الآيات البقرة إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتابِ وَ يَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ لا يُزَكِّيهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى وَ الْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ و قال تعالى زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا وَ يَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ آل عمران إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَ أَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَ لا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ لا يُزَكِّيهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ و قال تعالى وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَ اخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ وَ أَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللَّهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ و قال تعالى سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ النساء مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها المائدة قالَ اللَّهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ الأنعام وَ يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ وَ ضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ و قال تعالى وَ لَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَ لا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَ نَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ وَ قالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا وَ ما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ وَ لَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ قالَ أَ لَيْسَ هذا بِالْحَقِّ قالُوا بَلى وَ رَبِّنا قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها وَ هُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ و قال تعالى وَ يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَ قالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وَ بَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ وَ كَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ أَ لَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي وَ يُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا وَ غَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَ شَهِدُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ الأعراف وَ لَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ هُدىً وَ رَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ ضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ
يونس لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَ زِيادَةٌ وَ لا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَ لا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ وَ الَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ وَ يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَ شُرَكاؤُكُمْ فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ وَ قالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَ بَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ وَ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَ ضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ و قال تعالى وَ لَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ ما فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ وَ أَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ وَ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ أَلا إِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أَلا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ و قال سبحانه أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ الرعد لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى وَ الَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَ مِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ وَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمِهادُ النحل وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ مِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ و قال تعالى ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُخْزِيهِمْ وَ يَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَ السُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ الكهف وَ يَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً وَ رَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها وَ لَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً مريم فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً وَ نَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً طه وَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَ قَدْ كُنْتُ بَصِيراً قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَ كَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى الأنبياء إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَ هُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَ تَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ الفرقان وَ يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَ ما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَ أَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ قالُوا سُبْحانَكَ ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ وَ لكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَ آباءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ وَ كانُوا قَوْماً بُوراً فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَ لا نَصْراً وَ مَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً و قال تعالى وَ قالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَ عَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَ يَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً وَ قَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَ أَحْسَنُ مَقِيلًا وَ يَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ وَ نُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلًا الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ وَ كانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً وَ يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جاءَنِي وَ كانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولًا وَ قالَ الرَّسُولُ يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً الشعراء وَ لا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَ لا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ وَ أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ وَ بُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ وَ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ أَوْ يَنْتَصِرُونَ فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَ الْغاوُونَ وَ جُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ قالُوا وَ هُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ وَ ما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَ ما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ وَ إِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ
النمل مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ القصص أَ فَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْناهُ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ وَ يَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ وَ قِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَ رَأَوُا الْعَذابَ لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ وَ يَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ الروم وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ وَ كانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ وَ أَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ لِقاءِ الْآخِرَةِ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ التنزيل وَ لَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا أَبْصَرْنا وَ سَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ سبأ وَ لَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَ نَحْنُ صَدَدْناكُمْ عَنِ الْهُدى بَعْدَ إِذْ جاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ وَ قالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَ النَّهارِ إِذْ تَأْمُرُونَنا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَ نَجْعَلَ لَهُ أَنْداداً وَ أَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ وَ جَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ و قال سبحانه وَ يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَ هؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَ لا ضَرًّا وَ نَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ و قال تعالى وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ وَ قالُوا آمَنَّا بِهِ وَ أَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ وَ قَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَ يَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ وَ حِيلَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ ما يَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ يس وَ امْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَ أَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ وَ لَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً أَ فَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ الصافات احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ أَزْواجَهُمْ وَ ما كانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ وَ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ قالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ وَ ما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ إِنَّا كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَ يَقُولُونَ أَ إِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَ صَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ وَ ما تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ الزمر قُلْ إِنِّي أَخافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ و قال سبحانه وَ لَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَ مِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ بَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ وَ بَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَ حاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ و قال تعالى وَ اتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَ أَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَ اسْتَكْبَرْتَ وَ كُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَ لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ وَ يُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ
و قال تعالى وَ سِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها وَ قالَ لَهُمْ خَزَنَتُها أَ لَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَ يُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا بَلى وَ لكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ وَ سِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها وَ فُتِحَتْ أَبْوابُها وَ قالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ وَ قالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ وَ تَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَ قِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ المؤمن إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنا وَ الَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ الدَّارِ السجدة أَ فَمَنْ يُلْقى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ و قال سبحانه وَ يَوْمَ يُنادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكائِي قالُوا آذَنَّاكَ ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ وَ ضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ وَ ظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ حمعسق وَ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ تَرَى الظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا وَ هُوَ واقِعٌ بِهِمْ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ و قال تعالى وَ تَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ وَ تَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَ قالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ أَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ وَ ما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَ ما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ الزخرف وَ مَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ وَ إِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ وَ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ و قال جل ثناؤه الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَ لا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ الجاثية وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ وَ تَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ وَ أَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَ فَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَ كُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ وَ إِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَ السَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَ ما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ وَ بَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَ حاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ وَ قِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا وَ مَأْواكُمُ النَّارُ وَ ما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللَّهِ هُزُواً وَ غَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها وَ لا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ الحديد يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَ الْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بابٌ باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَ ظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ يُنادُونَهُمْ أَ لَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قالُوا بَلى وَ لكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَ تَرَبَّصْتُمْ وَ ارْتَبْتُمْ وَ غَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَ غَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَ لا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ المجادلة يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ
الملك فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ قِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ القيامة وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ وَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ الدهر إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ وَ لَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَ سُرُوراً الانشقاق بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ الغاشية هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ عامِلَةٌ ناصِبَةٌ تَصْلى ناراً حامِيَةً تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ لا يُسْمِنُ وَ لا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ لِسَعْيِها راضِيَةٌ فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ وَ أَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ وَ نَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ وَ زَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ البلد ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَ تَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ تفسير قال الطبرسي رحمه الله إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتابِ أي صفة محمد و البشارة به و قيل كتموا الأحكام وَ يَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا أي يستبدلون به عوضا قليلا أي كل ما يأخذونه في مقابلة ذلك من حطام الدنيا فهو قليل ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ أي كأنهم لم يأكلوا إلا النار لأن ذلك يؤديهم إليها و قيل إنهم يأكلون النار حقيقة في جهنم عقوبة لهم على ما فعلوا وَ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أي لا يكلمهم بما يحبون و إن كان يكلمهم بالسؤال بالتوبيخ و بما يغمهم أو لا يكلمهم أصلا فيحمل آيات المساءلة على أن الملائكة تسائلهم عن الله و بأمره وَ لا يُزَكِّيهِمْ معناه و لا يثني عليهم و لا يصفهم بأنهم أزكياء و قيل لا يقبل أعمالهم كما يقبل أعمال الأزكياء و قيل أي لا يطهرهم من خبث أعمالهم بالمغفرة وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ أي موجع أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى أي استبدلوا الكفر بالنبي بالإيمان به أو كتمان أمره بإظهاره أو العذاب بالثواب و طريق الجنة فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ فيه أقوال أحدها معناه ما أجرأهم على النار و هو المروي عن أبي عبد الله ع. الثاني ما أعملهم بأعمال أهل النار و هو المروي أيضا عن أبي عبد الله ع. الثالث ما أبقاهم على النار كما يقال ما أصبر فلانا على الحبس. و في قوله سبحانه وَ الَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أي الذين اجتنبوا الكفر فوق الكفار في الدرجات و قيل أراد أن تمتعهم بنعيم الآخرة أكثر من استمتاع هؤلاء بنعيم الدنيا و قيل إنه أراد أن حال المؤمنين في الهزء بالكفار و الضحك منهم فوق حال هؤلاء في الدنيا. و في قوله سبحانه إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ أي يستبدلون بأمر الله سبحانه ما يلزمهم الوفاء به و قيل معناه إن الذين يحصلون بنكث عهد الله و نقضه وَ أَيْمانِهِمْ أي و بالأيمان الكاذبة ثَمَناً قَلِيلًا أي عوضا نزرا و سماه قليلا لأنه قليل في جنب ما يفوتهم من الثواب و يحصل لهم من العقاب أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ أي لا نصيب لهم في نعيم الآخرة وَ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَ لا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أي لا يعطف عليهم و لا يرحمهم كما يقول القائل للغير انظر إلي يريد ارحمني. و قال البيضاوي في قوله تعالى يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ بياض الوجه و سواده كنايتان عن ظهور بهجة السرور و كآبة الخوف فيه و قيل يوسم أهل الحق ببياض الوجه و الصحيفة و إشراق البشرة و سعي النور بين يديه و بيمينه و أهل الباطل بأضداد ذلك أَ كَفَرْتُمْ أي فيقال لهم أ كفرتم و الهمزة للتوبيخ و التعجيب من حالهم فَذُوقُوا الْعَذابَ أمر إهانة فَفِي رَحْمَتِ اللَّهِ يعني الجنة و الثواب المخلد عبر عن ذلك بالرحمة تنبيها على أن المؤمن و إن استغرق عمره في طاعة الله تعالى لا يدخل الجنة إلا برحمته و فضله. و قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ اختلف في معناه فقيل يجعل ما بخل به من المال طوقا في عنقه و الآية نزلت في مانعي الزكاة و هو المروي عن أبي جعفر ع
و قد روي عن النبي ص أنه قال ما من رجل لا يؤدي زكاة ماله إلا جعل في عنقه شجاع يوم القيامة ثم تلا هذه الآية
و قيل معناه يجعل في عنقه يوم القيامة طوق من نار و قيل معناه يكلفون يوم القيامة أن يأتوا بما بخلوا من أموالهم و قيل هو كقوله يَوْمَ يُحْمى عَلَيْها فِي نارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ فمعناه أنه يجعل طوقا فيعذب بها و قيل معناه أنه يعود عليهم وباله فيصير طوقا لأعناقهم كقوله وَ كُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ و العرب تعبر بالرقبة و العنق عن جميع البدن. و في قوله تعالى مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً اختلف فيه على أقوال أحدها أن معناه من قبل أن نمحو آثار وجوهكم حتى تصير كالأقفية و نجعل عيونها في أقفيتها فتمشى القهقرى عن ابن عباس و عطية و ثانيها أن معناه نطمسها عن الهدى فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها في ضلالتها ذما لها بأنها لا تفلح أبدا رواه أبو الجارود عن أبي جعفر ع و ثالثها نجعل في وجوههم الشعر كوجوه القرود. فإن قيل على القول الأول كيف أوعد الله سبحانه و لم يفعل فجوابه أن هذا الوعيد كان متوجها إليهم لو لم يؤمن واحد منهم فلما آمن منهم جماعة رفع عن الباقين أو أن الوعيد يقع بهم في الآخرة. و في قوله سبحانه هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ يعني ما صدقوا فيه في دار التكليف و قيل إنه الصدق في الآخرة و إنه ينفعهم لقيامهم فيه بحق الله فالمراد به صدقهم في الشهادة لأنبيائهم بالبلاغ. و قال البيضاوي في قوله تعالى أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ أي آلهتكم التي جعلتموها شركاء لله الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ أي تزعمونهم شركاء فحذف المفعولان و المراد من الاستفهام التوبيخ و لعله يحال بينهم و بين آلهتهم حينئذ ليفقدوها في الساعة التي علقوا بها الرجاء فيها و يحتمل أن يشاهدوهم و لكن لما لم ينفعوهم فكأنهم غيب عنهم ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا أي كفرهم و المراد عاقبته و قيل معذرتهم التي يتوهمون أن يتخلصوا بها من فتنت الذهب إذا خلصته و قيل جوابهم و إنما سماه فتنة لأنه كذب أو لأنهم قصدوا بها الخلاص وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ يكذبون و يحلفون عليه مع علمهم أنه لا ينفع من فرط الحيرة و الدهشة كما يقولون رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها و قد أيقنوا بالخلود و قيل معناه ما كنا مشركين عند أنفسنا و هو لا يوافق قوله انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ أي بنفي الشرك عنها و حمله على كذبهم في الدنيا تعسف وَ ضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ من الشركاء. و في قوله تعالى وَ لَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ جوابه محذوف أي لو تراهم حين يوقفون على النار حتى يعاينوها أو يطلعون عليها أو يدخلونها فيعرفون مقدار عذابها لرأيت أمرا شنيعا فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ تمنيا للرجوع إلى الدنيا وَ لا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَ نَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ استئناف كلام منهم على وجه الإثبات كقولهم دعني و لا أعود أي أنا لا أعود تركتني أو لم تتركني أو عطف على نرد أو حال من الضمير فيه فيكون في حكم المتمني و قوله وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ راجع إلى ما تضمنه التمني من الوعد و نصبهما حمزة و يعقوب و حفص على الجواب بإضمار أن بعد الواو إجراء لها مجرى الفاء و قرأ ابن عامر برفع الأول على العطف و نصب الثاني على الجواب بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ الإضراب عن إرادة الإيمان المفهوم من التمني و المعنى أنه ظهر لهم ما كانوا يخفون من نفاقهم و قبائح أعمالهم فتمنوا ذلك ضجرا لا عزما على أنهم لو ردوا لآمنوا وَ لَوْ رُدُّوا إلى الدنيا بعد الظهور و الوقوف لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ من الكفر و المعاصي وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ فيما وعدوا من أنفسهم و قالوا عطف على لعادوا أو على إنهم لكاذبون أو على نهوا أو استئناف بذكر
ما قالوه في الدنيا إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا الضمير للحياة وَ ما نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ وَ لَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلى رَبِّهِمْ مجاز عن الحبس للسؤال و التوبيخ و قيل معناه وقفوا على قضاء ربهم و جزائه أو عرفوه حق التعريف قالَ أَ لَيْسَ هذا بِالْحَقِّ كأنه جواب قائل قال ما ذا قال ربهم حينئذ و الهمزة للتقريع على التكذيب و الإشارة إلى البعث و ما يتبعه من الثواب و العقاب قالُوا بَلى وَ رَبِّنا إقرار مؤكد باليمين لانجلاء الأمر غاية الجلاء قالَ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ بسبب كفركم أو ببدله قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ إذ فاتتهم النعم و استوجبوا العذاب المقيم و لقاء الله البعث و ما يتبعه حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ غاية لكذبوا لا الخسران لأن خسرانهم لا غاية له بَغْتَةً فجأة و نصبها على الحال أو المصدر فإنها نوع من المجيء قالُوا يا حَسْرَتَنا أي تعالى فهذا أوانك عَلى ما فَرَّطْنا قصرنا فِيها في الحياة الدنيا أو في الساعة يعني في شأنها و الإيمان بها وَ هُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ تمثيل لاستحقاقهم آثار الآثام أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ بئس شيئا يزرونه وزرهم. و في قوله عز و جل وَ يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً نصب بإضمار اذكر أو نقول و الضمير لمن يحشر من الثقلين و قرأ عن عاصم و روح و يعقوب بالياء يا مَعْشَرَ الْجِنِّ يعني الشياطين قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ من إغوائهم و إضلالهم أو منهم بأن جعلتموهم أتباعكم فحشروا معكم كقولهم استكثر الأمير من الجنود وَ قالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ الذين أطاعوهم رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ أي انتفع الإنس بالجن بأن دلوهم على الشهوات و ما يتوصل به إليها و الجن بالإنس بأن أطاعوهم و حصلوا مرادهم و قيل استمتاع الإنس بهم أنهم كانوا يعوذون بهم في المفاوز و عند المخاوف و استمتاعهم بالإنس اعترافهم بأنهم يقدرون على إجارتهم وَ بَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا أي البعث و هو اعتراف بما فعلوا من طاعة الشيطان و اتباع الهوى و تكذيب البعث و تحسر على حالهم قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ منزلكم أو ذات مثويكم خالِدِينَ فِيها حال و العامل فيها مثويكم إن جعل مصدرا و معنى الإضافة إن جعل مكانا إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ إلا الأوقات التي ينقلون فيها من النار إلى الزمهرير و قيل إلا ما شاء الله قبل الدخول كأنه قيل النار مثواكم أبدا إلا ما أمهلكم إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ في أفعاله عَلِيمٌ بأعمال الثقلين و أحوالهم وَ كَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً نكل بعضهم إلى بعض أو نجعل بعضهم يتولى بعضا فيغويهم أو أولياء بعض و قرناءهم في العذاب كما كانوا في الدنيا بِما كانُوا يَكْسِبُونَ من الكفر و المعاصي يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ أَ لَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ الرسل من الإنس خاصة لكن لما جمعوا مع الجن في الخطاب صح ذلك و تعلق بظاهره قوم و قالوا بعث إلى كل من الثقلين رسل من جنسهم و قيل الرسل من الجن رسل الرسل إليهم لقوله وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي وَ يُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا يعني يوم القيامة قالُوا شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا بالجرم و العصيان و هو اعتراف منهم بالكفر و استيجاب العذاب. و قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ وجوه أحدها ما روي عن ابن عباس أنه قال كان وعيد الكفار مبهما غير مقطوع به ثم قطع به بقوله سبحانه إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ. و ثانيها أن الاستثناء إنما هو من يوم القيامة لأن قوله يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً هو يوم القيامة فقال خالدين فيها مذ يوم يبعثون إلا ما شاء الله من مقدار حشرهم من قبورهم و مقدار مدتهم في محاسبتهم عن الزجاج قال و جائز أن يكون المراد إلا ما شاء الله أن يعذبهم به من أصناف العذاب. و ثالثها أن الاستثناء راجع إلى غير الكفار من عصاة المسلمين الذين هم في مشية الله إن شاء عذبهم بذنوبهم بقدر استحقاقهم عدلا و إن شاء عفا عنهم فضلا و رابعها أن معناه إلا ما شاء الله ممن آمن منهم. و قال البيضاوي في قوله سبحانه هَلْ يَنْظُرُونَ هل ينتظرون إِلَّا تَأْوِيلَهُ إلا ما يئول إليه أمره من تبين صدقه بظهور ما نطق به من الوعد و الوعيد يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ أي تركوه ترك الناسي. و في قوله سبحانه لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى المثوبة الحسنى وَ زِيادَةٌ و ما يزيده على مثوبته تفضلا لقوله وَ يَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ و قيل الحسنى مثل حسناتهم و الزيادة عشر أمثالها إلى سبع مائة ضعف و أكثر و قيل الزيادة
مَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رِضْوانٌ وَ لا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ و لا يغشاها قَتَرٌ غبرة فيها سواد وَ لا ذِلَّةٌ هوان و المعنى لا يرهقهم ما يرهق أهل النار أو لا يرهقهم ما يوجب ذلك من حزن و سوء حال ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ ما من أحد يعصمهم من سخط الله أو من جهة الله أو من عنده كما يكون للمؤمنين كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً لفرط سوادها و ظلمتها و مظلما حال من الليل أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ مما يحتج به الوعيدية و الجواب أن الآية في الكفار لاشتمال السيئات على الشرك و الكفر و لأن الذين أحسنوا يتناول أصحاب الكبيرة من أهل القبلة فلا يتناولهم قسيمه وَ يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يعني الفريقين جميعا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ الزموا مكانكم حتى تنظروا ما يفعل بكم أَنْتُمْ تأكيد للضمير المنتقل إليه من عامله وَ شُرَكاؤُكُمْ عطف عليه فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ ففرقنا بينهم و قطعنا الوصل التي كانت بينهم وَ قالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ مجاز عن براءة ما عبدوه من عبادتهم فإنهم إنما عبدوا في الحقيقة أهواءهم لأنها الآمرة بالإشراك لا ما أشركوا به و قيل ينطق الله الأصنام فتشافههم بذلك مكان الشفاعة التي توقعوا منها و قيل المراد بالشركاء الملائكة و المسيح و قيل الشياطين إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ إن هي المخففة من المثقلة و اللام هي الفارقة هُنالِكَ في ذلك المقام تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ تختبر ما قدمت من عمل فتعاين نفعه و ضره وَ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ إلى جزائه إياهم بما أسلفوا مَوْلاهُمُ الْحَقِّ ربهم و متولي أمرهم على الحقيقة لا ما اتخذوه مولى وَ ضَلَّ عَنْهُمْ و ضاع عنهم ما كانُوا يَفْتَرُونَ من أنهم آلهتهم تشفع لهم أو ما كانوا يدعون أنها آلهة. و في قوله تعالى وَ لَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ بالشرك أو التعدي على الغير ما فِي الْأَرْضِ من خزائنها و أموالها لَافْتَدَتْ بِهِ لجعلته فدية لها من العذاب من قولهم افتداه بمعنى فداه وَ أَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ لأنهم بهتوا بما عاينوا مما لم يحتسبوا من فظاعة الأمر و هوله فلم يقدروا أن ينطقوا و قيل أَسَرُّوا النَّدامَةَ أخلصوها لأن إخفاءها إخلاصها أو لأنه يقال سر الشيء لخالصته من
حيث إنها تخفى و تضن بها و قيل أظهروها من قولهم سر الشيء و أسره إذا أظهره. و قال الطبرسي رحمه الله في قوله عز و جل أَلا إِنَّ أَوْلِياءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ بين سبحانه أن المطيعين لله الذين تولوا القيام بأمره و تولاهم سبحانه بحفظه و حياطته لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ يوم القيامة من العقاب وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ أي لا يخافون و اختلف في أولياء الله فقيل هم قوم ذكرهم الله بما هم عليه من سيماء الخير و الإخبات و قيل هم المتحابون في الله ذكر ذلك في خبر مرفوع و قيل هم الذين آمنوا و كانوا يتقون قد بينهم في الآية التي بعدها و قيل إنهم الذين أدوا فرائض الله و أخذوا بسنن رسول الله و تورعوا عن محارم الله و زهدوا في عاجل هذه الدنيا و رغبوا فيما عند الله و اكتسبوا الطيب من رزق الله لمعايشهم لا يريدون به التفاخر و التكاثر ثم أنفقوه فيما يلزمهم من حقوق واجبة فأولئك الذين يبارك الله لهم فيما اكتسبوا و يثابون على ما قدموا منه لآخرتهم و هو المروي عن علي بن الحسين ع و قيل هم الذين توالت أفعالهم على موافقة الحق الَّذِينَ آمَنُوا أي صدقوا بالله و اعترفوا بوحدانيته وَ كانُوا يَتَّقُونَ مع ذلك معاصيه لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ فيه أقوال أحدها أن البشرى في الحياة الدنيا هي ما بشرهم الله به في القرآن و ثانيها أن البشارة في الحياة الدنيا بشارة الملائكة للمؤمنين عند موتهم ب أَلَّا تَخافُوا وَ لا تَحْزَنُوا وَ أَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ و ثالثها أنها في الدنيا الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له وَ فِي الْآخِرَةِ بالجنة و هي ما تبشرهم الملائكة عند خروجهم من القبور و في القيامة إلى أن يدخلوا الجنة يبشرونهم بها حالا بعد حال و هو المروي عن أبي جعفر ع و روي ذلك في حديث مرفوع عن النبي ص لا تَبْدِيلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ أي لا خلف لما وعد الله تعالى من الثواب. و في قوله سبحانه لِلَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنى أي الخصلة الحسنى و الحالة الحسنى و هي صفة الثواب و الجنة وَ الَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ أي لله فلم يؤمنوا به لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَ مِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أي جعلوا ذلك فدية أنفسهم من العذاب و لم يقبل ذلك منهم أُولئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسابِ فيه أقوال أحدها أن سوء الحساب أخذهم بذنوبهم كلها من دون أن يغفر لهم شيء منها و يؤيد ذلك ما جاء في الحديث من نوقش الحساب عذب فيكون سوء الحساب المناقشة و الثاني هو أن يحاسبوا للتقريع و التوبيخ فإن الكافر يحاسب على هذا الوجه و المؤمن يحاسب ليسر بما أعد الله له و الثالث هو أن لا يقبل لهم حسنة و لا يغفر لهم سيئة و روي ذلك عن أبي عبد الله ع و الرابع أن سوء الحساب هو سوء الجزاء فسمي الجزاء حسابا لأن فيه إعطاء المستحق حقه وَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ أي مصيرهم إلى جهنم وَ بِئْسَ الْمِهادُ أي و بئس ما مهدوا لأنفسهم و المهاد الفراش الذي يوطأ لصاحبه و سمي النار مهادا لأنه في موضع المهاد لهم. و في قوله سبحانه لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ اللام للعاقبة كامِلَةً أي تامة يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ مِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أي و يحملون مع أوزارهم بعض أوزار الذين أضلوهم عن سبيل الله و هو وزر الإضلال و الإغواء و لم يحملوا وزر غوايتهم و ضلالتهم و قوله بِغَيْرِ عِلْمٍ معناه من علم منهم بذلك بل جاهلين به أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ أي بئس الحمل حملهم في الآثام. و في قوله سبحانه ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُخْزِيهِمْ أي يذلهم و يفضحهم يوم القيامة على رءوس الأشهاد و يهينهم بالعذاب وَ يَقُولُ على سبيل التوبيخ لهم و التهجين أَيْنَ شُرَكائِيَ الذين كنتم تشركونهم معي في العبادة على زعمكم الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ أي تعادون المؤمنين فِيهِمْ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ بالله و بدينه و شرائعه من المؤمنين و قيل هم الملائكة عن ابن عباس إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَ السُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ أي إن الهوان اليوم و العذاب الذي يسوء على الجاحدين لنعم الله المنكرين لتوحيده و صدق رسله الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ أي الذين يقبض ملك الموت و أعوانه أرواحهم ففارقوا الدنيا و هم ظالمون لأنفسهم بإصرارهم على الكفر فَأَلْقَوُا السَّلَمَ أي
استسلموا للحق و انقادوا حين لا ينفعهم الانقياد و الإذعان يقولون ما كُنَّا نَعْمَلُ عند أنفسنا مِنْ سُوءٍ أي معصية فكذبهم الله تعالى و قال بَلى قد فعلتم إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ في الدنيا من المعاصي و غيرها و قيل القائل المؤمنون الذين أوتوا العلم أو الملائكة فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ أي طبقاتهم و دركاتها. و في قوله تعالى وَ يَوْمَ يَقُولُ يريد يوم القيامة يقول الله للمشركين و عبدة الأصنام نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ في الدنيا أنهم شركائي ليدفعوا عنكم العذاب فَدَعَوْهُمْ يعني المشركين يدعون أولئك الشركاء فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ أي بين المؤمنين و الكافرين مَوْبِقاً و هو اسم واد عميق فرق الله به بين أهل الهدى و أهل الضلالة و قيل بين المعبودين و عبدتهم مَوْبِقاً أي حاجزا عن ابن الأعرابي أي فأدخلنا من كانوا يزعمون أنهم معبودهم مثل الملائكة و المسيح الجنة و أدخلنا الكفار النار و قيل معناه جعلنا مواصلتهم في الدنيا موبقا أي مهلكا لهم في الآخرة عن الفراء و قتادة و ابن عباس فالبين على هذا القول معناه التواصل و قيل مَوْبِقاً عداوة عن الحسن و روي عن أنس أنه قال الموبق واد في جهنم من قيح و دم وَ رَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ يعني المشركون رأوا النار و هي تتلظى حنقا عليهم عن ابن عباس و قيل عام في أصحاب الكبائر فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها أي علموا أنهم داخلون فيها وَ لَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً أي معدلا و موضعا ينصرفون إليه ليتخلصوا منها. و في قوله تعالى فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّما نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا أي لا تستعجل لهم العذاب فإن مدة بقائهم قليلة فإنا نعد لهم الأيام و السنين و قيل معناه نعد أنفاسهم و قيل نعد أعمالهم يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً أي اذكر لهم يا محمد اليوم الذي نجمع فيه من اتقى الله في الدنيا بطاعته و اجتناب معاصيه إِلَى الرَّحْمنِ أي إلى جنته و دار كرامته وفودا و جماعات و قيل ركبانا يؤتون بنوق لم ير مثلها عليها رحائل الذهب و أزمتها الزبرجد فيركبون عليها حتى يضربوا أبواب الجنة عن أمير المؤمنين ع و ابن عباس وَ نَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً أي و نحث المجرمين على السير إلى جهنم عطاشا كالإبل التي ترد عطاشا مشاة على أرجلهم و سمي العطاش وردا لأنهم يردون لطلب الماء و قيل الورد النصيب أي هم نصيب جهنم من الفريقين و المؤمنون نصيب الجنة. و في قوله سبحانه فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً أي عيشا ضيقا و قيل هو عذاب القبر و قيل هو طعام الضريع و الزقوم في جهنم وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى أي أعمى البصر و قيل أعمى عن الحجة و الأول هو الوجه قال الفراء يقال إنه يخرج من قبره بصيرا فيعمى في حشره
و قد روي عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله ع عن رجل لم يحج و له مال قال هو ممن قال الله تعالى وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى فقلت سبحان الله أعمى قال أعماه الله عن طريق الحق
قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها هذا جواب من الله سبحانه و معناه كما حشرناك أعمى جاءك محمد و القرآن و الدلائل فأعرضت عنها و تعرضت لنسيانها فإن النسيان ليس من فعل الإنسان فيؤاخذ عليه وَ كَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى أي تصير بمنزلة من ترك كالمنسي بعذاب لا يفنى. و في قوله سبحانه لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ أي الخوف الأعظم و هو عذاب النار إذا أطبقت على أهلها و قيل هو النفخة الأخيرة لقوله تعالى يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ و قيل هو حين يؤمر بالعبد إلى النار و قيل هو حين يذبح الموت على صورة كبش أملح و ينادي يا أهل الجنة خلود و لا موت و يا أهل النار خلود و لا موت
و روى أبو سعيد الخدري عن النبي ص قال ثلاثة على كثبان من مسك لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ و لا يكترثون للحساب رجل قرأ القرآن محتسبا ثم أم قوما محتسبا و رجل أذن محتسبا و مملوك أدى حق الله عز و جل و حق مواليه
وَ تَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ أي تستقبلهم الملائكة بالتهنئة يقولون لهم هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ في الدنيا فأبشروا بالأمن و الفوز. و في قوله عز و جل وَ يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ أي يجمعهم وَ ما يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ يعني عيسى و عزير أو الملائكة و قيل يعني الأصنام فَيَقُولُ الله لهؤلاء المعبودين أَ أَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبادِي هؤُلاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ أي طريق الجنة و النجاة قالُوا يعني المعبودين من الملائكة و الإنس أو الأصنام إذا أحياهم الله سبحانه و أنطقهم سُبْحانَكَ أي تنزيها لك عن الشريك ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ أي ليس لنا أن نوالي أعداءك بل أنت ولينا من دونهم و قيل معناه ما كان يجوز لنا و للعابدين و ما كان يحق لنا أن نأمر أحدا بأن يعبدنا فإنا لو أمرناهمبذلك لكنا واليناهم و نحن لا نوالي من يكفر بك وَ لكِنْ مَتَّعْتَهُمْ وَ آباءَهُمْ حَتَّى نَسُوا الذِّكْرَ معناه و لكن طولت أعمارهم و أعمار آبائهم و أمددتهم بالأموال و الأولاد بعد موت الرسل حتى نسوا الذكر المنزل على الأنبياء و تركوه وَ كانُوا قَوْماً بُوراً أي هلكى فاسدين هذا تمام الحكاية عن قول المعبودين فيقول الله سبحانه فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ أي كذبكم المعبودون أيها المشركون بِما تَقُولُونَ أي بقولكم إنهم آلهة شركاء لله و من قرأ بالياء فالمعنى فقد كذبوكم بقولهم سُبْحانَكَ ما كانَ يَنْبَغِي لَنا الآية فما يستطيعون صرفا أي فما يستطيع المعبودون صرف العذاب عنكم و لا نصركم بدفع العذاب عنكم و من قرأ بالتاء فالمعنى فما تستطيعون أيها المتخذون الشركاء صرف العذاب عن أنفسكم و لا أن تنصروها. و في قوله عز و جل يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ يعني يوم القيامة لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ أي لا بشارة لهم بالجنة و الثواب و المراد بالمجرمين هنا الكفار وَ يَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً أي و يقول الملائكة لهم حراما محرما عليكم سماع البشرى و قيل معناه و يقول المجرمون للملائكة كما كانوا يقولون في الدنيا إذا لقوا من يخافون منه القتل حجرا محجورا دماؤنا قال الخليل كان الرجل يرى الرجل الذي يخاف منه القتل في الجاهلية في الأشهر الحرم فيقول حجرا محجورا أي حرام عليك حرمتي في هذه الشهر فلا يبدؤه بشر فإذا كان يوم القيامة رأوا الملائكة فقالوا ذلك ظنا منهم أنهم ينفعهم و قيل معناه حراما محرما أن يدخل الجنة إلا من قال لا إله إلا الله عن عطاء عن ابن عباس و قيل يقولون حجرا محجورا عليكم أن تتعوذوا و إلا فلا معاذ لكم وَ قَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ أي قصدنا و عمدنا إلى ما عمله الكفار في الدنيا مما رجوا به النفع و الأجر و طلبوا به الثواب و البر فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً و هو الغبار يدخل الكوة في شعاع الشمس و قيل هو رهج الدواب و قيل هو ما تسفيه الرياح
و تذريه من التراب و قيل هو الماء المهراق و المنثور المتفرق و هذا مثل و المعنى يذهب أعمالهم باطلا فلم ينتفعوا بها من حيث عملوها لغير الله ثم ذكر سبحانه فضل أهل الجنة على أهل النار فقال أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ يعني يوم القيامة خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا أي أفضل منزلا في الجنة وَ أَحْسَنُ مَقِيلًا أي موضع قائلة قال الأزهري القيلولة عند العرب الاستراحة نصف النهار إذا اشتد الحر و إن لم يكن مع ذلك نوم و الدليل على ذلك أن الجنة لا نوم فيها و قال ابن عباس و ابن مسعود لا ينتصف النهار يوم القيامة حتى يقيل أهل الجنة في الجنة و أهل النار في النار قال البلخي معنى خير و أحسن هنا أنه خير في نفسه و حسن في نفسه لا بمعنى أنه أفضل من غيره وَ يَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ أي تتشقق السماء و عليها غمام كما يقال ركب الأمير بسلاحه و قيل تتشقق السماء عن الغمام الأبيض و إنما تتشقق لنزول الملائكة و هو قوله وَ نُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلًا و قال ابن عباس تتشقق السماء الدنيا فينزل أهلها و هم أكثر ممن في الأرض من الجن و الإنس ثم تتشقق السماء الثانية فتنزل أهلها و هم أكثر ممن في السماء الدنيا و من الجن و الإنس ثم كذلك حتى تتشقق السماء السابعة و أهل كل سماء يزيدون على أهل كل سماء التي قبلها الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ أي الملك الذي هو الملك حقا ملك الرحمن يوم القيامة و يزول ملك سائر الملوك فيه وَ كانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً لشدته و مشقته عليهم و يهون على المؤمنين كأنهم في صلاة صلوها في دار الدنيا وَ يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ ندما و تأسفا و قيل هو عقبة بن أبي معيط و تذهبان إلى المرفقين ثم تنبتان و لا يزال هكذا كلما نبتت يده أكلها ندامة على ما فعل يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا أي ليتني اتبعت محمدا و اتخذت معه سبيلا إلى الهدى يا وَيْلَتى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً يعني أبيا خَلِيلًا و قيل أراد به الشيطان و إن قلنا إن المراد بالظالم هاهنا جنس الظلمة فالمراد به كل خليل يضل عن الدين لَقَدْ أَضَلَّنِي أي صرفني و ردني عَنِ الذِّكْرِ أي القرآن و الإيمان به بَعْدَ إِذْ جاءَنِي مع الرسول ثم قال الله تعالى وَ كانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولًا لأنه يتبرأ منه في الآخرة و يسلمه إلى الهلاك و لا يغني عنه شيئا وَ قالَ الرَّسُولُ يعني محمدا ص يا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً يعني هجروا القرآن و هجروني و كذبوني و قيل إن قال معناه و يقول. و في قوله سبحانه نقلا عن إبراهيم ع وَ لا تُخْزِنِي أي لا تفضحني و لا تعيرني بذنب يَوْمَ يُبْعَثُونَ و هذا الدعاء كان منه ع على وجه الانقطاع إلى الله لما بينا أن القبيح لا يجوز وقوعه من الأنبياء ع ثم فسر ذلك اليوم بأن قال يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَ لا بَنُونَ إذ لا يتهيأ لذي مال أن يفتدي من شدائد ذلك اليوم به و لا يتحمل من صاحب البنين بنوه شيئا من معاصيه إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ من الشرك و الشك و قيل من الفساد و المعاصي و إنما خص القلب بالسلامة لأنه إذا سلم القلب سلم سائر الجوارح من الفساد من حيث إن الفساد بالجارحة لا يكون إلا عن قصد بالقلب الفاسد.
و روي عن الصادق ع أنه قال هو القلب الذي سلم من حب الدنيا
وَ أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ أي قربت لهم ليدخلوها وَ بُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ أي أظهرت و كشفت الغطاء عنها للضالين عن طريق الحق و الصواب وَ قِيلَ لَهُمْ على وجه التوبيخ أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ من الأصنام و الأوثان و غيرهما هَلْ يَنْصُرُونَكُمْ بدفع العذاب عنكم أَوْ يَنْتَصِرُونَ لكم إذا عوقبتم و قيل يَنْتَصِرُونَ أي يمتنعون من العذاب فَكُبْكِبُوا فِيها أي جمعوا و طرح بعضهم على بعض و قيل نكسوا فيها على وجوههم هُمْ يعني الآلهة وَ الْغاوُونَ أي و العابدون وَ جُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ أي و كبكب معهم جنود إبليس يريد من اتبعه من ولده و ولد آدم قالُوا وَ هُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ أي قال هؤلاء و هم في النار يخاصم بعضهم بعضا تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إن هي المخففة إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ أي عدلناكم به في توجيه العبادة إليكم وَ ما أَضَلَّنا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ الذين اقتدينا بهم و قيل إلا الشياطين فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ يشفعون لنا و يسألون في أمرنا وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ أي ذي قرابة يهمه أمرنا و ذلك حين يشفع الملائكة و النبيون و المؤمنون.
و في الخبر المأثور عن جابر بن عبد الله قال سمعت رسول الله ص يقول إن الرجل يقول في الجنة ما فعل صديقي فلان و صديقه في الجحيم فيقول الله تعالى أخرجوا له صديقه إلى الجنة فيقول من بقي في النار فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَ لا صَدِيقٍ حَمِيمٍ
و روى العياشي بالإسناد عن حمران بن أعين عن أبي عبد الله ع قال و الله لنشفعن لشيعتنا حتى يقول الناس فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ إلى قوله فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ
و في رواية أخرى حتى يقول عدونا. ثم قالوا فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً أي رجعة إلى الدنيا فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ المصدقين لتحل لنا الشفاعة. و في قوله عز و جل مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ أي بكلمة التوحيد و الإخلاص و قيل بالإيمان فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها قال ابن عباس أي فمنها يصل الخير إليه و المعنى فله من تلك الحسنة خير يوم القيامة و هو الثواب و الأمان من العقاب فخير هاهنا اسم و ليس بالذي هو بمعنى الأفضل و قيل معناه فله أفضل منها في عظم النفع لأنه يعطى بالحسنة عشرا وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ قال الكلبي إذا أطبقت النار على أهلها فزعوا فزعة لم يفزعوا مثلها و أهل الجنة آمنون من ذلك الفزع وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ أي بالمعصية الكبيرة التي هي الكفر و الشرك عن ابن عباس و أكثر المفسرين فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ أي ألقوا في النار منكوسين هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ يعني أن هذا جزاء فعلكم و ليس بظلم
حدثنا السيد مهدي بن نزار عن أبي القاسم عبيد الله الحسكاني عن محمد بن عبد الله بن أحمد عن محمد بن أحمد بن محمد عن عبد العزيز بن يحيى بن أحمد عن محمد بن عبد الرحمن بن الفضل عن جعفر بن الحسين عن محمد بن زيد بن علي عن أبيه قال سمعت أبا جعفر ع يقول دخل أبو عبد الله الجدلي على أمير المؤمنين ع فقال له يا عبد الله أ لا أخبرك بقول الله عز و جل مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها إلى قوله تَعْمَلُونَ قال بلى جعلت فداك قال الحسنة حبنا أهل البيت و السيئة بغضنا
و في قوله سبحانه أَ فَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً من ثواب الجنة و نعيمها فَهُوَ لاقِيهِ أي واصل إليه كَمَنْ مَتَّعْناهُ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا من الأموال و غيرها ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ للجزاء و العقاب و قيل من المحضرين في النار وَ يَوْمَ يُنادِيهِمْ أي و اذكروا يوم ينادي الله الكفار و هو يوم القيامة و هذا نداء تقريع و تبكيت فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ أنهم شركائي في الإلهية و تعبدونهم و تدعون أنهم ينفعونكم قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ أي حق عليهم الوعيد بالعذاب من الجن و الشياطين و الذين أغووا الخلق من الإنس رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا يعنون أتباعهم أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا أي أضللناهم عن الدين بدعائنا إياهم إلى الضلال كما ضللنا نحن أنفسنا تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ منهم و من أفعالهم ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ أي لم يكونوا يعبدوننا بل كانوا يعبدون الشياطين الذين زينوا لهم عبادتنا و قيل معناه لم يعبدونا باستحقاق و حجة وَ قِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ أي و يقال للأتباع ادعوا الذين عبدتموهم من دون الله لينصروكم و يدفعوا عنكم عذاب الله فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ أي فيدعونهم فلا يجيبونهم إلى ملتمسهم وَ رَأَوُا الْعَذابَ أي يرون العذاب لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ جواب لو محذوف أي لما اتبعوهم و قال البيضاوي و قيل لو للتمني أي تمنوا أنهم كانوا مهتدين. و قال الطبرسي رحمه الله وَ يَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ أي ما كان جوابكم لمن أرسل إليكم من النبيين و هذا سؤال تقدير للذنب و هو نداء يجمع العلم و العمل فإن الرسل يدعون إلى العلم و العمل جميعا فكأنه قيل لهم ما ذا علمتم و ما ذا عملتم فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ أي خفيت و أشبهت عليهم طرق الجواب فصاروا كالأعمى و قيل معناه فالتبست عليهم الحجج و سميت حججهم أنباء لأنها أخبار يخبر بها و هم لا يحتجون و لا ينطقون بحجة لأن الله تعالى أدحض حجتهم و أكل ألسنتهم فسكتوا فذلك قوله فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ أي لا يسأل بعضهم بعضا عن الحجج و قيل لا يسأل بعضهم بعضا عن حاله لشغله بنفسه أو لا يسأل بعضهم بعضا عن العذر الذي يعتذر به في الجواب فلا يجيبون و قيل لا يتساءلون بالأنساب و القرابة كما في الدنيا و قيل لا يسأل بعضهم بعضا أن يحمل ذنوبه عنه. و في قوله تعالى يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ أي ييأس الكافرون من رحمة الله و نعمه التي يفيضها على المؤمنين و قيل يتحيرون و تنقطع حجتهم بظهور جلائل آيات الآخرة التي تقع عندها علم الضرورة وَ كانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ أي يتبرءون عن الأوثان و ينكرون كونها آلهة يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ فيصير المؤمنون أصحاب اليمين و المشركون أصحاب الشمال فيتفرقون تفرقا لا يجتمعون بعده و قال الحسن لئن كانوا اجتمعوا في الدنيا ليتفرقن يوم القيامة هؤلاء في أعلى عليين و هؤلاء في أسفل السافلين فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ أي في الجنة ينعمون و يسرون سرورا يتبين أثره عليهم و قال ابن عباس أي يكرمون و قيل يلذذون بالسماع فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ أي فيه محصلون و لفظة الإحضار لا يستعمل إلا فيما يكرهه الإنسان كما يقال أحضر فلان مجلس القضاء. و في قوله تعالى وَ لَوْ تَرى يا محمد أو أيها الإنسان إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ أي يوم القيامة حين يكون المجرمون مطاطئي رءوسهم و مطرقيها حياء و ندما و ذلا عِنْدَ رَبِّهِمْ أي عند ما يتولى الله سبحانه حساب خلقه يقولون رَبَّنا أَبْصَرْنا وَ سَمِعْنا أي أبصرنا الرشد و سمعنا الحق و قيل معناه أبصرنا صدق وعدك و سمعنا منك تصديق رسلك و قيل معناه إنا كنا بمنزلة العمي فأبصرنا و بمنزلة الصم فسمعنا فَارْجِعْنا أي فارددنا إلى دار التكليف نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ اليوم لا نرتاب شيئا من الحق و الرسالة. و قال البيضاوي في قوله عز و جل وَ لَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ أي في موضع المحاسبة يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ يتحاورون و يتراجعون القول يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا يقول الأتباع لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا للرؤساء لَوْ لا أَنْتُمْ لو لا إضلالكم و صدكم إيانا عن الإيمان لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ باتباع الرسول
قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا الآية أنكروا أنهم كانوا صادين لهم عن الإيمان و أثبتوا أنهم هم الذين صدوا أنفسهم حيث أعرضوا عن الهدى و آثروا التقليد عليه وَ قالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا الآية إضراب عن إضرابهم أي لم يكن أجرامنا الصد بل مكركم لنا دائبا ليلا و نهارا حتى أغرتم علينا رأينا وَ أَسَرُّوا النَّدامَةَ أي و أضمر الفريقان الندامة على الضلال و الإضلال و أخفاها كل عن صاحبه مخافة التعيير أو أظهروها فإنه من الأضداد إذ الهمزة تصلح للإثبات و السلب كما في أشكيته. و في قوله عز و جل و يوم نحشرهم جميعا المستكبرين و المستضعفين ثم نقول للملائكة أ هؤلاء إياكم كانوا يعبدون تقريعا للمشركين و تبكيتا لهم و إقناطا لهم عما يتوقعون من شفاعتهم و تخصيص الملائكة لأنهم أشرف شركائهم و الصالحون للخطاب منهم و لأن عبادتهم مبدأ الشرك و أصله و قرأ حفص بالياء فيهما قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ أنت الذي نواليه من دونهم لا موالاة بيننا و بينهم كأنهم بينوا بذلك براءتهم من الرضا بعبادتهم ثم أضربوا عن ذلك و نفوا أنهم عبدوهم على الحقيقة بقولهم بَلْ كانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أي الشياطين حيث أطاعوهم في عبادة غير الله و قيل كانوا يتمثلون و يخيلون إليهم أنهم الملائكة فيعبدونهم أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ الضمير الأول للإنس أو للمشركين و الأكثر بمعنى الكل و الثاني للجن. و في قوله سبحانه وَ لَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا عند الموت أو البعث أو يوم بدر و جواب لو محذوف لرأيت أمرا فظيعا فَلا فَوْتَ فلا يفوتون الله بهرب أو تحصن وَ أُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ من ظهر الأرض إلى بطنها أو من الموقف إلى النار أو من صحراء بدر إلى القليب وَ قالُوا آمَنَّا بِهِ بمحمد وَ أَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ و من أين لهم أن يتناولوا الإيمان تناولا سهلا مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ فإنه في حيز التكليف و قد بعد عنهم و هو تمثيل حالهم في الاستخلاص بالإيمان بعد ما فات و بعد عنهم بحال من يريد أن يتناول الشيء من غلوة تناوله من ذراع وَ قَدْ كَفَرُوا بِهِ بمحمد أو بالعذاب مِنْ قَبْلُ من قبل ذلك أوان التكليف وَ يَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ و يرجمون بالظن و يتكلمون بما لم يظهر لهم في الرسول ص من المطاعن أو في العذاب من البت على نفيه مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ من جانب بعيد من أمره و هي الشبه التي تمحلوها في أمر الرسول أو حال الآخرة كما حكاه من قبل وَ حِيلَ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ ما يَشْتَهُونَ من نفع الإيمان و النجاة من النار كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ بأشباههم من كفرة الأمم الدارجة إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ موقع في الريبة أو ذا ريبة. و في قوله عز و جل وَ امْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ و انفردوا عن المؤمنين و ذلك حين يسار بهم إلى الجنة و قيل اعتزلوا من كل خير أو تفرقوا في النار فإن لكل كافر بيتا ينفرد به لا يرى و لا يرى أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ من جملة ما يقال لهم تقريعا و إلزاما للحجة و عهده إليهم ما نصب لهم من الدلائل العقلية و السمعية الآمرة بعبادته الزاجرة عن عبادة غيره و جعلها عبادة الشيطان لأنه الآمر بها المزين لها هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ إشارة إلى ما عهد إليهم أو إلى عبادته و الجبل الخلق الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ نمنعها عن الكلام وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ بظهور آثار المعاصي عليها و دلالتها على أفعالها أو بإنطاق الله إياها و في الحديث أنهم يجحدون و يخاصمون فيختم على أفواههم و تكلم أيديهم و أرجلهم. و في قوله سبحانه احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا أمر الله للملائكة أو أمر بعضهم لبعض بحشر الظلمة من مقامهم إلى الموقف و قيل منه إلى الجحيم وَ أَزْواجَهُمْ و أشباههم عابد الصنم مع عبدة الصنم و عابد الكوكب مع عبدته أو نساؤهم اللاتي على دينهم أو قرناؤهم من الشياطين وَ ما كانُوا يَعْبُدُونَ من دون الله الأصنام و غيرها زيادة في تحسيرهم و تخجيلهم و هو عام مخصوص بقوله إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى الآية و فيه دليل على أن الذين ظلموا المشركون فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ فعرفوهم طريقها ليسلكوها وَ قِفُوهُمْ احبسوهم في الموقف إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ عن عقائدهم و أعمالهم و الواو لا يوجب الترتيب مع جواز أن تكون موقفهم و قال الطبرسي و قيل مسئولون عن ولاية علي بن أبي طالب ع عن أبي سعيد الخدري و عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا حدثناه عن الحاكم أبي القاسم الحسكاني بالإسناد.
