الامتحان و الإنباء الإخبار بالوعد و الوعيد. قوله ع و لا لزمت الأسماء معانيها أي كانت تنفك الأسماء عن المعاني فتصدق الأسماء بدون مسمياتها كالمؤمن و المسلم و الزاهد و غيرها و الخصاصة الفقر و ضامه حقه انتقصه و الضيم الظلم. قوله ع تمتد نحوه أي يؤمله المؤملون و يرجوه الراجون فإن كل من أمل شيئا يطمح إليه بصره و يسافر برغبته إليه فكني عن ذلك بمد العنق و شد عقد الرحال. قوله ع فكانت النيات مشتركة أي بين الله و بين ما يأملون من الشهوات غير خالصة له تعالى و حسناتهم مقتسمة بينه تعالى و بين تلك الشهوات أو المعنى أنهم لو كانوا كذلك لآمن بهم جل الخلق للرغبة و الرهبة فلم يتميز المؤمن و المنافق و المخلص و المرائي و جبل وعر أي غليظ حزن. قوله ع و أقل نتائق الدنيا قال ابن أبي الحديد أصل هذه اللفظة من قولهم امرأة نتاق أي كثيرة الحبل و الولادة يقال ضيعة منتاق أي كثيرة الريع فجعل ع الضياع ذوات المدر التي يثار للحرث نتائق و قال إن مكة أقلها صلاحا للزرع لأن أرضها حجرية و القطر الجانب. قوله ع دمثة أي سهلة و كلما كان الرمل أسهل كان أبعد من أن ينبت و من أن يزكو به الدواب لأنها تتعب في المشي به قوله وشلة أي قليلة الماء قوله أعطافهم عطفا الرجل جانباه أي يميلوا جوانبهم معرضين عن كل شيء متوجهين نحوه و المثابة المرجع و النجعة في الأصل طلب الكلاء ثم سمي كل من قصد أمرا يروم النفع فيه منتجعا و ثمرة الفؤاد هي سويداء القلب و السحيق البعيد و الفج الطريق بين الجبلين و هز المناكب كناية عن السفر إليه مشتاقين و قوله يهلون أي يرفعون
أصواتهم بالتلبية و الرمل سعي فوق المشي و السرابيل جمع السربال و هو القميص أي خلعوا المخيط. قوله ملتف البنى أي مشتبك العمارة و البرة الواحدة من البر و هو الحنطة و الأرياف جمع ريف و هو كل أرض فيها زرع و نخل و قيل هو ما قارب الماء من الأرض و المحدقة المطيفة و الغدق الماء الكثير و النضارة الحسن و مضارعة الشك مقاربته و في بعض النسخ بالصاد المهملة و الاعتلاج الاضطراب. قوله ع فتحا بضمتين أي مفتوحة و قوله ذللا أي سهلة و وخامة العاقبة رداءتها. قوله ع فإنها قيل الضمير يعود إلى مجموع البغي و الظلم و الكبر و قيل إلى الأخير باعتبار جعله مصيدة و هي بسكون الصاد و فتح الياء آلة يصطاد بها و المساورة المواثبة قوله ع ما تكدي أي لا ترد عن تأثيرها و يقال رمى فأشوى إذا لم يصب المقتل. قوله ع ما حرس الله ما زائدة قوله ع عتاق الوجوه إما من العتق بمعنى الحرية أو بمعنى الكرم و العتيق الكريم من كل شيء و الخيار من كل شيء و النواجم جمع ناجمة و هو ما يطلع و يظهر من الكبر و القدع الكف و المنع و يقال لاط حبه بقلبي يليط إذا لصق و مواقع النعم الأموال و الأولاد و آثارها هي الترفه و الغناء و التلذذ بها و يحتمل أن يكون الموقع مصدرا و المجداء جمع ماجد و المجد الشرف في الآباء و الحسب و الكرم يكونان في الرجل و إن لم يكونا في آبائه و