الآيات البقرة وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَ لكِنْ لا تَشْعُرُونَ آل عمران وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ يَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ فَضْلٍ وَ أَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ إبراهيم يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ طه وَ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَ نَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى المؤمنون حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ المؤمن قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَ أَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ تفسير قال الطبرسي رحمه الله قوله تعالى بَلْ أَحْياءٌ فيه أقوال أحدها و هو الصحيح أنهم أحياء على الحقيقة إلى أن تقوم الساعة و هو قول ابن عباس و مجاهد و قتادة و إليه ذهب الحسن و عمرو بن عبيد و واصل بن عطاء و اختاره الجبائي و الرماني و جميع المفسرين. الثاني أن المشركين كانوا يقولون أصحاب محمد يقتلون نفوسهم في الحروب بغير سبب ثم يموتون فيذهبون فأعلمهم الله أنه ليس الأمر على ما قالوه و أنهم سيحيون يوم القيامة و يثابون عن البلخي و لم يذكر ذلك غيره. و الثالث معناه لا تقولوا هم أموات في الدين بل هم أحياء بالطاعة و الهدى و مثله قوله سبحانه أَ وَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ فجعل الضلال موتا و الهداية حياة عن الأصم. و الرابع أن المراد أنهم أحياء لما نالوا من جميل الذكر و الثناء كما روي عن أمير المؤمنين ع من قوله هلك خزان الأموال و العلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة و آثارهم في القلوب موجودة و المعتمد هو القول الأول لأن عليه إجماع المفسرين و لأن الخطاب للمؤمنين و كانوا يعلمون أن الشهداء على الحق و الهدى و أنهم ينشرون و يحيون يوم القيامة فلا يجوز أن يقال لهم وَ لكِنْ لا تَشْعُرُونَ من حيث إنهم كانوا يشعرون بذلك و يقرون به و لأن حمله على ذلك يبطل فائدة تخصيصهم بالذكر و لو كانوا أيضا أحياء بما حصل لهم من جميل الثناء لما قيل أيضا وَ لكِنْ لا تَشْعُرُونَ لأنهم كانوا يشعرون بذلك و وجه تخصيص الشهداء بكونهم أحياء و إن كان غيرهم من المؤمنين قد يكونون أحياء في البرزخ أنه على جهة البشارة بذكر حالهم ثم البيان لما يختصون به من أنهم يرزقون كما في الآية الأخرى فإن قيل فنحن نرى جثث الشهداء مطروحة على الأرض لا يتصرف و لا يرى فيها شيء من علامات الأحياء فالجواب على مذهب من يقول بأن الإنسان هو الروح من أصحابنا أن الله تعالى جعل لهم أجساما كأجسامهم في دار الدنيا يتنعمون فيها دون أجسامهم التي في القبور فإن النعيم و العذاب إنما يصل عنده إلى النفس التي هي الإنسان المكلف عنده دون الجثة و يؤيده كثير من الأخبار. و أما على مذهب من قال من أصحابنا أن الإنسان هذه الجثة المشاهدة و أن الروح
هو النفس المتردد في مخارق الحيوان و هو أجزاء الجو فيقول إنه يلطف أجزاء من الإنسان لا يمكن أن يكون الحي حيا بأقل منها يوصل إليها النعيم و إن لم تكن تلك الجملة بكمالها لأنه لا معتبر بالأطراف و أجزاء السمن في كون الحي حيا فإن الحي لا يخرج بمفارقتها من كونه حيا و ربما قيل بأن الجثة يجوز أن تكون مطروحة في الصورة و لا يكون ميتا فيصل إليها اللذات كما أن النائم حي و تصل إليه اللذات مع أنه لا يحس و لا يشعر بشيء من ذلك فيرى في النوم ما يحدثه السرور و الالتذاذ حتى أنه يود أن يطول نومه و لا ينتبه و قد جاء في الحديث أنه يفسح له مد بصره و يقال له نم نومة العروس و قوله وَ لكِنْ لا تَشْعُرُونَ أي لا تعلمون أنهم أحياء و في هذه الآية دلالة على صحة مذهبنا في سؤال القبر و إثابة المؤمن فيه و عقاب العصاة على ما تظاهرت به الأخبار و إنما حمل البلخي الآية على حياة الحشر لإنكاره عذاب القبر انتهى كلامه رفع الله مقامه. و قال الرازي في تفسير تلك الآية بعد نقل ما ذكره الطبرسي رحمه الله من الأقوال الأربعة و اختيار القول الأول و هذا قول أكثر المفسرين و هذا دليل على أن المطيعين يصل ثوابهم إليهم و هم في القبر فإن قيل نحن نشاهد أجسادهم ميتة في القبور فكيف يصح ما ذهبتم إليه قلنا أما عندنا فالبنية ليست شرطا في الحياة و لا امتناع في أن الله تعالى يعيد الحياة إلى كل واحد من تلك الذرات و الأجزاء الصغيرة من غير حاجة إلى التركيب و التأليف و أما عند المعتزلة فلا يبعد أن يعيد الله الحياة إلى الأجزاء التي لا بد منها في مائية الحياة بغير الأطراف و يحتمل أن يحييهم إذا لم يشاهدوا ثم قال و أكثر العلماء على ترجيح هذا القول و يدل عليه وجوه أحدها أن الآيات الدالة على عذاب القبر كثيرة كقوله تعالى قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَ أَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ و الموتان لا يحصلان إلا عند حصول الحياة في القبر و قال تعالى أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً و الفاء للتعقيب و قال النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ و إذا ثبت عذاب القبر وجب القول بثواب القبر أيضا لأن العذاب حق الله تعالى على العبد و الثواب حق العبد على الله تعالى فإسقاط العذاب أحسن من إسقاط الثواب فحيث ما أسقط العقاب إلى القيامة بل حققه في القبر كان ذلك في الثواب أولى. و ثانيها أن المعنى لو كان على ما قيل في سائر الأقوال لم يكن لقوله وَ لكِنْ لا تَشْعُرُونَ معنى لأن الخطاب للمؤمنين و قد كانوا يعلمون أنهم سيحيون يوم القيامة و أنهم ماتوا على هدى و نور. و ثالثها أن قوله وَ يَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ دليل على حصول الحياة في البرزخ مثل المبعث. و رابعها قوله ص القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران و الأخبار في ثواب القبر و عذابه كالمتواترة و كان ص يقول في آخر صلاته و أعوذ بك من عذاب القبر. و خامسها لو كان المراد بقوله إنهم أحياء أنهم سيحيون فحينئذ لا يبقى لتخصيصهم بهذا فائدة. و سادسها أن الناس يزورون قبور الشهداء و يعظمونها و ذلك يدل من بعض الوجوه على ما ذكرناه و اعلم أن في الآية قولا آخر و هو أن ثواب القبر و عذابه للروح لا للقالب و هذا القول مبني على معرفة الروح و لنشر إلى حاصل قول هؤلاء فنقول إنهم قالوا إنه لا يجوز أن يكون الإنسان عبارة عن هذا الهيكل المخصوص لوجهين الأول أن أجزاء هذا الهيكل أبدا في النمو و الذبول و الزيادة و النقصان و الاستكمال و الذوبان و لا شك أن الإنسان من حيث هو هو باق من أول عمره إلى آخره و الباقي غير ما هو غير باق فالمشار إليه عند كل أحد بقوله أنا وجب أن يكون مغايرا لهذا الهيكل.
الثاني أني أكون عالما بأني أنا حال ما أكون غافلا عن هذه الأعضاء الظاهرة فما دل عليه قولنا أنا مغاير لهذه الأعضاء و الأبعاض ثم اختلفوا عند ذلك في أن الذي يشير إليه كل أحد بقوله أنا أي شيء هو و الأقوال فيها كثيرة إلا أن أشدها تحصيلا وجهان أحدهما أنها أجزاء جسمانية سارية في هذا الهيكل سريان النار في الفحم و الدهن في السمسم و ماء الورد في الورد و القائلون بهذا القول فريقان أحدهما الذين اعتقدوا تماثل الأجسام فقالوا إن تلك الأجسام متماثلة لسائر الأجزاء التي منها يؤلف هذا الهيكل إلا أن القادر المختار سبحانه يبقي بعض الأجزاء من أول العمر إلى آخره فتلك الأجزاء هي التي يشير إليها كل أحد بأنا ثم إن تلك الأجزاء حية بحياة يخلقها الله فيها فإذا أزال الحياة عنها ماتت و هذا قول أكثر المتكلمين. و ثانيهما أن الذين اعتقدوا اختلاف الأجسام زعموا أن الأجسام التي هي باقية من أول العمر إلى آخره أجسام مخالفة بالماهية للأجسام التي منها ائتلف هذا الهيكل و تلك الأجسام حية لذاتها مدركة لذاتها نورانية لذاتها فإذا خالطت هذا البدن و صارت سارية في هذا الهيكل سريان النار في الفحم صار هذا الهيكل مستنيرا بنور ذلك الروح متحركا بتحريكه ثم إن هذا الهيكل أبدا في الذوبان و التحليل إلا أن تلك الأجزاء باقية بحالها و إنما لا يعرض لها التحليل لأنها مخالفة بالماهية لهذه الأجسام فإذا فسد هذا القالب انفصلت تلك الأجسام اللطيفة النورانية إلى عالم السماوات و القدس و الطهارة إن كانت من جملة السعداء أو إلى الجحيم و عالم الآفات إن كانت من جملة الأشقياء. و القول الثاني أن الذي يشير إليه كل أحد بقوله أنا موجود ليس بمتحيز و لا قائم بالمتحيز و أنه ليس داخل العالم و لا خارجا عنه و لا يلزم من كونه كذلك أن يكون مثلا لله تعالى لأنه الاشتراك في السلوب لا يوجب الاشتراك في الماهية و قالوا هذه الأرواح بعد مفارقة الأبدان تتألم و تلتذ إلى أن يردها الله تعالى إلى الأبدان يوم القيامة فهناك يحصل الالتذاذ و التألم للأبدان فهذا قول قال به عالم من الناس قالوا و إن لم يقم عليه برهان قاهر على القول به و لكن لم يقم دليل على
فساده و أنه مما يزيل الشكوك و الشبهات عما ورد في كتاب الله من ثواب القبر و عقابه فوجب المصير إليه فهذا هو الإنسان في توجيه هذا القول. أقول ثم قال الرازي في تفسير آية آل عمران بعد اختيار القول الأول فيها أيضا يحتمل أن يكون الروح جسما مخصوصا ساريا في هذه الجثة سريان النار في الفحم و يحتمل أن يكون جوهرا قائما بنفسه ليس بجسم و لا حال في الجسم و على كلا المذهبين فإنه لا يبعد أنه لما مات البدن انفصل ذلك الشيء حيا و إن قلنا أماته الله إلا أنه تعالى يعيد الحياة إليه و على هذا التقدير تزول الشبهات بالكلية عن ثواب القبر كما في هذه الآية و عن عذابه كما في قوله تعالى أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً فثبت أنه لا امتناع في ذلك و ظاهر الآية دالة عليه فوجب المصير إليه و الذي يؤكد ما قلناه القرآن و الحديث و العقل أما القرآن فآيات إحداها قوله تعالى يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ الآية و لا شك أن المراد بقوله ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ بالموت ثم قال فَادْخُلِي فِي عِبادِي و فاء التعقيب يدل على أن حصول هذه الحالة يكون عقيب الموت و ثانيها قوله حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَ هُمْ لا يُفَرِّطُونَ و هذا عبارة عن موت البدن ثم قال ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ فقوله رُدُّوا ضمير عنهم و إنما هو هو بحياته و ذاته المخصوصة فدل على أن ذلك باق بعد موت البدن و ثالثها قوله فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ و فاء التعقيب يدل على أن قيامة كل أحد حاصلة بعد موته و أما قيامته الكبرى فهي حاصلة في الموقت المعلوم عند الله. و أيضا
روي أنه ص يوم بدر كان ينادي المقتولين و يقول فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا فقيل يا رسول الله إنهم أموات فكيف تناديهم فقال ص إنهم أسمع منكم
و أيضا قال ص أنبياء الله لا يموتون بل ينقلون من دار إلى دار
و أما المعقول فمن وجوه الأول أن وقت النوم يضعف البدن و ضعفه لا يقتضي ضعف النفس بل النفس تقوى عند النوم فتشاهد الأحوال و تطلع على المغيبات فهذا يقوي الظن في أن موت البدن لا يستعقب موت النفس. الثاني أن كثرة الأفكار سبب لجفاف الدماغ و جفافه مؤد إلى الموت و هذه الأفكار سبب لاستكمال النفس بالمعارف الإلهية و هو غاية كمال النفس فما هو سبب لكمال النفس فهو سبب لنقصان البدن فهذا يقوي الظن في أن النفس لا تموت بموت البدن. الثالث أن أحوال النفس على ضد أحوال البدن و ذلك لأن النفس إنما تفرح و تبتهج بالمعارف الإلهية كما قال تعالى أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ و قال صلى الله عليه و آله أبيت عند ربي يطعمني و يسقيني و لا شك أن ذلك الشراب ليس إلا عبارة عن المعرفة و المحبة و الاستنارة بأنوار عالم الغيب و أيضا فإنا نرى أن الإنسان إذا غلب عليه الاستبشار بخدمة سلطان أو الفوز بمنصب أو بالوصول إلى معشوق قد ينسى الطعام و الشراب و بالجملة فالسعادات النفسانية كالمضادات للسعادات الجسمانية و كل ذلك يغلب على الظن أن النفس مستقلة بذاتها و لا تعلق لها بالبدن و متى كان كذلك وجب أن لا تموت النفس بموت البدن و أما قوله تعالى يُرْزَقُونَ فاعلم أن المتكلمين قالوا الثواب منفعة خالصة دائمة مقرونة بالتعظيم فقوله يُرْزَقُونَ إشارة إلى المنفعة و قوله فَرِحِينَ إشارة إلى الفرح الحاصل بسبب ذلك التعظيم الحكماء فإنهم قالوا إذا أشرقت جواهر الأرواح القدسية بالأنوار الإلهية كانت مبتهجة من وجهين أحدهما بكون ذواتها مستنيرة مشرقة متلألئة بتلك المعارف الإلهية و الثاني بكونها ناظرة إلى ينبوع النور و مصدر الرحمة و الجلالة قالوا و ابتهاجها بهذا القسم الثاني أتم من ابتهاجها بالأول فقوله يُرْزَقُونَ إشارة إلى الدرجة الأولى و قوله فَرِحِينَ إلى الدرجة الثانية و لذا قال فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ يعني فرحهم ليس بالرزق بل بإيتاء الرزق لأن المشغول بالرزق مشغول بنفسه و الناظر إلى إيتاء الرزق مشغول بالرازق و من طلب الرزق لغيره فهو محجوب انتهى. و قال الشيخ الطبرسي رحمه الله في تفسير تلك الآية قول عِنْدَ رَبِّهِمْ فيه وجهان أحدهما أنهم بحيث لا يملك أحد لهم نفعا و لا ضرا إلا ربهم و ليس المراد في ذلك قرب المسافة لأنه مستحيل عليه سبحانه و الآخر أنهم عند ربهم أحياء من حيث يعلمهم كذلك دون الناس.
