الآيات مريم وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا وَ رَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا الأنبياء وَ إِسْماعِيلَ وَ إِدْرِيسَ وَ ذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ وَ أَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ. تفسير قال الطبرسي رحمه الله وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ أي القرآن إِدْرِيسَ هو جد أب نوح ع و اسمه في التوراة أخنوخ و قيل إنه سمي إدريس لكثرة درسه الكتب و هو أول من خط بالقلم و كان خياطا و أول من خاط الثياب و قيل إن الله سبحانه علمه النجوم و الحساب و علم الهيئة و كان ذلك معجزة له إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً أي كثير التصديق في أمور الدين و قيل صادقا مبالغا في الصدق فيما يخبر عن الله تعالى نَبِيًّا أي عليا رفيع الشأن برسالات الله تعالى وَ رَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا أي عاليا رفيعا و قيل إنه رفع إلى السماء السادسة عن ابن عباس و الضحاك و قال مجاهد رفع إدريس كما رفع عيسى و هو حي لم يمت و قال آخرون إنه قبض روحه بين السماء الرابعة و الخامسة و روي ذلك عن أبي جعفر ع و قيل إن معناه و رفعناه محله و مرتبته بالرسالة و لم يرد رفعة المكان
1- ع، ]علل الشرائع[ بالإسناد إلى وهب أن إدريس ع كان رجلا ضخم البطن عريض الصدر قليلا شعر الجسد كثيرا شعر الرأس و كانت إحدى أذنيه أعظم من الأخرى و كان دقيق الصدر دقيق المنطق قريب الخطاء إذا مشى و إنما سمي إدريس لكثرة ما كان يدرس من حكم الله عز و جل و سنن الإسلام و هو بين أظهر قومه ثم إنه فكر في عظمة الله و جلاله فقال إن لهذه السماوات و لهذه الأرضين و لهذا الخلق العظيم و الشمس و القمر و النجوم و السحاب و المطر و هذه الأشياء التي تكون لربا يدبرها و يصلحها بقدرته فكيف لي بهذا الرب فأعبده حق عبادته فجلا بطائفة من قومه فجعل يعظهم و يذكرهم و يخوفهم و يدعوهم إلى عبادة خالق هذه الأشياء فلا يزال يجيبه واحد بعد واحد حتى صاروا سبعة ثم سبعين إلى أن صاروا سبعمائة ثم بلغوا ألفا فلما بلغوا ألفا قال لهم تعالوا نختر من خيارنا مائة رجل فاختاروا من خيارهم مائة رجل و اختاروا من المائة سبعين رجلا ثم اختاروا من السبعين عشرة ثم اختاروا من العشرة سبعة ثم قال لهم تعالوا فليدع هؤلاء السبعة و ليؤمن بقيتنا فلعل هذا الرب جل جلاله يدلنا على عبادته فوضعوا أيديهم على الأرض و دعوا طويلا فلم يتبين لهم شيء ثم رفعوا أيديهم إلى السماء فأوحى الله عز و جل إلى إدريس ع و نبأه و دله على عبادته و من آمن معه فلم يزالوا يعبدون الله عز و جل لا يشركون به شيئا حتى رفع الله عز و جل إدريس إلى السماء و انقرض من تابعه على دينه إلا قليلا ثم إنهم اختلفوا بعد ذلك و أحدثوا الأحداث و أبدعوا البدع حتى كان زمان نوح ع