النجداء الشجعان واحدهم نجيد و بيوتات العرب قبائلها و اليعسوب السيد و الرئيس و المقدم و الرغيبة المرغوبة قوله ع لخلال الحمد أي الخصال المحمودة. قوله ع و مدت العافية على البناء للمفعول و هو ظاهر أو على البناء للفاعل من قولهم مد الماء إذا جرى و سال قوله ع و وصلت استعار الوصل لاجتماعهم عن كرامة الله لهم حال كونهم على ذلك الأمر و رشح بذكر الحبل و التحاض تفاعل من الحض و هو الحث و التحريص و تواصى القوم أي أوصى بعضهم بعضا و الفقرة واحدة فقر الظهر و يقال لمن أصابته مصيبة شديدة قد كسرت فقرته و المنة بالضم القوة و الأعباء الأثقال. قوله ع فساموهم أي ألزموهم و المرار بالضم شجر مر و استعير شرب الماء المر لكل من يلقى شدة. قوله ع و بلغت الكرامة قوله بهم متعلق بقوله بلغت و قوله لهم بالكرامة و قوله إليه بقوله لم تذهب و الأملاء جمع الملأ أي الجماعات و الأشراف و الترافد التعاون. قوله ع متحازبين أي مختلفين أحزابا و غضارة النعمة طيبها و لذتها قوله ع فما أشد اعتدال الأحوال أي ما أشبه الأشياء بعضها ببعض و إن حالكم لشبيهة بحال أولئك. قوله ع يحتازونهم أي يبعدونهم و بحر العراق دجلة و الفرات أما الأكاسرة فطردوهم عن بحر العراق و القياصرة عن الشام و ما فيه من المراعي و المنتجع و الشيح نبت معروف و منابت الشيح أرض العرب و مهافي الريح المواضع التي تهفو فيها الريح أي تهب و هي الفيافي و الصحاري و نكد المعاش ضيقه و قلته و العالة جمع عائل و هو الفقير و الدبر بالتحريك الجرح الذي يكون في ظهر البعير و الجدب قلة الزرع و الشجر و الأزل الضيق و الشدة. قوله و إطباق جهل بكسر الهمزة أي جهل عام مطبق عليهم أو بفتحها أي
جهل متراكم بعضه فوق بعض و وأد البنات قتلهن و شن الغارة عليهم تفريقها عليهم من جميع جهاتهم قوله ع و التفت الملة أي كانوا متفرقين فالتفت ملة محمد ص بهم فجمعتهم يقال التف الحبل بالحطب أي جمعه و التف الحطب بالحبل أي اجتمع به و قوله في عوائد حال أي جمعتهم الملة كائنة في عوائد بركتها. قوله ع فكهين أي أشرين مرحين فكاهة صادرة عن خضرة عيش النعمة قوله ع قد تربعت أي أقامت و يقال تعطف الدهر على فلان أي أقبل حظه و سعادته بعد أن لم يكن كذلك و الذرى الأعالي. قوله ع لا يغمز يقال غمزه بيده أي نخسه و القناة الرمح و يكنى عن العزيز الذي لا يضام فيقال لا يغمز له قناة أي هو صلب و القناة إذا لم تلن في يد الغامز كانت أبعد عن الحطم و الكسر. و قوله لا تفرع لهم صفاة مثل يضرب لمن لا يطمع في جانبه لعزته و قوته و الصفاة الصخرة و الحجر الأملس. و قوله بأحكام متعلق بثلمتم و قوله بنعمة متعلق بقوله امتن قوله النار و لا العار أي ادخلوا النار و لا تلتزموا العار. و قال الجوهري كفأت الإناء قلبته و زعم ابن الأعرابي أن أكفأته لغة و كفأت القوم كفاء إذا أرادوا وجها فصرفتهم عنه إلى غيره قوله إلى غيره الضمير عائد إلى الإسلام أو إلى الله قوله فلا تستبطئوا أي