ثم قال البيضاوي ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ لا ينصر بعضكم بعضا بالتخليص و هو توبيخ و تقريع بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ منقادون لعجزهم و انسداد الحيل عليهم و أصل الاستسلام طلب السلامة أو متسالمون كأنه يسلم بعضهم بعضا و يخذله وَ أَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ يسأل بعض بعضا بالتوبيخ و لذا فسر بيتخاصمون قالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ عن أقوى الوجوه و أيمنها أو عن الدين أو عن الخير كأنكم تنفعوننا نفع السانح فتبعناكم و هلكنا مستعار من يمين الإنسان الذي هو أقوى الجانبين و أشرفه و أنفعه و لذلك سمي يمينا و يتيمن بالسانح أو عن القوة و القهر فتقسروننا على الضلال أو عن الحلف فإنهم كانوا يحلفون لهم أنهم على الحق قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ الآية أجابهم الرؤساء أولا بمنع إضلالهم بأنهم كانوا ضالين في أنفسهم و ثانيا بأنهم ما أجبروهم على الكفر إذ لم يكن لهم عليهم تسلط و إنما جنحوا إليه لأنهم كانوا قوما مختارين للطغيان. و قال الطبرسي رحمه الله فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا أي وجب علينا قول ربنا بأنا لا نؤمن و نموت على الكفر أو وجب علينا العذاب الذي نستحقه على الكفر و الإغراء. و قال في قوله عز و جل وَ بَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ أي ظهر لهم يوم القيامة من صنوف العذاب ما لم يكونوا ينتظرونه و لا يظنونه واصلا إليهم و لم يكن في حسبانهم و قال السدي ظنوا أعمالهم حسنات فبدت لهم سيئات وَ بَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا أي جزاء أعمالهم وَ حاقَ بِهِمْ أي نزل بهم ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ هو كل ما ينذرهم النبي ص مما كانوا ينكرونه و يكذبون به. و في قوله تعالى أَنْ تَقُولَ أي خوف أن تقول أو حذرا من أن تقول نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ أي يا ندامتي على ما ضيعت من ثواب الله و قيل قصرت في أمر الله قال الفراء الجنب القرب أي في قرب الله و جواره و قال الزجاج أي فرطت في الطريق الذي هو طريق الله فالجنب بمعنى الجانب.
و روى العياشي بالإسناد عن أبي الجارود عن أبي جعفر ع أنه قال نحن جنب الله
وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ أي و إني كنت لمن المستهزءين بالنبي ص و القرآن و بالمؤمنين في الدنيا أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ أي فعلنا ذلك كراهة أن تقول لو أراد الله هدايتي لكنت ممن يتقي معاصيه خوفا من عقابه و قيل إنهم لما لم ينظروا في الأدلة و اشتغلوا بالأباطيل توهموا أن الله لم يهدهم فقالوا ذلك بالظن و لهذا رد الله عليهم بقوله بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي و قيل معناه لو أن الله هداني إلى النجاة بأن يردني إلى حال التكليف لكنت ممن يتقي المعاصي لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً أي رجعة إلى الدنيا وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ فزعموا أن له شريكا و ولدا وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَ لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ الذين تكبروا عن الإيمان بالله هذا استفهام تقرير أي فيها مثواهم و مقامهم.
و روى العياشي بإسناده عن خيثمة قال سمعت أبا عبد الله ع يقول من حدث عنا بحديث فنحن مسائلوه عنه يوما فإن صدق علينا فإنما يصدق على الله و على رسوله و إن كذب علينا فإنما يكذب على الله و على رسوله لأنا إذا حدثنا لا نقول قال فلان و قال فلان إنما نقول قال الله و قال رسوله ثم تلا هذه الآية وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ الآية ثم أشار خيثمة إلى أذنيه فقال صمتا إن لم أكن سمعته
و روى سورة بن كليب قال سألت أبا جعفر ع عن هذه الآية فقال كل إمام انتحل إمامة ليست له من الله قلت و إن كان علويا قال و إن كان علويا قلت و إن كان فاطميا قال و إن كان فاطميا
وَ يُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا معاصيه خوفا من عقابه بِمَفازَتِهِمْ أي بمنجاتهم من النار لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ أي لا يصيبهم المكروه و الشدة وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ على ما فاتهم من لذات الدنيا. و في قوله سبحانه وَ سِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا أي يساقون سوقا في عنف إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً أي فوجا بعد فوج حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها و هي سبعة أبواب وَ قالَ لَهُمْ خَزَنَتُها الموكلون بها على وجه التهجين و الإنكار أَ لَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ أي من أمثالكم من البشر يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ أي حججه و ما يدلكم على معرفته و وجوب عبادته وَ يُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا أي يخوفونكم من مشاهدة هذا اليوم و عذابه قالُوا بَلى وَ لكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ أي وجب العذاب على من كفر بالله لأنه أخبر بذلك و علم من يكفر و يوافي بكفره فقطع على عقابه و لم يكن يقع شيء على خلاف ما علمه قِيلَ أي فيقول عند ذلك خزنة جهنم ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها لا آخر لعقابكم فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ عن الحق و قبوله جهنم وَ سِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً أي يساقون مكرمين زمرة بعد زمرة و إنما ذكر السوق على وجه المقابلة حَتَّى إِذا جاؤُها وَ فُتِحَتْ أَبْوابُها قبل مجيئهم و هي ثمانية وَ قالَ لَهُمْ خَزَنَتُها عند استقبالهم سَلامٌ عَلَيْكُمْ سلامة من الله عليكم يحيونهم بالسلامة ليزدادوا بذلك سرورا و قيل هو دعاء لهم بالسلامة و الخلود أي سلمتم من الآفات طِبْتُمْ أي بالعمل الصالح في الدنيا و طابت أعمالكم الصالحة و زكت و قيل معناه طابت أنفسكم بدخول الجنة و قيل إنهم طيبوا قبل دخول الجنة بالمغفرة و اقتص لبعضهم من بعض فلما هذبوا و طيبوا قال لهم الخزنة طبتم و قيل أي طاب لكم المقام و قيل إنهم إذا قربوا من الجنة يردون على عين من الماء فيغتسلون بها و يشربون منها فيطهر الله أجوافهم فلا يكون بعد ذلك منهم حدث و أذى و لا تتغير ألوانهم فتقول الملائكة طبتم فَادْخُلُوها خالِدِينَ وَ قالُوا أي و يقول أهل الجنة إذا دخلوها اعترافا منهم بنعم الله عليم الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ الذي وعدناه على ألسنة الرسل وَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ أي أرض الجنة نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ أي نتخذ من الجنة مبوئا و مأوى حَيْثُ نَشاءُ و هذا إشارة إلى كثرة قصورهم و منازلهم و سعة نعمتهم فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ أي نعم ثواب المحسنين الجنة و النعيم فيها وَ تَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ معناه و من عجائب أمور الآخرة أنك ترى الملائكة محدقين بالعرش يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ أي ينزهون الله تعالى عما لا يليق به و يذكرونه بصفاته التي هو عليها و قيل يحمدون الله تعالى حيث دخل الموحدون الجنة و قيل إن تسبيحهم في ذلك الوقت على سبيل التلذذ و التنعم لا على وجه التعبد إذ ليس هناك تكليف و قد عظم الله سبحانه أمر القضاء في الآخرة بنصب العرش و قيام الملائكة حوله معظمين له سبحانه و مسبحين كما أن السلطان إذا أراد الجلوس للمظالم قعد على سريره و أقام جنده حوله تعظيما لأمره و إن استحال كونه عز و جل على العرش وَ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ أي و فصل بين الخلائق بالعدل وَ قِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ قيل من كلام أهل الجنة يقولون ذلك شكرا لله على النعمة التامة و قيل إنه من كلام الله فقال في ابتداء الخلق الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ و قال بعد إفناء الخلق ثم بعثهم و استقرار أهل الجنة في الجنة الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ فوجب الأخذ بأدبه في ابتداء كل أمر بالحمد و ختمه بالحمد.
و في قوله سبحانه وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ جمع شاهد و هم الذين يشهدون بالحق للمؤمنين و على المبطلين و الكافرين يوم القيامة و في ذلك سرور للمحق و فضيحة للمبطل في ذلك الجمع العظيم و قيل هم الملائكة و الأنبياء و المؤمنون و قيل هم الحفظة من الملائكة يشهدون للرسل بالتبليغ و على الكفار بالتكذيب و قيل هم الأنبياء وحدهم يشهدون للناس و عليهم. و في قوله سبحانه قالُوا آذَنَّاكَ ما مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ أي يقولون أعلمناك ما منا شاهد بأن لك شريكا يتبرءون من أن يكون مع الله شريك وَ ظَنُّوا أي أيقنوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ أي من مهرب و ملجإ. و في قوله عز و جل يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ أي رجوع و رد إلى الدنيا مِنْ سَبِيلٍ تمنيا منهم لذلك وَ تَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها أي على النار قبل دخولهم خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ أي ساكنين متواضعين في حال العرض يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ أي خفي النظر لما عليهم من الهوان يسارقون النظر إلى النار خوفا منها و ذلة في نفوسهم و قيل خفي ذليل عن ابن عباس و مجاهد و قيل من عين لا تفتح كلها و إنما نظروا ببعضها إلى النار وَ قالَ الَّذِينَ آمَنُوا لما رأوا عظيم ما نزل بالظالمين إِنَّ الْخاسِرِينَ في الحقيقة هم الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بأن فوتوها الانتفاع بنعيم الجنة وَ أَهْلِيهِمْ أي و أولادهم و أزواجهم و أقاربهم لا ينتفعون بهم يَوْمَ الْقِيامَةِ لما حيل بينهم و بينهم و قيل و أهليهم من الحور العين في الجنة لو آمنوا أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ هذا من قول الله تعالى و المقيم الدائم الذي لا زوال له وَ ما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ أي أنصار يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ و يدفعون عنهم عقابه وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ يوصله إلى الجنة اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ أي أجيبوا داعيه يعني محمدا ص مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ أي لا رجوع بعده إلى الدنيا أو لا يقدر أحد على رده و دفعه و هو و يوم القيامة أو لا يرد و لا يؤخر عن وقته و هو يوم الموت ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ أي معقل يعصمكم من العذاب وَ ما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ أي إنكار و تغيير للعذاب و قيل من نصير منكر لما يحل بكم.
و في قوله عز و جل وَ مَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ أي يعرض عنه و قيل معناه و من يعم عنه نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ أي نخل بينه و بين الشيطان الذي يغويه فيصير قرينه و قيل معناه نقرن به شيطانا في الآخرة يلزمه فيذهب به إلى النار كما أن المؤمن يقرن به ملك فلا يفارقه حتى يصير به إلى الجنة و قيل أراد به شياطين الإنس نحو علماء السوء و رؤساء الضلالة وَ إِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ أي يصرفون هؤلاء الكفار عَنِ السَّبِيلِ أي عن طريق الحق وَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ أي يحسب الكفار أنهم على الهدى فيتبعونهم حَتَّى إِذا جاءَنا قرأ أهل العراق غير أبي بكر جاءَنا على الواحد و الباقون جاءانا على الاثنين فعلى الثاني فالمعنى جاءنا الشيطان و من أغواه يوم القيامة و على الأول فالمعنى حتى إذا جاءنا الكافر و علم ما يستحقه من العقاب قالَ لقرينه الذي أغواه يا لَيْتَ بَيْنِي وَ بَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ يعني المشرق و المغرب فغلب أحدهما و المراد يا ليت بيني و بينك هذا البعد مسافة فلم أرك و لا اغتررت بك فَبِئْسَ الْقَرِينُ كنت لي في الدنيا فبئس القرين أنت لي اليوم فإنهما يكونان مشدودين في سلسلة واحدة زيادة عقوبة و غم عن ابن عباس و يقول الله سبحانه في ذلك اليوم للكفار وَ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ أي لا يخفف الاشتراك عنكم شيئا من العذاب لأن لكل واحدة من الكفار و الشياطين الحظ الأوفر من العذاب و قيل معناه أنه لا تسلي لهم عما هم فيه بما يرونه بغيرهم من العذاب لأنه قد يتسلى الإنسان عن المحنة إذا رأى أن عدوه في مثلها و قال البيضاوي وَ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ أي ما أنتم عليه من التمني إِذْ ظَلَمْتُمْ إذ صح أنكم ظلمتم أنفسكم في الدنيا أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ لأن حقكم أن تشتركوا أنتم و شياطينكم في العذاب كما كنتم مشتركين في سببه. و قال الطبرسي رحمه الله في قوله سبحانه الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ معناه إن الذين تخالوا و تواصلوا في الدنيا يكون بعضهم أعداء لبعض ذلك اليوم يعني يوم القيامة و هم الذين تخالوا على الكفر و المعصية و مخالفة النبي ص لما يرى كل واحد منهم من العذاب بسبب تلك المصادقة ثم استثنى من جملة الأخلاء المتقين فقال إِلَّا الْمُتَّقِينَ من المؤمنين الموحدين الذين خال بعضهم بعضا على الإيمان و التقوى فإن تلك الخلة تتأكد بينهم يوم القيامة يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ أي يقال لهم وقت الخوف لا خوف عليكم من العذاب اليوم وَ لا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ من فوت الثواب. و في قوله تعالى وَ تَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً أي و ترى يوم القيامة أهل كل ملة باركة على ركبها عن ابن عباس و قيل باركة مستوفزة على ركبها كهيئة قعود الخصوم بين يدي القضاة و قيل إن الجثو للكفار خاصة و قيل هو عام للكفار و المؤمنين ينتظرون الحساب كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا أي كتاب أعمالها و قيل إلى كتابها المنزل على رسولها ليسألوا عما عملوا به الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أي يقال لهم ذلك هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ أي يشهد عليكم بالحق و المعنى نبينه بيانا شافيا حتى كأنه ناطق إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أي نستكتب الحفظة ما كنتم تعملون في دار الدنيا و الاستنساخ الأمر بالنسخ قوله تعالى فِي رَحْمَتِهِ أي في جنته و ثوابه قوله تعالى أَ فَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ أي فيقال لهم ذلك فَاسْتَكْبَرْتُمْ أي تعظمتم عن قبولها وَ كُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ أي كافرين كما قال أَ فَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ قوله تعالى الْيَوْمَ نَنْساكُمْ أي نترككم في العقاب كما تركتم التأهب للقاء يومكم هذا و قيل أي نحلكم في العذاب محل المنسي كما أحللتم هذا اليوم محل المنسي قوله تعالى وَ لا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ أي لا يطلب منهم العتبى و الاعتذار لأن التكليف قد زال و قيل أي لا يقبل منهم العتبى. و في قوله عز و جل يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ أي على الصراط يوم القيامة و هو دليلهم إلى الجنة و يريد بالنور الضياء الذي يرونه و يمرون
فيه و قيل نورهم هداهم و قال قتادة إن المؤمن يضيء له نوره كما بين عدن إلى صنعاء و دون ذلك حتى أن من المؤمنين من لا يضيء له نوره إلا موضع قدميه و قال عبد الله بن مسعود يؤتون نورهم على قدر أعمالهم فمنهم من نوره قدر الجبل و أدناهم نورا نوره على إبهامه يطفأ مرة و يقد أخرى و قال الضحاك وَ بِأَيْمانِهِمْ يعني كتبهم التي أعطوها و نورهم بين أيديهم و تقول لهم الملائكة بُشْراكُمُ الْيَوْمَ أي الذي يبشرون به فيه. قوله انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قال الكلبي يستضئ المنافقون بنور المؤمنين و لا يعطون النور فإذا سبقهم المؤمنون قالوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ أي نستضيء بنوركم و نبصر الطريق فنتخلص من هذه الظلمات و قيل إنهم إذا خرجوا من قبورهم اختلطوا فيسعى المنافقون في نور المؤمنين فإذا ميزوا بقوا في الظلمة فيستغيثون و يقولون هذا القول قِيلَ أي فيقال للمنافقين ارْجِعُوا وَراءَكُمْ أي ارجعوا إلى المحشر حيث أعطينا النور فَالْتَمِسُوا نُوراً فيرجعون فلا يجدون نورا عن ابن عباس و ذلك أنه قال يغشى الجميع ظلمة شديدة ثم يقسم النور فيعطى المؤمن نورا و يترك الكافر و المنافق. و قيل معنى قوله ارْجِعُوا وَراءَكُمْ ارجعوا إلى الدنيا إن أمكنكم فاطلبوا النور منها فإنا حملنا النور منها بالإيمان و الطاعات و عند ذلك يقول المؤمنون رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ أي ضرب بين المؤمنين و المنافقين سور و الباء مزيدة لأن المعنى حيل بينهم و بينهم بسور و هو حائط بين الجنة و النار عن قتادة و قيل هو سور على الحقيقة لَهُ بابٌ أي لذلك السور باب باطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَ ظاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذابُ أي من قبل ذلك الظاهر و هو النار و قيل باطِنُهُ أي باطن ذلك السور فِيهِ الرَّحْمَةُ أي الجنة التي فيها المؤمنون وَ ظاهِرُهُ أي و خارج السور مِنْ قِبَلِهِ يأتيهم الْعَذابُ يعني أن المؤمنين يسبقونهم و يدخلون الجنة و المنافقين يجعلون في النار و العذاب و بينهم السور الذي ذكره الله يُنادُونَهُمْ أي ينادي المنافقون المؤمنين أَ لَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ في الدنيا نصوم و نصلي كما تصومون و تصلون و نعمل كما تعملون قالُوا أي المؤمنون بَلى كنتم معنا وَ لكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ أي استعملتموها في الكفر و النفاق و قيل تعرضتم للفتنة بالكفر و الرجوع عن الإسلام و قيل معناه أهلكتم أنفسكم بالنفاق وَ تَرَبَّصْتُمْ بمحمد ص الموت و قلتم يوشك أن يموت فنستريح منه و قيل تربصتم بالمؤمنين الدوائر وَ ارْتَبْتُمْ أي شككتم في الدين وَ غَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ التي تمنيتموها بأن تعود الدائرة على المؤمنين حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللَّهِ أي الموت و قيل إلقاؤهم في النار و قيل جاء أمر الله في نصرة دينه و نبيه و غلبته عليكم وَ غَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ يعني الشيطان غركم بحلم الله و إمهاله و قيل الغرور الدنيا فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ أيها المنافقون أي بدل بأن تفدوا أنفسكم من العذاب وَ لا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مظهرين له مَأْواكُمُ النَّارُ أي مقركم هِيَ مَوْلاكُمْ أي أولى بكم لما أسلفتم من الذنوب و المعنى أنها هي التي تلي عليكم لأنها قد ملكت أمركم فهي أولى لكم من كل شيء وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ أي بئس المأوى و المرجع الذي تصيرون إليه. و في قوله تعالى فَيَحْلِفُونَ لَهُ أي يقسمون لله كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ في دار الدنيا بأنهم كانوا مؤمنين في الدنيا في اعتقادهم و ظنهم لأنهم كانوا يعتقدون أن ما هم عليه هو الحق وَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أي و يحسب المنافقون في الدنيا أنهم مهتدون لأن في الآخرة تزول الشكوك و قال الحسن في القيامة مواطن فموطن يعرفون فيه قبح الكذب ضرورة فيتركونه و موطن يكونون فيه كالمدهوش فيتكلمون بكلام الصبيان
الكذب و غير الكذب وَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ في ذلك الموضع الذي يحلفون فيه بالكذب أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ في إيمانهم و أقوالهم في الدنيا و قيل معناه أولئك الخائبون كما يقال كذب ظنه أي خاب أمله. و في قوله سبحانه فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً أي فلما رأوا العذاب قريبا يعني يوم بدر و قيل معاينة و قيل إن اللفظ ماض و المراد به المستقبل و المعنى إذا بعثوا و رأوا القيامة قد قامت و رأوا ما أعد الله لهم من العذاب و هذا قول أكثر المفسرين سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا أي اسودت وجوههم و عليها الكأبة يعني قبحت وجوههم بالسواد و قيل معناه ظهر على وجوههم آثار الغم و الحسرة و نالهم السوء و الخزي وَ قِيلَ لهؤلاء الكفار إذا شاهدوا العذاب هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ قال الفراء تدعون و تدعون واحد مثل تدخرون و تذخرون و المعنى كنتم به تستعجلون و تدعون الله بتعجيله و هو قولهم إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ الآية و قيل هو من الدعوى أي تدعون أن لا جنة و لا نار
و روى الحاكم أبو القاسم الحسكاني بالأسانيد الصحيحة عن شريك عن الأعمش قال لما رأوا ما لعلي بن أبي طالب ع من الزلفى سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا
و عن أبي جعفر ع قال فلما رأوا مكان علي ع من النبي ص سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا يعني الذين كذبوا بفضله
و في قوله تعالى وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ أي ناعمة بهجة حسنة و قيل مسرورة و قيل مضيئة بيض يعلوها النور جعل الله سبحانه وجوه المؤمنين المستحقين للثواب بهذه الصفة علامة للخلق و الملائكة على أنهم الفائزون إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ اختلف فيه على وجهين أحدهما أن معناه نظر العين و الثاني أنه الانتظار فعلى الأول المراد إلى ثواب ربها ناظرة أي هي ناظرة إلى نعيم الجنة حالا بعد حال فيزداد بذلك سرورها و ذكر الوجوه و المراد أصحاب الوجوه و على الثاني المعنى منتظرة لثواب ربها روي ذلك عن علي ع أو مؤملة لتجديد الكرامة كما يقال عيني ممدودة إلى الله تعالى أو إلى فلان أو أنهم قطعوا آمالهم و أطماعهم من كل شيء سوى الله تعالى و على هذا فإن هذا الانتظار متى يكون فقيل إنه بعد الاستقرار في الجنة و قيل إنه قبل استقرار الخلق في الجنة و النار فكل فريق ينتظر ما هو له أهل و قد قيل في إضافة النظر إلى الوجوه أن الغم و السرور إنما يظهران في الوجوه فبين الله سبحانه أن المؤمن إذ ورد القيامة تهلل وجهه و أن الكافر العاصي يخاف مغبة أعماله القبيحة فيكلح وجهه و هو قوله وَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ أي كالحة عابسة متغيرة تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ أي تعلم و تستيقن أنه يعمل بها داهية تفقر ظهورهم أي تكسرها و قيل إنه على حقيقة الظن أي يظنون حصولها جملة و لا يعلمون تفصيلها. و في قوله سبحانه إِنَّا نَخافُ مِنْ رَبِّنا يَوْماً أي عذاب يوم عَبُوساً أي مكفهرا تعبس فيه الوجوه و وصف اليوم بالعبوس توسعا لما فيه من الشدة قال ابن عباس يعبث فيه الكافر حتى يسيل من بين عينيه عرق مثل القطران قَمْطَرِيراً أي صعبا شديدا و قيل القمطرير الذي يقلص الوجوه و يقبض الجباه و ما بين الأعين من شدته فَوَقاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذلِكَ الْيَوْمِ أي كفاهم الله و منع منهم أهوال يوم القيامة وَ لَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَ سُرُوراً أي استقبلهم بذلك. و في قوله تعالى بِما يُوعُونَ أي يجمعون في صدورهم و يضمرون في قلوبهم من التكذيب و الشرك و قيل بما يجمعون من الأعمال الصالحة و السيئة. قوله تعالى غَيْرُ مَمْنُونٍ أي غير منقوص و لا مقطوع و قيل غير منغص و لا مكدر بالمن. و في قوله سبحانه هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ أي قد أتاك حديث القيامة لأنها تغشى الناس بأهوالها بغتة و قيل الغاشية النار تغشى وجوه الكفار بالعذاب وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ أي ذليلة بالعذاب الذي يغشاها و الشدائد التي تشاهدها و المراد أرباب الوجوه و قيل المراد بالوجوه الكبراء عامِلَةٌ في النار ناصِبَةٌ فيها فلما لم يعمل الله سبحانه في الدنيا فأعملها و أنصبها في النار بمعالجة السلاسل و الأغلال قال الزجاج يكلفون ارتقاء جبل من حديد في النار و قال الكلبي يجرون على وجوههم في النار و قيل أي عاملة في الدنيا بالمعاصي ناصبة في النار يوم القيامة و قيل أي عاملة ناصبة في الدنيا على خلاف ما أمرهم الله تعالى به و هم الرهبان و أصحاب الصوامع و أهل البدع و الآراء الباطلة لا يقبل الله أعمالهم في البدعة و الضلالة و تصير هباء لا يثابون عليها.
و قال أبو عبد الله ع كل ناصب لنا و إن تعبد و اجتهد يصير إلى هذه الآية عامِلَةٌ ناصِبَةٌ تَصْلى ناراً حامِيَةً
قال ابن عباس قد حميت فهي تتلظى على أعداء الله و قيل إن المعنى أن هؤلاء يلزمون الإحراق بالنار التي في غاية الحرارة تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ أي و تسقى أيضا من عين حارة قد بلغت أناها و انتهت حرارتها قال الحسن قد أوقد عليها مذ خلقت فدفعوا إليها وردا عطاشا هذا شرابهم ثم ذكر طعامهم فقال لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ و هو نوع من الشوك يقال له الشبرق و أهل الحجاز يسمونه الضريع إذا يبس و هو أخبث طعام و أبشعه لا ترعاه دابة.