2- ك، ]إكمال الدين[ أبي و ابن الوليد و ابن المتوكل جميعا عن سعد و الحميري و محمد العطار عن ابن عيسى و ابن هاشم جميعا عن ابن محبوب عن إبراهيم بن أبي البلاد عن أبيه عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر ع قال كان بدء نبوة إدريس ع أنه كان في زمانه ملك جبار و أنه ركب ذات يوم في بعض نزهه فمر بأرض خضرة نضرة لعبد مؤمن من الرافضة فأعجبته فسأل وزراءه لمن هذه الأرض قالوا لعبد من عبيد الملك فلان الرافضي فدعا به فقال له أمتعني بأرضك هذه فقال له عيالي أحوج إليها منك قال فسمني بها أثمن لك قال لا أمتعك و لا أسومك دع عنك ذكرها فغضب الملك عند ذلك و أسف و انصرف إلى أهله و هو مغموم مفكر في أمره و كانت له امرأة من الأزارقة و كان بها معجبا يشاورها في الأمر إذا نزل به فلما استقر في مجلسه بعث إليها ليشاورها في أمر صاحب الأرض فخرجت إليه فرأت في وجهه الغضب فقالت له أيها الملك ما الذي دهاك حتى بدا الغضب في وجهك قبل فعلك فأخبرها بخبر الأرض و ما كان من قوله لصاحبها و من قول صاحبها له فقالت أيها الملك إنما يغتم و يأسف من لا يقدر على التغيير و الانتقام و إن كنت تكره أن تقتله بغير حجة فأنا أكفيك أمره و أصير أرضه بيدك بحجة لك فيها العذر عند أهل مملكتك قال و ما هي قالت أبعث إليه أقواما من أصحابي أزارقة حتى يأتوك به فيشهدوا عليه عندك أنه قد برئ من دينك فيجوز لك قتله و أخذ أرضه قال فافعلي ذلك قال فكان لها أصحاب من الأزارقة على دينها يرون قتل الرافضة من المؤمنين فبعثت إلى قوم منهم فأتوهم فأمرتهم أن يشهدوا على فلان الرافضي عند الملك أنه قد برئ من دين الملك فشهدوا عليه أنه قد برئ من دين الملك فقتله و استخلص أرضه فغضب الله للمؤمن عند ذلك فأوحى الله إلى إدريس ع أن ائت عبدي هذا الجبار فقل له أ ما رضيت أن قتلت عبدي المؤمن ظلما حتى استخلصت أرضه خالصة لك فأحوجت عياله من بعده و أجعتهم أما و عزتي لأنتقمن له منك في الآجل و لأسلبنك ملكك في العاجل و لأخربن مدينتك و لأذلن عزك و لأطعمن الكلاب لحم امرأتك فقد غرك يا مبتلى حلمي عنك فأتاه إدريس ع برسالة ربه و هو في مجلسه و حوله أصحابه فقال أيها الجبار إني رسول الله إليكم و هو يقول لك أ ما رضيت إن قتلت عبدي المؤمن ظلما حتى استخلصت أرضه خالصة لك و أحوجت عياله من بعده و أجعتهم أما و عزتي لأنتقمن له منك في الآجل و لأسلبنك ملكك في العاجل و لأخربن مدينتك و لأذلن عزك و لأطعمن
الكلاب لحم امرأتك فقال الجبار اخرج عني يا إدريس فلن تسبقني بنفسك ثم أرسل إلى امرأته فأخبرها بما جاء به إدريس فقالت لا يهولنك رسالة إله إدريس أنا أرسل إليه من يقتله فتبطل رسالة إلهه و كل ما جاءك به قال فافعلي و كان لإدريس أصحاب من الرافضة مؤمنون يجتمعون إليه في مجلس له فيأنسون به و يأنس بهم فأخبرهم إدريس بما كان من وحي الله عز و جل إليه و رسالته إلى الجبار و ما كان من تبليغ رسالة الله إلى الجبار فأشفقوا على إدريس و أصحابه و خافوا عليه القتل و بعثت امرأة الجبار إلى إدريس أربعين رجلا من الأزارقة ليقتلوه فأتوه في مجلسه الذي كان يجتمع إليه فيه أصحابه فلم يجدوه فانصرفوا و قد رآهم أصحاب إدريس فحسوا أنهم أتوا إدريس ليقتلوه فتفرقوا في طلبه فلقوا فقالوا له خذ حذرك يا إدريس فإن الجبار قاتلك قد بعث اليوم أربعين رجلا من الأزارقة ليقتلوك فاخرج من هذه القرية فتنحى إدريس عن القرية من يومه ذلك و معه نفر من أصحابه فلما كان في السحر ناجى