و روي عن ابن عباس و ابن مسعود و جابر أن النبي ص قال لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في حواصل طيور خضر ترد أنهار الجنة و تأكل من ثمارها و روي عنه ص أنه قال لجعفر بن أبي طالب و قد استشهد في غزاة موتة رأيته له جناحان يطير بهما مع الملائكة في الجنة
و أنكر بعضهم حديث الأرواح و قال إن الروح عرض لا يجوز أن يتنعم و هذا لا يجوز لأن الروح جسم رقيق هوائي مأخوذ من الريح و يدل على ذلك أنه يخرج من البدن و يرد عليه و هي الحساسة الفعالة دون البدن و ليست من الحياة في شيء لأن ضد الحياة الموت و ليس كذلك الروح و هذا قول علي بن عيسى يُرْزَقُونَ من نعيم الجنة غُدُوًّا وَ عَشِيًّا و قيل يرزقون النعيم في قبورهم. فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ أي مسرورين بما أعطاهم الله من ضروب نعمه في الجنة و قيل في قبورهم و قيل فرحين بما نالوا من الشهادة و جزائها وَ يَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أي يسرون بإخوانهم الذين فارقوهم و هم أحياء في الدنيا على مناهجهم من الإيمان و الجهاد لعلمهم بأنهم إذا استشهدوا لحقوا بهم و صاروا من كرامة الله تعالى إلى مثل ما صاروا إليه يقولون إخواننا يقتلون كما قتلنا فيصيبون من النعيم مثل ما أصبنا. و قيل إنه يؤتى الشهيد بكتاب فيه ذكر من تقدم عليه من إخوانه فيسر بذلك و يستبشر كما يستبشر أهل الغائب بقدومه في الدنيا و قيل معناه لم يلحقوا بهم في الفضل إلا أن لهم فضلا عظيما بتصديقهم و إيمانهم أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ أي يستبشرون بأن لا خوف عليهم و ذلك لأنه بدل من قوله بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ لأن الذين يلحقون بهم مشتملون على عدم الحزن و الاستبشار هنا إنما يقع بعدم خوف هؤلاء اللاحقين و معناه لا خوف عليهم فيمن خلفوه من ذريتهم لأن الله تعالى يتولاهم وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ على ما خلفوا من أموالهم لأن الله قد أجزل لهم ما عوضهم و قيل معناه لا خوف عليهم فيما يقدمون عليه لأن الله تعالى محص ذنوبهم بالشهادة و لا هم يحزنون على مفارقة الدنيا فرحا بالآخرة و يَسْتَبْشِرُونَ يعني هؤلاء الذين قتلوا في سبيل الله بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ فَضْلٍ الفضل و النعمة عبارتان يعبر بهما عن معنى واحد و قيل النعمة ما استحقوه بطاعتهم و الفضل ما زادهم سبحانه من المضاعفة. و قال رحمه الله في قوله تعالى يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا أي يثبتهم في كرامته و ثوابه بقولهم الثابت الذي وجد منهم و هو كلمة الإيمان لأنه ثابت بالحجج و الأدلة. و قيل معناه يثبت الله المؤمنين بسبب كلمة التوحيد و حرمتها في الحياة الدنيا حتى لا يزلوا و لا يضلوا عن طريق الحق و يثبتهم بها في الآخرة حتى لا يزلوا و لا يضلوا عن طريق الجنة و قيل معناه يثبتهم بالتمكين في الأرض و النصرة و الفتح في الدنيا و بإسكانهم الجنة في الآخرة و قال أكثر المفسرين إن المراد بقوله فِي الْآخِرَةِ في القبر و الآية وردت في سؤال القبر و هو قول ابن عباس و ابن مسعود و هو المروي عن أئمتنا ع. و قال رحمه الله في قوله تعالى حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ يعني أن هؤلاء الكفار إذا أشرفوا على الموت سألوا الله تعالى عند ذلك الرجعة إلى دار التكليف فيقول أحدهم رَبِّ ارْجِعُونِ و في معناه قولان أحدهما أنهم استغاثوا أولا بالله ثم رجعوا إلى مساءلة الملائكة فقال لهم ارجعوني أي ردوني إلى الدنيا و الآخر أنه على عادة العرب في تعظيم المخاطب لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ أي في تركتي أو في دنياي فإنه ترك الدنيا و صار إلى الآخرة أو فيما ضيعت و فرطت أي في صلاتي و صيامي و طاعاتي ثم قال سبحانه في الجواب عن سؤالهم كَلَّا أي لا يرجع إلى الدنيا إِنَّها أي مسألة الرجعة كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها أي كلام يقوله و لا فائدة له في ذلك أو كلمة
يقولها بلسانه و ليس لها حقيقة مثل قوله وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَ مِنْ وَرائِهِمْ أي و من بين أيديهم بَرْزَخٌ أي حاجز بين الموت و البعث في القيامة من القبور و قيل حاجز بينهم و بين الرجوع إلى الدنيا و هم فيه إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ و قيل البرزخ الإمهال إلى يوم القيامة و هو القبر و كل فصل بين شيئين فهو برزخ. و قال رضي الله عنه في قوله تعالى قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَ أَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ اختلف في معناه على وجوه أحدها أن الإماتة الأولى في الدنيا بعد الحياة و الثانية في القبر قبل البعث و الإحياء الأولى في القبر للمساءلة و الثانية في الحشر عن السدي و هو اختيار البلخي. و ثانيها أن الإماتة الأولى حال كونهم نطفا فأحياهم الله في الدنيا ثم أماتهم الموتة الثانية ثم أحياهم للبعث فهاتان حياتان و مماتان. و ثالثها أن الحياة الأولى في الدنيا و الثانية في القبر و لم يرد الحياة يوم القيامة و الموتة الأولى في الدنيا و الثانية في القبر انتهى. أقول اختار الرازي في تفسيره الوجه الأول ثم ذكر عليه وجوها من الاعتراض و أجاب عنها و لا نطيل الكلام بذكرها. و قال الشيخ البهائي قدس الله روحه اشتهر الاحتجاج في الكتب الكلامية في إثبات عذاب القبر بقوله تعالى حكاية عن الكفار رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ الآية و تقريره أنه سبحانه حكى عنهم على وجه يشعر بتصديق الاعتراف بإماتتين و إحياءين فإحدى الإماتتين في الدنيا و الأخرى في القبر بعد السؤال و أحد الإحياءين فيه للسؤال و الآخر في القيامة و أما الإحياء في الدنيا فإنما سكتوا لأن غرضهم الإحياء الذي عرفوا فيه قدرة الله سبحانه على البعث و لهذا قالوا فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا أي بالذنوب التي حصلت بسبب إنكار الحشر و الإحياء في الدنيا لم يكونوا فيه معترفين بذنوبهم. قال المحقق الشريف في شرح المواقف إن تفسير هذه الآية على هذا الوجه هو الشائع المستفيض بين المفسرين ثم قال و أما حمل الإماتة الأولى على خلقهم أمواتا في أطوار النطفة و حمل الإماتة الثانية على الإماتة الطارية على الحياة و حمل الإحياءين
على الإحياء في الدنيا و الحشر فقد رد بأن الإماتة إنما تكون بعد سابقة الحياة و لا حياة في أطوار النطفة و بأنه قول شذاذ من المفسرين و المعتمد هو قول الأكثرين انتهى كلامه. فقد جعل التفسير بالوجه الأول مستفيضا و بالوجه الثاني شاذا و يخطر بالبال أن الأمر بالعكس فإن الشائع المستفيض بين المفسرين هو ما جعله شاذا و الشاذ النادر هو ما جعله مستفيضا و لعل هذا من سهو قلمه فإن التفاسير المشهورة التي عليها المدار في هذه الأعصار هي الكشاف و مفاتح الغيب و معالم التنزيل و مجمع البيان و جوامع الجامع و تفسير النيشابوري و تفسير البيضاوي و لم يختر أحد من هؤلاء تفسير الآية بالوجه الأول بل أكثرهم إنما اختاروا التفسير الثاني. و أما التفسير الأول فبعضهم نقله ثم زيفه و بعضهم اقتصر على مجرد نقله من غير ترجيح فلو كان هو الشائع المستفيض كما زعمه السيد المحقق لما كان الحال على هذا المنوال قال في الكشاف أراد بالإماتتين خلقهم أمواتا أولا و إماتتهم عند انقضاء آجالهم و بالإحياءين الإحياء الأولى و إحياء البعث. ثم قال بعد ذلك فإن قلت كيف صح أن يسمى خلقهم أمواتا إماتة قلت كما صح أن تقول سبحان من صغر جسم البعوضة و كبر جسم الفيل و قولك للحفار ضيق فم الركية و وسع أسفلها و ليس ثم نقل من كبر إلى صغر و لا من صغر إلى كبر و لا من ضيق إلى سعة و لا من سعة إلى ضيق و إنما أردت الإنشاء على تلك الصفات و السبب في صحته أن الصغر و الكبر جائزان معا على المصنوع الواحد من غير ترجيح لأحدهما و كذلك الضيق و السعة فإذا اختار الصانع أحد الجائزين و هو متمكن منهما على السواء فقد صرف المصنوع عن الجائز الآخر فجعل صرفه عنه كنقله منه و من جعل الإماتتين التي بعد حياة الدنيا و التي بعد حياة القبر لزمه إثبات ثلاث إحياءات و هو خلاف ما في القرآن إلا أن يتمحل فيجعل إحداها غير معتد بها أو يزعم أن الله يحييهم في القبور و تستمر بهم تلك الحياة فلا يموتون بعدها و يعدهم في المستثنين من الصعقة في قوله تعالى إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ. فإن قلت كيف تسبب هذا لقوله فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا قلت قد أنكروا البعث فكفروا و تبع ذلك من الذنوب ما لا يحصى لأن من لم يخش العاقبة تخرق في المعاصي فلما رأوا الإماتة و الإحياء قد تكررا عليهم علموا بأن الله تعالى قادر على الإعادة قدرته على الإنشاء فاعترفوا بذنوبهم التي اقترفوها من إنكار البعث و ما تبعه من معاصيهم انتهى كلامه. و قال الشيخ أمين الإسلام في جوامع الجامع أراد بالإماتتين خلقهم أمواتا أولا و إماتتهم عند انقضاء آجالهم و بالإحياءين الإحياء الأولى و إحياء البعث و قيل الإماتتان هما التي في الدنيا بعد الحياة و التي في القبر قبل البعث و الإحياءان هما التي في القبر للمساءلة و التي في البعث انتهى و في كلام هذين الفاضلين كفاية و الله الموفق. ثم قال رحمه الله و عساك تقول إن تفسير الآية على ما هو الشائع المستفيض كما ذكرته يقتضي سكوت الكفار عن الإحياء و الإماتة الواقعين في القبر فما السبب في سكوتهم عنهما فنقول إن الحياة في القبر حياة برزخية ناقصة ليس معها من آثار الحياة سوى الإحساس بالألم أو اللذة حتى أنه قد توقف بعض الأمة في عود الروح إلى الميت فلذلك لم يعتدوا بها في جنب الحياتين الأخريين قال في شرح المقاصد اتفق أهل الحق على أنه تعالى يعيد إلى الميت في القبر نوع حياة قدر ما يتألم و يلتذ لكن توقفوا في أنه هل يعاد الروح إليه أم لا و ما يتوهم من امتناع الحياة بدون الروح ممنوع و إنما ذلك في الحياة الكاملة التي تكون معها القدرة و الأفعال الاختيارية انتهى كلامه و الحق أن الروح يتعلق به و إلا لما قدر على إجابة الملكين و لكنه تعلق ضعيف كما يشعر به ما رواه في الكافي عن الصادق ع في حديث طويل فيدخل عليه ملكا القبر منكر و نكير فيلقيان فيه الروح إلى حقويه الحديث و قد يستبعد تعلق الروح بمن أكلته السباع أو أحرق و تفرقت أجزاؤه يمينا و شمالا و لا استبعاد فيه نظرا إلى قدرة الله سبحانه على حفظ أجزائه الأصلية عن
التفرق أو جمعها بعده و تعلق الروح بها تعلقا ما و قد روي عن أئمتنا ع ما يدل على أن الأجزاء الأصلية محفوظة إلى يوم القيامة انتهى كلامه ضاعف الله إكرامه. أقول الشيخ الطبرسي رحمه الله و إن اختار في الجوامع التفسير الثاني اختار في المجمع التفسير الأول حيث قدمه على غيره و الرازي بالغ في اختيار الأول و ذب عنه قول من أنكره و قال احتج أكثر العلماء بهذه الآية على إثبات عذاب القبر و البيضاوي ذكرهما و قدم الثاني لأنه يقتص أثر الزمخشري غالبا فظهر أن ما ذكر السيد الشريف ليس ببعيد عن الصواب في هذا الباب
1- فس، ]تفسير القمي[ وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الآية فإنه حدثني أبي عن ابن محبوب عن أبي عبيدة الحذاء عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال هم و الله شيعتنا إذا دخلوا الجنة و استقبلوا الكرامة من الله استبشروا بمن لم يلحق بهم من إخوانهم من المؤمنين في الدنيا أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ و هو رد على من يبطل الثواب و العقاب بعد الموت
2- فس، ]تفسير القمي[ حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ إلى قوله إِنَّها كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها فإنها نزلت في مانع الزكاة قوله وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قال البرزخ هو أمر بين أمرين و هو الثواب و العقاب بين الدنيا و الآخرة و هو رد على من أنكر عذاب القبر و الثواب و العقاب قبل يوم القيامة و هو قول الصادق ع و الله ما أخاف عليكم إلا البرزخ فأما إذا صار الأمر إلينا فنحن أولى بكم
و قال علي بن الحسين ع إن القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران
و أقول قد مضى خبر علي بن الحسين ع في باب الموت أنه ع تلا وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قال هو القبر و إن لهم فيه ل مَعِيشَةً ضَنْكاً و الله إن القبر لروضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران
أقول هذا الخبر يدل على أن المراد بالمعيشة الضنك في الآية هو عذاب القبر و يؤيده ذكر القيامة بعدها و إليه ذهب كثير من المفسرين و لا يجوز أن يراد بها سوء الحال في الدنيا لأن كثيرا من الكفار في الدنيا في معيشة طيبة هنيئة غير ضنك و المؤمنين بالضد من ذلك. قال الطبرسي رحمه الله فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً أي عيشا ضيقا و هو أن يقتر الله عليه الرزق عقوبة له على إعراضه فإن وسع عليه فإنه يضيق عليه المعيشة بأن يمسكه و لا ينفقه على نفسه و إن أنفقه فإن الحرص على الجمع و زيادة الطلب يضيق المعيشة عليه و قيل هو عذاب القبر عن ابن مسعود و أبي سعيد الخدري و السدي و رواه أبو هريرة مرفوعا و قيل هو طعام الزقوم و الضريع في جهنم لأن ماله إليها و إن كان في سعة من الدنيا و قيل معناه أن يكون عيشه منغصا بأن ينفق إنفاق من لا يوقن بالخلف و قيل و هو الحرام في الدنيا و الذي يؤدي إلى النار و قيل عيشا ضيقا في الدنيا لقصرها و سار ما يشوبها و يكدرها و إنما العيش الرغد في الجنة
3- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن حماد عن حريز عن زرارة قال قلت لأبي جعفر ع أ رأيت الميت إذا مات لم تجعل معه الجريدة قال يتجافى عنه العذاب و الحساب ما دام العود رطبا قال و العذاب كله في يوم واحد في ساعة واحدة قدر ما يدخل القبر و يرجع القوم و إنما جعلت السعفتان لذلك فلا يصيبه عذاب و لا حساب بعد جفوفهما إن شاء الله
4- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن عبد الله بن المغيرة عن حريز و فضيل و عبد الرحمن قالوا قيل لأبي عبد الله ع لأي شيء يوضع مع الميت الجريدة قال إنه يتجافى عنه ما دامت رطبة
5- ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ ابن أبي البلاد عن أبيه عن بعض أصحابه يرفعه إلى النبي ص أنه قال لبعض أصحابه كيف أنت إذا أتاك فتانا القبر فقال يا رسول الله ما فتانا القبر قال ملكان فظان غليظان أصواتهما كالرعد القاصف و أبصارهما كالبرق الخاطف يطئان في أشعارهما و يحفران بأنيابهما فيسألانك قال و أنا على مثل هذه الحال قال و أنت على مثل حالك هذه قال إذن أكفيهما
6- شف، ]كشف اليقين[ من تفسير الحافظ محمد بن مؤمن الشيرازي بإسناده رفعه قال أقبل صخر بن حرب حتى جلس إلى رسول الله ص فقال يا محمد هذا الأمر لنا بعدك أم لمن قال يا صخر الأمر بعدي لمن هو مني بمنزلة هارون من موسى فأنزل الله تعالى عَمَّ يَتَساءَلُونَ يعني يسألك أهل مكة عن خلافة علي بن أبي طالب عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ منهم المصدق بولايته و خلافته و منهم المكذب كَلَّا رد عليهم سَيَعْلَمُونَ سيعرفون خلافته بعدك أنها حق يكون ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ سيعرفون خلافته و ولايته إذ يسألون عنها في قبورهم فلا يبقى ميت في شرق و لا غرب و لا في بر و لا في بحر إلا و منكر و نكير يسألانه عن ولاية أمير المؤمنين بعد الموت يقولان للميت من ربك و ما دينك و من نبيك و من إمامك
7- كا، ]الكافي[ أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار و محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن صفوان عن ابن مسكان عن الحسن بن زياد الصيقل عن أبي عبد الله ع قال الجريدة تنفع المؤمن و الكافر
8- ج، ]الإحتجاج[ في حديث الزنديق الذي سأل الصادق ع عن مسائل أن قال أخبرني عن السراج إذا انطفأ أين يذهب نوره قال يذهب فلا يعود قال فما أنكرت أن يكون الإنسان مثل ذلك إذا مات و فارق الروح البدن لم يرجع إليه أبدا كما لا يرجع ضوء السراج إليه إذا انطفأ قال لم تصب القياس إن النار في الأجسام كامنة و الأجسام قائمة بأعيانها كالحجر و الحديد فإذا ضرب أحدهما بالآخر سطعت من بينهما نار تقتبس منها سراج له الضوء فالنار ثابتة في أجسامها و الضوء ذاهب و الروح جسم رقيق قد ألبس قالبا كثيفا ليس بمنزلة السراج الذي ذكرت إن الذي خلق في الرحم جنينا من ماء صاف و ركب فيه ضروبا مختلفة من عروق و عصب و أسنان و شعر و عظام و غير ذلك هو يحييه بعد موته و يعيده بعد فنائه قال فأين الروح قال في بطن الأرض حيث مصرع البدن إلى وقت البعث قال فمن صلب أين روحه قال في كف الملك الذي قبضها حتى يودعها الأرض قال أ فيتلاشى الروح بعد خروجه عن قالبه أم هو باق قال بل هو باق إلى وقت ينفخ في الصور فعند ذلك تبطل الأشياء و تفنى فلا حس و لا محسوس ثم أعيدت الأشياء كما بدأها مدبرها و ذلك أربعمائة سنة تسبت فيها الخلق و ذلك بين النفختين