و عن ابن عباس قال قال رسول الله ص الضريع شيء يكون في النار يشبه الشوك أمر من الصبر و أنتن من الجيفة و أشد حرا من النار سماه الله الضريع
و قال أبو الدرداء و الحسن إن الله يرسل على أهل النار الجوع حتى يعدل عندهم ما هم فيه من العذاب فيستغيثون فيغاثون بطعام ذي غصة فيذكرون أنهم كانوا يجيزون الغصص في الدنيا بالماء فيستسقون فيعطشهم الله ألف سنة ثم يسقون من عين آنية شربة لا هنيئة و لا مريئة كلما أدنوها من وجوههم سلخ جلود وجوههم و شواها فإذا وصل إلى بطونهم قطعها فذلك قوله وَ سُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ و لما نزلت هذه الآية قال المشركون إن إبلنا لتسمن على الضريع و كذبوا في ذلك لأن الإبل لا ترعاه فقال سبحانه تكذيبا لهم لا يُسْمِنُ وَ لا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ أي لا يدفع جوعا و لا يسمن أحدا و قيل الضريع سم و قيل هو بمعنى مضرع أي يضرعهم و يذلهم و قيل هو الحجارة و وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ أي منعمة في أنواع اللذات ظاهر عليها أثر النعمة و السرور مضيئة مشرقة لِسَعْيِها في الدنيا راضِيَةٌ حين أعطيت الجنة بعملها و المعنى لثواب سعيها فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ أي مرتفعة القصور و الدرجات و قيل إن علو الجنة على وجهين علو الشرف و الجلالة و علو المكان و المنزلة لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً أي كلمة ساقطة لا فائدة فيها و قيل أي ذات لغو فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ قيل إنه اسم جنس و لكل إنسان في قصره عين جارية من كل شراب يشتهيه و في العيون الجارية من الحسن و اللذة ما لا يكون في الواقفة و لذلك وصف بها عيون أهل الجنة و قيل إن عيون الجنة تجري في غير أخدود و تجري كما يريد صاحبها فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ قال ابن عباس ألواحها من ذهب مكللة بالزبرجد و الدر و الياقوت مرتفعة ما لم يجئ أهلها فإذا أراد أن يجلس عليها تواضعت له حتى يجلس عليها ثم ترتفع إلى موضعها و قيل إنما رفعت ليرى المؤمنون بجلوسهم عليها جميع ما حولهم من الملك وَ أَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ على حافات العيون الجارية كلما أراد المؤمن شربها وجدها مملوءة و هي الأباريق ليس لها خراطيم و لا عرى تتخذ للشراب و قيل هي أواني الشراب من الذهب و الفضة و الجواهر يتمتعون بالنظر إليها بين أيديهم و يشربون بها ما يشتهونه من الأشربة و يتمتعون بالنظر إليها لحسنها وَ نَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ أي وسائد يتصل بعضها ببعض على هيئة مجالس الملوك في الدنيا وَ زَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ و هي البسط الفاخرة و الطنافس المخملة و المبثوثة المبسوطة المنثورة و يجوز أن يكون المعنى أنها مفرقة في المجالس.
و عن عاصم بن ضمرة عن علي ع أنه ذكر أهل الجنة فقال يجيئون فيدخلون فإذا أساس بيوتهم من جندل اللؤلؤ و سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ وَ أَكْوابٌ مَوْضُوعَةٌ وَ نَمارِقُ مَصْفُوفَةٌ وَ زَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ و لو لا أن الله قدرها لهم لالتمعت أبصارهم بما يرون و يعانقون الأزواج و يقعدون على السرر و يقولون الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا
و في قوله تعالى وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ أي وصي بعضهم بعضا بالصبر على فرائض الله و الصبر عن معصية الله أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ يؤخذ بهم ناحية اليمين و يأخذون كتبهم بأيمانهم و قيل هم أصحاب اليمن و البركة على أنفسهم و أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ يقابلونهم من كل وجه عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ أي مطبقة و قيل يعني أن أبوابها عليهم مطبقة فلا يفتح لهم باب و لا يخرج منها غم و لا يدخل فيها روح آخر الأبد
1- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن أحمد بن الوليد عن أبيه عن الصفار عن ابن عيسى عن ابن أبي عمير عن صباح الحذاء عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عن آبائه ع عن رسول الله ص قال إذا كان يوم القيامة جمع الله الخلائق في صعيد واحد و نادى مناد من عند الله يسمع آخرها كما يسمع أولهم يقول أين أهل الصبر قال فيقوم عنق من الناس فتستقبلهم زمرة من الملائكة فيقولون لهم ما كان صبركم هذا الذي صبرتم فيقولون صبرنا أنفسنا على طاعة الله و صبرناها عن معصيته قال فينادي مناد من عند الله صدق عبادي خلوا سبيلهم ليدخلوا الجنة بغير حساب قال ثم ينادي مناد آخر يسمع آخرهم كما يسمع أولهم فيقول أين أهل الفضل فيقوم عنق من الناس فتستقبلهم الملائكة فيقولون ما فضلكم هذا الذي ترديتم به فيقولون كنا يجهل علينا في الدنيا فنحتمل و يساء إلينا فنعفو قال فينادي مناد من عند الله تعالى صدق عبادي خلوا سبيلهم ليدخلوا الجنة بغير حساب قال ثم ينادي مناد من الله عز و جل يسمع آخرهم كما يسمع أولهم فيقول أين جيران الله جل جلاله في داره فيقوم عنق من الناس فتستقبلهم زمرة من الملائكة فيقولون لهم ما كان عملكم في دار الدنيا فصرتم به اليوم جيران الله تعالى في داره فيقولون كنا نتحاب في الله عز و جل و نتباذل في الله و نتوازر في الله قال فينادي مناد من عند الله تعالى صدق عبادي خلوا سبيلهم لينطلقوا إلى جوار الله في الجنة بغير حساب قال فينطلقون إلى الجنة بغير حساب ثم قال أبو جعفر ع فهؤلاء جيران الله في داره يخاف الناس و لا يخافون و يحاسب الناس و لا يحاسبون
ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ ابن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد عن الثمالي مثله بتغيير و سيأتي بيان ترديتم به أي اتصفتم به و صار بمنزلة الرداء يلزمكم فتعرفون به
2- فس، ]تفسير القمي[ أبي عن ابن أبي عمير عن عبد الله بن شريك العامري عن أبي عبد الله ع قال سأل علي ع رسول الله ص عن تفسير قوله يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ الآية قال يا علي إن الوفد لا يكونون إلا ركبانا أولئك رجال اتقوا الله فأحبهم الله و اختصهم و رضي أعمالهم فسماهم الله المتقين ثم قال يا علي أما و الذي فلق الحبة و برأ النسمة إنهم ليخرجون من قبورهم و بياض وجوههم كبياض الثلج عليهم ثياب بياضها كبياض اللبن عليهم نعال الذهب شراكها من لؤلؤ يتلألأ و في حديث آخر قال إن الملائكة لتستقبلنهم بنوق من العزة عليها رحائل الذهب مكللة بالدر و الياقوت و جلالها الإستبرق و السندس و خطامها جدل الأرجوان و زمامها من زبرجد فتطير بهم إلى المجلس مع كل رجل منهم ألف ملك من قدامه و عن يمينه و عن شماله يزفونهم زفا حتى ينتهوا بهم إلى باب الجنة الأعظم و على باب الجنة شجرة الورقة منها تستظل تحتها مائة ألف من الناس و عن يمين الشجرة عين مطهرة مزكية قال فيسقون منها شربة فيطهر الله قلوبهم من الحسد و يسقط من أبشارهم الشعر و ذلك قوله وَ سَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً من تلك العين المطهرة ثم يرجعون إلى عين أخرى عن يسار الشجرة فيغتسلون منها و هي عين الحياة فلا يموتون أبدا قال ثم يوقف بهم قدام العرش و قد سلموا من الآفات و الأسقام و الحر و البرد أبدا قال فيقول الجبار للملائكة الذين معهم احشروا أوليائي إلى الجنة فلا توقفوهم مع الخلائق فقد سبق رضاي عنهم و وجبت رحمتي لهم فكيف أريد أن أوقفهم مع أصحاب الحسنات و السيئات فيسوقهم الملائكة إلى الجنة فإذا انتهوا إلى باب الجنة الأعظم ضربوا الملائكة الحلقة ضربة فتصر صريرا فيبلغ صوت صريرها كل حوراء خلقها الله و أعدها لأوليائه فيتباشرون إذ سمعوا صرير الحلقة و يقول بعضهم لبعض قد جاءنا أولياء الله فيفتح لهم الباب فيدخلون الجنة و يشرف عليهم أزواجهم من الحور العين و الآدميين فيقلن لهم مرحبا بكم فما كان أشد شوقنا إليكم و يقول لهن أولياء الله مثل ذلك فقال علي ع من هؤلاء يا رسول الله فقال رسول الله ص هؤلاء شيعتك يا علي و أنت إمامهم و هو قوله يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً على الرحائل وَ نَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً
بيان الرحائل لعله جمع الرحالة ككتابة و هي السرج أو جمع الرحال الذي هو جمع الرحل و هو مركب البعير و قال الفيروزآبادي جدله يجدله و يجدله أحكم فتله و الجديل الزمام المجدول من أدم أو شعر في عنق البعير و الجمع ككتب و قال الأرجوان بالضم الأحمر و صبغ أحمر و الحمرة و الخطام بالكسر ما يجعل في أنف البعير لينقاد به و مثله الزمام و لعل المراد بالزمام هنا ما يعلق كالحلقة في أنف البعير ليشد به الحبل و بالخطام ذلك الحبل
4- فس، ]تفسير القمي[ أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن شعيب بن يعقوب عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي صلوات الله عليه قال في خليلين مؤمنين و خليلين كافرين و مؤمن غني و مؤمن فقير و كافر غني و كافر فقير فأما الخليلان المؤمنان فتخالا حياتهما في طاعة الله تبارك و تعالى و تباذلا و توادا عليها فمات أحدهما قبل صاحبه فأراه الله منزله في الجنة يشفع لصاحبه فقال يا رب خليلي فلان كان يأمرني بطاعتك و يعينني عليها و ينهاني عن معصيتك فثبته على ما ثبتني عليه من الهدى حتى تريه ما أريتني فيستجيب الله له حتى يلتقيا عند الله عز و جل فيقول كل واحد منهما لصاحبه جزاك الله من خليل خيرا كنت تأمرني بطاعة الله و تنهاني عن معصية الله و أما الكافران فتخالا بمعصية الله و تباذلا عليها و توادا عليها فمات أحدهما قبل صاحبه فأراه الله تبارك و تعالى منزله في النار فقال يا رب فلان خليلي كان يأمرني بمعصيتك و ينهاني عن طاعتك فثبته على ما ثبتني عليه من المعاصي حتى تريه ما أريتني من العذاب فيلتقيان عند الله يوم القيامة يقول كل واحد منهما لصاحبه جزاك الله من خليل شرا كنت تأمرني بمعصية الله و تنهاني عن طاعة الله قال ثم قرأ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ثم يؤمر بمؤمن غني يوم القيامة إلى الحساب يقول الله تبارك و تعالى عبدي قال لبيك يا رب قال أ لم أجعلك سميعا بصيرا و جعلت لك مالا كثيرا قال بلى يا رب قال فما أعددت للقائي قال آمنت بك و صدقت رسلك و جاهدت في سبيلك قال فما ذا فعلت فيما آتيتك قال أنفقت في طاعتك فقال ما ذا ورث عقبك قال خلقتني و خلقتهم و رزقتني و رزقتهم و كنت قادرا على أن ترزقهم كما رزقتني فوكلت عقبي إليك فيقول الله عز و جل صدقت اذهب فلو تعلم ما لك عندي لضحكت كثيرا ثم دعا بالمؤمن الفقير فيقول يا ابن آدم فيقول لبيك يا رب فيقول ما ذا فعلت فيقول يا رب هديتني لدينك و أنعمت علي و كففت عني ما لو بسطته لخشيت أن يشغلني عما خلقتني له فيقول الله عز و جل صدق عبدي لو تعلم ما لك عندي لضحكت كثيرا ثم دعا بالكافر الغني فيقول ما أعددت للقائي فيقول ما أعددت شيئا فيقول ما ذا فعلت فيما آتيتك فيقول ورثته عقبي فيقول له من خلقك فيقول أنت فيقول من رزقك فيقول أنت فيقول من خلق عقبك فيقول أنت فيقول أ لم أك قادرا على أن أرزق عقبك كما رزقتك فإن قال نسيت هلك و إن قال لم أدر ما أنت هلك فيقول الله عز و جل لو تعلم ما لك عندي لبكيت كثيرا قال ثم يدعى بالكافر الفقير فيقول يا ابن آدم ما فعلت فيما أمرتك فيقول ابتليتني ببلاء الدنيا حتى أنسيتني ذكرك و شغلتني عما خلقتني له فيقول له هلا دعوتني فأرزقك و سألتني فأعطيك فإن قال رب نسيت هلك و إن قال لم أدر ما أنت هلك فيقول له لو تعلم ما لك عندي لبكيت كثيرا
5- بشا، ]بشارة المصطفى[ أبو البركات عمر بن إبراهيم الحسيني عن سعيد بن محمد الثقفي عن محمد بن علي العلوي عن محمد بن الحسين السلمي عن علي بن العباس عن عباد بن يعقوب عن يونس بن أبي يعقوب عن رجل عن علي بن الحسين ع أن رجلا سأله عن القيامة قال إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين و الآخرين و جمع ما خلق في صعيد واحد ثم نزلت ملائكة السماء الدنيا فأحاطت بهم صفا ثم ضرب حولهم سرادق من نار ثم نزلت ملائكة السماء الثانية فأحاطوا بالسرادق ثم ضرب حولهم سرادق من نار ثم نزلت ملائكة السماء الثالثة فأحاطوا بالسرادق ثم ضرب حولهم سرادق من نار حتى عد ملائكة سبع سماوات و سبع سرادقات فصعق الرجل فلما أفاق قال يا ابن رسول الله أين علي و شيعته قال على كثبان المسك يؤتون بالطعام و الشراب لا يحزنهم ذلك
6- فس، ]تفسير القمي[ أبي عن ابن أبي عمير عن منصور بن يونس عن عمرو بن شيبة قال قلت لأبي جعفر ع جعلني الله فداك إذا كان يوم القيامة أين يكون رسول الله و أمير المؤمنين و شيعته فقال أبو جعفر رسول الله و علي و شيعته على كثبان من المسك الأذفر على منابر من نور يحزن الناس و لا يحزنون و يفزع الناس و لا يفزعون ثم تلا هذه الآية مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ فالحسنة و الله ولاية علي ثم قال لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَ تَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ
-7 ل، ]الخصال[ ابن المتوكل عن محمد العطار عن محمد بن أحمد عن القاشاني عمن ذكره عن عبد الله بن القاسم الجعفري عن أبي عبد الله ع قال القيامة عرس المتقين
8- فس، ]تفسير القمي[ قوله وَ نَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً تكون أعينهم مزرقة لا يقدرون أن يطرفوها
9- فس، ]تفسير القمي[ أبي عن النضر عن يحيى الحلبي عن الثمالي عن أبي جعفر ع قال يبعث الله يوم القيامة قوما بين أيديهم نور كالقباطي ثم يقال له كن هباء منثورا ثم قال أما و الله يا أبا حمزة إنهم كانوا يصومون و يصلون و لكن كانوا إذا عرض لهم شيء من الحرام أخذوه و إذا ذكر لهم شيء من فضل أمير المؤمنين ع أنكروه و قال و الهباء المنثور هو الذي تراه يدخل البيت في الكوة من شعاع الشمس
توضيح القباطي جمع القبطية و هي ثوب من ثياب مصر رقيقة بيضاء و كأنه منسوب إلى القبط و هم أهل مصر و ضم القاف من تغيير النسب كذا ذكره الجزري
10- فس، ]تفسير القمي[ قوله وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن أبي المعزى عن أبي عبد الله ع قال من ادعى أنه إمام و ليس بإمام قلت و إن كان علويا فاطميا قال و إن كان علويا فاطميا
11- فس، ]تفسير القمي[ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ قال شغل يشغل به عن غيره ثم ذكر عز و جل الذين تولوا أمير المؤمنين ع و تبرءوا من أعدائه فقال وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ ثم ذكر أعداء آل محمد ص وَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ تَرْهَقُها قَتَرَةٌ فقراء من الخير و الثواب أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ حدثنا سعيد بن محمد عن بكر بن سهل عن عبد الغني بن سعيد عن موسى بن عبد الرحمن عن مقاتل بن سليمان عن الضحاك عن ابن عباس في قوله مَتاعاً لَكُمْ وَ لِأَنْعامِكُمْ يريد منافع لكم و لأنعامكم و قوله وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ يريد مسودة تَرْهَقُها قَتَرَةٌ يريد قتار جهنم أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ أي الكافر الجاحد
12- فس، ]تفسير القمي[ جعفر بن أحمد عن عبيد الله بن موسى عن ابن البطائني عن أبيه عن أبي بصير في قوله فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَ لا ناصِرٍ قال ما له قوة يقوى بها على خالقه و لا ناصر من الله ينصره إن أراد به سوءا
13- ع، ]علل الشرائع[ أبي عن سعد عن إبراهيم بن مهزيار عن أخيه عن أحمد بن محمد عن حماد بن عثمان عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال إذا كان يوم القيامة أتي بالشمس و القمر في صورة ثورين عقيرين فيقذفان بهما و بمن يعبدهما في النار و ذلك أنهما عبدا فرضيا
إيضاح قال في النهاية فيه ما هذا العقير أي الجزور المنحور يقال جمل عقير و ناقة عقير قيل كانوا إذا أرادوا نحر البعير عقروه أي قطعوا إحدى قوائمه ثم نحروه و فيه أنه مر بحمار عقير أي أصابه عقر و لم يمت بعد. و في حديث كعب أن الشمس و القمر ثوران عقيران في النار قيل لما وصفهما الله تعالى بالسباحة في قوله تعالى كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ثم أخبر أنه يجعلهما في النار يعذب بهما أهلها بحيث لا يبرحانها صارا كأنهما زمنان عقيران حكى ذلك أبو موسى و هو كما تراه انتهى. أقول قوله فرضيا إما مبني على أن الشمس و القمر كنايتان هنا عن أبي بكر و عمر كما مر و سيأتي في الخبر و عبادتهما كناية عن إطاعتهما فيما نهى الله عنه و زجر أو الرضا مجاز لعدم شعورهما و سكوتهما ظاهرا لإيهامه الرضا و تعذيبهما لا يضرهما بل يضر من عبدهما و الحاصل أن كل من عبد و لم ينه عابده عن عبادته يدخل النار سواء كان مكلفا أم لا إذ لو كان مكلفا و لم ينه يكون راضيا بذلك كافرا و لو لم يكن مكلفا لا يتضرر بالعذاب و إنما يدخل النار لزيادة تعذيب عابديه و أما الملائكة و بعض الأنبياء و الأوصياء ع فلإنكارهم و عدم رضاهم أولئك عنها معبدون فظهر أن حمل الرضا على عدم الإنكار محمل صحيح مفيد لإخراج هؤلاء المقدسين على أنه لا يبعد أن يكون لهما شعور و الله يعلم
-14 ب، ]قرب الإسناد[ هارون عن ابن زياد عن جعفر عن أبيه أن رسول الله ص قال إن الله تبارك و تعالى يأتي يوم القيامة بكل شيء يعبد من دونه من شمس أو قمر أو غير ذلك ثم يسأل كل إنسان عما كان يعبد فيقول كل من عبد غيره ربنا إنا كنا نعبدها لتقربنا إليك زلفى قال فيقول الله تبارك و تعالى للملائكة اذهبوا بهم و بما كانوا يعبدون إلى النار ما خلا من استثنيت فإن أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ
15- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ علي بن إبراهيم الكاتب عن محمد بن أبي الثلج عن عيسى بن مهران عن محمد بن زكريا و المفيد عن الجعابي عن أحمد بن سعيد الهمداني عن العباس بن بكر عن محمد بن زكريا عن كثير بن طارق قال سألت زيد بن علي بن الحسين عن قول الله تعالى لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَ ادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً فقال يا كثير إنك رجل صالح و لست بمتهم و إني أخاف عليك أن تهلك إن كل إمام جائر فإن أتباعهم إذا أمر بهم إلى النار نادوا باسمه فقالوا يا فلان يا من أهلكنا هلم الآن فخلصنا مما نحن فيه ثم يدعون بالويل و الثبور فعندها يقال لهم لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَ ادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً ثم قال زيد بن علي رحمه الله حدثني أبي علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي قال قال رسول الله ص لعلي ع يا علي أنت و أصحابك في الجنة أنت و أتباعك يا علي في الجنة
16- من كتاب فضائل الشيعة، للصدوق رحمه الله بإسناده عن عامر الجهني قال دخل رسول الله ص المسجد و نحن جلوس و فينا أبو بكر و عمر و عثمان و علي ع في ناحية فجاء النبي ص فجلس إلى جانب علي ع فجعل ينظر يمينا و شمالا ثم قال إن عن يمين العرش و عن يسار العرش لرجالا على منابر من نور يتلألأ وجوههم نورا قال فقام أبو بكر فقال بأبي أنت و أمي يا رسول الله أنا منهم قال له اجلس ثم قام إليه عمر فقال له مثل ذلك فقال له اجلس فلما رأى ابن مسعود ما قال لهما النبي ص استوى قائما على قدميه ثم قال بأبي أنت و أمي يا رسول الله صفهم لنا نعرفهم بصفتهم قال فضرب على منكب علي ع ثم قال هذا و شيعته هم الفائزون
17- و بإسناده عن أبي بصير عن الصادق عن آبائه ع قال قال رسول الله ص يا علي أنا أول من ينفض التراب عن رأسه و أنت معي ثم سائر الخلق يا علي أنت و شيعتك على الحوض تسقون من أحببتم و تمنعون من كرهتم و أنتم الآمنون يوم الفزع الأكبر في ظل العرش يفزع الناس و لا تفزعون و يحزن الناس و لا تحزنون فيكم نزلت هذه الآية إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَ هُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَ تَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ يا علي أنت و شيعتك تطلبون في الموقف و أنتم في الجنان تتنعمون الخبر
18- و عن ابن الوليد عن الصفار عن عباد بن سليمان عن محمد بن سليمان عن أبيه قال قال أبو عبد الله ع لأبي بصير يا أبا محمد إن الله تبارك و تعالى يكرم الشباب منكم أن يعذبهم و يستحيي من الكهول أن يحاسبهم قال قلت هذا لنا خاص أم لأهل التوحيد فقال لا و الله إلا لكم خاصة ثم قال لقد ذكركم الله إذ حكى عن عدوكم و هم في النار إذ يقولون ما لَنا لا نَرى رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ الآيات و الله ما عنى و لا أراد بهذا غيركم إذ صرتم في هذا العالم شرار الناس فأنتم و الله في الجنة تحبرون و في النار تطلبون الخبر
19- و بإسناده عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عن آبائه ع قال قال رسول الله ص إذا كان يوم القيامة يؤتى بأقوام على منابر من نور تتلألأ وجوههم كالقمر ليلة البدر يغبطهم الأولون و الآخرون ثم سكت ثم أعاد الكلام ثلاثا فقال عمر بن الخطاب بأبي أنت و أمي هم الشهداء قال هم الشهداء و ليس هم الشهداء الذين تظنون قال هم الأنبياء قال هم الأوصياء قال هم الأوصياء و ليس هم الأوصياء الذين تظنون قال فمن أهل السماء أو من أهل الأرض قال هم من أهل الأرض قال فأخبرني من هم قال فأومأ بيده إلى علي ع فقال هذا و شيعته
20- و بإسناده عن محمد بن قيس و عامر بن السمط عن أبي جعفر ع قال قال رسول الله ص يأتي يوم القيامة قوم عليهم ثياب من نور على وجوههم نور يعرفون بآثار السجود يتخطون صفا بعد صف حتى يصيروا بين يدي رب العالمين يغبطهم النبيون و الملائكة و الشهداء و الصالحون فقال له عمر بن الخطاب من هؤلاء يا رسول الله الذين يغبطهم النبيون و الملائكة و الشهداء و الصالحون قال أولئك شيعتنا و علي إمامهم
21- و بإسناده عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عن أبيه عن جده ع قال قال رسول الله ص لعلي يا علي لقد مثلت لي أمتي في الطين حتى رأيت صغيرهم و كبيرهم أرواحا قبل أن تخلق أجسادهم و إني مررت بك و بشيعتك فاستغفرت لكم فقال علي يا نبي الله زدني فيهم قال نعم يا علي تخرج أنت و شيعتك من قبوركم و وجوهكم كالقمر ليلة البدر و قد فرجت عنكم الشدائد و ذهب عنكم الأحزان تستظلون تحت العرش يخاف الناس و لا تخافون و يحزن الناس و لا تحزنون و توضع لكم مائدة و الناس في المحاسبة
22- و بإسناده عن مالك الجهني عن أبي عبد الله ع قال ليس من قوم ائتموا بإمام في دار الدنيا إلا جاء يوم القيامة يلعنهم و يلعنونه إلا أنتم و من كان بمثل حالكم
23- ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ القاسم بن محمد عن علي عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله ع يقول يجاء بعبد يوم القيامة قد صلى فيقول يا رب صليت ابتغاء وجهك فيقال له إنك صليت ليقال ما أحسن صلاة فلان اذهبوا به إلى النار و يجاء بعبد قد قاتل فيقول يا رب قد قاتلت ابتغاء وجهك فيقال له بل قاتلت ليقال ما أشجع فلانا اذهبوا به إلى النار و يجاء بعبد قد تعلم القرآن فيقول يا رب تعلمت القرآن ابتغاء وجهك فيقال له بل تعلمت ليقال ما أحسن صوت فلان اذهبوا به إلى النار و يجاء بعبد قد أنفق ماله فيقول يا رب أنفقت مالي ابتغاء وجهك فيقال له بل أنفقته ليقال ما أسخى فلانا اذهبوا به إلى النار
24- ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ القاسم عن علي عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله ع إن الناس يقسم بينهم النور يوم القيامة على قدر إيمانهم و يقسم للمنافق فيكون نوره على إبهام رجله اليسرى فيطفأ نوره فيقول مكانكم حتى أقتبس من نوركم قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً يعني حيث قسم النور قال فيرجعون فيضرب بينهم السور قال فينادونهم من وراء السور أَ لَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قالُوا بَلى وَ لكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَ تَرَبَّصْتُمْ وَ ارْتَبْتُمْ وَ غَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَ غَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَ لا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ ثم قال يا أبا محمد أما و الله ما قال الله لليهود و النصارى و لكنه عنى أهل القبلة
25- ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ الحسن بن محبوب عن الحسن بن علي قال سمعت أبا الحسن ع يقول قال محمد بن علي ع إذا كان يوم القيامة نادى مناد أين الصابرون فيقوم عنق من الناس فينادي مناد أين المتصبرون فيقوم عنق من الناس فقلت جعلت فداك و ما الصابرون قال الصابرون على أداء الفرائض و المتصبرون على ترك المعاصي
26- من كتاب التمحيص، عن علي بن عفان عن أبي عبد الله ع قال إن الله ليعتذر إلى عبده المؤمن المحتاج كان في الدنيا كما يعتذر الأخ إلى أخيه فيقول لا و عزتي ما أفقرتك لهوان بك علي فارفع هذا الغطاء فانظر ما عوضتك من الدنيا فيكشف الغطاء فينظر إلى ما عوضه الله من الدنيا فيقول ما يضرني ما منعتني مع ما عوضتني
27- و عنه ع قال إن الله ما اعتذر إلى ملك مقرب و لا إلى نبي مرسل إلا إلى فقراء شيعتنا قيل له و كيف يعتذر إليهم قال ينادي مناد أين فقراء المؤمنين فيقوم عنق من الناس فيتجلى لهم الرب فيقول و عزتي و جلالي و علوي و آلائي و ارتفاع مكاني ما حبست عنكم شهواتكم في دار الدنيا هوانا بكم علي و لكن ذخرته لكم لهذا اليوم أ ما ترى قوله ما حبست عنكم شهواتكم في دار الدنيا اعتذارا قوموا اليوم فتصفحوا وجوه خلائقي فمن وجدتم له عليكم منة بشربة من ماء فكافوه عني بالجنة
28- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ ابن عبدون عن علي بن محمد بن الزبير عن علي بن الحسن بن فضال عن العباس عامر عن أحمد بن رزق عن يحيى بن العلاء الرازي قال دخل علي ع على رسول الله ص و هو في بيت أم سلمة فلما رآه قال كيف أنت يا علي إذا جمعت الأمم و وضعت الموازين و برز لعرض خلقه و دعي الناس إلى ما لا بد منه قال فدمعت عين أمير المؤمنين ع فقال رسول الله ص ما يبكيك يا علي تدعى و الله أنت و شيعتك غرا محجلين رواءً مرويين مبياضة وجوههم و يدعى بعدوك مسوادة وجوههم أشقياء معذبين أ ما سمعت إلى قول الله إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ أنت و شيعتك و الذين كفروا بآياتنا أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ عدوك يا علي
29- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ الحسين بن إبراهيم القزويني عن محمد بن وهبان عن محمد بن أحمد بن زكريا عن الحسن بن فضال عن علي بن عقبة عن أسباط بن سالم عن أيوب بن راشد قال سمعت أبا عبد الله ع يقول مانع الزكاة يطوق بحية قرعاء تأكل من دماغه و ذلك قول الله تعالى سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ
30- نوادر الراوندي، بإسناده عن جعفر بن محمد عن آبائه ع قال قال رسول الله ص كلكم يكلم ربه يوم القيامة ليس بينه و بينه ترجمان فينظر أمامه فلا يجد إلا ما قدم و ينظر عن يمينه فلا يجد إلا ما قدم ثم ينظر عن يساره فإذا هو بالنار فاتقوا النار و لو بشق تمرة فإن لم يجد أحدكم فبكلمة طيبة
31- و بهذا الإسناد قال قال رسول الله ص من أعان مؤمنا مسافرا في حاجته نفس الله تعالى عنه ثلاثا و سبعين كربة واحدة في الدنيا من الغم و الهم و اثنتين و سبعين كربة عند كربته العظمى قيل يا رسول الله و ما الكربة العظمى قال حيث يتشاغل الناس بأنفسهم حتى أن إبراهيم ع يقول أسألك بخلتي أن لا تسلمني إليها
32- ل، ]الخصال[ ابن المتوكل عن الحميري عن ابن عيسى عن ابن محبوب عمن ذكره عن أبي عبد الله ع قال الإنس على ثلاثة أجزاء فجزء تحت ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله و جزء عليهم الحساب و العذاب و جزء وجوههم وجوه الآدميين و قلوبهم قلوب الشياطين
33- يد، ]التوحيد[ أبي عن سعد عن ابن هاشم عن ابن فضال عن أبي جميلة عن محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل وَ يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ قال أفحم القوم و دخلتهم الهيبة و شخصت الأبصار وَ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَ قَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَ هُمْ سالِمُونَ
-34 فس، ]تفسير القمي[ يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَ يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ قال يكشف عن الأمور التي خفيت و ما غصبوا آل محمد حقهم وَ يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ قال يكشف لأمير المؤمنين ع فتصير أعناقهم مثل صياصي البقر يعني قرونها فَلا يَسْتَطِيعُونَ أن يسجدوا و هو عقوبة لهم لأنهم لم يطيعوا الله في الدنيا في أمره و هو قوله تعالى وَ قَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَ هُمْ سالِمُونَ قال إلى ولايته في الدنيا و هم يستطيعون
35- سن، ]المحاسن[ ابن يزيد عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان و غيره عن أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً قال يحشرون على النجائب
بيان قال الفيروزآبادي النجيب الكريم الحسيب و ناقة نجيب و نجيبة و الجمع نجائب
36- سن، ]المحاسن[ أبي عن حمزة بن عبد الله الجعفري عن أبي الحسن الدهني و عن جميل بن دراج عنه عن أبان بن تغلب قال قال أبو عبد الله ع إن الله يبعث شيعتنا يوم القيامة على ما فيهم من ذنوب أو غيره مبيضة وجوههم مستورة عوراتهم آمنه روعتهم قد سهلت لهم الموارد و ذهبت عنهم الشدائد يركبون نوقا من ياقوت فلا يزالون يدورون خلال الجنة عليهم شراك من نور يتلألأ توضع لهم الموائد فلا يزالون يطعمون و الناس في الحساب و هو قول الله تبارك و تعالى إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَها وَ هُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خالِدُونَ
37- سن، ]المحاسن[ محمد بن علي عن عبيس بن هشام عن أسباط بن سالم عن أبي عبد الله ع قال يخرج شيعتنا من قبورهم على نوق بيض لها أجنحة و شرك نعالهم نور يتلألأ قد وضعت عنهم الشدائد و سهلت لهم الموارد مستورة عوراتهم مسكنة روعاتهم قد أعطوا الأمن و الإيمان و انقطعت عنهم الأحزان يخاف الناس و لا يخافون و يحزن الناس و لا يحزنون و هم في ظل عرش الرحمن يوضع لهم مائدة يأكلون منها و الناس في الحساب
38- سن، ]المحاسن[ ابن يزيد عن ابن أبي عمير عن عبد الله بن سنان عن عبد الله بن شريك العامري عن أبي جعفر ع قال بينا رسول الله ص في نفر من أصحابه فيهم علي بن أبي طالب ع فقال يخرج قوم من قبورهم وجوههم أشد بياضا من القمر عليهم ثياب أشد بياضا من اللبن عليهم نعال من نور شركها من ذهب فيؤتون بنجائب من نور عليها رحائل من نور أزمتها سلاسل ذهب و ركبها من زبرجد فيركبون عليها حتى يصيروا أمام العرش و الناس يهتمون و يغتمون و يحزنون و هم يأكلون و يشربون فقال علي ع من هم يا رسول الله فقال أولئك شيعتك و أنت إمامهم
توضيح الشرك ككتب جمع الشراك بالكسر و هو سير النعل و كذا الركب بضمتين جمع الركاب و هو ما يوضع فيه الرحل عند الركوب
39- سن، ]المحاسن[ أبي عن أحمد بن عبد الملك عن جميل بن دراج عن محمد بن مسلم الثقفي قال قال أبو جعفر ع قال رسول الله ص إن عن يمين العرش قوما وجوههم من نور على منابر من نور يغبطهم النبيون ليسوا بأنبياء و لا شهداء فقالوا يا نبي الله و ما ازدادوا هؤلاء من الله إذا لم يكونوا أنبياء و لا شهداء إلا قربا من الله قال أولئك شيعة علي و علي إمامهم
40- سن، ]المحاسن[ ابن فضال عن مثنى الحناط عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع نحوه و اختلف فيه بعض لفظه قال يغبطهم النبيون و المرسلون قلت جعلت فداك ما أعظم منزلة هؤلاء قال هؤلاء و الله شيعة علي و هو إمامهم
41- سن، ]المحاسن[ ابن فضال عن محمد بن فضيل عن أبي حمزة قال قال أبو عبد الله ع شيعتنا أقرب الخلق من عرش الله يوم القيامة بعدنا
42- سن، ]المحاسن[ أبي عن سعدان بن مسلم عن الحسين بن أبي العلاء قال قال أبو عبد الله ع يا حسين شيعتنا ما أقربهم من الله و أحسن صنع الله إليهم يوم القيامة و الله لو لا أن يدخلهم وهن و يستعظم الناس ذلك لسلمت عليهم الملائكة قبلا
43- شي، ]تفسير العياشي[ عن سلام عن أبي جعفر ع في قوله الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ قال العطش يوم القيامة
44- شي، ]تفسير العياشي[ عن الفضيل عن ابن عبد الله ع مثله
45- قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ أبو هريرة سمعت أبا القاسم ع يقول يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ إلا من كان على ولاية علي بن أبي طالب فإنه لا يفر ممن والاه و لا يعادي من أحبه و لا يحب من أبغضه
46- شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع في قول الله كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً قال أ ما ترى البيت إذا كان الليل كان أشد سوادا من خارج فكذلك وجوههم تزداد سوادا
47- م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قال رسول الله ص إن من لا يؤمن بالقرآن فما آمن بالتوراة لأن الله تعالى أخذ عليهم الإيمان بهما لا يقبل الإيمان بأحدهما إلا بالإيمان بالآخر فكذلك فرض الله الإيمان بولاية علي بن أبي طالب ع كما فرض الإيمان بمحمد ص فمن قال آمنت بنبوة محمد ص و كفرت بولاية علي بن أبي طالب ع فما آمن بنبوة محمد ص إن الله تعالى إذا بعث الخلائق يوم القيامة نادى منادي ربنا نداء تعريف الخلائق في إيمانهم و كفرهم فقال الله أكبر الله أكبر و مناد آخر ينادي معاشر الخلائق ساعدوه على هذه المقالة فأما الدهرية و المعطلة فيخرسون عن ذلك و لا تنطق ألسنتهم و يقولها سائر الناس ثم يقول المنادي أشهد أن لا إله إلا الله فيقول الخلائق كلهم ذلك إلا من كان يشرك بالله تعالى من المجوس و النصارى و عبدة الأوثان فإنهم يخرسون فيبينون بذلك من سائر الخلائق ثم يقول المنادي أشهد أن محمدا رسول الله فيقولها المسلمون أجمعون و يخرس عنها اليهود و النصارى و سائر المشركين ثم ينادي مناد آخر من عرصات القيامة ألا فسوقوهم إلى الجنة لشهادتهم لمحمد ص بالنبوة فإذا النداء من قبل الله عز و جل لا بل قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ يقول الملائكة الذين قالوا سوقوهم إلى الجنة لشهادتهم لمحمد ص بالنبوة لما يقفون يا ربنا فإذا النداء من قبل الله قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ عن ولاية علي بن أبي طالب و آل محمد يا عبادي و إمائي إني أمرتهم مع الشهادة بمحمد شهادة أخرى فإذا جاءوا بها فعظموا ثوابهم و أكرموا مآبهم و إن لم يأتوا بها لم تنفعهم الشهادة لمحمد بالنبوة و لا لي بالربوبية فمن جاء بها فهو من الفائزين و من لم يأت بها فهو من الهالكين قال فمنهم من يقول قد كنت لعلي ع بالولاية شاهدا و لآل محمد ص محبا و هو في ذلك كاذب يظن كذبه ينجيه فيقال لهم سوف نستشهد على ذلك عليا ع فتشهد أنت يا أبا الحسن فتقول الجنة لأوليائي شاهدة و النار لأعدائي شاهدة فمن كان منهم صادقا خرجت إليه رياح الجنة و نسيمها فاحتملته فأوردته إلى أعلى غرفها و أحلته دار المقامة من فضل ربه لا يمسهم فيها نصب و لا يمسهم فيها لغوب و من كان منهم كاذبا جاءته سموم النار و حميمها و ظلها الذي هو ثلاث شعب لا ظَلِيلٍ وَ لا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ فتحمله في الهواء و تورده نار جهنم قال رسول الله ص فكذلك أنت قسيم الجنة و النار تقول لها هذا لي و هذا لك
بيان قوله تعالى إني أمرتهم توجيه للخطاب إلى الملائكة بعد توجيهه أولا إلى العباد و الإماء بندائهم ليسمعوا ما يأمر الله الملائكة فيهم
48- شي، ]تفسير العياشي[ عن حماد بن عيسى عمن رواه عن أبي عبد الله ع قال سئل عن قول الله وَ أَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ قال قيل له و ما ينفعهم إسرار الندامة و هم في العذاب قال كرهوا شماتة الأعداء
49- شي، ]تفسير العياشي[ عن عبد الله بن عطاء المكي قال سألت أبا جعفر ع عن قول الله رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ قال ينادي مناد يوم القيامة يسمع الخلائق إنه لا يدخل الجنة إلا مسلم ثم يود سائر الخلق أنهم كانوا مسلمين
50- و بهذا الإسناد عن أبي عبد الله ع فثم يود الخلق أنهم كانوا مسلمين
51- شي، ]تفسير العياشي[ عن إبراهيم بن عمر رفعه إلى أحدهما ع في قول الله وَ نَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ قال على جهاتهم
بيان لعله ع فسر الوجه بالجهة أي يحشرون متوجهين إلى الجهات التي كانوا إليها متوجهين في الدنيا من الاقتداء بأئمة الجور و عبادة الأصنام و كائنين على الأحوال التي كانوا عليها من الفساد و المعصية و لا يبعد أن يكون جهاتهم تصحيف جباههم
52- م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً إلى قوله وَ ما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ قال الإمام ع قال الله عز و جل لما آمن المؤمنون و قبل ولاية محمد و علي صلوات الله عليهما العاقلون و صد عنهما المعاندون وَ مِنَ النَّاسِ يا محمد مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً أعداء يجعلونهم لله أمثالا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ يحبون تلك الأنداد من الأصنام كحب الله و كحبهم لله وَ الَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ من هؤلاء المتخذين الأنداد مع الله لأن المؤمنين يرون الربوبية لله وحده لا يشركون به ثم قال يا محمد وَ لَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا باتخاذ الأصنام أندادا و اتخاذ الكفار و الفجار أمثالا لمحمد و علي إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ حين يرون العذاب الواقع بهم لكفرهم و عنادهم أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ لعلموا أن القوة لله يعذب من يشاء و يكرم من يشاء لا قوة للكفار يمتنعون بها عن عذابه وَ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذابِ و لعلموا أن الله شديد العذاب لمن اتخذ الأنداد مع الله ثم قال إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا لو رأى هؤلاء الكفار الذين اتخذوا الأنداد حين يتبرأ الذين اتبعوا الرؤساء مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا الرعايا و الأتباع وَ تَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ فنيت حيلتهم و لا يقدرون على النجاة من عذاب الله بشيء وَ قالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا الأتباع لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً يتمنون لو كان لهم كرة رجعة إلى الدنيا فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ هناك كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا هاهنا قال الله عز و جل كَذلِكَ كما تبرأ بعضهم من بعض يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ و ذلك أنهم عملوا في الدنيا لغير الله فيرون أعمال غيرهم التي كانت لله قد عظم الله ثواب أهلها و رأوا أعمال أنفسهم لا ثواب لها إذ كانت لغير الله أو كانت على غير الوجه الذي أمر الله به قال الله تعالى وَ ما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ كان عذابهم سرمدا دائما و كانت ذنوبهم كفرا لا تلحقهم شفاعة نبي و لا وصي و لا خير من خيار شيعتهم
قال علي بن الحسين ع قال رسول الله ص ما من عبد و لا أمة زال عن ولايتنا و خالف طريقتنا و سمى غيرنا بأسمائنا و أسماء خيار أهلنا الذي اختاره الله للقيام بدينه و دنياه و لقبه بالقائم و هو كذلك يلقبه معتقدا لا يحمله على ذلك تقية خوف و لا تدبير مصلحة دين إلا بعثه الله يوم القيامة و من كان قد اتخذه من دون الله وليا و حشر إليه الشياطين الذين كانوا يغوونه فقال له يا عبدي أ ربا معي هؤلاء كنت تعبد و إياهم كنت تطلب فمنهم فاطلب ثواب ما كنت تعمل و لك معهم عقاب أجرامك ثم يأمر الله تعالى أن يحشر الشيعة الموالون لمحمد و علي ع ممن كان في تقية لا يظهر ما يعتقده و ممن لم يكن عليه تقية و كان يظهر ما يعتقده فيقول الله تعالى انظروا حسنات شيعة محمد و علي فضاعفوها قال فتضاعف حسناتهم أضعافا مضاعفة ثم يقول الله تعالى انظروا ذنوب شيعة محمد و علي فينظرون فمنهم من قلت ذنوبه فكانت مغمورة في طاعته فهؤلاء السعداء مع الأولياء و الأصفياء و منهم من كثرت ذنوبه و عظمت يقول الله تعالى قدموا الذين كان لا تقية عليهم من أولياء محمد و علي فيقدمون فيقول الله تعالى انظروا حسنات عبادي هؤلاء النصاب الذين أخذوا الأنداد من دون محمد و علي و من دون خلفائهم فاجعلوها لهؤلاء المؤمنين لما كان من اغتيالهم بهم بوقيعتهم فيهم و قصدهم إلى أذاهم فيفعلون ذلك فتصير حسنات النواصب لشيعتنا الذين لم تكن عليهم تقية ثم يقول انظروا إلى سيئات شيعة محمد و علي فإن بقيت لهم على هؤلاء النصاب بوقيعتهم فيهم زيادات فاحملوا على أولئك النصاب بقدرها من الذنوب التي لهؤلاء الشيعة فيفعل ذلك ثم يقول عز و جل ائتوا بالشيعة المتقين لخوف الأعداء فافعلوا في حسناتهم و سيئاتهم و حسنات هؤلاء النصاب و سيئاتهم ما فعلتم بالأولين فيقول النواصب يا ربنا هؤلاء كانوا معنا في مشاهدنا حاضرين و بأقاويلنا قائلين و لمذاهبنا معتقدين فيقال كلا و الله يا أيها النصاب ما كانوا لمذاهبكم معتقدين بل كانوا بقلوبهم لكم إلى الله مخالفين و إن كانوا بأقوالكم قائلين و بأعمالكم عاملين للتقية منكم معاشر الكافرين قد اعتددنا لهم بأقاويلهم و أفاعيلهم اعتدادنا بأقاويل المطيعين و أفاعيل المحسنين إذ كانوا بأمرنا عاملين قال رسول الله ص فعند ذلك تعظم حسرات النصاب إذ كانوا رأوا حسناتهم في موازين شيعتنا أهل البيت و رأوا سيئات شيعتنا على ظهور معاشر النصاب فذلك قوله عز و جل كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ
53- م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ يحشر الله يوم القيامة شهر رمضان في أحسن صورة فيقيمه على تلعة لا يخفى على أحد ممن ضمه ذلك المحشر ثم يأمر و يخلع عليه من كسوة الجنة و خلعها و أنواع سندسها و ثيابها حتى يصير في العظم بحيث لا ينفذه بصر و لا يعي علم مقداره أذن و لا يفهم كنهه قلب ثم يقال لمناد من بطنان العرش ناد فينادي يا معشر الخلائق أ ما تعرفون هذا فيجيب الخلائق يقولون بلى لبيك داعي ربنا و سعديك أما إننا لا نعرفه فيقول منادي ربنا هذا شهر رمضان ما أكثر من سعد به و ما أكثر من شقي به ألا فليأته كل مؤمن له معظم بطاعة الله فيه فليأخذ حظه من هذه الخلع فتقاسموها بينكم على قدر طاعتكم لله و جدكم قال فيأتيه المؤمنون الذين كانوا لله مطيعين فيأخذون من تلك الخلع على مقادير طاعتهم في الدنيا فمنهم من يأخذ ألف خلعة و منهم من يأخذ عشرة آلاف و منهم من يأخذا أكثر من ذلك و أقل فيشرفهم الله بكراماته ألا و إن أقواما يتعاطون تناول تلك الخلع يقولون في أنفسهم لقد كنا بالله مؤمنين و له موحدين و بفضل هذا الشهر معترفين فيأخذونها و يلبسونها فتقلب على أبدانهم مقطعات نيران و سرابيل قطران يخرج على كل واحد منهم بعدد كل سلكة من تلك الثياب أفعى و حية و عقرب و قد تناولوا من تلك الثياب أعدادا مختلفة على قدر أجرامهم كل من كان جرمه أعظم فعدد ثيابه أكثر فمنهم الآخذ ألف ثوب و منهم الآخذ عشرة آلاف ثوب و منهم من يأخذ أكثر من ذلك و إنها لأثقل على أبدانهم من الجبال الرواسي على الضعيف من الرجال و لو لا ما حكم الله تعالى بأنهم لا يموتون لماتوا من أقل قليل ذلك الثقل و العذاب ثم يخرج عليهم بعدد كل سلكة من تلك السرابيل من القطران و مقطعات النيران أفعى و حية و عقرب و أسد و نمر و كلب من سباع النار فهذه تنهشه و هذه تلدغه و هذا يفترسه و هذا يمزقه و هذا يقطعه يقولون يا ويلنا ما لنا تحولت علينا هذه الثياب و قد كانت من سندس و إستبرق و أنواع خيار ثياب الجنة تحولت علينا مقطعات النيران و سرابيل قطران و هي على هؤلاء ثياب فاخرة ملذذة منعمة فيقال لهم ذلك بما كانوا يطيعون في شهر رمضان و كنتم تعصون و كانوا يعفون و كنتم تزنون و كانوا يخشون ربهم و كنتم تحبرون و كانوا يتقون السرق و كنتم تسرقون و كانوا يتقون ظلم عباد الله و كنتم تظلمون فتلك نتائج أفعالهم الحسنة و هذه نتائج أفعالكم القبيحة فهم في الجنة خالدون و لا يشيبون فيها و لا يهرمون و لا يحولون عنها و لا يخرجون و لا يقلقون فيها و لا يغتمون بل هم فيها سارون مبتهجون آمنون مطمئنون وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ و أنتم في النار خالدون تعذبون فيها و تهانون و من نيرانها إلى زمهريرها تنقلون و في حميمها تغتسلون و من زقومها تطعمون و بمقامعها تقمعون و بضروب عذابها تعاقبون الأحياء أنتم فيها و لا تموتون أبد الآبدين إلا من لحقته منكم رحمة رب العالمين فخرج منها بشفاعة محمد أفضل النبيين بعد العذاب الأليم و النكال الشديد
-54 جا، ]المجالس للمفيد[ المراغي عن أبي عبد الله الأسدي عن جعفر بن عبد الله العلوي عن يحيى بن هاشم عن أبي الصباح عن عبد الغفور الواسطي عن عبد الله بن محمد القرشي عن الحسن بن علي الراسبي عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس قال قال رسول الله ص الشاك في فضل علي بن أبي طالب ع يحشر يوم القيامة من قبره و في عنقه طوق من نار فيه ثلاثمائة شعبة على كل شعبة منها شيطان يكلح في وجهه و يتفل فيه
55- كش، ]رجال الكشي[ روى جماعة من أصحابنا منهم أبو بكر الحضرمي و أبان بن تغلب و الحسين بن أبي العلاء و صباح المزني عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع أن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال للبراء بن عازب كيف وجدت هذا الدين قال كنا بمنزلة اليهود قبل أن نتبعك تخف علينا العبادة فلما اتبعناك و وقع حقائق الإيمان في قلوبنا وجدنا العبادة قد تثاقلت في أجسادنا قال أمير المؤمنين ع فمن ثم يحشر الناس يوم القيامة في صور الحمير و تحشرون فرادى فرادى يؤخذ بكم إلى الجنة ثم قال أبو عبد الله ع ما بدا لكم ما من أحد يوم القيامة إلا و هو يعوي عواء البهائم أن اشهدوا لنا و استغفروا لنا فنعرض عنهم فما هم بعدها بمفلحين
بيان قوله ما بدا لكم كذا في النسخ التي عندنا و الظاهر أنه مصحف و يمكن حمله على أن المعنى اصنعوا ما بدا لكم من الطاعات فإنها تقبل منكم و نشفع فيكم و يحتمل أن يكون استفهاما إنكاريا أي أي شيء سنح لكم حتى جعلكم متحيرين في أمركم أ ما تعلمون أنه لا ينجو في القيامة غيركم