إدريس ربه فقال يا رب بعثتني إلى جبار فبلغت رسالتك و قد توعدني هذا الجبار بالقتل بل هو قاتلي إن ظفر بي فأوحى الله إليه أن تنح عنه و اخرج من قريته و خلني و إياه فو عزتي لأنفذن فيه أمري و لأصدقن قولك فيه و ما أرسلتك به إليه فقال إدريس يا رب إن لي حاجة قال الله سلها تعطها قال أسألك أن لا تمطر السماء على أهل هذه القرية و ما حولها و ما حوت عليه حتى أسألك ذلك قال الله عز و جل يا إدريس إذا تخرب القرية و يشتد جهد أهلها و يجوعون فقال إدريس و إن خربت و جهدوا و جاعوا قال الله فإني قد أعطيتك ما سألت و لن أمطر السماء عليهم حتى تسألني ذلك و أنا أحق من وفى بعهده فأخبر إدريس أصحابه بما سأل الله عز و جل من حبس المطر عنهم و بما أوحى الله إليه و وعده أن لا يمطر السماء عليهم حتى أسأله ذلك فأخرجوا أيها المؤمنون من هذه القرية إلى غيرها من القرى فخرجوا منها و عدتهم يومئذ عشرون رجلا فتفرقوا في القرى و شاع خبر إدريس في القرى بما سأل الله تعالى و تنحى إدريس إلى كهف في الجبل شاهق فلجأ إليه و وكل الله عز و جل به ملكا يأتيه بطعامه عند كل مساء و كان يصوم النهار فيأتيه الملك بطعامه عند كل مساء و سلب الله عز و جل عند ذلك ملك
الجبار و قتله و أخرب مدينته و أطعم الكلاب لحم امرأته غضبا للمؤمن و ظهر في المدينة جبار آخر عاص فمكثوا بذلك بعد خروج إدريس من القرية عشرين سنة لم تمطر السماء قطرة من مائها عليهم فجهد القوم و اشتدت حالهم و صاروا يمتارون الأطعمة من القرى من بعد فلما جهدوا مشى بعضهم إلى بعض فقالوا إن الذي نزل بنا مما ترون بسؤال إدريس ربه أن لا يمطر السماء علينا حتى يسأله هو و قد خفي إدريس عنا و لا علم لنا بموضعه و الله أرحم بنا منه فأجمع أمرهم على أن يتوبوا إلى الله و يدعوه و يفزعوا إليه و يسألوه أن يمطر السماء عليهم و على ما حوت قريتهم فقاموا على الرماد و لبسوا المسوح و حثوا على رءوسهم التراب و رجعوا إلى الله عز و جل بالتوبة و الاستغفار و البكاء و التضرع إليه و أوحى الله عز و جل إليه يا إدريس أهل قريتك قد عجوا إلي بالتوبة و الاستغفار و البكاء و التضرع و أنا الله الرحمن الرحيم أقبل التوبة و أعفو عن السيئة و قد رحمتهم و لم يمنعني إجابتهم إلى ما سألوني من المطر إلا مناظرتك فيما سألتني أن لا أمطر السماء عليهم حتى تسألني فاسألني يا إدريس حتى أغيثهم و أمطر السماء عليهم قال إدريس اللهم إني لا أسألك ذلك قال الله عز و جل أ لم تسألني يا إدريس فسلني قال إدريس اللهم إني لا أسألك فأوحى الله عز و جل إلى الملك الذي أمره أن يأتي إدريس بطعامه كل مساء أن احبس عن إدريس طعامه و لا تأته به فلما أمسى إدريس في ليلة ذلك اليوم فلم يؤت بطعامه حزن و جاع فصبر فلما كان في اليوم الثاني فلم يؤت بطعامه اشتد حزنه و جوعه فلما كانت الليلة من اليوم الثالث فلم يؤت بطعامه اشتد جهده و جوعه و حزنه و قل صبره فنادى ربه يا رب حبست عني رزقي من قبل أن تقبض روحي فأوحى الله عز و جل إليه يا إدريس جزعت أن حبست عنك طعامك ثلاثة أيام و لياليها و لم تجزع و لم تنكر جوع أهل قريتك و جهدهم منذ عشرين سنة ثم سألتك عن جهدهم و رحمتي إياهم أن تسألني أن أمطر