أقول سيأتي تمام الخبر مشروحا في كتاب الاحتجاجات
9- ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ القاسم و عثمان بن عيسى عن علي عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال إن سعدا لما مات شيعه سبعون ألف ملك فقام رسول الله ص على قبره فقال و مثل سعد يضم فقالت أمه هنيئا لك يا سعد و كرامة فقال لها رسول الله يا أم سعد لا تحتمي على الله فقالت يا رسول الله قد سمعناك و ما تقول في سعد فقال إن سعدا كان في لسانه غلظ على أهله
10- و قال أبو بصير سمعت أبا عبد الله ع يقول إن رقية بنت رسول الله ص لما ماتت قام رسول الله ص على قبرها فرفع يده تلقاء السماء و دمعت عيناه فقالوا له يا رسول الله إنا قد رأيناك رفعت رأسك إلى السماء و دمعت عيناك فقال إني سألت ربي أن يهب لي رقية من ضمة القبر
11- فس، ]تفسير القمي[ أحمد بن إدريس عن أحمد بن محمد عن ابن أبي عمير عن إسحاق بن عبد العزيز عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله ع يقول فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ قال في قبره وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ قال في الآخرة وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ في القبر وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ في الآخرة
-12 فس، ]تفسير القمي[ و أما الرد على من أنكر الثواب و العقاب فقوله يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَ سَعِيدٌ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَ شَهِيقٌ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ فإذا قامت القيامة تبدل السماوات و الأرض و قوله النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا فأما الغدو و العشي إنما يكونان في الدنيا في دار المشركين و أما في القيامة فلا يكون غدو و لا عشي و قوله لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَ عَشِيًّا يعني في جنان الدنيا التي ينقل إليها أرواح المؤمنين فأما في جنات الخلد فلا يكون غدو و لا عشي و قوله وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ فقال الصادق ع البرزخ القبر و هو الثواب و العقاب بين الدنيا و الآخرة و الدليل على ذلك أيضا قول العالم ع و الله ما يخاف عليكم إلا البرزخ و قوله عز و جل وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ يَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ و قال الصادق ع يستبشرون و الله في الجنة بمن لم يلحق بهم من خلفهم من المؤمنين في الدنيا و مثله كثير مما هو رد على من أنكر عذاب القبر
13- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ فيما كتب أمير المؤمنين ع لمحمد بن أبي بكر يا عباد الله ما بعد الموت لمن لا يغفر له أشد من الموت القبر فاحذروا ضيقه و ضنكه و ظلمته و غربته إن القبر يقول كل يوم أنا بيت الغربة أنا بيت التراب أنا بيت الوحشة أنا بيت الدود و الهوام و القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار إن العبد المؤمن إذا دفن قالت له الأرض مرحبا و أهلا قد كنت ممن أحب أن تمشي على ظهري فإذا وليتك فستعلم كيف صنيعي بك فيتسع له مد البصر و إن الكافر إذا دفن قالت له الأرض لا مرحبا بك و لا أهلا لقد كنت من أبغض من يمشي على ظهري فإذا وليتك فستعلم كيف صنيعي بك فتضمه حتى تلتقي أضلاعه و إن المعيشة الضنك التي حذر الله منها عدوه عذاب القبر إنه يسلط على الكافر في قبره تسعة و تسعين تنينا فينهشن لحمه و يكسرن عظمه يترددن عليه كذلك إلى يوم يبعث لو أن تنينا منها نفخ في الأرض لم تنبت زرعا يا عباد الله إن أنفسكم الضعيفة و أجسادكم الناعمة الرقيقة التي يكفيها اليسير تضعف عن هذا فإن استطعتم أن تجزعوا لأجسادكم و أنفسكم بما لا طاقة لكم به و لا صبر لكم عليه فاعملوا بما أحب الله و اتركوا ما كره الله
بيان قوله ع تسعة و تسعين تنينا قال الشيخ البهائي رحمه الله قال بعض أصحاب الحال و لا ينبغي أن يتعجب من التخصيص بهذا العدد فلعل عدد هذه الحيات بقدر عدد الصفات المذمومة من الكبر و الريا و الحسد و الحقد و سائر الأخلاق و الملكات الردية فإنها تنشعب و تتنوع أنواعا كثيرة و هي بعينها تنقلب حيات في تلك النشأة انتهى كلامه و لبعض أصحاب الحديث في نكتة التخصيص بهذا العدد وجه ظاهري إقناعي محصله أنه قد ورد في الحديث أن لله تسعة و تسعين اسما من أحصاها دخل الجنة و معنى إحصائها الإذعان باتصافه عز و علا بكل منها و روى الصادق عن النبي ص أنه قال إن لله مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن و الإنس و البهائم و أخر تسعا و تسعين رحمة يرحم بها عباده فتبين من الحديث الأول أنه سبحانه بين لعباده معالم معرفته بهذه الأسماء التسعة و التسعين و من الحديث الثاني أن لهم عنده في النشأة الأخروية تسعا و تسعين رحمة و حيث إن الكافر لم يعرف الله سبحانه بشيء من تلك الأسماء جعل له في مقابل كل اسم رحمة تنين ينهشه في قبره هذا حاصل كلامه و هو كما ترى
-14 ع، ]علل الشرائع[ لي، ]الأمالي للصدوق[ علي بن الحسين بن الشقير الهمداني عن جعفر بن أحمد بن يوسف عن علي بن بزرج الخياط عن عمر بن اليسع عن عبد الله بن اليسع عن ابن سنان عن أبي عبد الله ع قال أتي رسول الله ص فقيل له إن سعد بن معاذ قد مات فقام رسول الله ص و قام أصحابه معه فأمر بغسل سعد و هو قائم على عضادة الباب فلما أن حنط و كفن و حمل على سريره تبعه رسول الله ص بلا حذاء و لا رداء ثم كان يأخذ يمنة السرير مرة و يسرة السرير مرة حتى انتهى به إلى القبر فنزل رسول الله ص حتى لحده و سوى اللبن عليه و جعل يقول ناولوني حجرا ناولوني ترابا رطبا يسد به ما بين اللبن فلما أن فرغ و حثا التراب عليه و سوى قبره قال رسول الله ص إني لأعلم أنه سيبلى و يصل البلى إليه و لكن الله يحب عبدا إذا عمل عملا أحكمه فلما أن سوى التربة عليه قالت أم سعد يا سعد هنيئا لك الجنة فقال رسول الله ص يا أم سعد مه لا تجزمي على ربك فإن سعدا قد أصابته ضمة قال فرجع رسول الله ص و رجع الناس فقالوا له يا رسول الله لقد رأيناك صنعت على سعد ما لم تصنعه على أحد إنك تبعت جنازته بلا رداء و لا حذاء فقال ص إن الملائكة كانت بلا رداء و لا حذاء فتأسيت بها قالوا و كنت تأخذ يمنة السرير مرة و يسرة السرير مرة قال كانت يدي في يد جبرئيل آخذ حيث يأخذ قالوا أمرت بغسله و صليت على جنازته و لحدته في قبره ثم قلت إن سعدا قد أصابته ضمة قال فقال ص نعم إنه كان في خلقه مع أهله سوء
ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ الغضائري عن الصدوق مثله
15- لي، ]الأمالي للصدوق[ العطار عن أبيه عن البرقي عن محمد بن علي الكوفي عن التفليسي عن إبراهيم بن محمد عن الصادق عن آبائه ع قال قال رسول الله ص مر عيسى ابن مريم ع بقبر يعذب صاحبه ثم مر به من قابل فإذا هو ليس يعذب فقال يا رب مررت بهذا القبر عام أول فكان صاحبه يعذب ثم مررت به العام فإذا هو ليس يعذب فأوحى الله عز و جل إليه يا روح الله إنه أدرك له ولد صالح فأصلح طريقا و آوى يتيما فغفرت له بما عمل ابنه
-16 ثو، ]ثواب الأعمال[ لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن الوليد عن الصفار عن ابن هاشم عن النوفلي عن السكوني عن الصادق عن آبائه ع قال قال رسول الله ص ضغطة القبر للمؤمن كفارة لما كان منه من تضييع النعم
ع، ]علل الشرائع[ أبي عن علي عن أبيه عن النوفلي مثله
17- لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن الوليد عن سعد عن البرقي عن ابن أبي نجران و الحسين بن سعيد معا عن حماد عن حريز عن أبان بن تغلب عن الصادق ع قال من مات ما بين زوال الشمس يوم الخميس إلى زوال الشمس من يوم الجمعة من المؤمنين أعاذه الله من ضغطة القبر
ثو، ]ثواب الأعمال[ أبي عن أحمد بن إدريس عن الأشعري عن علي بن إسماعيل عن حماد مثله
18- ع، ]علل الشرائع[ ابن الوليد عن الصفار عن السندي بن محمد عن صفوان بن يحيى عن صفوان بن مهران عن أبي عبد الله ع قال أقعد رجل من الأخيار في قبره فقيل له إنا جالدوك مائة جلدة من عذاب الله فقال لا أطيقها فلم يزالوا به حتى انتهوا إلى جلدة واحدة فقالوا ليس منها بد قال فبما تجلدونيها قالوا نجلدك لأنك صليت يوما بغير وضوء و مررت على ضعيف فلم تنصره قال فجلدوه جلدة من عذاب الله عز و جل فامتلأ قبره نارا
19- ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ فضالة عن أبان عن بشير النبال قال سمعت أبا عبد الله ع يقول خاطب رسول الله ص قبر سعد فمسحه بيده و اختلج بين كتفيه فقيل له يا رسول الله رأيناك خاطبت و اختلج بين كتفيك و قلت سعد يفعل به هذا فقال إنه ليس من مؤمن إلا و له ضمة
20- ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ علي بن النعمان عن ابن مسكان عن سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد الله ع عما يلقى صاحب القبر فقال إن ملكين يقال لهما منكر و نكير يأتيان صاحب القبر فيسألانه عن رسول الله ص فيقولان ما تقول في هذا الرجل الذي خرج فيكم فيقول من هو فيقولان الذي كان يقول إنه رسول الله أ حق ذلك قال فإذا كان من أهل الشك قال ما أدري قد سمعت الناس يقولون فلست أدري أ حق ذلك أم كذب فيضربانه ضربة يسمعها أهل السماوات و أهل الأرض إلا المشركين و إذا كان متيقنا فإنه لا يفزع فيقول أ عن رسول الله تسألاني فيقولان أ تعلم أنه رسول الله فيقول أشهد أنه رسول الله حقا جاء بالهدى و دين الحق قال فيرى مقعده من الجنة و يفسح له عن قبره ثم يقولان له نم نومة ليس فيها حلم في أطيب ما يكون النائم
21- ع، ]علل الشرائع[ علي بن حاتم عن أحمد بن محمد الهمداني عن المنذر بن محمد عن الحسين بن محمد عن علي بن القاسم عن أبي خالد عن زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي ع قال عذاب القبر يكون من النميمة و البول و عزب الرجل عن أهله
22- لي، ]الأمالي للصدوق[ علي بن حاتم عن علي بن الحسين النحوي عن البرقي عن أبيه عن سليمان بن مقبل عن موسى بن جعفر عن أبيه ع قال إذا مات المؤمن شيعه سبعون ألف ملك إلى قبره فإذا أدخل قبره أتاه منكر و نكير فيقعدانه و يقولان له من ربك و ما دينك و من نبيك فيقول ربي الله و محمد نبيي و الإسلام ديني فيفسحان له في قبره مد بصره و يأتيانه بالطعام من الجنة و يدخلان عليه الروح و الريحان و ذلك قوله عز و جل فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَ رَيْحانٌ يعني في قبره وَ جَنَّةُ نَعِيمٍ يعني في الآخرة ثم قال ع إذا مات الكافر شيعه سبعون ألفا من الزبانية إلى قبره و إنه ليناشد حامليه بصوت يسمعه كل شيء إلا الثقلان و يقول لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فأكون من المؤمنين و يقول ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ فتجيبه الزبانية كَلَّا إِنَّها كَلِمَةٌ أنت قائلها و يناديهم ملك لو رد لعاد لما نهي عنه فإذا أدخل قبره و فارقه الناس أتاه منكر و نكير في أهول صورة فيقيمانه ثم يقولان له من ربك و ما دينك و من نبيك فيتلجلج لسانه و لا يقدر على الجواب فيضربانه ضربة من عذاب الله يذعر لها كل شيء ثم يقولان له من ربك و ما دينك و من نبيك فيقول لا أدري فيقولان له لا دريت و لا هديت و لا أفلحت ثم يفتحان له بابا إلى النار و ينزلان إليه من الحميم من جهنم و ذلك قول الله عز و جل وَ أَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ يعني في القبر وَ تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ يعني في الآخرة
23- لي، ]الأمالي للصدوق[ القطان عن السكري عن الجوهري عن ابن عمارة عن أبيه قال قال الصادق ع من أنكر ثلاثة أشياء فليس من شيعتنا المعراج و المساءلة في القبر و الشفاعة
24- لي، ]الأمالي للصدوق[ أبي عن الحميري عن ابن عيسى عن ابن محبوب عن عبد الله بن غالب عن أبيه عن سعيد بن المسيب قال كان علي بن الحسين صلوات الله عليه يعظ الناس و يزهدهم في الدنيا و يرغبهم في أعمال الآخرة بهذا الكلام في كل جمعة في مسجد الرسول ص و حفظ عنه و كتب كان يقول أيها الناس اتقوا الله و اعلموا أنكم إليه ترجعون ف تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ في هذه الدنيا مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَ ما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَ بَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ ويحك ابن آدم الغافل و ليس بمغفول عنه ابن آدم إن أجلك أسرع شيء إليك قد أقبل نحوك حثيثا يطلبك و يوشك أن يدركك و كان قد أوفيت أجلك و قبض الملك روحك و صرت إلى منزل وحيدا فرد إليك فيه روحك و اقتحم عليك فيه ملكاك منكر و نكير لمساءلتك و شديد امتحانك ألا و إن أول ما يسألانك عن ربك الذي كنت تعبده و عن نبيك الذي أرسل إليك و عن دينك الذي كنت تدين به و عن كتابك الذي كنت تتلوه و عن إمامك الذي كنت تتولاه ثم عن عمرك فيما أفنيته و مالك من أين اكتسبته و فيما أتلفته فخذ حذرك و انظر لنفسك و أعد للجواب قبل الامتحان و المساءلة و الاختبار فإن تك مؤمنا تقيا عارفا بدينك متبعا للصادقين مواليا لأولياء الله لقاك الله حجتك و أنطق لسانك بالصواب فأحسنت الجواب فبشرت بالجنة و الرضوان من الله و الخيرات الحسان و استقبلتك الملائكة بالروح و الريحان و إن لم تكن كذلك تلجلج لسانك و دحضت حجتك و عميت عن الجواب و بشرت بالنار و استقبلتك ملائكة العذاب بنزل من حميم و تصلية جحيم
أقول تمامه في أبواب المواعظ
25- فس، ]تفسير القمي[ أبي عن النضر عن يحيى الحلبي عن عبد الحميد الطائي عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ع قال إن العبد إذا أدخل قبره أتاه منكر ففزع منه يسأل عن النبي ص فيقول له ما تقول في هذا الرجل الذي كان بين أظهركم فإن كان مؤمنا قال أشهد أنه رسول الله جاء بالحق فيقال له ارقد رقدة لا حلم فيها و يتنحى عنه الشيطان و يفسح له في قبره سبعة أذرع و يرى مكانه من الجنة قال و إذا كان كافرا قال ما أدري فيضرب ضربة يسمعها كل من خلق الله إلا الإنسان و سلط عليه الشيطان و له عينان من نحاس أو نار كالبرق الخاطف فيقول له أنا أخوك و يسلط عليه الحيات و العقارب و يظلم عليه قبره ثم يضغطه ضغطة يختلف أضلاعه عليه ثم قال بأصابعه فشرجها
بيان ثم قال بأصابعه القول هنا بمعنى الفعل أي أدخل أصابعه بعضها في بعض لتوضيح اختلاف الأضلاع أي تدخل أضلاعه من جانب في أضلاعه من جانب آخر و قوله شرجها في أكثر النسخ بالجيم قال الفيروزآبادي الشرج الفرقة و المزج و الجمع و نضد اللبن و التشريج الخياطة المتباعدة و تشرج اللحم بالشحم تداخل انتهى و في بعض النسخ بالحاء المهملة أي أوضح و بين اختلاف الأضلاع
26- فس، ]تفسير القمي[ أبي عن علي بن مهزيار عن عمرو بن عثمان عن المفضل بن صالح عن جابر عن إبراهيم بن العلاء عن سويد بن غفلة عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه قال إن ابن آدم إذا كان في آخر يوم من الدنيا و أول يوم من الآخرة مثل له ماله و ولده و عمله فيلتفت إلى ماله فيقول و الله إني كنت عليك لحريصا شحيحا فما لي عندك فيقول خذ مني كفنك ثم يلتفت إلى ولده فيقول و الله إني كنت لكم لمحبا و إني كنت عليكم لمحاميا فما ذا لي عندكم فيقولون نؤديك إلى حفرتك و نواريك فيها ثم يلتفت إلى عمله فيقول و الله إني كنت فيك لزاهدا و إنك كنت علي لثقيلا فما ذا عندك فيقول أنا قرينك في قبرك و يوم حشرك حتى أعرض أنا و أنت على ربك فإن كان لله وليا أتاه أطيب الناس ريحا و أحسنهم منظرا و أزينهم رياشا فيقول أبشر بروح من الله و ريحان و جنة نعيم قد قدمت خير مقدم فيقول من أنت فيقول أنا عملك الصالح ارتحل من الدنيا إلى الجنة و إنه ليعرف غاسله و يناشد حامله أن يعجله فإذا أدخل قبره أتاه ملكان و هما فتانا القبر يجران أشعارهما و يبحثان الأرض بأنيابهما و أصواتهما كالرعد القاصف و أبصارهما كالبرق الخاطف فيقولان له من ربك و من نبيك و ما دينك فيقول الله ربي و محمد نبيي و الإسلام ديني فيقولان ثبتك الله فيما تحب و ترضى و هو قول الله يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا الآية فيفسحان له في قبره مد بصره و يفتحان له بابا إلى الجنة و يقولان له نم قرير العين نوم الشاب الناعم و هو قوله أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَ أَحْسَنُ مَقِيلًا و إذا كان لربه عدوا فإنه يأتيه أقبح خلق الله رياشا و أنتنه ريحا فيقول له أبشر بنزل من حميم و تصلية جحيم و إنه ليعرف غاسله و يناشد حامله أن يحبسه فإذا أدخل قبره أتياه ممتحنا القبر فألقيا عنه أكفانه ثم قالا له من ربك و من نبيك و ما دينك فيقول لا أدري فيقولان له ما دريت و لا هديت فيضربانه بمرزبة ضربة ما خلق الله دابة إلا و تذعر لها ما خلا الثقلين ثم يفتحان له بابا إلى النار ثم يقولان له نم بشر حال فهو من الضيق مثل ما فيه القنا من الزج حتى أن دماغه يخرج من بين ظفره و لحمه و يسلط الله عليه حيات الأرض و عقاربها و هوامها فتنهشه حتى يبعثه الله من قبره و إنه ليتمنى قيام الساعة مما هو فيه من الشر
27- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ ابن الصلت عن ابن عقدة عن قاسم بن جعفر بن أحمد عن عباد بن أحمد القزويني عن عمه عن أبيه عن جابر عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة ذكر أن علي بن أبي طالب و عبد الله بن عباس ذكرا أن ابن آدم إذا كان في آخر يوم من الدنيا و أول يوم من الآخرة مثل له ماله و ولده و عمله و ساق الحديث مثل ما مر
شي، ]تفسير العياشي[ عن ابن غفلة مثله
28- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن عمرو بن عثمان و عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن البزنطي و الحسن بن علي جميعا عن أبي جميلة عن جابر عن عبد الأعلى و علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن إبراهيم بن عبد الأعلى عن سويد بن غفلة مثله و قال في آخره و قال جابر قال أبو جعفر ع قال النبي ص إني كنت أنظر إلى الإبل و الغنم و أنا أرعاها و ليس من نبي إلا و قد رعى الغنم و كنت أنظر إليها قبل النبوة و هي متمكنة في المكينة ما حولها شيء يهيجها حتى تذعر فتطير فأقول ما هذا و أعجب حتى حدثني جبرئيل ع أن الكافر يضرب ضربة ما خلق الله شيئا إلا سمعها و يذعر لها إلا الثقلين فقلنا ذلك لضربة الكافر فنعوذ بالله من عذاب القبر
بيان قوله ع مثل له أي صور له كل من الثلاثة بصورة مثالية يخاطبها و تخاطبه و يجوز أن يراد بالتمثل خطور هذه الثلاثة بالبال و حضور صورها في الخيال و حينئذ يكون المخاطبة بلسان الحال لا بلسان المقال و الشح البخل مع الحرص و الزهد في الشيء ضد الرغبة فيه و الرياش اللباس الفاخر و قال الجزري فيه تفتنون في القبور يريد مساءلة منكر و نكير من فتنة الامتحان و الاختبار. قوله ع يخدان الأرض أي يشقانها و القاصف الشديد الصوت. قوله ع هو قول الله الضمير عائد إلى قول الملكين ثبتك الله و المضاف محذوف و التقدير هو مدلول قول الله عز و جل و قيل هو عائد إلى تثبيت المؤمن على ما يجيب به الملكين
كما يدل عليه ما روي عن النبي ص أنه ذكر قبض روح المؤمن فقال ثم يعاد روحه في جسده و يأتيه ملكان فيجلسانه في قبره و يقولان له من ربك و ما دينك فيقول ربي الله و ديني الإسلام و نبيي محمد فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي فذلك قوله تعالى يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ
و الفسحة بالضم السعة و المراد بمد البصر مداه و غايته التي ينتهي إليها و قرة العين برودتها و انقطاع بكائها و رؤيتها ما كانت مشتاقة إليه و القرة بالضم ضد الحر و العرب تزعم أن دمع الباكي من شدة السرور بارد و دمع الباكي من الحزن حار فقرة العين كناية عن الفرح و السرور و الناعم من النعمة بالكسر و هو ما يتنعم به من المال و نحوه أو بالفتح و هي نفس التنعم و لعل الثاني أولى. قوله تعالى أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ المراد اليوم المذكور في قوله تعالى قبل هذه الآية يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَ يَقُولُونَ حِجْراً مَحْجُوراً و هذا الحديث يدل على أن المراد بذلك اليوم يوم الموت و بالملائكة ملائكة الموت و هو قول كثير من المفسرين و فسر بعضهم ذلك اليوم بيوم القيامة و الملائكة بملائكة النار و المراد بالمستقر المكان الذي يستقر فيه و بالمقيل مكان الاستراحة مأخوذ من مكان القيلولة قال الشيخ البهائي رحمه الله و يحتمل أن يراد بأحدهما الزمان أي إن مكانهم و زمانهم أطيب ما يتخيل من الأمكنة و الأزمان و يحتمل المصدرية فيهما أو في أحدهما. أبشر بنزل من حميم البشارة هنا على سبيل التهكم و النزل بضمتين ما يعد للضيف النازل على الإنسان من الطعام و الشراب و فيه تهكم أيضا و الحميم الماء الشديدة الحرارة يسقى منه أهل النار أو يصب على أبدانهم و الأنسب بالنزل السقي و التصلية التلويح على النار أتاه ممتحنا القبر إضافة اسم الفاعل إما إلى معموله على حذف المضاف أي ممتحنا صاحب القبر أو إلى غير معموله كمصارع مصر و هذا أولى و تخصيص إلقاء الأكفان بعدو الله ظاهر لما فيه من الشناعة المناسبة لحاله و اليافوخ هو الموضع الذي يتحرك من رأس الطفل إذا كان قريب عهد بالولادة و المرزبة بالراء المهملة و الزاء المعجمة و الباء الموحدة عصاة من حديد و القنا جمع قناة و هي الرمح و الزج الحديدة التي في أسفل الرمح
29- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ الحفار عن إسماعيل بن علي الدعبلي عن أبيه عن أخي دعبل عن شعبة بن الحجاج عن علقمة بن مزيد عن سعد بن عبيدة عن البراء بن عازب عن النبي ص في قوله تعالى يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ قال في القبر إذا سئل الموتى
أقول سيأتي في باب الدفن في خبر فاطمة بنت أسد أنه قال النبي ص و الذي نفس محمد بيده لقد سمعت فاطمة تصفيق يميني على شمالي
30- فس، ]تفسير القمي[ في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ع في قوله فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً يعني أرواح المؤمنين سبق أرواحهم إلى الجنة بمثل الدنيا و أرواح الكافرين إلى النار بمثل ذلك
31- م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قال علي بن أبي طالب ع من قوى مسكينا في دينه ضعيفا في معرفته على ناصب مخالف فأفحمه لقنه الله يوم يدلى في قبره أن يقول الله ربي و محمد نبيي و علي وليي و الكعبة قبلتي و القرآن بهجتي و عدتي و المؤمنون إخواني و المؤمنات أخواتي فيقول الله أدليت بالحجة فوجبت لك أعالي درجات الجنة فعند ذلك يتحول عليه قبره أنزه رياض الجنة
32- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن ابن قولويه عن محمد بن همام عن الحميري عن ابن عيسى عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد عن الحسين بن أحمد عن ابن ظبيان قال كنت عند أبي عبد الله ع فقال ما يقول الناس في أرواح المؤمنين بعد موتهم قلت يقولون في حواصل طيور خضر فقال سبحان الله المؤمن أكرم على الله من ذلك إذا كان ذلك أتاه رسول الله ص و علي و فاطمة و الحسن و الحسين ع و معهم ملائكة الله عز و جل المقربون فإن أنطق الله لسانه بالشهادة له بالتوحيد و للنبي صلى الله عليه و آله بالنبوة و الولاية لأهل البيت شهد على ذلك رسول الله ص و علي و فاطمة و الحسن و الحسين ع و الملائكة المقربون معهم و إن اعتقل لسانه خص الله نبيه ص بعلم ما في قلبه من ذلك فشهد به و شهد على شهادة النبي علي و فاطمة و الحسن و الحسين على جماعتهم من الله أفضل السلام و من حضر معهم من الملائكة فإذا قبضه الله إليه صير تلك الروح إلى الجنة في صورة كصورته فيأكلون و يشربون فإذا قدم عليهم القادم عرفهم بتلك الصورة التي كانت في الدنيا
33- لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن سعيد الهاشمي عن فرات عن محمد بن أحمد بن علي الهمداني عن الحسن بن علي الشامي عن أبيه عن أبي جرير عن عطاء الخراساني رفعه عن عبد الرحمن بن غنم قال لما أسري بالنبي ص مر على شيخ قاعد تحت شجرة و حوله أطفال فقال رسول الله ص من هذا الشيخ يا جبرئيل قال هذا أبوك إبراهيم ع قال فما هؤلاء الأطفال حوله قال هؤلاء أطفال المؤمنين حوله يغذوهم
34- فس، ]تفسير القمي[ أبي عن سليمان الديلمي عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال إن أطفال شيعتنا من المؤمنين تربيهم فاطمة ع
-35 ثو، ]ثواب الأعمال[ أبي عن سعد عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن عبد الله بن مرحوم عن ابن سنان عن أبي عبد الله ع قال إذا دخل المؤمن قبره كانت الصلاة عن يمينه و الزكاة عن يساره و البر مطل عليه و يتنحى الصبر ناحية قال إذا دخل عليه الملكان اللذان يليان مساءلته قال الصبر للصلاة و الزكاة و البر دونكم صاحبكم فإن عجزتم عنه فأنا دونه
بيان أطل عليه أشرف و في بعض النسخ بالظاء المعجمة
36- سن، ]المحاسن[ ابن محبوب رفعه عن أبي عبد الله ع قال من مات يوم الجمعة كتب له براءة من ضغطة القبر
37- سن، ]المحاسن[ ابن فضال عن أبي جميلة عن ابن طريف عن أبي جعفر ع قال من مات ليلة الجمعة كتب الله له براءة من عذاب النار و من مات يوم الجمعة أعتق من النار
38- و قال أبو جعفر ع بلغني أن النبي ص قال من مات يوم الجمعة أو ليلة الجمعة رفع عنه عذاب القبر
39- ير، ]بصائر الدرجات[ سلمة بن خطاب عن عبد الله بن محمد عن عبد الله بن القاسم عن عيسى بن شلقان قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إن أمير المؤمنين عليا ع كانت له خئولة في بني مخزوم و إن شابا منهم أتاه فقال يا خالي إن أخي و ابن أبي مات و قد حزنت عليه حزنا شديدا قال فتشتهي أن تراه قال نعم قال فأرني قبره فخرج و معه برد رسول الله السحاب فلما انتهى إلى القبر تململت شفتاه ثم ركضه برجله فخرج من قبره و هو يقول رميكا بلسان الفرس فقال له علي ع أ لم تمت و أنت رجل من العرب قال بلى و لكنا متنا على سنة فلان و فلان فانقلبت ألسنتنا
-40 ير، ]بصائر الدرجات[ علي بن الحسن بن فضال عن أبيه عن علاء بن يحيى المكفوف عن عمر بن أبي زياد عن عطية الأبزاري قال طاف رسول الله ص بالكعبة فإذا آدم بحذاء الركن اليماني فسلم عليه رسول الله ص ثم انتهى إلى الحجر فإذا نوح عليه السلام بحذائه رجل طويل فسلم عليه رسول الله ص
41- ير، ]بصائر الدرجات[ محمد بن الحسين عن الحكم بن بكر عن أبي سعيد المكاري عن أبي عبد الله ع قال إن أمير المؤمنين عليه السلام لقي أبا بكر فقال له ما أمرك رسول الله ص أن تطيعني فقال لا و لو أمرني لفعلت قال فانطلق بنا إلى مسجد قباء فانطلق معه فإذا رسول الله ص يصلي فلما انصرف قال علي يا رسول الله إني قلت لأبي بكر ما أمرك رسول الله أن تطيعني فقال لا فقال رسول الله ص بلى قد أمرتك فأطعه قال فخرج فلقي عمر و هو ذعر فقال له ما لك فقال قال رسول الله ص كذا و كذا قال تبا لأمتك تترك أمرهم ما تعرف سحر بني هاشم
42- ير، ]بصائر الدرجات[ محمد بن عيسى عن إبراهيم بن أبي البلاد عن عبيد بن عبد الرحمن الخثعمي عن أبي إبراهيم ع قال خرجت مع أبي إلى بعض أمواله فلما برزنا إلى الصحراء استقبله شيخ أبيض الرأس و اللحية فسلم عليه فنزل إليه أبي أسمعه يقول له جعلت فداك ثم جلسا فتساءلا طويلا ثم قام الشيخ و انصرف و ودع إلي و قام ينظر في قفاه حتى تواري عنه فقلت لأبي من هذا الشيخ الذي سمعتك تقول له ما لم تقله لأحد قال هذا أبي
43- ير، ]بصائر الدرجات[ محمد بن عيسى عن عثمان بن عيسى عمن أخبره عن عباية الأسدي قال دخلت على أمير المؤمنين ع و عنده رجل رث الهيئة و أمير المؤمنين ع مقبل عليه يكلمه فلما قام الرجل قلت يا أمير المؤمنين من هذا الذي أشغلك عنا قال هذا وصي موسى ع
أقول قد أوردنا أمثال تلك الأخبار الدالة على الأجساد المثالية في باب احتجاج أمير المؤمنين ع على أبي بكر و في باب غصب الخلافة و في باب كفر الثلاثة و في باب أن الأئمة ع يظهرون بعد الموت و في أبواب المعجزات فلا نوردها هنا حذرا من الإطالة و التكرار
44- ير، ]بصائر الدرجات[ إبراهيم بن هاشم عن علي بن أسباط عن بكر بن جناح عن رجل عن أبي عبد الله ع قال لما ماتت فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين جاء علي إلى النبي ص فقال له رسول الله ص يا أبا الحسن ما لك قال أمي ماتت قال فقال النبي ص و أمي و الله ثم بكى و قال وا أماه ثم قال لعلي ع هذا قميصي فكفنها فيه و هذا ردائي فكفنها فيه فإذا فرغتم فآذنوني فلما أخرجت صلى عليها النبي ص صلاة لم يصل قبلها و لا بعدها على أحد مثلها ثم نزل على قبرها فاضطجع فيه ثم قال لها يا فاطمة قالت لبيك يا رسول الله فقال فهل وجدت ما وعد ربك حقا قالت نعم فجزاك الله خير جزاء و طالت مناجاته في القبر فلما خرج قيل يا رسول الله لقد صنعت بها شيئا في تكفينك إياها ثيابك و دخولك في قبرها و طول مناجاتك و طول صلاتك ما رأيناك صنعته بأحد قبلها قال أما تكفيني إياها فإني لما قلت لها يعرض الناس يوم يحشرون من قبورهم فصاحت و قالت وا سوأتاه فلبستها ثيابي و سألت الله في صلاتي عليها أن لا يبلي أكفانها حتى تدخل الجنة فأجابني إلى ذلك و أما دخولي في قبرها فإني قلت لها يوما إن الميت إذا أدخل قبره و انصرف الناس عنه دخل عليه ملكان منكر و نكير فيسألانه فقالت وا غوثاه بالله فما زلت أسأل ربي في قبرها حتى فتح لها باب من قبرها إلى الجنة فصار روضة من رياض الجنة
يج، ]الخرائج و الجرائح[ مرسلا مثله
-45 سن، ]المحاسن[ عثمان بن عيسى عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال إن جل عذاب القبر في البول
46- خص، ]منتخب البصائر[ ير، ]بصائر الدرجات[ الحسين بن محمد عن المعلى عن أبي الفضل المديني عن أبي مريم الأنصاري عن منهال بن عمرو عن زر بن حبيش قال سمعت عليا ع يقول إن العبد إذا أدخل حفرته أتاه ملكان اسمهما منكر و نكير فأول من يسألانه عن ربه ثم عن نبيه ثم عن وليه فإن أجاب نجا و إن عجز عذباه فقال له رجل ما لمن عرف ربه و نبيه و لم يعرف وليه فقال مذبذب لا إلى هؤلاء و لا إلى هؤلاء وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا ذلك لا سبيل له و قد قيل للنبي ص من الولي يا نبي الله قال وليكم في هذا الزمان علي و من بعده وصيه و لكل زمان عالم يحتج الله به لئلا يكون كما قال الضلال قبلهم حين فارقتهم أنبياؤهم رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَ نَخْزى تمام ضلالتهم جهالتهم بالآيات و هم الأوصياء فأجابهم الله قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَ مَنِ اهْتَدى و إنما كان تربصهم أن قالوا نحن في سعة عن معرفة الأوصياء حتى نعرف إماما فعيرهم الله بذلك و الأوصياء هم أصحاب الصراط وقوف عليه لا يدخل الجنة إلا من عرفهم و عرفوه و لا يدخل النار إلا من أنكرهم و أنكروه لأنهم عرفاء الله عرفهم عليهم عند أخذ المواثيق عليهم و وصفهم في كتابه فقال جل و عز وَ عَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ هم الشهداء على أوليائهم و النبي الشهيد عليهم أخذ لهم مواثيق العباد بالطاعة و أخذ النبي ص عليهم المواثيق بالطاعة فجرت نبوته عليهم و ذلك قول الله فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ عَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَ لا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً
47- سن، ]المحاسن[ أبي عن حمزة بن عبد الله عن جميل بن دراج قال قال أبو عبد الله ع إن المؤمنين إذا أخذوا مضاجعهم أصعد الله بأرواحهم إليه فمن قضى له عليه الموت جعله في رياض الجنة كنوز رحمته و نور عزته و إن لم يقدر عليها الموت بعث بها مع أمنائه من الملائكة إلى الأبدان التي هي فيها
48- سن، ]المحاسن[ ابن فضال عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله ع قال ذكر الأرواح أرواح المؤمنين فقال يلتقون قلت يلتقون قال نعم و يتساءلون و يتعارفون حتى إذا رأيته قلت فلان
49- سن، ]المحاسن[ ابن محبوب عن إبراهيم بن إسحاق الجازي قال قلت لأبي عبد الله ع أين أرواح المؤمنين فقال أرواح المؤمنين في حجرات في الجنة يأكلون من طعامها و يشربون من شرابها و يتزاورون فيها و يقولون ربنا أقم لنا الساعة لتنجز لنا ما وعدتنا قال قلت فأين أرواح الكفار فقال في حجرات النار يأكلون من طعامها و يشربون من شرابها و يتزاورون فيها و يقولون ربنا لا تقم لنا الساعة لتنجز لنا ما وعدتنا
50- سن، ]المحاسن[ ابن أبي نجران و البزنطي معا عن عاصم بن حميد عن أبي بصير عن أحدهما ع قال إذا مات العبد المؤمن دخل معه في قبره ستة صور فيهن صورة أحسنهن وجها و أبهاهن هيئة و أطيبهن ريحا و أنظفهن صورة قال فيقف صورة عن يمينه و أخرى عن يساره و أخرى بين يديه و أخرى خلفه و أخرى عند رجله و تقف التي هي أحسنهن فوق رأسه فإن أتى عن يمينه منعته التي عن يمينه ثم كذلك إلى أن يؤتى من الجهات الست قال فتقول أحسنهن صورة و من أنتم جزاكم الله عني خيرا فتقول التي عن يمين العبد أنا الصلاة و تقول التي عن يساره أنا الزكاة و تقول التي بين يديه أنا الصيام و تقول التي خلفه أنا الحج و العمرة و تقول التي عند رجليه أنا بر من وصلت من إخوانك ثم يقلن من أنت فأنت أحسننا وجها و أطيبنا ريحا و أبهانا هيئة فتقول أنا الولاية لآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين
51- يج، ]الخرائج و الجرائح[ روى عبد الله بن طلحة قال سألت أبا عبد الله ع عن الوزغ قال هو الرجس مسخ فإذا قتلته فاغتسل يعني شكرا و قال إن أبي كان قاعدا في الحجر و معه رجل يحدثه فإذا هو الوزغ يولول بلسانه فقال أبي ع للرجل أ تدري ما يقول هذا الوزغ قال الرجل لا أعلم ما يقول قال فإنه يقول لئن ذكرت عثمان لأسبن عليا و قال إنه ليس يموت من بني أمية ميت إلا مسخ وزغا و قال ع إن عبد الملك لما نزل به الموت مسخ وزغا فكان عنده ولده و لم يدروا كيف يصنعون و ذهب ثم فقدوه فأجمعوا على أن أخذوا جذعا فصنعوه كهيئة رجل ففعلوا ذلك و ألبسوا الجذع ثم كفنوه في الأكفان لم يطلع عليه أحد من الناس إلا ولده و أنا