56- كنز، ]كنز جامع الفوائد و تأويل الآيات الظاهرة[ محمد بن العباس عن محمد بن يونس عن عثمان بن أبي شيبة عن عتبة بن سعيد عن جابر الجعفي عن أبي جعفر ع في قوله تعالى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ قال هم شيعتنا أهل البيت
-57 و قال أيضا حدثنا أحمد بن محمد بن موسى النوفلي عن محمد بن عبد الله عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن ابن زكريا الموصلي عن جابر الجعفي عن أبي جعفر عن أبيه عن جده ع أن النبي ص قال لعلي ع يا علي كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ و المجرمون هم المنكرون لولايتك قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ وَ كُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ فيقول لهم أصحاب اليمين ليس من هذا أتيتم فما الذي سلككم في سقر يا أشقياء قالوا وَ كُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ فقالوا لهم هذا الذي سلككم في سقر يا أشقياء و يوم الدين و يوم الميثاق حيث جحدوا و كذبوا بولايتك و عتوا عليك و استكبروا
58- كنز، ]كنز جامع الفوائد و تأويل الآيات الظاهرة[ محمد بن العباس عن أحمد بن هوذة عن إبراهيم بن إسحاق عن عبد الله بن حماد عن هاشم الصيداوي قال قال أبو عبد الله ع يا هاشم حدثني أبي و هو خير مني عن جدي عن رسول الله ص قال ما من رجل من فقراء شيعتنا إلا و ليس عليه تبعة قلت جعلت فداك و ما التبعة قال من الإحدى و الخمسين ركعة و من صوم ثلاثة أيام من الشهر فإذا كان يوم القيامة خرجوا من قبورهم و وجوههم مثل القمر ليلة البدر فيقال للرجل منهم سل تعط فيقول أسأل ربي النظر إلى وجه محمد ص قال فينصب لرسول الله ص منبر على درنوك من درانيك الجنة له ألف مرقاة بين المرقاة إلى المرقاة ركضة الفرس فيصعد محمد و أمير المؤمنين ع قال فيحف ذلك المنبر شيعة آل محمد ص فينظر الله إليهم و هو قوله وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ قال فيلقى عليهم النور حتى أن أحدهم إذا رجع لم تقدر الحوراء أن تملأ بصرها منه قال ثم قال أبو عبد الله ع يا هاشم لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ
59- كنز، ]كنز جامع الفوائد و تأويل الآيات الظاهرة[ قوله تعالى يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ الآية قال محمد بن العباس حدثنا الحسين بن أحمد عن محمد بن عيسى عن يونس بن عبد الرحمن عن يونس بن يعقوب عن خلف بن حماد عن هارون بن خارجة عن أبي بصير عن سعيد السمان عن أبي عبد الله ع قال قوله تعالى يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَ يَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً يعني علويا أتوالى أبا تراب
و روى محمد بن خالد البرقي عن يحيى الحلبي و هارون بن خارجة و خلف بن حماد عن أبي بصير مثله
60- و جاء في باطن تفسير أهل البيت ما يؤيد هذا التأويل في تأويل قوله تعالى أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً قال هو يرد إلى أمير المؤمنين ع فَيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً حتى يقول يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً أي من شيعة أبي تراب و معنى ربه أي صاحبه يعني أن أمير المؤمنين ع قسيم النار و الجنة و هو يتولى العذاب و الثواب و هو الحاكم في الدنيا و يوم المآب
61- فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ الحسين بن سعيد معنعنا عن جعفر بن محمد ع قال يحشر يوم القيامة شيعة علي رواء مرويين مبيضة وجوههم و يحشر أعداء علي يوم القيامة وجوههم مسودة ظامئين ثم قرأ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ
62- فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ الحسين بن سعيد معنعنا عن أبي جعفر ع قال إن رسول الله ص قال و عنده نفر من أصحابه و فيهم علي بن أبي طالب ع قال إن الله تعالى إذا بعث الناس يوم القيامة يخرج قوم من قبورهم بياض وجوههم كبياض الثلج عليهم ثياب بياضها كبياض اللبن و عليهم نعال من ذهب شراكها و الله من نور يتلألأ فيؤتون بنوق من نور عليها رحال الذهب قد وشحت بالزبرجد و الياقوت أزمة نوقهم سلاسل الذهب فيركبونها حتى ينتهوا إلى الجنان و الناس يحاسبون و يغتمون و يهتمون و هم يأكلون و يشربون فقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع من هم يا رسول الله قال هم شيعتك و أنت إمامهم و هو قول الله تعالى يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً قال على النجائب
63- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن حماد بن عيسى عن إبراهيم بن عمر اليماني عن أبي جعفر ع قال كل عين باكية يوم القيامة غير ثلاث عين سهرت في سبيل الله و عين فاضت من خشية الله و عين غضت عن محارم الله
64- كا، ]الكافي[ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الحسن بن علي الوشاء عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال سمعته يقول إن المتحابين في الله يوم القيامة على منابر من نور قد أضاء نور وجوههم و نور أجسادهم و نور منابرهم كل شيء حتى يعرفوا به فيقال هؤلاء المتحابون في الله
65- كا، ]الكافي[ العدة عن البرقي عن محمد بن علي عن عمر بن جبلة الأحمسي عن أبي الجارود عن أبي جعفر ع قال قال رسول الله ص المتحابون في الله يوم القيامة على أرض زبرجد خضراء في ظل عرشه عن يمينه و كلتا يديه يمين وجوههم أشد بياضا و أضوأ من الشمس الطالعة يغبطهم بمنزلتهم كل ملك مقرب و كل نبي مرسل يقول الناس من هؤلاء فيقال هؤلاء المتحابون في الله
بيان قال الجزري فيه و كلتا يديه يمين أي إن يديه تبارك و تعالى بصفة الكمال لا نقص في واحدة منهما لأن الشمال ينقص عن اليمين و اليد هنا مجاز انتهى أقول أي كلا طرفي عرشه متيمن مبارك لا يحضره إلا السعداء
66- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عبد الله بن مسكان عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله ع عن قول الله عز و جل سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فقال يا محمد ما من أحد يمنع من زكاة ماله شيئا إلا جعل الله ذلك يوم القيامة ثعبانا من نار مطوقا في عنقه ينهش من لحمه حتى يفرغ من الحساب ثم قال هو قول الله عز و جل سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ يعني ما بخلوا به من الزكاة
67- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن محمد بن خالد عن خلف بن حماد عن حريز قال قال أبو عبد الله ع ما من ذي مال ذهب أو فضة يمنع زكاة ماله إلا حبسه الله عز و جل يوم القيامة بقاع قفر و سلط عليه شجاعا أقرع يريده و هو يحيد عنه فإذا رأى أنه لا يتخلص منه أمكنه من يده فقضمها كما يقضم الفجل ثم يصير طوقا في عنقه و ذلك قول الله عز و جل سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ و ما من ذي مال إبل أو غنم أو بقر يمنع من زكاة ماله إلا حبسه الله يوم القيامة بقاع قفر يطؤه كل ذات ظلف بظلفها و ينهشه كل ذات ناب بنابها و ما من ذي مال نخل أو كرم أو زرع يمنع زكاتها إلا طوقه الله ربعة أرضه إلى سبع أرضين إلى يوم القيامة
بيان القاع أرض سهلة مطمئنة قد انفرجت عنها الجبال و الآكام و القفر الخلأ من الأرض و في بعض النسخ بقاع قرقر و القرقر القاع الأملس و قال الجزري فيه يجيء كنز أحدكم في القيامة شجاعا أقرع الأقرع الذي لا شعر على رأسه يريد حية قد تمعط جلد رأسه لكثرة سمة و طول عمره انتهى و حاد عنه مال و القضم الأكل بأطراف الأسنان و الفجل في بعض النسخ بالحاء المهملة و في بعضها بالجيم فعلى الثاني يقرأ الفعل على البناء للمفعول قوله ع ربعة أرضه أي قطعة أرضه و لعل المعنى أنه تعالى يلقي عليه مثل ثقل تلك العرصة في عالم البرزخ أو يعذبه عذابا يشبه ذلك
-68 كا، ]الكافي[ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن أيوب بن نوح عن ابن سنان عن أبي الجارود عن أبي جعفر ع قال إن الله تبارك و تعالى يبعث يوم القيامة ناسا من قبورهم مشدودة أيديهم إلى أعناقهم لا يستطيعون أن يتناولوا بها قيس أنملة معهم ملائكة يعيرونهم تعييرا شديدا يقولون هؤلاء الذين منعوا خيرا قليلا من خير كثير هؤلاء الذين أعطاهم الله فمنعوا حق الله في أموالهم
بيان قال الفيروزآبادي قيس رمح بالكسر قدره
69- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن علي بن النهدي عن أبي عبد الله ع قال من زار أخاه في الله و لله جاء يوم القيامة يخطر بين قباطي من نور لا يمر بشيء إلا أضاء له حتى يقف بين يدي الله عز و جل فيقول الله عز و جل مرحبا و إذا قال الله له مرحبا أجزل الله عز و جل له العطية
بيان قال الجزري فيه أنه كان يخطر في مشيته أي يتمايل و يمشي مشية المعجب
70- كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن ابن محبوب عن سدير الصيرفي قال قال أبو عبد الله ع في حديث طويل إذا بعث الله المؤمن من قبره خرج معه مثال يقدمه أمامه كلما رأى المؤمن هولا من أهوال يوم القيامة قال له المثال لا تفزع و لا تحزن و أبشر بالسرور و الكرامة من الله عز و جل حتى يقف بين يدي الله عز و جل فيحاسبه حسابا يسيرا و يأمر به إلى الجنة و المثال أمامه فيقول له المؤمن يرحمك الله نعم الخارج خرجت معي من قبري و ما زلت تبشرني بالسرور و الكرامة من الله حتى رأيت ذلك فيقول من أنت فيقول أنا السرور الذي كنت أدخلته على أخيك المؤمن في الدنيا خلقني الله عز و جل منه لأبشرك
71- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ع من أعان مؤمنا نفس الله عز و جل عنه ثلاثا و سبعين كربة واحدة في الدنيا و ثنتين و سبعين كربة عند كربه العظمى قال حيث يتشاغل الناس بأنفسهم
72- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حسين بن نعيم عن مسمع أبي سيار قال سمعت أبا عبد الله ع يقول من نفس عن مؤمن كربة نفس الله عنه كرب الآخرة و خرج من قبره و هو ثلج الفؤاد و من أطعمه من جوع أطعمه الله من ثمار الجنة و من سقاه شربة ماء سقاه الله من الرحيق المختوم
73- كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن عمر بن عبد العزيز عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله ع قال من كسا أخاه كسوة شتاء أو صيف كان حقا على الله أن يكسوه من ثياب الجنة و أن يهون عليه سكرات الموت و أن يوسع عليه في قبره و أن يلقى الملائكة إذا خرج من قبره بالبشرى و هو قول الله عز و جل في كتابه وَ تَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ
74- فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ محمد بن عيسى الدهقان معنعنا عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال سمعت رسول الله ص يقول لعلي يا علي أبشر و بشر فليس على شيعتك حسرة عند الموت و لا وحشة في القبور و لا حزن يوم النشور و لكأني بهم يخرجون من جدث القبور ينفضون التراب عن رءوسهم و لحاهم يقولون الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَ لا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ
75- فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ الحسين بن سعيد معنعنا عن علي ع قال أنا و شيعتي يوم القيامة على منابر من نور فيمر علينا الملائكة و يسلم علينا قال فيقولون من هذا الرجل و من هؤلاء فيقال لهم هذا علي بن أبي طالب ابن عم النبي فيقال من هؤلاء قال فيقال لهم هؤلاء شيعته قال فيقولون أين النبي العربي و ابن عمه فيقولون هما عند العرش قال فينادي مناد من السماء عند رب العزة يا علي ادخل الجنة أنت و شيعتك لا حساب عليك و لا عليهم فيدخلون الجنة و يتنعمون فيها من فواكهها و يلبسون السندس و الإستبرق و ما لم تر عين فيقولون الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ الذي من علينا بنبيه محمد ص و بوصية علي بن أبي طالب ع و الحمد لله الذي من علينا بهما من فضله و أدخلنا الجنة فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ فينادي مناد من السماء كُلُوا وَ اشْرَبُوا هَنِيئاً قد نظر إليكم الرحمن نظرة فلا بؤس عليكم و لا حساب و لا عذاب
76- فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ سليمان بن محمد معنعنا عن جهم بن حر قال دخلت في مسجد المدينة و صليت الركعتين إلى سارية ثم دعوت الله و قلت اللهم آنس وحدتي و ارحم غربتي و ائتني بجليس صالح يحدثني بحديث ينفعني الله به فجاء أبو الدرداء رضي الله عنه حتى جلس إلي فأخبرته بدعائي فقال أما إني أشد فرحا بدعائك منك إن الله جعلني ذلك الجليس الصالح الذي سافر إليك أما إني سأحدثك بحديث سمعته عن رسول الله ص لم أحدث به أحدا قبلك و لا أحدث بعدك سمعت رسول الله ص تلا هذه الآية ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ فقال السابق يدخل الجنة بغير حساب و المقتصد يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً و الظالم لنفسه يحبس في يوم مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ حتى يدخل الحزن في جوفه ثم يرحمه فيدخله الجنة فقال رسول الله ص الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ الذي أدخل أجوافهم في طول المحشر إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ قال شكر لهم العمل القليل و غفر لهم الذنوب العظام
-77 كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد عن علي بن الحكم عن سعدان قال قال أبو عبد الله ع إن الله عز و جل يلتفت يوم القيامة إلى فقراء المؤمنين شبيها بالمعتذر إليهم فيقول و عزتي و جلالي ما أفقرتكم في الدنيا من هوان بكم علي و لترون ما أصنع بكم اليوم فمن زود منكم في دار الدنيا معروفا فخذوا بيده فأدخلوه الجنة قال فيقول رجل منهم يا رب إن أهل الدنيا تنافسوا في دنياهم فنكحوا النساء و لبسوا الثياب اللينة و أكلوا الطعام و سكنوا الدور و ركبوا المشهور من الدواب فأعطني مثل ما أعطيتهم فيقول تبارك و تعالى لك و لكل عبد منكم مثل ما أعطيت أهل الدنيا منذ كانت الدنيا إلى أن انقضت الدنيا سبعون ضعفا
78- كا، ]الكافي[ العدة عن أحمد بن محمد عن البزنطي عن عيسى الفراء عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع قال إذا كان يوم القيامة أمر الله تبارك و تعالى مناديا ينادي بين يديه أين الفقراء فيقوم عنق من الناس كثير فيقول عبادي فيقولون لبيك ربنا فيقول إني لم أفقركم لهوان بكم علي و لكن إنما اخترتكم لمثل هذا اليوم تصفحوا وجوه الناس فمن صنع إليكم معروفا لم يصنعه إلا في فكافوه عني بالجنة
79- فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ الحسين بن سعيد عن سليمان بن داود بن سليمان القطان عن أحمد بن زياد عن يحيى بن سالم الفراء عن إسرائيل عن جابر عن أبي جعفر ع قال قال رسول الله ص لقنوا موتاكم لا إله إلا الله فإنها أنيس للمؤمن حين يمرق من قبره قال لي جبرئيل ع يا محمد لو ترى لهم حين يمرقون من قبورهم ينفضون التراب عن رءوسهم و هذا يقول لا إله إلا الله و الحمد لله مبيض وجهه و هذا يقول يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ يعني في ولاية علي مسود وجهه
بيان يمرق أي يخرج
80- كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن ابن عيسى عن محمد بن سنان عن داود بن فرقد عن أخيه قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إن المتكبرين يجعلون في صور الذر يتوطؤهم الناس حتى يفرغ الله من الحساب
81- فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ الحسين بن سعيد عن محمد بن مروان عن عبيد بن الفضل الثوري عن جعفر عن أبيه قال ينادي مناد يوم القيامة أين المحبون لعلي فيقومون من كل فج عميق فيقال لهم من أنتم قالوا نحن المحبون لعلي ع الخالصون له حبا فيقال فتشركون في حبه أحدا من الناس فيقولون لا فيقال لهم ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَ أَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ
82- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن النوفلي عن السكوني عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص يجيء كل غادر يوم القيامة بإمام مائل شدقه حتى يدخل النار و يجيء كل ناكث ببيعة إمام أجذم حتى يدخل النار
83- كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن سنان عن منذر بن يزيد عن المفضل بن عمر قال قال أبو عبد الله ع إذا كان يوم القيامة نادى مناد أين الصدود لأوليائي فيقوم قوم ليس على وجوههم لحم فيقال هؤلاء الذين آذوا المؤمنين و نصبوا لهم و عاندوهم و عنفوهم في دينهم ثم يؤمر بهم إلى جهنم
84- كا، ]الكافي[ العدة عن أحمد بن محمد و أبو علي الأشعري عن محمد بن حسان جميعا عن محمد بن علي عن محمد بن سنان عن فرات بن أحنف عن أبي عبد الله ع قال أيما مؤمن منع مؤمنا شيئا مما يحتاج إليه و هو يقدر عليه من عنده أو من عند غيره أقامه الله يوم القيامة مسودا وجهه مزرقة عيناه مغلولة يداه إلى عنقه فيقال هذا الخائن الذي خان الله و رسوله ثم يؤمر به إلى النار
85- كا، ]الكافي[ بالإسناد المتقدم عن ابن سنان عن يونس بن ظبيان قال قال أبو عبد الله ع يا يونس من حبس حق المؤمن أقامه الله عز و جل يوم القيامة خمسمائة عام على رجليه حتى يسيل عرقه أو دمه و ينادي مناد من عند الله هذا الظالم الذي حبس عن الله حقه قال فيوبخ أربعين يوما ثم يؤمر به إلى النار
86- كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن العلاء عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر ع يقول يحشر العبد يوم القيامة و ما ندا دما فيدفع إليه شبه المحجمة أو فوق ذلك فيقال له هذا سهمك من دم فلان فيقول يا رب إنك لتعلم أنك قبضتني و ما سفكت دما فيقول بلى سمعت من فلان رواية كذا و كذا فرويتها عليه فنقلت حتى صارت إلى فلان الجبار فقتله عليها و هذا سهمك من دمه
توضيح قال الجزري فيه من لقي الله و لم يتند من الدم الحرام بشيء دخل الجنة أي لم يصب منه شيئا و لم ينله منه شيء كأنه نالته نداوة الدم و بلله يقال ما نديني من فلان شيء أكرهه و لا نديت كفي له بشيء و يحتمل أن يكون هنا ندي كرضي بمعنى ابتل فيكون دما تمييزا
87- فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ جعفر بن محمد بن سعيد الأحمسي عن أبي يحيى البصري عن أبي جابر عن طعمة الجعفي عن المفضل بن عمر قال سأل السدي جعفر بن محمد ع عن قول الله تعالى مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ قال هي في علي و أولاده و شيعتهم هم المتقون و هم أهل الجنة و المغفرة
88- فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ فرات بن إبراهيم الكوفي معنعنا عن جعفر بن محمد ع قال كل عدو لنا ناصب منسوب إلى هذه الآية وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ عامِلَةٌ ناصِبَةٌ تَصْلى ناراً حامِيَةً تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ
89- فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ جعفر بن محمد بن يوسف معنعنا عن صفوان قال سمعت أبا الحسن ع يقول إلينا إياب هذا الخلق و عَلَيْنا حِسابَهُمْ
-90 فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ جعفر بن محمد الفزاري معنعنا عن قبيصة بن يزيد الجعفي قال دخلت على الصادق جعفر بن محمد ع و عنده البوس بن أبي الدوس و ابن ظبيان و القاسم الصيرفي فسلمت و جلست و قلت يا ابن رسول الله قد أتيتك مستفيدا قال سل و أوجز قلت أين كنتم قبل أن يخلق الله سماء مبنية و أرضا مدحية أو ظلمة أو نورا قال يا قبيصة لم سألتنا عن هذا الحديث في هذا الوقت أ ما علمت أن حبنا قد اكتتم و بغضنا قد فشا و أن لنا أعداء من الجن يخرجون حديثنا إلى أعدائنا من الإنس و أن الحيطان لها آذان كآذان الناس قال قلت قد سئلت عن ذلك قال يا قبيصة كنا أشباح نور حول العرش نسبح الله قبل أن يخلق آدم بخمسة عشر ألف عام فلما خلق الله آدم أفرغنا في صلبه فلم يزل ينقلنا من صلب طاهر إلى رحم مطهر حتى بعث الله محمدا ص فنحن عروة الله الوثقى من استمسك بنا نجا و من تخلف عنا هوى لا ندخله في باب ضلالة و لا نخرجه من باب هدى و نحن رعاة دين الله و نحن عترة رسول الله ص و نحن القبة التي طالت أطنابها و اتسع فناؤها من ضوى إلينا نجا إلى الجنة و من تخلف عنا هوى إلى النار قلت لوجه ربي الحمد أسألك عن قول الله تعالى إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ قال فينا التنزيل قلت إنما أسألك عن التفسير قال نعم يا قبيصة إذا كان يوم القيامة جعل الله حساب شيعتنا علينا فما كان بينهم و بين الله استوهبه محمد ص من الله و ما كان فيما بينهم و بين الناس من المظالم أداه محمد ص عنهم و ما كان فيما بيننا و بينهم وهبناه لهم حتى يدخلوا الجنة بغير حساب
بيان ضوى إليه مال
91- فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ جعفر بن أحمد معنعنا عن أبي عبد الله ع قال خرجت أنا و أبي ذات يوم فإذا هو بأناس من أصحابنا بين المنبر و القبر فسلم عليهم ثم قال أما و الله إني لأحب ريحكم و أرواحكم فأعينوني على ذلك بورع و اجتهاد من ائتم بعبد فليعمل بعمله و أنتم شيعة آل محمد ص و أنتم شرط الله و أنتم أنصار الله و أنتم السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ و السابقون الآخرون في الدنيا و السابقون في الآخرة إلى الجنة قد ضمنا لكم الجنة بضمان الله و ضمان رسول الله ص و أهل بيته أنتم الطيبون و نساؤكم الطيبات كل مؤمنة حوراء و كل مؤمن صديق كم مرة قد قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع لقنبر يا قنبر أبشر و بشر و استبشر و الله لقد قبض رسول الله ص و هو ساخط على جميع أمته إلا الشيعة و إن لكل شيء شرفا و إن شرف الدين الشيعة ألا و إن لكل شيء عروة و إن عروة الدين الشيعة ألا و إن لكل شيء إماما و إمام الأرض أرض يسكن فيها الشيعة ألا و إن لكل شيء سيدا و سيد المجالس مجالس الشيعة ألا و إن لكل شيء شهوة و إن شهوة الدنيا سكنى شيعتنا فيها و الله لو لا ما في الأرض منكم ما استكمل أهل خلافكم طيبات رزقهم و ما لهم فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ كل ناصب و إن تعبد و اجتهد منسوب إلى هذه الآية وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ عامِلَةٌ ناصِبَةٌ تَصْلى ناراً حامِيَةً تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ و من دعي من مخالف لكم فإجابة دعائه لكم و من طلب منكم إلى الله حاجة فله مائة و من سأل مسألة فله مائة و من دعا بدعوة فله مائة و من عمل منكم حسنة فلا يحصى تضاعفها و من أساء منكم سيئة فمحمد ص حجيجه يعني يحاج عنه و الله إن صائمكم ليرعى في رياض الجنة تدعو له الملائكة بالعون حتى يفطر و إن حاجكم و معتمركم لخاص الله و إنكم جميعا لأهل دعوة الله و أهل إجابته و أهل ولايته لا خوف عليكم و لا حزن كلكم في الجنة فتنافسوا في فضائل الدرجات و الله ما من أحد أقرب من عرش الله تعالى بعدنا يوم القيامة من شيعتنا ما أحسن صنع الله إليكم و الله لو لا أن تفتنوا فيشمت بكم عدوكم و يعلم الناس ذلك لسلمت عليكم الملائكة قبلا و قد قال أمير المؤمنين ع يخرجون يعني أهل ولايتنا من قبورهم يوم القيامة مشرقة وجوههم قرت أعينهم قد أعطوا الأمان يخاف الناس و لا يخافون و يحزن الناس و لا يحزنون و الله ما من عبد منكم يقوم إلى صلاته إلا و قد اكتنفته ملائكة من خلفه يصلون عليه و يدعون له حتى يفرغ من صلاته ألا و إن لكل شيء جوهرا و جوهر ولد آدم صلوات الله و سلامه عليه و نحن شيعتنا