السماء عليهم فلم تسألني و بخلت عليهم بمسألتك إياي فأذقتك الجوع فقل عند ذلك صبرك و ظهر جزعك فاهبط من موضعك فاطلب المعاش لنفسك فقد وكلتك في طلبه إلى حيلك فهبط إدريس من موضعه إلى غيره يطلب أكله من جوع فلما دخل القرية نظر إلى دخان في بعض منازلها فأقبل نحوه فهجم على عجوز كبيرة و هي ترقق قرصتين لها على مقلاة فقال لها أيتها المرأة أطعميني فإني مجهود من الجوع فقالت له يا عبد الله ما تركت لنا دعوة إدريس فضلا نطعمه أحدا و حلفت أنها ما تملك شيئا غيره فاطلب المعاش من غير أهل هذه القرية قال لها أطعميني ما أمسك به روحي و تحملني به رجلي إلى أن أطلب قالت إنهما قرصتان واحدة لي و الأخرى لابني فإن أطعمتك قوتي مت و إن أطعمتك قوت ابني مات و ما هنا فضل أطعمكاه فقال لها إن ابنك صغير يجزيه نصف قرصه فيحيا بها و يجزيني النصف الآخر فأحيا به و في ذلك بلغة لي و له فأكلت المرأة قرصها و كسرت القرص الآخر بين إدريس و بين ابنها فلما رأى ابنها إدريس يأكل من قرصه اضطرب حتى مات قالت أمه يا عبد الله قتلت علي ابني جزعا على قوته قال إدريس فأنا أحييه بإذن الله تعالى فلا تجزعي ثم أخذ إدريس بعضدي الصبي ثم قال أيتها الروح الخارجة من بدن هذا الغلام بإذن الله ارجعي إلى بدنه بإذن الله و أنا إدريس النبي فرجعت روح الغلام إليه بإذن الله فلما سمعت المرأة كلام إدريس و قوله أنا إدريس و نظرت إلى ابنها قد عاش بعد الموت قالت أشهد أنك إدريس النبي و خرجت تنادي بأعلى صوتها في القرية أبشروا بالفرج فقد دخل إدريس قريتكم و مضى إدريس حتى جلس على موضع مدينة الجبار الأول و هي على تل فاجتمع إليه أناس من أهل قريته فقالوا له يا إدريس أ ما رحمتنا في هذه العشرين سنة التي جهدنا فيها و مسنا الجوع و الجهد فيها فادع الله لنا أن يمطر السماء علينا قال لا حتى يأتيني جباركم هذا و جميع أهل قريتكم مشاة حفاة فيسألوني ذلك فبلغ الجبار قوله فبعث إليه أربعين رجلا يأتوه بإدريس فأتوه فقالوا له إن الجبار بعث إليك
لتذهب إليه فدعا عليهم فماتوا فبلغ الجبار ذلك فبعث إليه خمسمائة رجل ليأتوه به فقالوا له يا إدريس إن الجبار بعثنا إليك لنذهب بك إليه فقال لهم إدريس انظروا إلى مصارع أصحابكم فقالوا له يا إدريس قتلتنا بالجوع منذ عشرين سنة ثم تريد أن تدعو علينا بالموت أ ما لك رحمة فقال ما أنا بذاهب إليه و لا أنا بسائل الله أن يمطر السماء عليكم حتى يأتيني جباركم ماشيا حافيا و أهل قريتكم فانطلقوا إلى الجبار فأخبروه بقول إدريس و اسألوه أن يمضي معهم و جميع أهل قريتهم إلى إدريس حفاة مشاة فأتوه حتى وقفوا بين يديه خاضعين له طالبين إليه أن يسأل الله لهم أن يمطر السماء عليهم فقال لهم إدريس أما الآن فنعم فسأل الله تعالى إدريس عند ذلك أن يمطر السماء عليهم و على قريتهم و نواحيها فأظلتهم سحابة من السماء و أرعدت و أبرقت و هطلت عليهم من ساعتهم حتى ظنوا أنها الغرق فما رجعوا إلى منازلهم حتى أهمتهم أنفسهم من الماء
ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بإسناده إلى الصدوق مثله بيان فسمني أي بعني أثمن لك أعطيك الثمن قبل فعلك أي إتيانك بما غضبت له فلن تسبقني بنفسك هو تهديد بالقتل أي لا يمكنك الفرار بنفسك و التقدم بحيث لا يمكنني اللحوق بك لإهلاكها أو لا تغلبني في أمر نفسك بأن تتخلصها مني و يحتمل أن يكون المراد لا تغلبني متفردا بنفسك من غير معاون فلم تتعرض لي حتى أهمتهم أنفسهم أي خوف أنفسهم أوقعهم في الهموم أو لم يهتمهم إلا هم أنفسهم و طلب خلاصها. ثم اعلم أن الظاهر أن أمره تعالى إدريس ع بالدعاء لهم لم يكن على سبيل الحتم و الوجوب بل على الندب و الاستحباب و كان غرضه ع في التأخير و في طلب القوم أن يأتوه متذللين تنبيههم و زجرهم عن الطغيان و الفساد و لئلا يخالفوا ربهم بعد دخوله بينهم و أن أولياء الله يغضبون لربهم أكثر من سخطه تعالى لنفسه لسعة رحمته و عظم حلمه تعالى شأنه
-3 فس أبي عن ابن أبي عمير عمن حدثه عن أبي عبد الله ع قال إن الله تبارك و تعالى غضب على ملك من الملائكة فقطع جناحه و ألقاه في جزيرة من جزائر البحر فبقي ما شاء الله في ذلك البحر فلما بعث الله إدريس ع جاء ذلك الملك إليه فقال يا نبي الله ادع الله أن يرضى عني و يرد على جناحي قال نعم فدعا إدريس ربه فرد الله عليه جناحه و رضي عنه قال الملك لإدريس أ لك إلي حاجة قال نعم أحب أن ترفعني إلى السماء حتى أنظر إلى ملك الموت فإنه لا تعيش لي مع ذكره فأخذه الملك إلى جناحه حتى انتهى به إلى السماء الرابعة فإذا ملك الموت جالس يحرك رأسه تعجبا فسلم إدريس على ملك الموت و قال له ما لك تحرك رأسك قال إن رب العزة أمرني أن أقبض روحك بين السماء الرابعة و الخامسة فقلت رب كيف يكون هذا و غلظ السماء الرابعة مسيرة خمسمائة عام و من السماء الرابعة إلى السماء الثالثة مسيرة خمسمائة عام و من السماء الثالثة إلى الثانية مسيرة خمسمائة عام و كل سماء و ما بينهما كذلك فكيف يكون هذا ثم قبض روحه بين السماء الرابعة و الخامسة و هو قوله وَ رَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا قال و سمي إدريس لكثرة دراسة الكتب
4- مع، ]معاني الأخبار[ معنى إدريس أنه كان يكثر الدرس بحكم الله عز و جل و سنن الإسلام
5- ل، ]الخصال[ مع، ]معاني الأخبار[ في خبر أبي ذر قال رسول الله ص أنزل الله على إدريس ثلاثين صحيفة
6- ج، ]الإحتجاج[ فيما احتج به أمير المؤمنين ع على يهودي الشام أن إدريس ع رفعه الله مَكاناً عَلِيًّا و أطعم من تحف الجنة بعد وفاته
7- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن أبيه عن محمد العطار عن ابن أبان عن ابن أورمة عن محمد بن عثمان عن أبي جميلة عن جابر الجعفي عن أبي جعفر ع قال قال رسول الله ص إن ملكا من الملائكة كانت له منزلة فأهبطه الله من السماء إلى الأرض فأتى إدريس النبي ع فقال له اشفع لي عند ربك فصلى ثلاث ليال لا يفتر و صام أيامها لا يفطر ثم طلب إلى الله في السحر للملك فأذن له في الصعود إلى السماء فقال له الملك أحب أن أكافيك فاطلب إلي حاجة فقال تريني ملك الموت لعلي آنس به فإنه ليس يهنؤني مع ذكره شيء فبسط جناحيه ثم قال اركب فصعد به فطلب ملك الموت في سماء الدنيا فقيل إنه قد صعد فاستقبله بين السماء الرابعة و الخامسة فقال الملك لملك الموت ما لي أراك قاطبا قال أ تعجب أني كنت تحت ظل العرش حتى أمرت أن أقبض روح إدريس بين السماء الرابعة و الخامسة فسمع إدريس ذلك فانتفض من جناح الملك و قبض ملك الموت روحه مكانه و ذلك قوله تعالى وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا وَ رَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا
8- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بهذا الإسناد عن ابن أورمة عن عبد الله بن المغيرة عن محمد بن مروان عن أبي صالح عن ابن عباس قال كان إدريس النبي ع يسيح النهار و يصومه و يبيت حيث ما جنه الليل و يأتيه رزقه حيث ما أفطر و كان يصعد له من العمل الصالح مثل ما يصعد لأهل الأرض كلهم فسأل ملك الموت ربه في زيارة إدريس ع و أن يسلم عليه فأذن له فنزل و أتاه فقال إني أريد أن أصحبك فأكون معك فصحبه و كانا يسيحان النهار و يصومانه فإذا جنهما الليل أتي إدريس فطره فيأكل و يدعو ملك الموت إليه فيقول لا حاجة لي فيه ثم يقومان يصليان و إدريس يصلي و يفتر و ينام و ملك الموت يصلي و لا ينام و لا يفتر فمكثا بذلك أياما ثم إنهما مرا بقطيع غنم و كرم قد أينع فقال ملك الموت هل لك أن تأخذ من ذلك حملا أو من هذا عناقيد فنفطر عليه فقال سبحان الله أدعوك إلى مالي فتأبى فكيف تدعوني إلى مال الغير ثم قال إدريس ع قد صحبتني و أحسنت فيما بيني و بينك من أنت قال أنا ملك الموت قال إدريس لي إليك حاجة فقال و ما هي قال تصعد بي إلى السماء فاستأذن ملك الموت ربه في ذلك فأذن له فحمله على جناحه فصعد به إلى السماء ثم قال له إدريس ع إن لي إليك حاجة أخرى قال و ما هي قال بلغني من الموت شدة فأحب أن تذيقني منه طرفا فانظر هو كما بلغني فاستأذن ربه له فأذن فأخذ بنفسه ساعة ثم خلى عنه فقال له كيف رأيت قال بلغني عنه شدة و إنه لأشد مما بلغني و لي إليك حاجة أخرى تريني النار فاستأذن ملك الموت صاحب النار ففتح له فلما رآها إدريس ع سقط مغشيا عليه ثم قال لي إليك حاجة أخرى تريني الجنة فاستأذن ملك الموت خازن الجنة فدخلها فلما نظر إليها قال يا ملك الموت ما كنت لأخرج منها إن الله تعالى يقول كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ و قد ذقته و يقول وَ إِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها و قد وردتها و يقول في الجنة وَ ما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها
بيان الخبران السابقان أقوى و أصح سندا كما لا يخفى فالمعول عليهما و هذا أوفق بروايات العامة
9- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق بإسناده إلى وهب بن المنبه قال إن إدريس كان رجلا طويلا ضخم البطن عظيم الصدر قليل الصوت رقيق المنطق قريب الخطى إذا مشى و ساق الحديث إلى آخر ما مر في صدر الباب ثم قال و أنزل الله على إدريس ع ثلاثين صحيفة و هو أول من خط بالقلم و أول من خاط الثياب و لبسها و كان من كان قبله يلبسون الجلود و كان كلما خاط سبح الله و هلله و كبره و وحده و مجده و كان يصعد إلى السماء من عمله في كل يوم مثل أعمال أهل زمانه كلهم قال و كانت الملائكة في زمان إدريس ع يصافحون الناس و يسلمون عليهم و يكلمونهم و يجالسونهم و ذلك لصلاح الزمان و أهله فلم يزل الناس على ذلك حتى كان زمن نوح ع و قومه ثم انقطع ذلك و كان من أمره مع ملك الموت ما كان حتى دخل الجنة فقال له ربه إن إدريس إنما حاجك فحجك بوحيي و أنا الذي هيأت له تعجيل دخول الجنة فإنه كان ينصب نفسه و جسده يتعبهما لي فكان حقا علي أن أعوضه من ذلك الراحة و الطمأنينة و أن أبوئه بتواضعه لي و بصالح عبادتي من الجنة مقعدا و مكانا عليا