52- خص، ]منتخب البصائر[ سعد عن ابن عيسى و محمد بن عبد الجبار معا عن ابن بزيع عن منصور بن يونس عن أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر ع قال لا يسأل في القبر إلا من محض الإيمان محضا أو محض الكفر محضا فقلت له فسائر الناس فقال يلهى عنهم
53- شي، ]تفسير العياشي[ عن زيد الشحام قال سئل أبو عبد الله ع عن عذاب القبر قال إن أبا جعفر ع حدثنا أن رجلا أتى سلمان الفارسي فقال حدثني فسكت عنه ثم عاد فسكت فأدبر الرجل و هو يقول و يتلو هذه الآية إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَ الْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ فقال له أقبل إنا لو وجدنا أمينا لحدثناه و لكن أعد لمنكر و نكير إذا أتياك في القبر فسألاك عن رسول الله ص فإن شككت أو التويت ضرباك على رأسك بمطرقة معهما تصير منه رمادا قال فقلت ثم مه قال تعود ثم تعذب قلت و ما منكر و نكير قال هما قعيدا القبر قلت أ ملكان يعذبان الناس في قبورهم فقال نعم
54- م، ]تفسير الإمام عليه السلام[ قوله عز و جل كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَ كُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ قال الإمام ع قال رسول الله ص لكفار قريش و اليهود كيف تكفرون بالله الذي دلكم على طرق الهدى و جنبكم إن أطعتموه سبل الردى و كنتم أمواتا في أصلاب آبائكم و أرحام أمهاتكم فأحياكم أخرجكم أحياء ثم يميتكم في هذه الدنيا و يقبركم ثم يحييكم في القبور و ينعم فيها المؤمنين بنبوة محمد و ولاية علي و يعذب فيها الكافرين بهما ثم إليه ترجعون في الآخرة بأن تموتوا في القبور بعد ثم تحيوا للبعث يوم القيامة ترجعون إلى ما وعدكم من الثواب على الطاعات إن كنتم فاعليها و من العقاب على المعاصي إن كنتم مقارفيها فقيل له يا ابن رسول الله ففي القبور نعيم و عذاب قال إي و الذي بعث محمدا بالحق نبيا و جعله زكيا هاديا مهديا و جعل أخاه عليا بالعهد وفيا و بالحق مليا و لدى الله مرضيا و إلى الجهاد سابقا و لله في أحواله موافقا و للمكارم حائزا و بنصر الله على أعدائه فائزا و للعلوم حاويا و لأولياء الله مواليا و لأعدائه مناويا و بالخيرات ناويا و للقبائح رافضا و للشيطان مخزيا و للفسقة المردة مقصيا و لمحمد ص نفسا و بين يديه لدى المكاره جنة و ترسا آمنت به أنا و أبي علي بن أبي طالب عبد رب الأرباب المفضل على أولي الألباب الحاوي لعلوم الكتاب زين من يوافي يوم القيامة في عرصات الحساب بعد محمد صفي الكريم العزيز الوهاب إن في القبر نعيما يوفر الله به حظوظ أوليائه و إن في القبر عذابا يشدد الله به على أشقياء أعدائه
أقول تمامه في باب ما يعاين المؤمن و الكافر عند الموت من قوله إن المؤمن الموالي إلى آخر الخبر
55- البرسي في مشارق الأنوار، عن الفضل بن شاذان من كتاب صحائف الأبرار أن أمير المؤمنين ع اضطجع في نجف الكوفة على الحصى فقال قنبر يا مولاي أ لا أفرش لك ثوبي تحتك فقال لا إن هي إلا تربة مؤمن أو مزاحمته في مجلسه فقال الأصبغ بن نباتة أما تربة مؤمن فقد علمنا أنها كانت أو ستكون فما معنى مزاحمته في مجلسه فقال يا ابن نباتة إن في هذا الظهر أرواح كل مؤمن و مؤمنة في قوالب من نور على منابر من نور
56- شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر ع قال إذا وضع الرجل في قبره أتاه ملكان ملك عن يمينه و ملك عن شماله و أقيم الشيطان بين يديه عيناه من نحاس فيقال له كيف تقول في هذا الرجل الذي خرج بين ظهرانيكم قال فيفزع لذلك فيقول إن كان مؤمنا عن محمد تسألاني فيقولان له عند ذلك نم نومة لا حلم فيها و يفسح له في قبره سبعة أذرع و يرى مقعده من الجنة و إن كان كافرا قيل له ما تقول في هذا الرجل الذي خرج بين ظهرانيكم فيقول ما أدري و يخلى بينه و بين الشيطان و يضرب بمرزبة من حديد يسمع صوته كل شيء و هو قول الله يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ وَ يُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَ يَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ شي، ]تفسير العياشي[ عن زرارة و حمران و محمد بن مسلم عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع مثله
57- قب، ]المناقب لابن شهرآشوب[ كتاب الشيرازي سفيان بن عيينة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة في قوله يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ يعني بقول لا إله إلا الله محمد رسول الله فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ثم قال وَ فِي الْآخِرَةِ قال هذا في القبر يدخلان عليه ملكان فظان غليظان يحفران القبر بأنيابهما و أصواتهما كالرعد القاصف و أعينهما كالبرق الخاطف و مع كل واحد منهما مرزبة فيها ثلاثمائة و ستون عقدة في كل عقدة ثلاثمائة و ستون حلقة وزن كل حلقة كوزن حديد الدنيا لو اجتمع عليها أهل السماء و الأرض أن يقلوها ما أقلوها هي في أيديهم أخف من جناح بعوض فيدخلان القبر على الميت و يجلسانه في قبره و يسألانه من ربك فيقول المؤمن الله ربي ثم يقولان فمن نبيك فيقول المؤمن محمد نبيي فيقولان ما قبلتك فيقول المؤمن الكعبة قبلتي فيقولان له من إمامك فيقول المؤمن إمامي علي بن أبي طالب فيقولان له صدقت ثم قال وَ يُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ يعني عن ولاية علي في القبر و الله ليسألن عن ولايته على الصراط و الله ليسألن عن ولايته في الحساب ثم قال سفيان بن عيينة و من روى عن ابن عباس أن المؤمن يقول القرآن إمامي فقد أصاب أيضا و ذلك أن الله تعالى بين إمامة علي ع في القرآن
58- جا، ]المجالس للمفيد[ علي بن بلال المهلبي عن علي بن عبد الله بن أسد الأصفهاني عن إبراهيم بن محمد الثقفي عن إسماعيل بن يسار عن عبد الله بن ملح عن عبد الوهاب بن إبراهيم الأزدي عن أبي صادق عن مزاحم بن عبد الوارث عن محمد بن زكريا عن شعيب بن واقد المزني عن محمد بن سهل مولى سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس عن أبيه عن قيس مولى علي بن أبي طالب ع قال إن عليا أمير المؤمنين ع كان قريبا من الجبل بصفين فحضرت صلاة المغرب فأمعن بعيدا ثم أذن فلما فرغ عن أذانه إذا رجل مقبل نحو الجبل أبيض الرأس و اللحية و الوجه فقال السلام عليك يا أمير المؤمنين و رحمة الله و بركاته مرحبا بوصي خاتم النبيين و قائد الغر المحجلين و الأعز المأمون و الفاضل الفائز بثواب الصديقين و سيد الوصيين فقال له أمير المؤمنين عليه السلام و عليك السلام كيف حالك فقال بخير أنا منظر روح القدس و لا أعلم أحدا أعظم في الله عز و جل اسمه بلاء و لا أحسن ثوابا منك و لا أرفع عند الله مكانا اصبر يا أخي على ما أنت فيه حتى تلقى الحبيب فقد رأيت أصحابنا ما لقوا بالأمس من بني إسرائيل نشروهم بالمناشير و حملوهم على الخشب و لو تعلم هذه الوجوه التربة الشائهة و أومأ بيده إلى أهل الشام ما أعد لهم في قتالك من عذاب و سوء نكال لأقصروا و لو تعلم هذه الوجوه المبيضة و أومأ بيده إلى أهل العراق ما ذا لهم من الثواب في طاعتك لوددت أنها قرضت بالمقاريض و السلام عليك و رحمة الله و بركاته ثم غاب من موضعه فقام عمار بن ياسر و أبو الهيثم بن التيهان و أبو أيوب الأنصاري و عبادة بن الصامت و خزيمة بن ثابت و هاشم المرقال في جماعة من شيعة أمير المؤمنين ع و قد كانوا سمعوا كلام الرجل فقالوا يا أمير المؤمنين من هذا الرجل فقال لهم أمير المؤمنين ع هذا شمعون وصي عيسى ع بعثه الله يصبرني على قتال أعدائه فقالوا له فداك آباؤنا و أمهاتنا و الله لننصرنك نصرنا لرسول الله ص و لا يتخلف عنك من المهاجرين و الأنصار إلا شقي فقال لهم أمير المؤمنين ع معروفا يج، ]الخرائج و الجرائح[ عن علي بن حسان عن عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله ع مثله
59- فس، ]تفسير القمي[ في الخبر الطويل في المعراج عن أبي عبد الله ع إلى أن قال فإذا أنا بقوم بين أيديهم موائد من لحم طيب و لحم خبيث و هم يأكلون الخبيث و يدعون الطيب فسألت جبرئيل من هؤلاء فقال الذين يأكلون الحرام و يدعون الحلال من أمتك قال ثم مررت بأقوام لهم مشافر كمشافر الإبل يقرض اللحم من أجسامهم و يلقى في أفواههم فقلت من هؤلاء يا جبرئيل فقال هم الهمازون اللمازون ثم مررت بأقوام ترضخ وجوههم و رءوسهم بالصخر فقلت من هؤلاء يا جبرئيل فقال الذين يتركون صلاة العشاء ثم مضيت فإذا أنا بأقوام يقذف بالنار في أفواههم فتخرج من أدبارهم فقلت من هؤلاء قال هؤلاء الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً ثم مضيت فإذا أنا بأقوام يريد أحدهم أن يقوم فلا يقدر من عظم بطنه فقلت من هؤلاء يا جبرئيل قال فهم الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ و إنهم لبسبيل آل فرعون يعرضون على النار غُدُوًّا وَ عَشِيًّا يقولون ربنا متى تقوم الساعة و لا يعلمون أن الساعة أَدْهى وَ أَمَرُّ ثم مررت بنساء معلقات بثديهن فقلت من هؤلاء يا جبرئيل فقال هن اللواتي يورثن أموال أزواجهن أولاد غيرهم
أقول سيأتي الخبر بإسناده تماما في باب المعراج
60- يل، ]الفضائل لابن شاذان[ فض، ]كتاب الروضة[ قيل لما ماتت فاطمة بنت أسد أم أمير المؤمنين ع أقبل علي بن أبي طالب ع باكيا فقال له النبي ص ما يبكيك لا أبكى الله عينك قال توفت والدتي يا رسول الله قال له النبي ص بل و والدتي يا علي فلقد كانت تجوع أولادها و تشبعني و تشعث أولادها و تدهنني و الله لقد كان في دار أبي طالب نخلة فكانت تسابق إليها من الغداة لتلتقط ثم تجنيه رضي الله عنها فإذا خرجوا بنو عمي تناولني ذلك ثم نهض ع فأخذ في جهازها و كفنها بقميصه ص و كان في حال تشييع جنازتها يرفع قدما و يتأنى في رفع الآخر و هو حافي القدم فلما صلى عليها كبر سبعين تكبيرة ثم لحدها في قبرها بيده الكريمة بعد أن نام في قبرها و لقنها الشهادة فلما أهيل عليها التراب و أراد الناس الانصراف جعل رسول الله ص يقول لها ابنك ابنك ابنك لا جعفر و لا عقيل ابنك ابنك علي بن أبي طالب قالوا يا رسولالله فعلت فعلا ما رأينا مثله قط مشيك حافي القدم و كبرت سبعين تكبيرة و نومك في لحدها و قميصك عليها و قولك لها ابنك ابنك لا جعفر و لا عقيل فقال ص أما التأني في وضع أقدامي و رفعها في حال التشييع للجنازة فلكثرة ازدحام الملائكة و أما تكبيري سبعين تكبيرة فإنها صلى عليها سبعون صفا من الملائكة و أما نومي في لحدها فإني ذكرت في حال حياتها ضغطة القبر فقالت وا ضعفاه فنمت في لحدها لأجل ذلك حتى كفيتها ذلك و أما تكفيني لها بقميصي فإني ذكرت لها في حياتها القيامة و حشر الناس عراة فقالت وا سوأتاه فكفنتها به لتقوم يوم القيامة مستورة و أما قولي لها ابنك ابنك لا جعفر و لا عقيل فإنها لما نزل عليها الملكان و سألاها عن ربها فقالت الله ربي و قالا من نبيك قالت محمد نبيي فقالا من وليك و إمامك فاستحيت أن تقول ولدي فقلت لها قولي ابنك علي بن أبي طالب ع فأقر الله بذلك عينها
61- كش، ]رجال الكشي[ روى أصحابنا أن أبا الحسن الرضا ع قال بعد موت ابن أبي حمزة إنه أقعد في قبره فسئل عن الأئمة ع فأخبر بأسمائهم حتى انتهى إلي فسئل فوقف فضرب على رأسه ضربة امتلأ قبره نارا
62- كش، ]رجال الكشي[ محمد بن الحسين عن أبي علي الفارسي عن محمد بن عيسى عن يونس قال دخلت على الرضا ع فقال لي مات علي بن أبي حمزة قلت نعم قال قد دخل النار قال ففزعت من ذلك قال أما إنه سئل عن الإمام بعد موسى أبي فقال لا أعرف إماما بعده فقيل لا فضرب في قبره ضربة اشتعل قبره نارا
بيان فقيل لا هذا استفهام إنكاري
63- جع، ]جامع الأخبار[ روي عن الصادق ع أنه قال من مات ما بين زوال الشمس من يوم الخميس إلى زوال الشمس من يوم الجمعة من المؤمنين أعاذه الله من ضغطة القبر
64- و قال النبي ص إن القبر أول منازل الآخرة فإن نجا منه فما بعده أيسر منه و إن لم ينج منه فما بعده ليس أقل منه
65- كتاب المحتضر، للحسن بن سليمان قال روى الفضل بن شاذان في كتاب القائم ع عن ابن طريف عن ابن نباتة في حديث طويل يذكر فيه أن أمير المؤمنين ع خرج من الكوفة و مر حتى أتى الغريين فجازه فلحقناه و هو مستلق على الأرض بجسده ليس تحته ثوب فقال له قنبر يا أمير المؤمنين أ لا أبسط ثوبي تحتك قال لا هل هي إلا تربة مؤمن أو مزاحمته في مجلسه قال الأصبغ فقلت يا أمير المؤمنين تربة مؤمن قد عرفناه كانت أو تكون فما مزاحمته في مجلسه فقال يا ابن نباتة لو كشف لكم لرأيتم أرواح المؤمنين في هذا الظهر حلقا يتزاورون و يتحدثون إن في هذا الظهر روح كل مؤمن و بوادي برهوت نسمة كل كافر
66- و من الكتاب المذكور للفضل عن محمد بن إسماعيل عن محمد بن سنان عن عمار بن مروان عن زيد الشحام عن أبي عبد الله ع قال إن أرواح المؤمنين يرون آل محمد ع في جبال رضوى فتأكل من طعامهم و تشرب من شرابهم و تحدث معهم في مجالسهم حتى يقوم قائمنا أهل البيت ع فإذا قام قائمنا بعثهم الله و أقبلوا معه يلبون زمرا فزمرا فعند ذلك يرتاب المبطلون و يضمحل المنتحلون و ينجو المقربون
67- و من كتاب الشفاء و الجلاء، عن علي بن الحسين ع قال إن المؤمن ليقال لروحه و هو يغسل أ يسرك أن ترد إلى الجسد الذي كنت فيه فيقول ما أصنع بالبلاء و الخسران و الغم
68- كا، ]الكافي[ بعض أصحابنا عن علي بن العباس عن الحسن بن عبد الرحمن عن أبي الحسن ع قال إن الأحلام لم تكن في ما مضى في أول الخلق و إنما حدثت فقلت و ما العلة في ذلك فقال إن الله عز ذكره بعث رسولا إلى أهل زمانه فدعاهم إلى عبادة الله و طاعته فقالوا إن فعلنا ذلك فما لنا ما أنت بأكثرنا مالا و لا بأعزنا عشيرة فقال إن أطعتموني أدخلكم الله الجنة و إن عصيتموني أدخلكم الله النار فقالوا و ما الجنة و النار فوصف لهم ذلك فقالوا متى نصير إلى ذلك فقال إذا متم فقالوا لقد رأينا أمواتنا صاروا عظاما و رفاتا فازدادوا له تكذيبا و به استخفافا فأحدث الله عز و جل فيهم الأحلام فأتوه فأخبروه بما رأوا و ما أنكروا من ذلك فقال إن الله عز ذكره أراد أن يحتج عليكم بهذا هكذا تكون أرواحكم إذا متم و إن بليت أبدانكم تصير الأرواح إلى عقاب حتى تبعث الأبدان
69- نهج، ]نهج البلاغة[ قال أمير المؤمنين ع في خطبة حتى إذا انصرف المشيع و رجع المتفجع أقعد في حفرته نجيا لبهتة السؤال و عثرة الامتحان و أعظم ما هنالك بلية نزل الحميم و تصلية الجحيم و فورات السعير لا فترة مريحة و لا دعة مزيحة و لا قوة حاجزة و لا موتة ناجزة و لا سنة مسلية بين أطوار الموتات و عذاب الساعات
بيان بهته أخذه بغتة و بهت أي دهش و تحير و فورة الحر شدته
70- نهج، ]نهج البلاغة[ قال أمير المؤمنين ع في خطبة و بادروا الموت في غمراته و امهدوا له قبل حلوله و أعدوا له قبل نزوله فإن الغاية القيامة و كفى بذلك واعظا لمن عقل و معتبرا لمن جهل و قبل بلوغ الغاية ما تعلمون من ضيق الأرماس و شدة الإبلاس و هول المطلع و روعات الفزع و اختلاف الأضلاع و استكاك الأسماع و ظلمة اللحد و خيفة الوعد و غم الضريح و ردم الصفيح
بيان الأرماس جمع الرمس و هو القبر و الإبلاس اليأس و الانكسار و الحزن و قال الجزري المطلع مكان الاطلاع من الموضع العالي و منه الحديث لافتديت من هول المطلع أي الموقف يوم القيامة أو ما يشرف عليه من أمر الآخرة عقيب الموت فشبهه بالمطلع الذي يشرف عليه من موضع عال و اختلاف الأضلاع كناية عن ضغطة القبر إذ يحصل بسببها تداخل الأضلاع و اختلافها و الضريح الشق في وسط القبر و اللحد في الجانب و الصفيح الحجر و المراد بردمه هنا سد القبر به
71- دعوات الراوندي، قال أبو جعفر ع من أتم ركوعه لم يدخله وحشة القبر
-72 و روى ابن عباس عذاب القبر ثلاثة أثلاث ثلث للغيبة و ثلث للنميمة و ثلث للبول
73- و عن النبي ص أن لله تعالى ملكين يقال لهما ناكر و نكير ينزلان على الميت فيسألانه عن ربه و نبيه و دينه و إمامه فإن أجاب بالحق سلموه إلى ملائكة النعيم و إن أرتج عليه سلموه إلى ملائكة العذاب
74- سن، ]المحاسن[ أبي عن النضر عن يحيى الحلبي عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال قال لي يا أبا محمد إن الميت منكم على هذا الأمر شهيد قلت و إن مات على فراشه قال و إن مات على فراشه حي عند ربه يرزق
75- ير، ]بصائر الدرجات[ أحمد بن محمد عن جعفر بن محمد بن مالك عن محمد بن عمار عن أبي بصير قال كنت عند أبي عبد الله ع فركض برجله الأرض فإذا بحر فيه سفن من فضة فركب و ركبت معه حتى انتهى إلى موضع فيه خيام من فضة فدخلها ثم خرج فقال رأيت الخيمة التي دخلتها أولا فقلت نعم قال تلك خيمة رسول الله ص و الأخرى خيمة أمير المؤمنين و الثالثة خيمة فاطمة و الرابعة خيمة خديجة و الخامسة خيمة الحسن و السادسة خيمة الحسين و السابعة خيمة علي بن الحسين و الثامنة خيمة أبي و التاسعة خيمتي و ليس أحد منا يموت إلا و له خيمة يسكن فيها