قال سعدان بن مسلم و زاد في الحديث عيثم بن أسلم عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله ع و الله لو لا كم ما زخرفت الجنة و الله لو لا كم ما نبتت حبة و الله لو لا كم ما قرت عين و الله لله أشد حبا لكم مني فأعينونا على ذلك بالورع و الاجتهاد و العمل بطاعته
أقول روى الصدوق رحمه الله في كتاب فضائل الشيعة، مثله
92- كا، ]الكافي[ علي بن محمد عن صالح بن أبي حماد عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل وَ قَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً قال إن كانت أعمالهم لأشد بياضا من القباطي فيقول الله عز و جل لها كوني هباء و ذلك أنهم كان إذا شرع لهم الحرام أخذوه
93- فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ أبو القاسم الحسني معنعنا عن جابر عن أبي جعفر ع قال سألته عن قول الله يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ قال رسول الله ص هو نور المؤمنين يسعى بين أيديهم يوم القيامة إذا أذن الله له أن يأتي منزله في جنات عدن و المؤمنون يتبعونه و هو يسعى بين أيديهم حتى يدخل جنة عدن و هم يتبعونه حتى يدخلون معه و أما قوله بِأَيْمانِهِمْ فأنتم تأخذون بحجز آل محمد و يأخذ آله بحجز الحسن و الحسين و يأخذان بحجز أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع و يأخذ هو بحجز رسول الله ص حتى يدخلون معه في جنة عدن فذلك قوله بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
بيان إذا أذن الله له أي للنور و المراد به الإمام ع هذا إذا كان القول قول الرسول ص و يحتمل أن يكون رسول الله مبتدأ و نور المؤمنين خبره بل هو أظهر
94- فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ علي بن محمد بن عمر الزهري معنعنا عن أبي الجارود قال سألت أبا جعفر ع عن قوله تعالى يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً قال إذا كان يوم القيامة خطف قول لا إله إلا الله من قلوب العباد في الموقف إلا من أقر بولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع و هو قوله إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ من أهل ولايته فهم الذين يؤذن لهم بقول لا إله إلا الله
95- فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ القاسم بن الحسن بن حازم القرشي معنعنا عن أبي حمزة الثمالي قال دخلت على محمد بن علي ع و قلت يا ابن رسول الله حدثني بحديث ينفعني قال يا أبا حمزة كل يدخل الجنة إلا من أبى قال قلت يا ابن رسول الله أحد يأبى يدخل الجنة قال نعم قال قلت من قال من لم يقل لا إله إلا الله محمد رسول الله قال قلت يا ابن رسول الله لا أروي هذا الحديث عنك قال و لم قلت إني تركت المرجئة و القدرية و الحرورية و بني أمية كل يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله قال أيهات أيهات إذا كان يوم القيامة سلبهم الله تعالى إياها لا يقولها إلا نحن و شيعتنا و الباقون برآء أ ما سمعت الله يقول يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً قال من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله
96- نهج، ]نهج البلاغة[ فالله الله عباد الله فإن الدنيا ماضية بكم على سنن و أنتم و الساعة في قرن و كأنها قد جاءت بأشراطها و أزفت بأفراطها و وقفت بكم على صراطها و كأنها قد أشرفت بزلازلها و أناخت بكلاكلها و انصرمت الدنيا بأهلها و أخرجتهم من حضنها فكانت كيوم مضى و شهر انقضى و صار جديدها رثا و سمينها غثا في موقف ضنك المقام و أمور مشتبهة عظام و نار شديد كلبها عال لجبها ساطع لهبها متغيظ زفيرها متأجج سعيرها بعيد خمودها ذاك وقودها مخوف وعيدها عميق قرارها مظلمة أقطارها حامية قدروها فظيعة أمورها وَ سِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا... إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً قد أمنوا العذاب و انقطع العتاب و زحزحوا عن النار و اطمأنت بهم الدار و رضوا المثوى و القرار الذين كانت أعمالهم في الدنيا زاكية و أعينهم باكية و كان ليلهم في دنياهم نهارا تخشعا و استغفارا و كان نهارهم ليلا توحشا و انقطاعافجعل الله لهم الجنة ثوابا و كانوا أحق بها و أهلها في ملك دائم و نعيم قائم
بيان على سنن أي على طريقة الأمم الماضية يهلككم كما أهلكهم و القرن حبل يشد به البعيران بأفراطها أي مقدماتها و الكلاكل جمع الكلكل و هو الصدر و يقال للأمر الثقيل قد أناخ عليهم بكلكله أي هدهم و رضهم كما يهد البعير البارك من تحته إذا أنيخ عليه بصدره و الجمع باعتبار تعدد أهوالها و الحضن بالكسر الجنب و الرث البالي و الغث المهزول و الضنك الضيق و الكلب الشدة و الأذى و اللجب الصوت و التغيظ الهيجان و الغليان و الذكاء شدة وهج النار و حمي التنور اشتد حرها و زحزحه عن كذا باعده
-97 م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قال الإمام ع في ثواب قراءة سورة البقرة قال رسول الله ص و إن والدي القارئ ليتوجان بتاج الكرامة يضيء نوره من مسيرة عشرة آلاف سنة و يكسيان حلة لا يقوم لأقل سلك منها مائة ألف ضعف ما في الدنيا بما يشتمل عليه من خيراتها ثم يعطى هذا القارئ الملك بيمينه في كتاب و الخلد بشماله في كتاب يقرأ من كتابه بيمينه قد جعلت من أفاضل ملوك الجنان و من رفقاء محمد سيد الأنبياء و علي خير الأوصياء و الأئمة بعدهما سادة الأتقياء و يقرأ من كتابه بشماله قد أمنت الزوال و الانتقال عن هذا الملك و أعذت من الموت و الأسقام و كفيت الأمراض و الأعلال و جنبت حسد الحاسدين و كيد الكائدين ثم يقال له اقرأ و ارق و منزلك عند آخر آية تقرؤها فإذا نظر والداه إلى حليتيهما و تاجيهما قالا ربنا أنى لنا هذا الشرف و لم تبلغه أعمالنا فقال الله عز و جل لهما هذا لكما بتعليمكما ولدكما القرآن
98- م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قال الرضا ع أفضل ما يقدمه العالم من محبينا و موالينا أمامه ليوم فقره و فاقته و ذله و مسكنته أن يغيث في الدنيا مسكينا من محبينا من يد ناصب عدو لله و لرسوله يقوم من قبره و الملائكة صفوف من شفير قبره إلى موضع محله من جنان الله فيحملونه على أجنحتهم يقولون مرحبا طوباك طوباك يا دافع الكلاب عن الأبرار و يا أيها المتعصب للأئمة الأخيار
99- ثو، ]ثواب الأعمال[ عن أبي جعفر ع قال كان فيما ناجى به موسى ع ربه أن قال يا رب ما لمن شيع جنازة قال أوكل به ملائكة من ملائكتي معهم رايات يشيعونهم من قبورهم إلى محشرهم
100- فس، ]تفسير القمي[ قوله تعالى يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ بِأَيْمانِهِمْ قال يقسم النور بين الناس يوم القيامة على قدر إيمانهم و يقسم للمنافق فيكون نوره بين إبهام رجله اليسرى فينطفئ نوره ثم يقول للمؤمنين مكانكم حتى أقتبس من نوركم فيقول المؤمنون لهم ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فيرجعون و يضرب بينهم بسور فينادون من وراء السور المؤمنين أَ لَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ فيقولون بَلى وَ لكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ قال بالمعاصي وَ ارْتَبْتُمْ قال شككتم و تربصتم
-101 فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ أبو القاسم الحسني رفعه عن جابر عن النبي ص أنه قال أبشر يا علي ما من عبد يحبك و ينتحل مودتك إلا بعثه الله يوم القيامة معنا ثم قرأ النبي ص هذه الآية إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ نَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ
102- فس، ]تفسير القمي[ قوله تعالى وَ كُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً قال يوم القيامة فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ هم المؤمنون من أصحاب التبعات يوقفون للحساب وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ قد سبقوا إلى الجنة بلا حساب
103- فس، ]تفسير القمي[ يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً قال إذا كان يوم القيامة جمع الله الذين غصبوا آل محمد حقهم فيعرض عليهم أحمالهم فيحلفون له أنهم لم يعملوا منها شيئا كما حلفوا لرسول الله ص في الدنيا حين حلفوا أن لا يردوا الولاية في بني هاشم و حين هموا بقتل رسول الله ص في العقبة فلما أطلع الله نبيه ص و أخبرهم حلفوا له أنهم لم يقولوا ذلك و لم يهموا به فأنزل الله على رسوله يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا وَ لَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَ كَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَ هَمُّوا بِما لَمْ يَنالُوا وَ ما نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْناهُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ قال إذا عرض الله ذلك عليهم في القيامة ينكرونه و يحلفون له كما حلفوا لرسول الله ص و هو قوله تعالى يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَما يَحْلِفُونَ لَكُمْ وَ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلى شَيْءٍ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكاذِبُونَ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أي غلب عليهم الشيطان أُولئِكَ حِزْبُ الشَّيْطانِ أي أعوانه
104- فس، ]تفسير القمي[ هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ يعني قد أتاك يا محمد حديث القيامة و معنى الغاشية أن يغشى الناس وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خاشِعَةٌ عامِلَةٌ ناصِبَةٌ و هم الذين خالفوا دين الله و صلوا و صاموا و نصبوا لأمير المؤمنين ع و هو قوله تعالى عامِلَةٌ ناصِبَةٌ عملوا و نصبوا فلا يقبل منهم شيء من أفعالهم و تَصْلى وجوههم ناراً حامِيَةً تُسْقى مِنْ عَيْنٍ آنِيَةٍ قال لها أنين من شدة حرها لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ قال عرق أهل النار و ما يخرج من فروج الزواني لا يُسْمِنُ وَ لا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ ثم ذكر أتباع أمير المؤمنين ع فقال وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناعِمَةٌ لِسَعْيِها راضِيَةٌ يرضى الله ما سعوا فيه فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً قال الهزل و الكذب
بيان قوله لها أنين ليس الغرض أنها مشتقة من الأنين بل إنها من شدة حرها و غليانها لها أنين و يحتمل أن يكون من الأنين قلبت الثانية ياء من قبيل أمليت و في بعض النسخ لها نتن
105- م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قال قال النبي ص لعلي ع إن الله يعلم من الحسب ما لا يبلغه عقول الخلائق إنه يضرب ألفا و سبعمائة في ألف و سبعمائة ثم ما ارتفع من ذلك في مثله إلى أن يفعل ذلك ألف مرة ثم آخر ما يرتفع من ذلك عدد ما يهبه الله لك في الجنة من القصور و ساق الحديث إلى أن قال و هذا العدد هو عدد من يدخلهم الجنة و يرضى عنهم لمحبتهم لك و أضعاف هذا العدد من يدخلهم النار من الشياطين من الجن و الإنس ببغضهم لك و وقيعتهم فيك و تنقيصهم إياك و ساقه إلى أن قال ينادي مناد يوم القيامة أين محبو علي بن أبي طالب ع فيقوم قوم من الصالحين فيقال لهم خذوا بأيدي من شئتم في عرصات القيامة فأدخلوهم الجنة فأقل رجل منهم ينجو بشفاعته من أهل تلك العرصات ألف ألف رجل ثم ينادي مناد أين البقية من محبي علي بن أبي طالب ع فيقوم قوم مقتصدون فيقال لهم تمنوا على الله عز و جل ما شئتم فيتمنون فيفعل بكل واحد منهم ما تمنى ثم يضعف له مائة ألف ضعف ثم ينادي مناد أين البقية من محبي علي بن أبي طالب ع فيقوم قوم ظالمون لأنفسهم معتدون عليها فيقال أين المبغضون لعلي بن أبي طالب ع فيؤتى بهم جم غفير و عدد عظيم كثير فيقال ألا نجعل كل ألف من هؤلاء فداء لواحد من محبي علي بن أبي طالب ع ليدخلوا الجنة فينجي الله عز و جل محبيك و يجعل أعداءهم فداءهم ثم قال رسول الله ع هذا الأفضل الأكرم محبه محب الله و محب رسوله و مبغضه مبغض الله و مبغض رسوله
106- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ أبو عمرو عن ابن عقدة عن أحمد بن يحيى عن عبد الرحمن عن أبيه عن الوصاف عن أبي بريدة عن النبي ص قال لا يؤمر رجل على عشرة فما فوقهم إلا جيء به يوم القيامة مغلولة يده إلى عنقه فإن كان محسنا فك عنه و إن كان مسيئا زيد غلا إلى غله
107- فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ جعفر بن محمد الأحمسي رفعه إلى أبي ذر رضي الله عنه قال قال النبي ص يا أبا ذر يؤتى بجاحد حق علي و ولايته يوم القيامة أصم و أبكم و أعمى يتكبكب في ظلمات يوم القيامة ينادي يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ و يلقى في عنقه طوق من النار و لذلك الطوق ثلاثمائة شعبة على كل شعبة شيطان يتفل في وجهه و يكلح من جوف قبره إلى النار
إيضاح الكلوح العبوس
108- فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ بإسناده عن جعفر عن أبيه ع قال ينادي مناد يوم القيامة أين المحبون لعلي ع فيقومون من كل فج عميق فيقال لهم من أنتم فيقولون نحن المحبون لعلي الخالصون له حبا فيقال لهم فتشركون في حبه أحدا من الناس فيقولون لا فيقال لهم ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَ أَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ
109- فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ الحسين بن سعيد عن علي بن السخت ع عن الحسن بن الحسين بن أحمد عن أحمد بن سعيد الأنماطي عن عبد الله بن الحسين عن أبيه عن جده عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع قال قال رسول الله ص يا علي كذب من زعم أنه يحبني و يبغضك يا علي إنه إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش أين محبو علي و شيعته أين محبو علي و من يحبه أين المتحابون في الله أين المتباذلون في الله أين المؤثرون على أنفسهم أين الذين جفت ألسنتهم من العطش أين الذين يصلون في الليل و الناس نيام أين الذين يبكون من خشية الله لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَ لا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ أنتم رفقاء محمد ص قروا عينا ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَ أَزْواجُكُمْ تُحْبَرُونَ
110- فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ بإسناده عن جابر عن النبي ص قال يا علي ما من عبد يحبك و ينتحل مودتك إلا بعثه الله يوم القيامة معنا
111- ثو، ]ثواب الأعمال[ ابن الوليد عن الصفار عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن الميثمي عن إسماعيل الجعفي عن أبي عبد الله ع قال قال رسول الله ص لا يبغضنا أهل البيت أحد إلا بعثه الله أجذم
112- ثو، ]ثواب الأعمال[ بإسناد عن أبي جعفر ع قال يحشر المكذبون بقدره تعالى من قبورهم قد مسخوا قردة و خنازير
113- ثو، ]ثواب الأعمال[ ابن المتوكل عن موسى بن جعفر عن موسى بن عمران عن النوفلي عن السكوني عن الصادق عن آبائه عن علي ع قال يجاء بأصحاب البدع يوم القيامة فترى القدرية من بينهم كالشامة البيضاء في الثور الأسود فيقول الله عز و جل ما أردتم فيقولون أردنا وجهك فيقول الله قد أقلتكم عثراتكم و غفرت لكم زلاتكم إلا القدرية فإنهم قد دخلوا في الشرك من حيث لا يعلمون
114- كا، ]الكافي[ الحسين بن محمد عن المعلى عن أبي داود المسترق عن علي بن ميمون عن ابن أبي يعفور قال سمعت أبا عبد الله ع يقول ثلاثة لا يَنْظُرُ الله إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ لا يُزَكِّيهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ من ادعى إمامة من الله ليست له و من جحد إماما من الله و من زعم أن لهما في الإسلام نصيبا
كا، ]الكافي[ العدة عن أحمد بن محمد عن الوشاء عن داود الحمار عن ابن أبي يعفور مثله
-115 ل، ]الخصال[ أبي عن سعد عن علي بن إسماعيل الأشعري عن محمد بن سنان عن أبي مالك الجهني عن أبي عبد الله ع مثله و فيه من ادعى إماما ليست إمامته من الله
116- م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ في قوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتابِ وَ يَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا قال قال الله في صفة الكاتمين لفضلنا أهل البيت إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتابِ المشتمل على ذكر فضل محمد ص على جميع النبيين و فضل علي على جميع الوصيين وَ يَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا يكتمونه ليأخذوا عليه عرضا من الدنيا يسيرا و ينالوا به في الدنيا عند جهال عباد الله رئاسة قال الله عز و جل أُولئِكَ ما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ بدلا من إصابتهم اليسير من الدنيا لكتمانهم الحق وَ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ بكلام خير بل يكلمهم بأن يلعنهم و يخزيهم و يقول بئس العباد أنتم غيرتم ترتيبي و أخرتم من قدمته و قدمتم من أخرته و واليتم من عاديته و عاديتم من واليته وَ لا يُزَكِّيهِمْ من ذنوبهم وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ موجع في النار
117- ثو، ]ثواب الأعمال[ عن ابن عباس عن النبي ص قال من بنى بناء رياء و سمعة حمل يوم القيامة إلى سبع أرضين ثم يطوقه نارا توقد في عنقه ثم يرمى به في النار و من خان جاره شبرا من الأرض طوقه الله يوم القيامة إلى سبع أرضين نارا حتى يدخله جهنم و من نكح امرأة حراما في دبرها أو رجلا أو غلاما حشره الله يوم القيامة أنتن من الجيفة تتأذى به الناس حتى يدخل جهنم و لا يقبل الله منه صرفا و لا عدلا و أحبط الله عمله و يدعه في تابوت مشدود بمسامير من حديد و يضرب عليه في التابوت بصفائح حتى يشتبك في تلك المسامير فلو وضع عرق من عروقه على أربعمائة أمة لماتوا جميعا و هو أشد الناس عذابا و من ظلم امرأة مهرها فهو عند الله زان يقول الله عز و جل يوم القيامة عبدي زوجتك أمتي على عهدي فلم تف لي بالعهد فيتولى الله طلب حقها فيستوعب حسناته كلها فلا يفي بحقها فيؤمر به إلى النار و من رجع عن شهادة و كتمها أطعمه الله لحمه على رءوس الخلائق و يدخل النار و هو يلوك لسانه و من كانت له امرأتان فلم يعدل بينهما في القسم من نفسه و ماله جاء يوم القيامة مغلولا مائلا شقه حتى يدخل النار و من صافح امرأة حراما جاء يوم القيامة مغلولا ثم يؤمر به إلى النار و من فاكه امرأة لا يملكها حبس بكل كلمة كلمها في الدنيا ألف عام و المرأة إذا طاوعت الرجل فالتزمها حراما أو قبلها أو باشرها حراما أو فاكهها فأصاب بها فاحشة فعليها من الوزر ما على الرجل و إن غلبها على نفسها كان على الرجل وزره و وزرها و من لطم خد مسلم لطمة بدد الله عظامه يوم القيامة ثم سلط عليه النار و حشر مغلولا حتى يدخل النار و من مشى في نميمة بين اثنين سلط الله عليه في قبره نارا تحرقه إلى يوم القيامة فإذا خرج من قبره سلط الله تعالى عليه أسود ينهش لحمه حتى يدخل النار و من بغى على فقير و تطاول عليه و استحقره حشره الله تعالى يوم القيامة مثل الذرة في صورة رجل حتى يدخل النار و من رمى محصنا أو محصنة أحبط الله تعالى عمله و جلده يوم القيامة سبعون ألف ملك من بين يديه و من خلفه ثم يؤمر به إلى النار و من شرب الخمر في الدنيا سقاه الله عز و جل من سم الأساود و من سم العقارب شربة يتساقط لحم وجهه في الإناء قبل أن يشربها فإذا شربها تفسخ لحمه و جلده كالجيفة يتأذى به أهل الجمع حتى يؤمر به إلى النار و شاربها و عاصرها و معتصرها و بائعها و مبتاعها و حاملها و المحمولة إليه و آكل ثمنها سواء في عارها و إثمها ألا و من سقاها يهوديا أو نصرانيا أو صابئا أو من كان من الناس فعليه كوزر شربها و من شهد شهادة زور على رجل مسلم أو ذمي أو من كان من الناس علق بلسانه يوم القيامة و هو مع المنافقين فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ و من ملأ عينه من امرأة حراما حشره الله يوم القيامة مسمرا بمسامير من نار حتى يقضي الله تعالى بين الناس ثم يؤمر به إلى النار و من أطعم طعاما رياء و سمعة أطعمه الله مثله من صديد جهنم و جعل ذلك الطعام نارا في بطنه حتى يقضي بين الناس و من تعلم القرآن ثم نسيه متعمدا لقي الله تعالى يوم القيامة مجذوما مغلولا و يسلط عليه بكل آية حية موكلة به و من تعلم فلم يعمل به و آثر عليه حب الدنيا و زينتها استوجب سخط الله عز و جل و كان في الدرك الأسفل مع اليهود و النصارى و من قرأ القرآن يريد به السمعة و الرياء بين الناس لقي الله عز و جل يوم القيامة و وجهه مظلم ليس عليه لحم و زخ القرآن في قفاه حتى يدخله النار و يهوي فيها مع من يهوي و من قرأ القرآن و لم يعمل به حشره الله يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى فيقول رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَ قَدْ كُنْتُ بَصِيراً فيقال كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَ كَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى فيؤمر به إلى النار
و من تعلم القرآن يريد به رياء و سمعة ليماري به السفهاء أو يباهي به العلماء أو يطلب به الدنيا بدد الله عز و جل عظامه يوم القيامة و لم يكن في النار أشد عذابا منه و ليس نوع من أنواع العذاب إلا يعذب به من شدة غضب الله و سخطه و من صبر على سوء خلق امرأته احتسابا أعطاه الله تعالى بكل مرة يصبر عليها من الثواب مثل ما أعطى أيوب ع على بلائه فكان عليها من الوزر في كل يوم و ليلة مثل رمل عالج فإن مات قبل أن تعينه و قبل أن يرضى عنها حشرت يوم القيامة منكوسة مع المنافقين فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ و من تولى عرافة قوم حبس على شفير جهنم بكل يوم ألف سنة و حشر و يده مغلولة إلى عنقه فإن قام فيهم بأمر الله أطلقه الله و إن كان ظالما هوى به في نار جهنم سبعين خريفا و من مشى في عيب أخيه و كشف عورته كانت أول خطوة خطاها و وضعها في جهنم و كشف الله عورته على رءوس الخلائق و من بنى على ظهر الطريق ما يأوي به عابر سبيل بعثه الله عز و جل يوم القيامة على نجيب من نور و وجهه يضيء لأهل الجمع نورا حتى يزاحم إبراهيم خليل الرحمن في قبته فيقول أهل الجمع هذا ملك من الملائكة
أقول سيأتي الخطبة بتمامها و إسنادها و شرحها في أبواب الأوامر و النواهي
118- ثو، ]ثواب الأعمال[ بإسناده عن أبي عبد الله ع قال إن المتكبرين يجعلون في صور الذر يتوطؤهم الناس حتى يفرغ الله من الحساب
119- ثو، ]ثواب الأعمال[ عن أمير المؤمنين ع قال من صنع شيئا للمفاخرة حشره الله يوم القيامة أسود
-120 م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قال رسول الله إن شر الناس عند الله يوم القيامة من يكرم اتقاء شره
121- و قال ص من سئل عن علم فكتمه حيث يجب إظهاره و تزول عنه التقية جاء يوم القيامة ملجما بلجام من نار
122- سن، ]المحاسن[ يحيى بن مغيرة عن حفص عن زيد بن علي قال قال أمير المؤمنين ع إذا كان يوم القيامة أهبط الله ريحا منتنة يتأذى بها أهل الجمع حتى إذا همت أن تمسك بأنفاس الناس ناداهم مناد هل تدرون ما هذه الريح التي قد آذتكم فيقولون لا فقد آذتنا و بلغت منا كل مبلغ فيقال هذه ريح فروج الزناة الذين لقوا الله بالزنا ثم لم يتوبوا فالعنوهم لعنهم الله قال فلا يبقى في الموقف أحد إلا قال اللهم العن الزناة