10- ص، ]قصص الأنبياء عليهم السلام[ بالإسناد إلى الصدوق عن الصائغ عن ابن زكريا القطان عن ابن حبيب عن ابن بهلول عن أبيه عن ابن مهران عن الصادق ع قال إذا دخلت الكوفة فأت مسجد السهلة فصل فيه و اسأل الله حاجتك لدينك و دنياك فإن مسجد السهلة بيت إدريس النبي ع الذي كان يخيط فيه و يصلي فيه و من دعا الله فيه بما أحب قضى له حوائجه و رفعه يوم القيامة مكانا عليا إلى درجة إدريس ع و أجير من مكروه الدنيا و مكايد أعدائه
أقول قد أوردنا مثله بأسانيد في باب مسجد السهلة و قال المسعودي أخنوخ هو إدريس النبي ع و الصابئة تزعم أنه هرمس و معنى هرمس عطارد و هو الذي أخبر الله في كتابه أنه رفعه مَكاناً عَلِيًّا و كان عالما بالنجوم و كانت حياته في الأرض ثلاثمائة سنة و قيل أكثر من ذلك و هو أول من طرز الطرز و خاط بالإبرة و أنزل عليه ثلاثون صحيفة و كان نزل قبل ذلك على آدم إحدى و عشرون صحيفة و نزل على شيث تسع و عشرون صحيفة فيها تهليل و تسبيح. و قال الطبرسي رحمه الله و الرازي إنه جد أبي نوح ع و اسمه أخنوخ و هو أول من خاط الثياب و لبسها و كانوا يلبسون الجلود. و قال ابن الأثير في الكامل قام أنوش بن شيث بعد موت أبيه بسياسة الملك و تدبير من تحت يديه من رعيته مقام أبيه لا يوقف منه على تغيير و لا تبديل و كان جميع عمر أنوش سبعمائة و خمس سنين و كان مولده بعد أن مضى من عمر أبيه شيث ستمائة و خمس سنين هذا قول أهل التوراة و قال ابن عباس ولد شيث أنوش و معه نفرا كثيرا و إليه أوصى شيث ثم ولد لأنوش ابنه قينان بعد مضي تسعين سنة من عمر أنوش و ولد معه نفرا كثيرا و إليه الوصية و ولد قينان مهلائيل و ولدا كثيرا معه و إليه الوصية و ولد مهلائيل يرد و قيل يارد و نفرا معه و إليه الوصية فولد يرد أخنوخ و هو إدريس النبي ع و نفرا معه و إليه الوصية. ثم قال و الحكماء اليونانيون يسمونه هرمس الحكيم فعاش يرد بعد مولد إدريس ثمانمائة سنة و ولد له بنون و بنات فكان عمره تسعمائة سنة و اثنتين و ستين سنة و توفي آدم ع بعد أن مضى من عمر إدريس ثلاثمائة سنة و ثمان و ستون قال و في التوراة أن الله رفع إدريس بعد ثلاثمائة سنة و خمس و ستين سنة من عمره و بعد أن مضى من عمر أبيه خمسمائة سنة و سبع و عشرون سنة فعاش أبوه بعد ارتفاعه أربعمائة و خمساو ثلاثين سنة تمام تسعمائة و اثنتين و ستين سنة. ثم قال ولد لأخنوخ متوشلخ فعاش بعد ما ولد متوشلخ ثلاثمائة سنة ثم رفع و استخلفه أخنوخ على أمر ولده فعاش تسعمائة و تسع عشرة سنة ثم مات و أوصى إلى ابنه لمك و هو أبو نوح ع. و قال السيد بن طاوس في كتاب سعد السعود وجدت في صحف إدريس ع فكأنك بالموت قد نزل فاشتد أنينك و عرق جبينك و تقلصت شفتاك و انكسر لسانك و يبس ريقك و علا سواد عينيك بياض و أزبد فوك و اهتز جميع بدنك و عالجت غصة الموت و سكرته و