76- تفسير النعماني، فيما سيأتي في كتاب القرآن بإسناده عن أمير المؤمنين ع قال و أما الرد على من أنكر الثواب و العقاب في الدنيا بعد الموت قبل القيامة فيقول الله تعالى يَوْمَ يَأْتِ لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَ سَعِيدٌ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَ شَهِيقٌ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ الآية وَ أَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ يعني السماوات و الأرض قبل القيامة فإذا كانت القيامة بدلت السماوات و الأرض و مثل قوله تعالى وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ و هو أمر بين أمرين و هو الثواب و العقاب بين الدنيا و الآخرة و مثله قوله تعالى النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ و الغدو و العشي لا يكونان في القيامة التي هي دار الخلود و إنما يكونان في الدنيا و قال الله تعالى في أهل الجنة وَ لَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَ عَشِيًّا و البكرة و العشي إنما يكونان من الليل و النهار في جنة الحياة قبل يوم القيامة قال الله تعالى لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَ لا زَمْهَرِيراً و مثله قوله سبحانه وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ الآية
77- فس، ]تفسير القمي[ فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ قال منكم يعني من الشيعة إِنْسٌ وَ لا جَانٌّ قال معناه أنه من تولى أمير المؤمنين صلوات الله عليه و تبرأ من أعدائه و أحل حلاله و حرم حرامه ثم دخل في الذنوب و لم يتب في الدنيا عذب لها في البرزخ و يخرج يوم القيامة و ليس له ذنب يسأل عنه يوم القيامة
78- فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ عن أحمد بن علي بن عيسى الزهري رفعه إلى أصبغ بن نباتة قال توجهت إلى أمير المؤمنين ع لأسلم عليه فلم ألبث أن خرج فقمت قائما على رجلي فاستقبلته فضرب بكفه إلى كفي فشبك أصابعه في أصابعي ثم قال لي يا أصبغ بن نباتة قلت لبيك و سعديك يا أمير المؤمنين فقال إن ولينا ولي الله فإذا مات كان في الرفيق الأعلى و سقاه الله من نهر أبرد من الثلج و أحلى من الشهد فقلت جعلت فداك و إن كان مذنبا قال نعم أ لم تقرأ كتاب الله فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً
79- لي، ]الأمالي للصدوق[ الحسين بن علي بن أحمد عن أحمد بن محمد عن محمد بن أبي بكر عن أحمد بن محمد النوفلي عن إسحاق بن يزيد عن حماد بن عيسى عن زرعة بن محمد عن المفضل بن عمر قال قلت لأبي عبد الله ع كيف كان ولادة فاطمة ع فقال ع و ساق الحديث إلى أن قال فبينا هي كذلك إذ دخل عليها أربع نسوة سمر طوال كأنهن من نساء بني هاشم ففزعت منهن لما رأتهن فقالت إحداهن لا تحزني يا خديجة إنا رسل ربك إليك نحن أخواتك أنا سارة و هذه آسية بنت مزاحم و هي رفيقتك في الجنة و هذه مريم بنت عمران و هذه كلثم أخت موسى بعثنا الله إليك لنلي منك ما تلي النساء من النساء الحديث
80- ير، ]بصائر الدرجات[ عن معاوية بن حكيم عن الوشاء قال قال لي الرضا ع بخراسان رأيت رسول الله ص هاهنا و التزمته
81- ير، ]بصائر الدرجات[ محمد بن عيسى عن ابن أبي عمير و علي بن الحكم عن الحكم بن مسكين عن أبي عمارة عن أبي عبد الله ع و عثمان بن عيسى عن أبان بن تغلب عن أبي عبد الله ع أن أمير المؤمنين ع لقي أبا بكر فاحتج عليه ثم قال له أ ما ترضى برسول الله ص بيني و بينك قال و كيف لي به فأخذ بيده و أتى مسجد قبا فإذن رسول الله ص فيه فقضى على أبي بكر فرجع أبو بكر مذعورا فلقي عمر فأخبره فقال تبا لك أ ما علمت سحر بني هاشم
82- ختص، ]الإختصاص[ علي بن محمد الحجال عن اللؤلؤي عن محمد بن سنان عن عبد الملك بن عبد الله القمي عن أخيه إدريس قال سمعت أبا عبد الله ع يقول بينا أنا و أبي متوجهين إلى مكة و أبي قد تقدمني في موضع يقال له ضجنان إذ جاء رجل في عنقه سلسلة يجرها فأقبل علي فقال اسقني اسقني فصاح بي أبي لا تسقه لا سقاه الله قال و في طلبه رجل يتبعه فجذب سلسلته جذبة طرحه بها في أسفل درك من النار
83- ختص، ]الإختصاص[ ابن عيسى عن الأهوازي عن الجوهري عن أبان بن عثمان عن بشير النبال قال قال أبو عبد الله ع كنت مع أبي بعسفان في واد بها أو بضجنان فنفرت بغلته فإذا رجل في عنقه سلسلة و طرفها في يد آخر يجره فقال اسقني فقال الرجل لا تسقه لا سقاه الله فقلت لأبي من هذا فقال هذا معاوية
84- ير، ]بصائر الدرجات[ عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن إبراهيم بن أبي البلاد و حدثني محمد بن الحسين عن إبراهيم بن أبي البلاد قال قلت لأبي الحسن الرضا ع حدثني عبد الكريم بن حسان عن عبيدة بن عبد الله بن بشر الخثعمي عن أبيه أنه قال كنت ردف أبي و هو يريد العريض فقال فلقيه شيخ أبيض الرأس و اللحية يمشي قال فنزل إليه فقبل بين عينيه فقال إبراهيم و لا أعلمه إلا أنه قبل يده ثم جعل يقول له جعلت فداك و الشيخ يوصيه قال و قام أبي حتى توارى الشيخ ثم ركب فقلت يا أبة من هذا الذي صنعت به ما لم أرك صنعته بأحد قال هذا أبي يا بني
85- ير، ]بصائر الدرجات[ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن عبد الله بن بشير عن عثمان بن مروان عن سماعة قال كنت عند أبي الحسن ع فأطلت الجلوس عنده فقال أ تحب أن ترى أبا عبد الله ع فقلت وددت و الله فقال قم و ادخل ذلك البيت فدخلت البيت فإذا أبو عبد الله ع قاعد
86- ير، ]بصائر الدرجات[ محمد بن الحسين عن موسى بن سعدان عن الحسين بن أبي العلاء عن هارون بن خارجة عن يحيى ابن أم الطويل قال صحبت علي بن الحسين ع من المدينة إلى مكة و هو على بغلته و أنا على راحلة فجزنا وادي ضجنان فإذا نحن برجل أسود في رقبته سلسلة و هو يقول يا علي بن الحسين اسقني فوضع رأسه على صدره ثم حرك دابته قال فالتفت فإذا برجل يجذبه و هو يقول لا تسقه لا سقاه الله قال فحركت راحلتي و لحقت بعلي بن الحسين ع فقال لي أي شيء رأيت فأخبرته فقال ذلك معاوية
87- عد، ]العقائد[ اعتقادنا في النفوس أنها هي الأرواح التي بها الحياة و أنها الخلق الأول لقول النبي ص إن أول ما أبدع الله سبحانه و تعالى هي النفوس مقدسة مطهرة فأنطقها بتوحيده ثم خلق بعد ذلك سائر خلقه و اعتقادنا فيها أنها خلقت للبقاء و لم تخلق للفناء لقول النبي ص ما خلقتم للفناء بل خلقتم للبقاء و إنما تنقلون من دار إلى دار و أنها في الأرض غريبة و في الأبدان مسجونة و اعتقادنا فيها أنها إذا فارقت الأبدان فهي باقية منها منعمة و منها معذبة إلى أن يردها الله عز و جل بقدرته إلى أبدانها
و قال عيسى ابن مريم للحواريين بحق أقول لكم إنه لا يصعد إلى السماء إلا ما نزل منها و قال الله جل ثناؤه وَ لَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَ لكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَ اتَّبَعَ هَواهُ فما لم يرفع منها إلى الملكوت فهي تهوي في الهاوية و ذلك لأن الجنة درجات و النار دركات و قال عز و جل تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ إِلَيْهِ و قال عز و جل إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ نَهَرٍ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ و قال تعالى وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فَرِحِينَ إلى آخرها و قال تعالى وَ لا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ إلى آخرها و قال النبي ص الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف و ما تناكر منها اختلف
و قال الصادق ع إن الله آخى بين الأرواح في الأظلة قبل أن يخلق الأبدان بألفي عام فلو قد قام قائمنا أهل البيت لورث الأخ الذي آخى بينهما في الأظلة و لم يورث الأخ من الولادة و قال ع إن الأرواح لتلتقي في الهواء فتعارف و تساءل فإذا أقبل روح من الأرض قالوا دعوه فقد أفلت من هول عظيم ثم سألوه ما فعل فلان و ما فعل فلان فكلما قال قد بقي رجوه أن يلحق بهم و كلما قال قد مات قالوا هوى هوى و قال تعالى وَ مَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوى و قال تعالى وَ أَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ وَ ما أَدْراكَ ما هِيَهْ نارٌ حامِيَةٌ و مثل الدنيا كمثل البحر و الملاح و السفينة
و قال لقمان لابنه يا بني إن الدنيا بحر عميق و قد هلك فيها عالم كثير فاجعل سفينتك فيها الإيمان بالله و اجعل زادك فيها تقوى الله و اجعل شراعها التوكل على الله فإن نجوت فبرحمة الله و إن هلكت فبذنوبك و أشد ساعاته يوم يولد و يوم يموت و يوم يبعث و لقد سلم الله تعالى على يحيى في هذه الساعات فقال الله تعالى وَ سَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَ يَوْمَ يَمُوتُ وَ يَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا و قد سلم عيسى على نفسه فقال وَ السَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَ يَوْمَ أَمُوتُ وَ يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا و الاعتقاد في الروح أنه ليس من جنس البدن و أنه خلق آخر لقوله تعالى ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ و اعتقادنا في الأنبياء و الرسل و الأئمة ع أن فيهم خمسة أرواح روح القدس و روح الإيمان و روح القوة و روح الشهوة و روح المدرج و في المؤمنين أربعة أرواح روح الإيمان و روح القوة و روح الشهوة و روح المدرج و في الكافرين و البهائم ثلاثة أرواح روح القوة و روح الشهوة و روح المدرج و أما قوله تعالى وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي فإنه خلق أعظم من جبرئيل و ميكائيل كان مع رسول الله ص و مع الأئمة و هو من الملكوت
أقول قال الشيخ المفيد قدس الله روحه في شرح هذا الكلام كلام أبي جعفر في النفس و الروح ليس على مذهب التحقيق فلو اقتصر على الأخبار و لم يتعاط ذكر معانيها كان أسلم له من الدخول في باب يضيق عنه سلوكه ثم قال رحمه الله النفس عبارة عن معان أحدها ذات الشيء و الآخر الدم السائل و الآخر النفس الذي هو الهواء و الرابع هو الهوى و ميل الطبع فأما شاهد المعنى الأول فهو قولهم هذا نفس الشيء أي ذاته و عينه و شاهد الثاني قولهم كلما كانت النفس سائلة فحكمه كذا و كذا و شاهد الثالث قولهم فلان هلكت نفسه إذا انقطع نفسه و لم يبق في جسمه هواء يخرج من حواسه و شاهد الرابع قول الله تعالى إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ يعني الهوى داع إلى القبيح و قد يعبر بالنفس عن النقمة قال الله وَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ يريد به نقمته و عقابه و أما الروح فعبارة عن معان أحدها الحياة و الثاني القرآن و الثالث ملك من ملائكة الله و الرابع جبرئيل ع فشاهد الأول قولهم كل ذي روح فحكمه كذا يريدون كل ذي حياة و قولهم فيمن مات قد خرجت منه الروح يعنون الحياة و شاهد الثاني قوله تعالى وَ كَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا يعني القرآن و شاهد الثالث قوله يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ و شاهد الرابع قوله تعالى قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ يعني جبرئيل ع فأما ما ذكره أبو جعفر و رواه أن الأرواح مخلوقة قبل الأجسام بألفي عام فما تعارف منها ائتلف و ما تناكر منها اختلف فهو حديث من أحاديث الآحاد و خبر من طرق الأفراد و له وجه غير ما ظنه من لا علم له بحقائق الأشياء و هو أن الله تعالى خلق الملائكة ع قبل البشر بألفي عام فما تعارف منها قبل خلق البشر ائتلف عند خلق البشر و ما لم يتعارف منها إذ ذاك اختلف بعد خلق البشر و ليس الأمر كما ظنه أصحاب التناسخ و دخلت الشبهة فيه على حشوية الشيعة فتوهموا أن الذوات الفعالة المأمورة المنهية كانت مخلوقة في الذر و تتعارف و تعقل و تفهم و تنطق ثم خلق الله لها أجسادا من بعد ذلك فركبها فيها و لو كان ذلك كذلك لكنا نعرف ما كنا عليه و إذا ذكرنا به ذكرناه و لا يخفى علينا الحال فيه أ لا ترى أن من نشأ ببلد من البلاد فأقام فيها حولا ثم انتقل إلى غيره لم يذهب عنه علم ذلك و إن خفي عليه لسهوه عنه فذكر به ذكره و لو لا أن الأمر كذلك لجاز أن يولد إنسان منا ببغداد و ينشأ بها و يقيم عشرين سنة فيها ثم ينتقل منها إلى مصر آخر فينسى حاله ببغداد و لا يذكر منها شيئا و إن ذكر به و عدد عليه علامات حاله و مكانه و نشوه و هذا ما لا يذهب إليه عاقل. و الذي صرح به أبو جعفر في معنى الروح و النفس هو قول التناسخية بعينه من غير أن يعلم أنه قولهم فالجناية بذلك على نفسه و غيره عظيمة. و أما ما ذكره من أن الأنفس باقية فعبارة مذمومة و لفظ يضاد ألفاظ القرآن قال الله تعالى كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ و الذي حكاه من ذلك و توهمه هو مذهب كثير من الفلاسفة الملحدين الذين زعموا أن الأنفس لا يلحقها الكون و الفساد و أنها باقية و إنما تفنى و تفسد الأجسام المركبة و إلى هذا ذهب بعض أصحاب التناسخ و زعموا أن الأنفس لم تزل تتكرر في الصور و الهياكل لم تحدث و لم تفن و لم تعدم و أنها باقية غير فانية و هذا من أخبث قول و أبعده من الصواب و شنع به الناصبة على الشيعة و نسبوهم به إلى الزندقة و لو عرف مثبته ما فيه لما تعرض له لكن أصحابنا المتعلقين بالأخبار أصحاب سلامة و بعد ذهن و قلة فطنة يمرون على وجوههم فيما سمعوه من الأحاديث و لا ينظرون في سندها و لا يفرقون بين حقها و باطلها و لا يفهمون ما يدخل عليهم في إثباتها و لا يحصلون معاني ما يطلقونه منها و الذي ثبت من الحديث في هذا الباب أن الأرواح بعد موت الأجساد على ضربين منها ما ينقل إلى الثواب و العقاب و منها ما يبطل فلا يشعر بثواب و لا عقاب. و قد روي عن الصادق ع ما ذكرناه في هذا المعنى و بيناه
فسئل عمن مات في هذه الدار أين تكون روحه فقال من مات و هو ماحض للإيمان محضا أو ماحض للكفر محضا نقلت روحه من هيكله إلى مثله في الصورة و جوزي بأعماله إلى يوم القيامة فإذا بعث الله من في القبور أنشأ جسمه و رد روحه إلى جسده و حشره ليوفيه أعماله فالمؤمن ينتقل روحه من جسده إلى مثل جسده في الصورة فيجعل في جنات من جنان الدنيا يتنعم فيها إلى يوم المآب و الكافر ينتقل روحه من جسده إلى مثله بعينه و يجعل في نار فيعذب بها إلى يوم القيامة
و شاهد ذلك في المؤمن قوله تعالى قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِما غَفَرَ لِي رَبِّي و شاهد ما ذكرناه في الكافر قوله تعالى النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا فأخبر سبحانه أن مؤمنا قال بعد موته و قد أدخل الجنة يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ و أخبر أن كافرا يعذب بعد موته غُدُوًّا وَ عَشِيًّا وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يخلد في النار و الضرب الآخر من يلهى عنه و يعدم نفسه عند فساد جسمه فلا يشعر بشيء حتى يبعث و هو من لم يمحض الإيمان محضا و لا الكفر محضا و قد بين الله تعالى ذلك عند قوله إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً فبين أن قوما عند الحشر لا يعلمون مقدار لبثهم في القبور حتى يظن بعضهم أن ذلك كان عشرا أو يظن بعضهم أن ذلك كان يوما و ليس يجوز أن يكون ذلك من وصف من عذب إلى بعثه و نعم إلى بعثه لأن من لم يزل منعما أو معذبا لا يجهل عليه حاله فيما عومل به و لا يلتبس عليه الأمر في بقائه بعد وفاته.
و قد روي عن أبي عبد الله ع أنه قال إنما يسأل في قبره من محض الإيمان محضا أو محض الكفر محضا فأما ما سوى هذين فإنه يلهى عنه و قال في الرجعة إنما يرجع إلى الدنيا عند قيام القائم ع من محض الإيمان محضا أو محض الكفر محضا فأما ما سوى هذين فلا رجوع لهم إلى يوم المآب
و قد اختلف أصحابنا فيمن ينعم و يعذب بعد موته فقال بعضهم المنعم و المعذب هو الروح التي توجه إليها الأمر و النهي و التكليف و سموها جوهرا و قال آخرون بل الروح الحياة جعلت في جسد كجسده في دار الدنيا و كلا الأمرين يجوزان في العقل و الأظهر عندي قول من قال إنها الجوهر المخاطب و هو الذي تسميه الفلاسفة البسيط و قد جاء في الحديث أن الأنبياء صلوات الله عليهم خاصة و الأئمة ع من بعدهم ينقلون بأجسادهم و أرواحهم من الأرض إلى السماء فينعمون في أجسادهم التي كانوا فيها عند مقامهم في الدنيا و هذا خاص بحجج الله دون من سواهم من الناس.
و قد روي عن النبي ص أنه قال من صلى علي عند قبري سمعته و من صلى علي من بعيد بلغته
و قال ص من صلى علي مرة صليت عليه عشرا و من صلى علي عشرا صليت عليه مائة فليكثر امرؤ منكم الصلاة علي أو فليقل
فبين أنه ص بعد خروجه من الدنيا يسمع الصلاة عليه و لا يكون كذلك إلا و هو حي عند الله تعالى و كذلك أئمة الهدى صلوات الله عليهم يسمعون سلام المسلم عليهم من قرب و يبلغهم سلامه من بعد و بذلك جاءت الآثار الصادقة عنهم و قد قال الله تعالى وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ الآية.