123- ثو، ]ثواب الأعمال[ عن أبي جعفر ع قال من آمن رجلا على دم ثم قتله جاء يوم القيامة يحمل لواء غدر
124- ثو، ]ثواب الأعمال[ عن أبي عبد الله ع قال يجيء يوم القيامة رجل إلى رجل حتى يلطخه بدم و الناس في الحساب فيقول يا عبد الله ما لي و لك فيقول أعنت علي يوم كذا بكلمة فقتلت
125- ثو، ]ثواب الأعمال[ بإسناده عن أبي جعفر ع قال ما من نفس تقتل برة و لا فاجرة إلا و هي تحشر يوم القيامة متعلقا بقاتله بيده اليمنى و رأسه بيده اليسرى و أوداجه تشخب دما يقول يا رب سل هذا فيم قتلني فإن كان قتله في طاعة الله عز و جل أثيب القاتل و ذهب بالمقتول إلى النار و إن قال في طاعة فلان قيل له اقتله كما قتلك ثم يفعل الله تعالى فيهما بعد مشيته
126- لي، ]الأمالي للصدوق[ بإسناده عن الصادق عن النبي ص قال أقسم ربي جل جلاله لا يشرب عبد لي خمرا في الدنيا إلا سقيته يوم القيامة مثل ما شرب منها من الحميم معذبا بعد أو مغفورا له ثم قال إن شارب الخمر يجيء يوم القيامة مسودا وجهه مزرقة عيناه مائلا شدقه سائلا لعابه دالعا لسانه من قفاه
127- يه، ]من لا يحضر الفقيه[ عن جابر عن أبي جعفر ع قال قال رسول الله ص من كتم الشهادة أو شهد بها ليهدر بها دم امرئ مسلم أو ليتوي مال امرئ مسلم أتى يوم القيامة و لوجهه ظلمة مد البصر و في وجهه كدوح يعرفه الخلائق باسمه و نسبه و من شهد شهادة حق ليحيي بها مال امرئ مسلم أتى يوم القيامة و لوجهه نور مد البصر تعرفه الخلائق باسمه و نسبه ثم قال أبو جعفر ع أ لا ترى أن الله عز و جل يقول وَ أَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ
توضيح الإتواء الإهلاك و الكدوح جمع الكدح و هو الخدش
128- فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ بإسناده عن أبي عبد الله ع قال من آثر الدنيا على الآخرة حشره الله يوم القيامة أعمى
129- ثو، ]ثواب الأعمال[ بإسناده عن أبي عبد الله ع قال ثلاثة يعذبون يوم القيامة من صور صورة من الحيوان يعذب حتى ينفخ فيها و ليس بنافخ فيها و الذي يكذب في منامه يعذب حتى يعقد بين شعيرتين و ليس بعاقدهما و المستمع من قوم و هم له كارهون يصب في أذنيه الآنك و هو الأسرب
130- ثو، ]ثواب الأعمال[ بإسناده عن أبي عبد الله ع قال من لقي المسلم بوجهين و لسانين جاء يوم القيامة و له لسانان من نار
131- و عن زيد بن علي عن آبائه عن النبي ص قال يجيء يوم القيامة ذو الوجهين دالعا لسانه في قفاه و آخر من قدامه يلتهبا نارا حتى يلهبا جسده ثم يقال له هذا الذي كان في الدنيا ذا وجهين و لسانين يعرف بذلك يوم القيامة
-132 ثو، ]ثواب الأعمال[ عن أبي عبد الله ع قال من أكل مال أخيه ظلما و لم يرد عليه أكل جذوة من نار يوم القيامة
133- من كتاب صفات الشيعة للصدوق رحمه الله بإسناده عن محمد بن صالح عن أبي العباس الدينوري عن محمد بن الحنفية قال لما قدم أمير المؤمنين البصرة بعد قتال أهل الجمل دعاه الأحنف بن قيس و اتخذ له طعاما فبعث إليه صلوات الله عليه و إلى أصحابه فأقبل ثم قال يا أحنف ادع لي أصحابي فدخل عليه قوم متخشعون كأنهم شنان بوالي فقال الأحنف بن قيس يا أمير المؤمنين ما هذا الذي نزل بهم أ من قلة الطعام أو من هول الحرب فقال صلوات الله عليه لا يا أحنف إن الله سبحانه أحب أقواما تنسكوا له في دار الدنيا تنسك من هجم على ما علم من قربهم من يوم القيامة من قبل أن يشاهدوها فحملوا أنفسهم على مجهودها و كانوا إذا ذكروا صباح يوم العرض على الله سبحانه توهموا خروج عنق يخرج من النار يحشر الخلائق إلى ربهم تبارك و تعالى و كتاب يبدو فيه على رءوس الأشهاد فضائح ذنوبهم فكادت أنفسهم تسيل سيلا أو تطير قلوبهم بأجنحة الخوف طيرانا و تفارقهم عقولهم إذا غلت بهم من أجل المجرد إلى الله سبحانه غليانا فكانوا يحنون حنين الواله في دجى الظلم و كانوا يفجعون من خوف ما أوقفوا عليه أنفسهم فمضوا ذبل الأجسام حزينة قلوبهم كالحة وجوههم ذابلة شفاههم خامصة بطونهم متخشعون كأنهم شنان بوالي قد أخلصوا لله أعمالهم سرا و علانية فلم تأمن من فزعه قلوبهم بل كانوا كمن جرسوا قباب خراجهم فلو رأيتهم في ليلتهم و قد نامت العيون و هدأت الأصوات و سكنت الحركات و قد نبههم هول يوم القيامة و الوعيد كما قال سبحانه أَ فَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَ هُمْ نائِمُونَ فاستيقظوا لها فزعين و قاموا إلى صلاتهم معولين باكين تارة و أخرى مسبحين يبكون في محاريبهم و يرنون يصطفون ليلة مظلمة بهماء يبكون فلو رأيتهم يا أحنف في ليلتهم قياما على أطرافهم منحنية ظهورهم يتلون أجزاء القرآن لصلاتهم قد اشتدت إعوالهم و نحيبهم و زفيرهم إذا زفروا خلت النار قد أخذت منهم إلى حلاقيمهم و إذا أعولوا حسبت السلاسل قد صفدت في أعناقهم فلو رأيتهم في نهارهم إذا لرأيت قوما يمشون على الأرض هونا و يقولون للناس حسنا وَ إِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً وَ إِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً قد قيدوا أقدامهم من التهمات و أبكموا ألسنتهم أن يتكلموا في أعراض الناس و سجموا أسماعهم أن يلجها خوض خائض و كحلوا أبصارهم بغض البصر من المعاصي و انتحوا دار السلام التي من دخلها كان آمنا من الريب و الأحزان فلعلك يا أحنف شغلك نظرك إلى الدنيا عن الدار التي خلقها الله سبحانه من لؤلؤة بيضاء فشقق فيها أنهارها و كبسها بالعواتق من حورها ثم سكنها أولياؤه و أهل طاعته فلو رأيتهم يا أحنف و قد قدموا على زيادات ربهم سبحانه صوتت رواحلهم بأصوات لم يسمع السامعون بأحسن منها و أظلتهم غمامة فأمطرت عليهم المسك و الزعفران و صهلت خيولها بين أغراس تلك الجنان و تخللت بهم نوقهم بين كثب الزعفران و يتطأمن تحت أقدامهم اللؤلؤ و المرجان و استقبلتهم قهارمتها بمنابر الريحان و هاجت لهم ريح من قبل العرش فنثرت عليهم الياسمين و الأقحوان ذهبوا إلى بابها فيفتح لهم الباب رضوان ثم يسجدون لله في فناء الجنان فقال لهم الجبار ارفعوا رءوسكم فإني قد رفعت عنكم مئونة العبادة و أسكنتكم جنة الرضوان فإن فاتك يا أحنف ما ذكرت لك في صدر كلامي لتتركن في سرابيل القطران و لتطوفن بَيْنَها وَ بَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ و لتسقين شرابا حار الغليان فكم يومئذ في النار من صلب محطوم
و وجه مهشوم و مشوه مضروب على الخرطوم قد أكلت الجامعة كفه و التحم الطوق بعنقه فلو رأيتهم يا أحنف ينحدرون في أوديتها و يصعدون جبالها و قد ألبسوا المقطعات من القطران و أقرنوا مع أفجارها و شياطينها فإذا استغاثوا من حريق شدت عليهم عقاربها و حياتها و لو رأيت مناديا ينادي و هو يقول يا أهل الجنة و نعيمها و يا أهل حليها و حللها خلدوا فلا موت فعندها ينقطع رجاؤهم و تغلق الأبواب و تنقطع بهم الأسباب فكم يومئذ من شيخ ينادي وا شيبتاه و كم من شاب ينادي وا شباباه و كم من امرأة تنادي وا فضيحتاه هتكت عنهم الستور فكم يومئذ من مغموس بين أطباقها محبوس يا لك غمسة ألبسك بعد لباس الكتان و الماء المبرد على الجدران و أكل الطعام ألوانا بعد ألوان لباسا لم يدع لك شعرا ناعما إلا بيضة و لا عينا كنت تبصر بها إلى حبيب إلا فقأها هذا ما أعد الله للمجرمين و ذلك ما أعدالله للمتقين
بيان قال الفيروزآبادي سجم على الأمر أبطأ فقوله ع سجموا على بناء التفعيل أي جعلوها مبطئة عن استماع ما يخوض فيه الناس من الباطل و معايب الناس قوله ع انتحوا أي قصدوا قوله ع و كبسها أي ملأها و شحنها من قولهم كبس البئر طمه بالتراب و العواتق جمع العاتق و هي الشابة أول ما تدرك قوله بمنابر الريحان أي الرياحين المنبرة المرتفعة لنضد بعضها فوق بعض في الأسفاط و الأقحوان بالضم البابونج و اعلم أن الخبر لما كان محرفا سقيما أسقطنا منه بعضه و سيأتي بتمامه و شرحه في باب صفات الشيعة
134- و روى الصدوق رحمه الله في كتاب فضائل الشيعة، عن أبيه المؤدب عن أحمد بن علي الأصفهاني عن محمد بن أسلم الطوسي عن أبي رجاء عن نافع عن ابن عمر عن النبي ص أنه قال في حديث طويل ألا و من أحب عليا فقد أحبني و من أحبني فقد رضي الله عنه و من رضي عنه كافأه الجنة ألا و من أحب عليا لا يخرج من الدنيا حتى يشرب من الكوثر و يأكل من طوبى و يرى مكانه في الجنة ألا و من أحب عليا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخلها من أي باب شاء بغير حساب ألا و من أحب عليا أعطاه الله كتابه بيمينه و حاسبه حساب الأنبياء ألا و من أحب عليا هون الله عليه سكرات الموت و جعل قبره روضة من رياض الجنة ألا و من أحب عليا أعطاه الله بكل عرق في بدنه حوراء و شفع في ثمانين من أهل بيته و له بكل شعرة في بدنه حوراء و مدينة في الجنة ألا و من أحب عليا بعث الله إليه ملك الموت كما يبعث إلى الأنبياء و دفع الله عنه هول منكر و نكير و بيض وجهه و كان مع حمزة سيد الشهداء ألا و من أحب عليا جاء يوم القيامة و وجهه كالقمر ليلة البدر ألا و من أحب عليا وضع على رأسه تاج الملك و ألبس حلة الكرامة ألا و من أحب عليا جاز على الصراط كالبرق الخاطف ألا و من أحب عليا كتب الله له براءة من النار و جوازا على الصراط و أمانا من العذاب و لم ينشر له ديوان و لم ينصب له ميزان و قيل له ادخل الجنة بلا حساب ألا و من أحب آل محمد أمن من الحساب و الميزان و الصراط ألا و من مات على حب آل محمد فأنا كفيله بالجنة مع الأنبياء ألا و من مات على بغض آل محمد لم يشم رائحة الجنة
135- ثو، ]ثواب الأعمال[ عن أبي عبد الله ع قال من سأل الناس و عنده قوت ثلاثة أيام لقي الله عز و جل يوم يلقاه و ليس على وجهه لحم
136- ثو، ]ثواب الأعمال[ عن الصادق عن آبائه ع قال قال علي ع من قرأ القرآن يأكل به الناس جاء يوم القيامة و وجهه عظم لا لحم فيه
137- كا، ]الكافي[ بإسناده عن أبي عبد الله قال إن الرجل لينسى سورة من القرآن فيأتيه يوم القيامة حتى يشرف عليه من درجة من بعض الدرجات فتقول السلام عليك فيقول و عليك السلام من أنت فتقول أنا سورة كذا و كذا ضيعتني أما لو تمسكت بي بلغت بك هذه الدرجة الخبر
138- ل، ]الخصال[ بإسناده عن جابر قال سمعت رسول الله ص يقول يجيء يوم القيامة ثلاثة يشكون المصحف و المسجد و العترة يقول المصحف يا رب حرفوني و مزقوني و يقول المسجد يا رب عطلوني و ضيعوني و تقول العترة يا رب قتلونا و طردونا و شردونا فأجثوا للركبتين للخصومة فيقول الله جل جلاله أنا أولى بذلك
بيان المزق و التمزيق الخرق قوله أنا أولى بذلك أي بالخصام و الانتقام لأنهم فعلوا ذلك بكتابي و بيتي و عترتي
139- كا، ]الكافي[ إن أبي جعفر ع قال قال رسول الله ص ثلاثة لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَ لا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ لا يُزَكِّيهِمْ وَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ شيخ زان و ملك جبار و مقل مختال
140- ل، ]الخصال[ بإسناده عن أبي أمامة قال قال رسول الله ص أربعة لا يَنْظُرُ الله إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عاق و منان و مكذب بالقدر و مدمن خمر
141- سن، ]المحاسن[ عن المفضل عن أبي عبد الله قال تفقهوا في دين الله و لا تكونوا أعرابا فإن من لم يتفقه في دين الله لم ينظر الله إليه يوم القيامة و لم يزك له عملا
142- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ جماعة عن أبي المفضل عن محمد بن عبد الله بن راشد عن أبي الصلت الهروي عن أبيه عن جده عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده ع قال قال النبي ص يؤتى بعبد يوم القيامة فيوقف بين يدي الله عز و جل فيأمر به إلى النار فيقول أي رب أمرت بي إلى النار و قد قرأت القرآن فيقول الله أي عبدي إني أنعمت عليك فلم تشكر نعمتي فيقول أي رب أنعمت علي بكذا فشكرتك بكذا و أنعمت علي بكذا و شكرتك بكذا فلا يزال يحصي النعم و يعدد الشكر فيقول الله تعالى صدقت عبدي إلا أنك لم تشكر من أجريت لك نعمتي على يديه و إني قد آليت على نفسي أن لا أقبل شكر عبد لنعمة أنعمتها عليه حتى يشكر سائقها من خلقي إليه
143- كا، ]الكافي[ بإسناده عن أبي عبد الله ع قال إذا كان يوم القيامة كشف غطاء من أغطية الجنة فوجد ريحها من كانت له روح من مسيرة خمسمائة عام إلا صنف واحد قلت من هم قال العاق لوالديه
144- م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قال الإمام ع قال علي بن أبي طالب ع من كان من شيعتنا عالما بشريعتنا فأخرج ضعفاء شيعتنا من ظلمة جهلهم إلى نور العلم الذي حبوناه جاء يوم القيامة و على رأسه تاج من نور يضيء لأهل جميع تلك العرصات و عليه حلة لا يقوم لأقل سلك منها الدنيا بحذافيرها ثم ينادي مناد يا عباد الله هذا عالم من تلامذة بعض آل محمد ألا فمن أخرجه في الدنيا من حيرة جهله فليتشبث بنوره ليخرجه من حيرة ظلمة هذه العرصات إلى نزه الجنان فيخرج كل من كان علمه في الدنيا أو فتح عن قلبه من الجهل قفلا أو أوضح له عن شبهة و قال قالت الصديقة فاطمة الزهراء ع سمعت أبي ص يقول إن علماء شيعتنا يحشرون فيخلع عليهم من خلع الكرامات على قدر كثرة علومهم و جدهم في إرشاد عباد الله حتى يخلع على الواحد منهم ألف ألف خلعة من نور ثم ينادي منادي ربنا عز و جل أيها الكافلون لأيتام آل محمد و الناعشون لهم عند انقطاعهم عن آبائهم الذين هم أئمتهم هؤلاء تلامذتكم و الأيتام الذين تكفلتموهم و نعشتموهم فاخلعوا عليهم كما خلعتموهم خلع العلوم في الدنيا فيخلعون على كل واحد من أولئك الأيتام على قدر ما أخذوا عنهم من العلوم حتى أن فيهم يعني في الأيتام لمن يخلع عليه مائة ألف خلعة من نور و كذلك يخلع هؤلاء الأيتام على من تعلم منهم ثم إن الله تعالى يقول أعيدوا على هؤلاء الكافلين للأيتام حتى تتموا لهم خلعهم و تضعفوها فيتم لهم ما كان لهم قبل أن يخلعوا عليهم و يضاعف لهم و كذلك من بمرتبتهم ممن خلع عليه على مرتبتهم فقالت فاطمة ع إن سلكا من تلك الخلع لأفضل مما طلعت عليه الشمس ألف ألف مرة قال و قال علي بن موسى ع يقال للعابد يوم القيامة نعم الرجل كنت همتك ذات نفسك و كفيت الناس مئونتك فادخل الجنة فيقال للفقيه يا أيها الكفيل لأيتام آل محمد الهادي لضعفاء محبيه و مواليه قف حتى تشفع لكل من أخذ عنك أو تعلم منك فيقف فيدخل الجنة معه فئام و فئام حتى قال عشرا و هم الذين أخذوا عنه علومه و أخذوا عمن أخذ عنه و عمن أخذ عنه إلى يوم القيامة فانظروا كم فرق ما بين المنزلتين ثم قال قال الحسن بن علي ع يأتي علماء شيعتنا القوامون لضعفاء محبينا و أهل ولايتنا يوم القيامة و الأنوار تسطع من تيجانهم على رأس كل واحد منهم تاج قد انبثت تلك الأنوار في عرصات القيامة و دورها مسيرة ثلاثمائة ألف سنة فشعاع تيجانهم ينبث فيها كلها فلا يبقى هناك يتيم قد كفلوه و من ظلمة الجهل و حيرة التيه أخرجوه إلا تعلق بشعبة من أنوارهم فرفعتهم في العلو حتى يحاذي بهم ربض غرف الجنان ثم ينزلهم على منازلهم المعدة لهم في جوار أستاديهم و معلميهم و بحضرة أئمتهم الذين كانوا إليهم يدعون و لا يبقى ناصب من النواصب يصيبه من شعاع تلك التيجان إلا عميت عيناه و صمت أذناه و خرس لسانه و يحول عليه أشد من لهب النيران فيحملهم حتى يدفعهم إلى الزبانية فيدعوهم إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ و قال قال موسى بن جعفر ع من أعان محبا لنا على عدو لنا فقواه و شجعه حتى يخرج الحق الدال على فضلنا بأحسن صورة و يخرج الباطل الذي يروم به أعداؤنا في دفع حقنا في أقبح صورة حتى ينتبه الغافلون و يستبصر المتعلمون و يزداد في بصائرهم العالمون بعثه الله يوم القيامة في أعلى منازل الجنان و يقول يا عبدي الكاسر لأعدائي الناصر لأوليائي المصرح بتفضيل محمد خير أنبيائي و بتشريف علي أفضل أوليائي و تناوي من ناواهما و تسمي بأسمائهما و أسماء خلفائهما و تلقب بألقابهم فيقول ذلك و يبلع الله ذلك جميع أهل العرصات فلا يبقى كافر و لا جبار و لا شيطان إلا صلى على هذا الكاسر لأعداء محمد و لعن الذين كانوا يناصبونه في الدنيا من النواصب لمحمد و علي ع و قال علي بن موسى الرضا ع أفضل ما يقدمه العالم من محبينا و موالينا أمامه ليوم فقره و فاقته و ذله و مسكنته أن يغيث في الدنيا مسكينا من محبينا من يد ناصب عدو لله و لرسوله يقوم من قبره و الملائكة صفوف من شفير قبره إلى موضع محله من جنان الله فيحملونه على أجنحتهم يقولون مرحبا طوباك طوباك يا دافع الكلاب عن الأبرار و يا أيها المتعصب للأئمة الأخيار الخبر
بيان الربض محركة سور المدينة
145- لي، ]الأمالي للصدوق[ بإسناده عن الصادق ع قال إذا كان يوم القيامة جمع الله عز و جل الناس في صعيد واحد و وضعت الموازين فتوزن دماء الشهداء مع مداد العلماء فترجح مداد العلماء على دماء الشهداء
146- ع، ]علل الشرائع[ بإسناده عن أبي الدرداء قال سمعت رسول الله ص يقول إن الله عز و جل يجمع العلماء يوم القيامة فيقول لهم لم أضع نوري و حكمي في صدوركم إلا و أنا أريد بكم خير الدنيا و الآخرة اذهبوا فقد غفرت لكم على ما كان منكم
أقول قد مر و سيأتي تلك الأخبار مع أشباهها بأسانيدها في أبوابها و حذفنا بعض الأسانيد هاهنا روما للاختصار
147- كنز، ]كنز جامع الفوائد و تأويل الآيات الظاهرة[ محمد بن العباس عن محمد بن الحسن بن علي بن مهران عن أبيه عن جده عن الحسن بن محبوب عن الأحول عن سلام بن المستنير قال سألت أبا جعفر ع عن قوله تعالى يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَ الْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا الآية قال فقال أما أنها نزلت فينا و في شيعتنا و في المنافقين الكفار أما إنه إذا كان يوم القيامة و حبس الخلائق في طريق المحشر ضرب الله سورا من ظلمة فيه باب فيه الرحمة يعني النور و ظاهره من قبله العذاب يعني الظلمة فيصيرنا الله و شيعتنا في باطن السور الذي فيه الرحمة و النور و عدونا و الكفار في ظاهر السور الذي فيه الظلمة فيناديكم عدونا و عدوكم من الباب الذي في السور من ظاهره أَ لَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ في الدنيا نبينا و نبيكم واحد و صلاتنا و صلاتكم و صومنا و صومكم و حجنا و حجكم واحد قال فيناديهم الملك من عند الله بَلى وَ لكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بعد نبيكم ثم توليتم و تركتم اتباع من أمركم به نبيكم وَ تَرَبَّصْتُمْ به الدوائر وَ ارْتَبْتُمْ فيما قال فيه نبيكم وَ غَرَّتْكُمُ الْأَمانِيُّ و ما اجتمعتم عليه من خلافكم على أهل الحق و غركم حلم الله عنكم في تلك الحال حتى جاء الحق و يعني بالحق ظهور علي بن أبي طالب و من ظهر من الأئمة ع بعده بالحق و قوله وَ غَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ يعني الشيطان فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَ لا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أي لا تؤخذ لكم حسنة تفدون بها أنفسكم مَأْواكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلاكُمْ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ
148- و روي أيضا تأويل آخر عن عطاء عن ابن عباس قال سألت رسول الله ص عن هذه الآية فقال رسول الله ص أنا السور و علي الباب
بيان فالمراد على التفسير الأخير من دخل الباب بإطاعة علي ع و موالاته فهو في الرحمة و من لم يدخل فهو في الحيرة في الدنيا و الظلمة و العذاب في الآخرة و لا ينافي التفسير الأول لأن السور المضروب و بابه هما ولاية محمد و علي صلوات الله عليهما و مثلا للناس و جميع الأحوال و الأفعال في الدنيا تتجسم و تتمثل في النشأة الأخرى إما بخلق الأمثلة الشبيهة بها بإزائها أو بتحول الأعراض هناك جواهر و الأول أوفق لحكم الحق و لا ينافيه صريح ما ورد في النقل. قال الشيخ البهائي قدس الله روحه تجسم الأعمال في النشأة الأخروية قد ورد في أحاديث متكثرة من طرق المخالف و المؤالف
و قد روى أصحابنا رضي الله عنهم عن قيس بن عاصم قال وفدت مع جماعة من بني تميم على النبي ص فدخلت عليه و عنده الصلصال بن الدلهمس فقلت يا نبي الله عظنا موعظة ننتفع بها فإنا قوم نعبر في البرية فقال رسول الله ص يا قيس إن مع العز ذلا و إن مع الحياة موتا و إن مع الدنيا آخرة و إن لكل شيء حسيبا و إن لكل أجل كتابا و إنه لا بد لك يا قيس من قرين يدفن معك و هو حي و تدفن معه و أنت ميت فإن كان كريما أكرمك و إن كان لئيما أسلمك ثم لا يحشر إلا معك و لا تحشر إلا معه و لا تسأل إلا عنه فلا تجعله إلا صالحا فإنه إن صلح آنست به و إن فسد لا تستوحش إلا منه و هو فعلك
الخبر. ثم قال قال بعض أصحاب القلوب إن الحيات و العقارب بل و النيران التي تظهر في القبر و القيامة هي بعينها الأعمال القبيحة و الأخلاق الذميمة و العقائد الباطلة التي ظهرت في هذه النشأة بهذه الصورة و تجلببت بهذه الجلابيب كما أن الروح و الريحان و الحور و الثمار هي الأخلاق الزكية و الأعمال الصالحة و الاعتقادات الحقة التي برزت في هذا العالم بهذا الزي و تسمت بهذا الاسم إذ الحقيقة الواحدة تختلف صورها باختلاف الأماكن فتحلى في كل موطن بحلية و تزيا في كل نشأة بزي و قالوا إن اسم الفاعل في قوله تعالى يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ ليس بمعنى استقبال بأن يكون المراد أنها ستحيط بهم في النشأة الأخرى كما ذكره الظاهريون من المفسرين بل هو على حقيقته أي معنى الحال فإن قبائحهم الخلقية و العملية و الاعتقادية محيطة بهم في هذه النشأة و هي بعينها جهنم التي ستظهر عليهم في النشأة الأخروية بصورة النار و عقاربها و حياتها و قس على ذلك قوله تعالى الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً و كذلك قوله تعالى يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً ليس المراد أنها تجد جزاءه بل تجده بعينه لكن ظاهرا في جلباب آخر و قوله تعالى فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَ لا تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ كالصريح في ذلك و مثله في القرآن العزيز كثير و ورد في الأحاديث النبوية منه ما لا يحصى
كقوله ص الذي يشرب في آنية الذهب و الفضة فإنما يجرجر في جوفه نار جهنم و قوله ص الظلم ظلمات يوم القيامة
و قوله ص الجنة قيعان و إن غراسها سبحان الله و بحمده إلى غير ذلك من الأحاديث المتكثرة و الله الهادي انتهى كلامه رفع الله مقامه. أقول القول باستحالة انقلاب الجوهر عرضا و العرض جوهرا في تلك النشأة مع القول بإمكانها في النشأة الآخرة قريب من السفسطة إذ النشأة الآخرة ليست إلا مثل تلك النشأة و تخلل الموت و الإحياء بينهما لا يصلح أن يصير منشأ لأمثال ذلك و القياس على حال النوم و اليقظة أشد سفسطة إذ ما يظهر في النوم إنما يظهر في الوجود العلمي و ما يظهر في الخارج فإنما يظهر بالوجود العيني و لا استبعاد كثيرا في اختلاف الحقائق بحسب الوجودين و أما النشأتان فهما من الوجود العيني و لا اختلاف بينهما إلا بما ذكرنا و قد عرفت أنه لا يصلح لاختلاف الحكم العقلي في ذلك و أما الآيات و الأخبار فهي غير صريحة في ذلك إذ يمكن حملها على أن الله تعالى يخلق هذه بإزاء تلك أو هي جزاؤها و مثل هذا المجاز شائع و بهذا الوجه وقع التصريح في كثير من الأخبار و الآيات و الله يعلم و حججه ع