فلا تستبعدوا قوله لترك التناهي يقال تناهوا عن المنكر أي نهى بعضهم بعضا و دوخه أي ذلله و شيطان الردهة هو ذو الثدية فقد روي أنه رماه الله يوم النهر بصاعقة و الردهة نقرة في الجبل يجتمع فيها الماء و إنما سمي بذلك لأنه وجد بعد موته في حفرة و قيل هو أحد الأبالسة و الوجبة اضطراب القلب و الرجة الحركة و الزلزلة و أدلت من فلان أي قهرته و غلبته و التشذر التبدد و التفرق و الكلاكل الصدور الواحدة كلكل أي أنا أذللتهم و صرعتهم إلى الأرض و النواجم جمع ناجمة و هي ما علا قدره و طار صيته و الخطل خفة و سرعة و يقال للأحمق العجل خطل قوله لا تفيئون أي لا ترجعون. قوله ع في القليب أي قليب بدر و الدوي صوت ليس بالعالي و قصف الطير اشتد صوته و رفرف الطائر بجناحيه إذا بسطهما عند السقوط على شيء يحوم عليه ليقع فوقه و العتو التكبر و التجبر. قوله خفيف فيه أي سريع قوله ع و لا يغلون كل من خان خفية في شيء فقد غل. أقول إنما أوردت هذه الخطبة الشريفة بطولها لاشتمالها على جمل قصص الأنبياء ع و علل أحوالهم و أطوارهم و بعثتهم و التنبيه على فائدة الرجوع إلى قصصهم و النظر في أحوالهم و أحوال أممهم و غير ذلك من الفوائد التي لا تحصى و لا تخفى على من تأمل فيها صلوات الله على الخطيب بها
38- كا، ]الكافي[ بعض أصحابنا عن علي بن العباس عن الحسن بن عبد الرحمن عن أبي الحسن ع قال إن الأحلام لم تكن فيما مضى في أول الخلق و إنما حدثت فقلت و ما العلة في ذلك فقال إن الله عز ذكره بعث رسولا إلى أهل زمانه فدعاهم إلى عبادة الله و طاعته فقالوا إن فعلنا ذلك فما لنا فو الله ما أنت بأكثرنا مالا و لا بأعزنا عشيرة فقال إن أطعتموني أدخلكم الله الجنة و إن عصيتموني أدخلكم الله النار فقالوا و ما الجنة و النار فوصف لهم ذلك فقالوا متى نصير إلى ذلك فقال إذا متم فقالوا لقد رأينا أمواتنا صاروا عظاما و رفاتا فازدادوا له تكذيبا و به استخفافا فأحدث الله عز و جل فيهم الأحلام فأتوه فأخبروه بما رأوا و ما أنكروا من ذلك فقال إن الله عز ذكره أراد أن يحتج عليكم بهذا هكذا تكون أرواحكم إذا متم و إن بليت أبدانكم تصير الأرواح إلى عقاب حتى تبعث الأبدان
39- دعوات الراوندي، روي أن الله أوحى إلى نبي من الأنبياء في الزمن الأول أن لرجل في أمته دعوات مستجابة فأخبر به ذلك الرجل فانصرف من عنده إلى بيته فأخبر زوجته بذلك فألحت عليه أن يجعل دعوة لها فرضي فقال سل الله أن يجعلني أجمل نساء الزمان فدعا الرجل فصارت كذلك ثم إنها لما رأت رغبة الملوك و الشبان المتنعمين فيها متوفرة زهدت في زوجها الشيخ الفقير و جعلت تغالظه و تخاشنه و هو يداريها و لا يكاد يطيقها فدعا الله أن يجعلها كلبة فصارت كذلك ثم أجمع أولادها يقولون يا أبة إن الناس يعيرونا أن أمنا كلبة نائحة و جعلوا يبكون و يسألونه أن يدعو الله أن يجعلها كما كانت فدعا الله تعالى فصيرها مثل التي كانت في الحالة الأولى فذهبت الدعوات الثلاث ضياعا