مرارته و زعقته و نوديت فلم تسمع ثم خرجت نفسك و صرت جيفة بين أهلك إن فيك لعبرة لغيرك فاعتبر في معاني الموت إن الذي نزل نازل بك لا محالة و كل عمر و إن طال فعن قليل يفنى لأن كل ما هو آت قريب لوقت معلوم فاعتبر بالموت يا من يموت و اعلم أيها الإنسان أن أشد الموت ما قبله و الموت أهون مما بعده من شدة أهوال يوم القيامة ثم ذكر من أحوال الصيحة و الفناء و يوم القيامة و مواقف الحساب و الجزاء ما يعجز عن سماعه قوة الأقوياء
-11 أقول ثم نقل السيد عن الصحف ما يخاطب الله نبينا ص يوم القيامة و سيأتي في باب البشائر من كتاب أحواله ص ثم قال رحمه الله وجدت في كتاب مفرد في وقف المشهد المسمى بالطاهر بالكوفة عليه مكتوب سنن إدريس ع و هو بخط عيسى نقله من السرياني إلى العربي عن إبراهيم بن هلال الصابئ الكاتب و كان فيه اعلموا و استيقنوا أن تقوى الله هي الحكمة الكبرى و النعمة العظمى و السبب الداعي إلى الخير و الفاتح لأبواب الخير و الفهم و العقل لأن الله لما أحب عباده وهب لهم العقل و اختص أنبياءه و أولياءه بروح القدس فكشفوا لهم عن سرائر الديانة و حقائق الحكمة لينتهوا عن الضلال و يتبعوا الرشاد ليتقرر في نفوسهم أن الله أعظم من أن تحيط به الأفكار أو تدركه الأبصار أو تحصله الأوهام أو تحده الأحوال و أنه المحيط بكل شيء و المدبر له كما شاء لا يتعقب أفعاله و لا تدرك غاياته و لا يقع عليه تحديد و لا تحصيل و لا مشار و لا اعتبار و لا فطن و لا تفسير و لا تنتهي استطاعة المخلوقين إلى معرفة ذاته و لا علم كنهه و في موضع آخر من الكتاب المذكور ادعوا الله في أكثر أوقاتكم متعاضدين متألهين في دعائكم فإنه إن يعلم منكم التظافر و التوازر يجب دعاءكم و يقض حاجاتكم و يبلغكم آمالكم و يفض عطاياه عليكم من خزائنه التي لا تفنى و في موضع آخر إذا دخلتم في الصيام فطهروا نفوسكم من كل دنس و نجس و صوموا لله بقلوب خالصة صافية منزهة عن الأفكار السيئة و الهواجس المنكرة فإن الله سيحبس القلوب اللطخة و النيات المدخولة و مع صيام أفواهكم من المآكل فلتصم جوارحكم من المآثم فإن الله لا يرضى منكم أن تصوموا من المطاعم فقط لكن من المناكير كلها و الفواحش بأسرها و إذا دخلتم في الصلاة فاصرفوا لها خواطركم و أفكاركم و ادعوا الله دعاء طاهرا متفرغا و سلوه مصالحكم و منافعكم بخضوع و خشوع و طاعة و استكانة و إذا بركتم و سجدتم فأبعدوا عن نفوسكم أفكار الدنيا و هواجس السوء و أفعال الشر و اعتقاد المكر و مآكل السحت و العدوان و الأحقاد و اطرحوا بينكم ذلك كله و قال في موضع آخر أدوا فرائض صلوات كل يوم و هي ثلاث الغداة و عددها ثمان سور و كل سورتين ثلاث سجدات بثلاث تسبيحات و عند انتصاف النهار خمس سور و عند غروب الشمس خمس سور بسجودهن هذه المكتوبة عليكم و من زاد عليها متنفلا فله على الله المزيد في الثواب
12- كا، ]الكافي[ العدة عن أحمد بن محمد عن أحمد بن أبي داود عن عبد الله بن أبان عن أبي عبد الله ع قال مسجد السهلة موضع بيت إدريس النبي ع الذي كان يخيط فيه
13- كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن عمرو بن عثمان عن حسين بن بكر عن عبد الرحمن بن سعيد عنه ع مثله