و روي عن النبي ص أنه وقف على قليب بدر فقال للمشركين الذين قتلوا يومئذ و قد ألقوا في القليب لقد كنتم جيران سوء لرسول الله ص أخرجتموه من منزله و طردتموه ثم اجتمعتم عليه فحاربتموه فقد وجدت ما وعدني ربي حقا فقال له عمر يا رسول الله ما خطابك لهام قد صديت فقال له مه يا ابن الخطاب فو الله ما أنت بأسمع منهم و ما بينهم و بين أن تأخذهم الملائكة بمقامع الحديد إلا أن أعرض بوجهي هكذا عنهم
و عن أمير المؤمنين صلوات الله عليه أنه ركب بعد انفصال الأمر من حرب البصرة فصار يتخلل بين الصفوف حتى مر على كعب بن سورة و كان هذا قاضي البصرة ولاه إياها عمر بن الخطاب فأقام بها قاضيا بين أهلها زمن عمر و عثمان فلما وقعت الفتنة بالبصرة علق في عنقه مصحفا و خرج بأهله و ولده يقاتل أمير المؤمنين ع فقتلوا بأجمعهم فوقف عليه أمير المؤمنين و هو صريع بين القتلى فقال أجلسوا كعب بن سورة فأجلس بين نفسين فقال يا كعب بن سورة قد وجدت ما وعدني ربي حقا فهل وجدت ما وعدك ربك حقا ثم قال أضجعوا كعبا و سار قليلا فمر بطلحة بن عبد الله صريعا فقال أجلسوا طلحة فأجلسوه فقال يا طلحة قد وجدت ما وعدني ربي حقا فهل وجدت ما وعدك ربك حقا ثم قال أضجعوا طلحة فقال له رجل من أصحابه يا أمير المؤمنين ما كلامك لقتيلين لا يسمعان منك فقال يا رجل فو الله لقد سمعا كلامي كما سمع أهل القليب كلام رسول الله ص
و هذا من الأخبار الدالة على أن بعض من يموت ترد إليه روحه لتنعيمه أو لتعذيبه و ليس ذلك بعام في كل من يموت بل هو على ما بيناه انتهى كلامه رحمه الله. و أقول أما تشنيعه على الصدوق رحمه الله بالقول بسبق الأرواح فسيأتي في كتاب السماء و العالم أخبار مستفيضة في ذلك و لا استبعاد فيه و لم يقم برهان تام على نفيه و ما ذكره من أنه لا بد أن يذكر الإنسان تلك الحالة فغير مسلم مع بعد العهد و تخلل حالة الجنينية و الطفولية و غيرهما بينهما و لا استبعاد في أن ينسيه الله تعالى ذلك لكثير من المصالح مع أنا لا نذكر أكثر أحوال الطفولية فأي استبعاد في نسيان ما قبلها و أما القول ببقاء الأرواح فقد قال رحمه الله به في بعضها فأي استبعاد في القول بذلك في جميعها و ما ذكره من الأخبار لا يدل على فناء الأرواح الملهو عنهم بل على عدم إثابتها و تعذيبها و إن كان الطعن على الصدوق في أنه يتضمن كلامه أنه لا يفني الله الأرواح في وقت من الأوقات فليس كلامه مصرحا بذلك مع أن في إفنائها أيضا كلاما سيأتي في موضعه
88- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ محمد بن أحمد بن شاذان القمي عن أبي عبد الله محمد بن علي عن محمد بن جعفر بن بطة عن محمد بن الحسن عن حمزة بن يعلى عن محمد بن داود النهدي عن علي بن الحكم عن الربيع بن محمد المسلي عن عبد الله بن سليمان عن الباقر ع قال سألته عن زيارة القبور قال إذا كان يوم الجمعة فزرهم فإنه من كان منهم في ضيق وسع عليه ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس يعلمون بمن أتاهم في كل يوم فإذا طلعت الشمس كانوا سدى قلت فيعلمون بمن أتاهم فيفرحون به قال نعم و يستوحشون له إذا انصرف عنهم
بيان السدى بالضم و يفتح المهمل و لعل المعنى أنهم يوم الجمعة بعد طلوع الشمس أيضا مهملون غير معذبين أو المعنى أنه يوسع عليهم في يوم الجمعة أو الزيارة في يوم الجمعة تصير سببا لذلك و قوله ما بين طلوع الفجر استئناف كلام أي في كل يوم يطلعون على زوارهم في ذلك الوقت لأنهم في القبور فإذا طلعت الشمس يرخص لهم فيخرجون من قبورهم
89- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله ع قال إن المؤمن ليزور أهله فيرى ما يحب و يستر عنه ما يكره و إن الكافر ليزور أهله فيرى ما يكره و يستر عنه ما يحب قال و منهم من يزور كل جمعة و منهم من يزور على قدر عمله
-90 كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن علي بن الحكم عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال ما من مؤمن و لا كافر إلا و هو يأتي أهله عند زوال الشمس فإذا رأى أهله يعملون بالصالحات حمد الله على ذلك و إذا رأى الكافر أهله يعملون بالصالحات كانت عليه حسرة
91- كا، ]الكافي[ العدة عن سهل عن ابن محبوب عن إسحاق بن عمار عن أبي الحسن الأول ع قال سألته عن الميت يزور أهله قال نعم فقلت في كم يزور قال في الجمعة و في الشهر و في السنة على قدر منزلته فقلت في أي صورة يأتيهم قال في صورة طائر لطيف يسقط على جدرهم و يشرف عليهم فإن رآهم بخير فرح و إن رآهم بشر و حاجة و حزن اغتم
92- كا، ]الكافي[ العدة عن سهل عن إسماعيل بن مهران عن درست الواسطي عن إسحاق بن عمار عن عبد الرحيم القصير قال قلت له المؤمن يزور أهله فقال نعم يستأذن ربه فيأذن له فيبعث معه ملكين فيأتيهم في بعض صور الطير يقع في داره ينظر إليهم و يسمع كلامهم
93- كا، ]الكافي[ العدة عن سهل عن محمد بن سنان عن إسحاق بن عمار قال قلت لأبي الحسن الأول ع يزور المؤمن أهله فقال نعم فقلت في كم قال على قدر فضائلهم منهم من يزور في كل يوم و منهم من يزور في كل يومين و منهم من يزور في كل ثلاثة أيام قال ثم رأيت في مجرى كلامه يقول أدناهم منزلة يزور كل جمعة قال قلت في أي ساعة قال عند زوال الشمس و مثل ذلك قال قلت في أي صورة قال في صورة العصفور أو أصغر من ذلك يبعث الله عز و جل معه ملكا فيريه ما يسره و يستر عنه ما يكره فيرى ما يسره و يرجع إلى قرة عين
أقول روى السيد في سعد السعود، من كتاب عبد الواحد بن عبد الله بن يونس الموصلي قال أخبرنا محمد بن علي عن أبي جعفر بن عبد الجبار عن إبراهيم بن عبد الحميد قال كان أبو الحسن موسى ع في دار أبيه فتحول منها بعياله فقلت له جعلت فداك أ تحولت من دار أبيك فقال إني أحببت أن أوسع على عيال أبي إنهم كانوا في ضيق فأحببت أن أوسع عليهم حتى يعلم أني وسعت على عياله قلت جعلت فداك هذا للإمام خاصة أو للمؤمنين قال هذا للإمام و للمؤمنين ما من مؤمن إلا و هو يلم بأهله كل جمعة فإن رأى خيرا حمد الله عز و جل و إن رأى غير ذلك استغفر و استرجع
94- كا، ]الكافي[ العدة عن سهل عن الحسن بن علي عن بشير الدهان عن أبي عبد الله ع و علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن أبي جميلة عن جابر عن أبي جعفر ع عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله ص إذا حمل عدو الله إلى قبره نادى حملته أ لا تسمعون يا إخوتاه أني أشكو إليكم ما وقع فيه أخوكم الشقي إن عدو الله خدعني فأوردني ثم لم يصدرني و أقسم لي إنه ناصح لي فغشني و أشكو إليكم دنيا غرتني حتى إذا اطمأننت إليها صرعتني و أشكو إليكم أخلاء الهوى منوني ثم تبرءوا مني و خذلوني و أشكو إليكم أولادا حميت عنهم و آثرتهم على نفسي فأكلوا مالي و أسلموني و أشكو إليكم مالا منعت فيه حق الله فكان وباله علي و كان نفعه لغيري و أشكو إليكم دارا أنفقت عليها حريبتي و صار سكانها غيري و أشكو إليكم طول الثوى في قبري ينادي أنا بيت الدود أنا بيت الظلمة و الوحشة و الضيق يا إخوتاه فاحبسوني ما استطعتم و احذروا مثل ما لقيت فإني قد بشرت بالنار و الذل و الصغار و غضب العزيز الجبار وا حسرتاه على ما فرطت في جنب الله و يا طول عولتاه فما لي من شَفِيعٍ يُطاعُ و لا صديق يرحمني ف لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فأكون من المؤمنين
95- كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن عمرو بن عثمان عن جابر عن أبي جعفر ع مثله و زاد فيه فما يفتر ينادي حتى يدخل قبره فإذا أدخل حفرته ردت الروح في جسده و جاء ملكا القبر فامتحناه قال و كان أبو جعفر ع يبكي إذا ذكر هذا الحديث
96- كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن عمرو بن شمر عن جابر قال قال علي بن الحسين ع ما ندري كيف نصنع بالناس إن حدثناهم بما سمعنا من رسول الله ص ضحكوا و إن سكتنا لم يسعنا قال فقال ضمرة بن معبد حدثنا فقال هل تدرون ما يقول عدو الله إذا حمل على سريره قال فقلنا لا قال فإنه يقول لحملته أ لا تسمعون أني أشكو إليكم عدو الله خدعني و أوردني ثم لم يصدرني و أشكو إليكم إخوانا واخيتهم فخذلوني و أشكو إليكم دارا أنفقت فيها حريبتي فصار سكانها غيري فارفقوا بي و لا تستعجلوا قال ضمرة يا أبا الحسن إن كان هذا يتكلم بهذا الكلام يوشك أن يثب على أعناق الذين يحملونه قال فقال علي بن الحسين ع اللهم إن كان ضمرة هزأ من حديث رسولك فخذه أخذ أسف قال فمكث أربعين يوما ثم مات فحضره مولى له قال فلما دفن أتى علي بن الحسين ع فجلس إليه فقال له من أين جئت يا فلان قال من جنازة ضمرة فوضعت وجهي عليه حين سوى عليه فسمعت صوته و الله أعرفه كما كنت أعرفه و هو حي و هو يقول ويلك يا ضمرة بن معبد اليوم خذلك كل خليل و صار مصيرك إلى الجحيم فيها مسكنك و مبيتك و المقيل قال فقال علي بن الحسين ع أسأل الله العافية هذا جزاء من يهزأ من حديث رسول الله
توضيح حريبة الرجل ماله الذي يعيش به
97- كا، ]الكافي[ أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن الحجال عن ثعلبة عن أبي بكر الحضرمي قال قال أبو عبد الله ع لا يسأل في القبر إلا من محض الإيمان محضا أو محض الكفر محضا و الآخرون يلهون عنهم
98- كا، ]الكافي[ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع قال إنما يسأل في قبره من محض الإيمان و الكفر محضا و أما ما سوى ذلك فيلهى عنه
99- كا، ]الكافي[ أبو علي الأشعري عن محمد بن عبد الجبار عن محمد بن إسماعيل عن منصور بن يونس عن ابن بكير عن أبي جعفر ع مثله
100- كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن يحيى الحلبي عن بريد بن معاوية عن محمد بن مسلم قال قال أبو عبد الله ع لا يسأل في القبر إلا من محض الإيمان محضا أو محض الكفر محضا
بيان من محض بفتح الميم اسم موصول و بكسر الميم حرف جر و قراءة محض مصدرا ليكون المعنى أنه لا يسأل عن الأعمال بل عن العقائد تصحيف يأباه صريح الأخبار بل المعنى أنه لا يسأل عن المستضعفين المتوسطين بين الإيمان و الكفر
101- كا، ]الكافي[ بهذا الإسناد عن يحيى الحلبي عن هارون بن خارجة عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله ع يسأل و هو مضغوط
بيان لعل المعنى أن الضغطة و السؤال متلازمان فكل من لا يضغط لا يسأل و بالعكس أو يسأل في حالة الضغطة و يحتمل أن يكون الغرض إثبات الحالتين حسب
102- كا، ]الكافي[ عدة من أصحابنا عن البرقي عن عثمان بن عيسى عن البطائني عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله أ يفلت من ضغطة القبر أحد قال فقال نعوذ بالله منها ما أقل من يفلت من ضغطة القبر إن رقية لما قتلها عثمان وقف رسول الله ص على قبرها فرفع رأسه إلى السماء فدمعت عيناه و قال للناس إني ذكرت هذه و ما لقيت فرققت لها و استوهبتها من ضغطة القبر قال فقال اللهم هب لي رقية من ضغطة القبر فوهبها الله له قال و إن رسول الله ص خرج في جنازة سعد و قد شيعه سبعون ألف ملك فرفع رسول الله ص رأسه إلى السماء ثم قال مثل سعد يضم قال قلت جعلت فداك إنما نحدث أنه كان يستخف بالبول فقال معاذ الله إنما كان من زعارة في خلقه على أهله قال فقالت أم سعد هنيئا لك يا سعد قال فقال لها رسول الله ص يا أم سعد لا تحتمي على الله
103- كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن محمد بن عيسى عن الحسن بن علي عن غالب بن عثمان عن بشير الدهان عن أبي عبد الله ع قال يجيء الملكان منكر و نكير إلى الميت حين يدفن أصواتهما كالرعد القاصف و أبصارهما كالبرق الخاطف يخطان الأرض بأنيابهما و يطئان في شعورهما فيسألان الميت من ربك و ما دينك قال فإذا كان مؤمنا قال الله ربي و ديني الإسلام فيقولان له ما تقول في هذا الرجل الذي خرج بين ظهرانيكم فيقول أ عن محمد رسول الله تسألاني فيقولان له تشهد أنه رسول الله ص فيقول أشهد أنه رسول الله فيقولان له نم نومة لا حلم فيها و يفسح له في قبره تسعة أذرع و يفتح له باب إلى الجنة و يرى مقعده فيها و إذا كان الرجل كافرا دخلا عليه و أقيم الشيطان بين يديه عيناه من نحاس فيقولان له من ربك و ما دينك و ما تقول في هذا الرجل الذي قد خرج من بين ظهرانيكم فيقول لا أدري فيخليان بينه و بين الشيطان فيسلط عليه في قبره تسعة و تسعين تنينا و لو أن تنينا واحدا منها نفخ في الأرض ما أنبتت شجرا أبدا و يفتح له باب إلى النار و يرى مقعده فيها
إيضاح قال الجزري فيه الرؤيا من الله و الحلم من الشيطان الحلم عبارة عما يراه النائم في نومه من الأشياء لكن غلبت الرؤيا على ما يراه من الخير و الشيء الحسن و الحلم على ما يراه من الشر و الشيء القبيح
104- كا، ]الكافي[ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن محمد بن الحسن بن شمون عن عبد الله بن عبد الرحمن عن عبد الله بن القاسم عن أبي بكر الحضرمي قال قلت لأبي جعفر ع أصلحك الله من المسئولون في قبورهم قال من محض الإيمان و من محض الكفر قال قلت فبقية هذا الخلق قال يلهون و الله عنهم ما يعبأ بهم قال و قلت و عم يسألون قال عن الحجة القائمة بين أظهركم فيقال للمؤمن ما تقول في فلان بن فلان فيقول ذاك إمامي فيقول نم أنام الله عينيك و يفتح له باب من الجنة فما يزال يتحفه من روحها إلى يوم القيامة و يقال للكافر ما تقول في فلان بن فلان قال فيقول قد سمعت به و ما أدري ما هو فيقال له لا دريت قال و يفتح له باب من النار فلا يزال يتحفه من حرها إلى يوم القيامة
105- كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن حديد عن جميل عن عمرو بن الأشعث أنه سمع أبا عبد الله ع يقول يسأل الرجل في قبره فإذا أثبت فسح له في قبره سبعة أذرع و فتح له باب إلى الجنة و قيل له نم نومة العروس قرير العين
106- كا، ]الكافي[ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن عاصم بن حميد عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إذا وضع الرجل في قبره أتاه ملكان ملك عن يمينه و ملك عن يساره و أقيم الشيطان بين عينيه عيناه من نحاس فيقال له كيف تقول في الرجل الذي كان بين ظهرانيكم قال فيفزع له فزعة فيقول إذا كان مؤمنا أ عن محمد رسول الله ص تسألاني فيقولان له نم نومة لا حلم فيها و يفسح له في قبره تسعة أذرع و يرى مقعده من الجنة و هو قول الله عز و جل يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ فإذا كان كافرا قالا له من هذا الرجل الذي خرج بين ظهرانيكم فيقول لا أدري فيخليان بينه و بين الشيطان
ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ النضر عن عاصم مثله
107- كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن إبراهيم بن أبي البلاد عن بعض أصحابه عن أبي الحسن موسى ع قال يقال للمؤمن في قبره من ربك قال فيقول الله فيقال له ما دينك فيقول الإسلام فيقال من نبيك فيقول محمد ص فيقال من إمامك فيقول فلان فيقال كيف علمت بذلك فيقول أمر هداني الله له و ثبتني عليه فيقال له نم نومة لا حلم فيها نومة العروس ثم يفتح له باب إلى الجنة فيدخل إليه من روحها و ريحانها فيقول يا رب عجل قيام الساعة لعلي أرجع إلى أهلي و مالي و يقال للكافر من ربك فيقول الله فيقال من نبيك فيقول محمد فيقال ما دينك فيقول الإسلام فيقال من أين علمت ذلك فيقول سمعت الناس يقولون فقلت فيضربانه بمرزبة لو اجتمع عليها الثقلان الإنس و الجن لم يطيقوها قال فيذوب كما يذوب الرصاص ثم يعيدان فيه الروح فيوضع قلبه بين لوحين من نار فيقول يا رب أخر قيام الساعة
ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ ابن أبي البلاد مثله بيان هذا الخبر يدل على أن إسلام المخالفين لعدم توسلهم بأئمة الهدى ع ظني تقليدي لم يهدهم الله للرسوخ فيه و إنما الهداية و اليقين مع متابعتهم ع
108- كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن القاسم بن محمد عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال إن المؤمن إذا أخرج من بيته شيعه الملائكة إلى قبره يزدحمون عليه حتى إذا انتهى به إلى قبره قالت له الأرض مرحبا بك و أهلا أما و الله لقد كنت أحب أن يمشي علي مثلك لترين ما أصنع بك فيوسع له مد بصره و يدخل عليه في قبره ملكا القبر و هما قعيدا القبر منكر و نكير فيلقيان فيه الروح إلى حقويه فيقعدانه و يسألانه فيقولان من ربك فيقول الله فيقولان ما دينك فيقول الإسلام فيقولان من نبيك فيقول محمد ص فيقولان و من إمامك فيقول فلان قال فينادي مناد من السماء صدق عبدي افرشوا له في قبره من الجنة و افتحوا له في قبره بابا إلى الجنة و ألبسوه من ثياب الجنة حتى يأتينا و ما عندنا خير له ثم يقال له نم نومة العروس نم نومة لا حلم فيها قال و إن كان كافرا خرجت الملائكة تشيعه إلى قبره يلعنونه حتى إذا انتهى إلى قبره قالت له الأرض لا مرحبا بك و لا أهلا أما و الله لقد كنت أبغض أن يمشي علي مثلك لا جرم لترين ما أصنع بك اليوم فتضيق عليه حتى تلتقي جوانحه قال ثم يدخل عليه ملكا القبر و هما قعيدا القبر منكر و نكير قال أبو بصير جعلت فداك يدخلان على المؤمن و الكافر في صورة واحدة فقال لا قال فيقعدانه و يلقيان فيه الروح إلى حقويه فيقولان له من ربك فيتلجلج و يقول قد سمعت الناس يقولون فيقولان له لا دريت و يقولان له ما دينك فيتلجلج فيقولان له لا دريت و يقولان له من نبيك فيقول قد سمعت الناس يقولون فيقولان له لا دريت و يسأل من إمام زمانه قال فينادي مناد من السماء كذب عبدي افرشوا له في قبره من النار و ألبسوه من ثياب النار و افتحوا له بابا إلى النار حتى يأتينا و ما عندنا شر له فيضربانه بمرزبة ثلاث ضربات ليس منها ضربة إلا يتطاير قبره نارا لو ضرب بتلك المرزبة جبال تهامة لكانت رميما و قال أبو عبد الله ع و يسلط الله عليه في قبره الحيات تنهشه نهشا و الشيطان يغمه غما قال و يسمع عذابه من خلق الله إلا الجن و الإنس قال و إنه ليسمع خفق نعالهم و نفض أيديهم و هو قول الله عز و جل يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ وَ يُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَ يَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ
شي، ]تفسير العياشي[ عن أبي بصير مثله بيان قوله لا دريت دعاء عليه أو استفهام إنكاري أي علمت و تمت الحجة عليك في الدنيا و إنما جحدت بشقاوتك
109- كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن محبوب عن عبد الله بن كولوم عن أبي سعيد عن أبي عبد الله ع قال إذا دخل المؤمن قبره كانت الصلاة عن يمينه و الزكاة عن يساره و البر مطل عليه قال فيتنحى الصبر ناحية فإذا دخل عليه الملكان اللذان يليان مساءلته قال الصبر للصلاة و الزكاة دونكما صاحبكم فإن عجزتم عنه فأنا دونه
110- كا، ]الكافي[ علي بن محمد عن أحمد الخراساني عن أبيه قال قال أبو عبد الله ع إذا وضع الميت في قبره مثل له شخص فقال له يا هذا كنا ثلاثة كان رزقك فانقطع بانقطاع أجلك و كان أهلك فخلفوك و انصرفوا عنك و كنت عملك فبقيت معك أما إني كنت أهون الثلاثة عليك
111- كا، ]الكافي[ عنه عن أبيه رفعه قال قال أبو عبد الله ع يسأل الميت في قبره عن خمس عن صلاته و زكاته و حجه و صيامه و ولايته إيانا أهل البيت فتقول الولاية عن جانب القبر للأربع ما دخل فيكن من نقص فعلي تمامه
112- كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس قال سألته عن المصلوب يعذب عذاب القبر قال فقال نعم إن الله عز و جل يأمر الهواء أن يضغطه
و في رواية أخرى سئل أبو عبد الله ع عن المصلوب يصيبه عذاب القبر فقال إن رب الأرض هو رب الهواء فيوحي الله عز و جل إلى الهواء فيضغطه ضغطة أشد من ضغطة القبر
113- كا، ]الكافي[ حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن غير واحد عن أبان عن أبي بصير عن أحدهما ع قال لما ماتت رقية ابنة رسول الله ص قال رسول الله ص ألحقي بسلفنا الصالح عثمان بن مظعون و أصحابه قال و فاطمة ع على شفير القبر تنحدر دموعها في القبر و رسول الله ص يتلقاه بثوبه قائم يدعو قال إني لأعرف ضعفها و سألت الله عز و جل أن يجيرها من ضمة القبر
114- كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن عبد الرحمن بن أبي هاشم عن سالم عن أبي عبد الله ع قال ما من قبر إلا و هو ينطق كل يوم ثلاث مرات أنا بيت التراب أنا بيت البلى أنا بيت الدود قال فإذا دخله عبد مؤمن قال مرحبا و أهلا أما و الله لقد كنت أحبك و أنت تمشي على ظهري فكيف إذا دخلت بطني فسترى ذلك قال فيفسح له مد البصر و يفتح له باب يرى مقعده من الجنة قال و يخرج من ذلك رجل لم تر عيناه شيئا أحسن منه فيقول يا عبد الله ما رأيت شيئا قط أحسن منك فيقول أنا رأيك الحسن الذي كنت عليه و عملك الصالح الذي كنت تعمله قال ثم تؤخذ روحه فتوضع في الجنة حيث رأى منزله ثم يقال له نم قرير العين فلا تزال نفحة من الجنة تصيب جسده يجد لذتها و طيبها حتى يبعث قال و إذا دخل الكافر قالت لا مرحبا بك و لا أهلا أما و الله لقد كنت أبغضك و أنت تمشي على ظهري فكيف إذا دخلت بطني سترى ذلك فتضم عليه فتجعله رميما و يعاد كما كان و يفتح له باب إلى النار فيرى مقعده من النار ثم قال ثم إنه يخرج منه رجل أقبح من رأى قط قال فيقول يا عبد الله من أنت ما رأيت شيئا أقبح منك قال فيقول أنا عملك السيئ الذي كنت تعمله و رأيك الخبيث قال ثم تؤخذ روحه فتوضع حيث رأى مقعده من النار ثم لم تزل نفحة من النار تصيب جسده فيجد ألمها و حرها يوم البعث و يسلط على روحه تسعة و تسعون تنينا تنهشه ليس فيها تنين تنفخ على ظهر الأرض فتنبت شيئا
115- كا، ]الكافي[ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الحسن بن علي عن غالب بن عثمان عن بشير الدهان عن أبي عبد الله ع قال إن للقبر كلاما في كل يوم يقول أنا بيت الغربة أنا بيت الوحشة أنا بيت الدود أنا القبر أنا روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار
116- كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أحمد بن محمد عن عبد الرحمن بن حماد عن عمرو بن يزيد قال قلت لأبي عبد الله ع إني سمعتك و أنت تقول كل شيعتنا في الجنة على ما كان فيهم قال صدقتك كلهم و الله في الجنة قال قلت جعلت فداك إن الذنوب كثيرة كبائر فقال أما في القيامة فكلكم في الجنة بشفاعة النبي المطاع أو وصي النبي و لكني و الله أتخوف عليكم في البرزخ قلت و ما البرزخ قال القبر منذ حين موته إلى يوم القيامة
117- كا، ]الكافي[ علي بن محمد عن علي بن الحسن عن الحسين بن راشد عن المرتجل بن معمر عن ذريح المحاربي عن عباية الأسدي عن حبة العرني قال خرجت مع أمير المؤمنين ع إلى الظهر فوقف بوادي السلام كأنه مخاطب لأقوام فقمت بقيامه حتى أعييت ثم جلست حتى مللت ثم قمت حتى نالني مثل ما نالني أولا ثم جلست حتى مللت ثم قمت و جمعت ردائي فقلت يا أمير المؤمنين إني قد أشفقت عليك من طول القيام فراحة ساعة ثم طرحت الرداء ليجلس عليه فقال يا حبة إن هو إلا محادثة مؤمن أو مؤانسته قال قلت يا أمير المؤمنين و إنهم لكذلك قال نعم و لو كشف لك لرأيتهم حلقا حلقا محتبين يتحادثون فقلت أجسام أم أرواح فقال أرواح و ما من مؤمن يموت في بقعة من بقاع الأرض إلا قيل لروحه ألحقي بوادي السلام و إنها لبقعة من جنة عدن
118- كا، ]الكافي[ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن الحسن بن علي عن أحمد بن عمر رفعه عن أبي عبد الله ع قال قلت له إن أخي ببغداد و أخاف أن يموت بها فقال ما تبالي حيثما مات أما إنه لا يبقى مؤمن في شرق الأرض و غربها إلا حشره الله روحه إلى وادي السلام فقلت له و أين وادي السلام قال ظهر الكوفة أما إني كأني بهم حلق حلق قعود يتحدثون
119- كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم عن أبيه عن الحسن بن محبوب عن أبي ولاد الحناط عن أبي عبد الله ع قال قلت له جعلت فداك يروون أن أرواح المؤمنين في حواصل طيور خضر حول العرش فقال لا المؤمن أكرم على الله من أن يجعل روحه في حوصلة طير لكن في أبدان كأبدانهم
120- كا، ]الكافي[ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن مثنى الحناط عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله ع إن أرواح المؤمنين لفي شجرة من الجنة يأكلون من طعامها و يشربون من شرابها و يقولون ربنا أقم لنا الساعة و أنجز لنا ما وعدتنا و ألحق آخرنا بأولنا
-121 كا، ]الكافي[ سهل بن زياد عن إسماعيل بن مهران عن درست بن أبي منصور عن ابن مسكان عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال إن الأرواح في صفة الأجساد في شجرة في الجنة تعارف و تساءل فإذا قدمت الروح على الأرواح تقول دعوها فإنها قد أفلتت من هول عظيم ثم يسألونها ما فعل فلان و ما فعل فلان فإن قالت لهم تركته حيا ارتجوه و إن قالت لهم قد هلك قالوا قد هوى هوى
122- كا، ]الكافي[ علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمد بن عثمان عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال سألت أبا عبد الله ع عن أرواح المؤمنين فقال في حجرات في الجنة يأكلون من طعامها و يشربون من شرابها و يقولون ربنا أقم لنا الساعة و أنجز لنا ما وعدتنا و ألحق آخرنا بأولنا
ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ ابن أبي عمير عن علي عن أبي بصير مثله
123- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن محسن بن أحمد عن محمد بن حماد عن يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله ع قال إذا مات الميت اجتمعوا عنده يسألونه عمن مضى و عمن بقي فإن كان مات و لم يرد عليهم قالوا قد هوى هوى و يقول بعضهم لبعض دعوه حتى يسكن مما مر عليه من الموت
124- كا، ]الكافي[ محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن خالد عن القاسم بن محمد عن الحسين بن أحمد عن يونس بن ظبيان قال كنت عند أبي عبد الله ع فقال ما يقول الناس في أرواح المؤمنين فقلت يقولون تكون في حواصل طيور خضر في قناديل تحت العرش فقال أبو عبد الله ع سبحان الله المؤمن أكرم على الله من أن يجعل روحه في حوصلة طير يا يونس إذا كان ذلك أتاه محمد ص و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و الملائكة المقربون ع فإذا قبضه الله عز و جل صير تلك الروح في قالب كقالبه في الدنيا فيأكلون و يشربون فإذا قدم عليهم القادم عرفوه بتلك الصورة التي كانت في الدنيا
ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ القاسم مثله
125- كا، ]الكافي[ محمد بن أحمد عن الحسين بن سعيد عن أخيه الحسن عن زرعة عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله ع إنا نتحدث عن أرواح المؤمنين أنها في حواصل طير خضر ترعى في الجنة و تأوي إلى قناديل تحت العرش فقال لا إذا ما هي في حواصل طير قلت فأين هي قال في روضة كهيئة الأجساد في الجنة
126- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمد بن عثمان عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال سألته عن أرواح المشركين فقال في النار يعذبون يقولون ربنا لا تقم لنا الساعة و لا تنجز لنا ما وعدتنا و لا تلحق آخرنا بأولنا
ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ ابن أبي عمير عن علي عن أبي بصير مثله
127- كا، ]الكافي[ عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن عبد الرحمن بن أبي نجران عن مثنى عن أبي بصير عن أبي عبد الله ع قال إن أرواح الكفار في نار جهنم يعرضون عليها يقولون ربنا لا تقم لنا الساعة و لا تنجز لنا ما وعدتنا و لا تلحق آخرنا بأولنا
128- دعوات الراوندي، قال أمير المؤمنين ع ليس بيننا و بين الجنة أو النار إلا الموت
فذلكة اعلم أن الذي ظهر من الآيات الكثيرة و الأخبار المستفيضة و البراهين القاطعة هو أن النفس باقية بعد الموت إما معذبة إن كان ممن محض الكفر أو منعمة إن كان ممن محض الإيمان أو يلهى عنه إن كان من المستضعفين و يرد إليه الحياة في القبر إما كاملا أو إلى بعض بدنه كما مر في بعض الأخبار و يسأل بعضهم عن بعض العقائد و بعض الأعمال و يثاب و يعاقب بحسب ذلك و تضغط أجساد بعضهم و إنما السؤال و الضغطة في الأجساد الأصلية و قد يرتفعان عن بعض المؤمنين كمن لقن كما سيأتي أو مات في ليلة الجمعة أو يومها أو غير ذلك مما مر و سيأتي في تضاعيف أخبار هذا الكتاب ثم تتعلق الروح بالأجساد المثالية اللطيفة الشبيهة بأجسام الجن و الملائكة المضاهية في الصورة للأبدان الأصلية فينعم و يعذب فيها و لا يبعد أن يصل إليه الآلام ببعض ما يقع على الأبدان الأصلية لسبق تعلقه بها و بذلك يستقيم جميع ما ورد في ثواب القبر و عذابه و اتساع القبر و ضيقه و حركة الروح و طيرانه في الهواء و زيارته لأهله و رؤية الأئمة ع بأشكالهم و مشاهدة أعدائهم معذبين و سائر ما ورد في أمثال ذلك مما مر و سيأتي فالمراد بالقبر في أكثر الأخبار ما يكون الروح فيه في عالم البرزخ و هذا يتم على تجسم الروح و تجرده و إن كان يمكن تصحيح بعض الأخبار بالقول بتجسم الروح أيضا بدون الأجساد المثالية لكن مع ورود الأجساد المثالية في الأخبار المعتبرة المؤيدة بالأخبار المستفيضة لا محيص عن القول بها و ليس هذا من التناسخ الباطل في شيء إذ التناسخ لم يتم دليل عقلي على امتناعه إذ أكثرها عليلة مدخولة و لو تمت لا تجري أكثرها فيما نحن فيه كما لا يخفى على من تدبر فيها و العمدة في نفيه ضرورة الدين و إجماع المسلمين و ظاهر أن هذا غير داخل فيما انعقد الإجماع و الضرورة على نفيه كيف و قد قال به كثير من المسلمين كشيخنا المفيد قدس الله روحه و غيره من علمائنا المتكلمين و المحدثين بل لا يبعد القول بتعلق الروح بالأجساد المثالية عند النوم أيضا كما يشهد به ما يرى في المنام و قد وقع في الأخبار تشبيه حالة البرزخ و ما يجري فيها بحالة الرؤيا و ما يشاهد فيها كما مر بل يمكن أن يكون للنفوس القوية العالية أجساد مثالية كثيرة كأئمتنا صلوات الله عليهم حتى لا نحتاج إلى بعض التأويلات و التوجيهات في حضورهم عند كل ميت و سائر ما سيأتي في كتاب الإمامة في غرائب أحوالهم من عروجهم إلى السماوات كل ليلة جمعة و غير ذلك. ثم اعلم أن عذاب البرزخ و ثوابه مما اتفقت عليه الأمة سلفا و خلفا و قال به
أكثر أهل الملل و لم ينكره من المسلمين إلا شرذمة قليلة لا عبرة بهم و قد انعقد الإجماع على خلافهم سابقا و لاحقا و الأحاديث الواردة فيه من طرق العامة و الخاصة متواترة المضمون و كذا بقاء النفوس بعد خراب الأبدان مذهب أكثر العقلاء من المليين و الفلاسفة و لم ينكره إلا فرقة قليلة كالقائلين بأن النفس هي المزاج و أمثاله ممن لا يعبأ بهم و لا بكلامهم و قد عرفت ما يدل عليه من الأخبار الجلية و قد أقيمت عليه البراهين العقلية و لنذكر بعض كلمات علماء الفريقين في المقامين. قال نصير الملة و الدين قدس الله روحه في التجريد عذاب القبر واقع لإمكانه و تواتر السمع بوقوعه. و قال العلامة الحلي نور الله ضريحه في شرحه نقل عن ضرار أنه أنكر عذاب القبر و الإجماع على خلافه. و قال الشيخ المفيد رحمه الله في أجوبة المسائل السروية حيث سئل ما قوله أدام الله تأييده في عذاب القبر و كيفيته و متى يكون و هل ترد الأرواح إلى الأجساد عند التعذيب أم لا و هل يكون العذاب في القبر أو يكون بين النفختين الجواب الكلام في عذاب القبر طريقة السمع دون العقل. و قد ورد عن أئمة الهدى ع أنهم قالوا ليس يعذب في القبر كل ميت و إنما يعذب من جملتهم من محض الكفر محضا و لا ينعم كل ماض لسبيله و إنما ينعم منهم من محض الإيمان محضا فأما ما سوى هذين الصنفين فإنه يلهى عنهم و كذلك روي أنه لا يسأل في قبره إلا هذان الصنفان خاصة فعلى ما جاء به الأثر من ذلك يكون الحكم ما ذكرناه فأما عذاب الكافر في قبره و نعيم المؤمنين فيه فإن الخبر أيضا قد ورد بأن الله تعالى يجعل روح المؤمن في قالب مثل قالبه في الدنيا في جنة من جناته ينعمه فيها إلى يوم الساعة فإذا نفخ في الصور أنشأ جسده الذي بلي في التراب و تمزق ثم أعاده إليه و حشره إلى الموقف و أمر به إلى جنة الخلد فلا يزال منعما ببقاء الله عز و جل غير أن جسده الذي يعاد فيه لا يكون على تركيبه في الدنيا بل تعدل طباعه و تحسن صورته فلا يهرم مع تعديل الطباع و لا يمسه نصب في الجنة و لا لغوب و الكافر يجعل
في قالب كقالبه في الدنيا في محل عذاب يعاقب به و نار يعذب بها حتى الساعة ثم أنشئ جسده الذي فارقه في القبر و يعاد إليه ثم يعذب به في الآخرة عذاب الأبد و يركب أيضا جسده تركيبا لا يفنى معه و قد قال الله عز و جل اسمه النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ و قال في قصة الشهداء وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ فدل على أن العذاب و الثواب يكونان قبل يوم القيامة و بعدها و الخبر وارد بأنه يكون مع فراق الروح الجسد من الدنيا و الروح هاهنا عبارة عن الفعال الجوهر البسيط و ليس بعبارة عن الحياة التي يصح معها العلم و القدرة لأن هذه الحياة عرض لا يبقى و لا يصح الإعادة فيه فهذا ما عول عليه بالنقل و جاء به الخبر على ما بيناه. ثم سئل رحمه الله ما قوله أدام الله تمكينه في معنى قول الله تعالى وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ أ هم أحياء في الحقيقة على ما تقتضيه الآية أم الآية مجاز و أن أجسادهم الآن في قبورهم أم في الجنة فإن المعتزلة من أصحاب أبي هاشم يقولون إن الله تعالى ينزع من جسد كل واحد منهم أجزاء قدر ما يتعلق به الروح و إنه تعالى يرزقهم على ما نطقت به الآية و ما سوى هذا من أجزاء أبدانهم فهي في قبورهم كأجساد سائر الموتى. الجواب هذا المحكي عن أصحاب أبي هاشم لأن المحفوظ عنه الإنسان المخاطب المأمور المنهي هو البنية التي لا تصح الحياة إلا بها و ما سوى ذلك من الجسد ليس بإنسان و لا يتوجه إليه أمر و لا نهي و لا تكليف و إن كان القوم يزعمون أن تلك البنية لا تفارق ما جاورها من الجسد فيعذب أو ينعم فهو مقال يستمر على أن البنية التي ذكروها هو المكلف المأمور المنهي و باقي جسده في القبر إلا أنهم لم يذكروا كيف يعذب من عذب و يثاب من أثيب أ في دار غير الدنيا أم فيها و هل يحيا بعد الموت أو تفارق الجملة في الدنيا فلا يلحقه موت ثم لم يحك عنهم في أي محل يعذبون و يثابون و فيما قالوه من ذلك فليس به أثر و لا يدل عليه العقل و إنما هو يخرج منهم على الظن و الحساب و من بنى مذهبه على الظن في مثل هذا الباب كان بمقالته مفتريا ثم الذي
يفسد قولهم من بعد ما دل على أن الإنسان المأمور المنهي هو الجوهر البسيط و أن الأجزاء المؤلفة لا يصح أن تكون فعالة و دلائل ذلك يطول بإثباتها الكتاب و فيما أومأنا إليه منها كفاية فيما تعلق به السؤال و بالله التوفيق. و سئل عنه قدس الله روحه في المسائل العكبرية عن قول الله تعالى وَ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الآية هل يكون الرزق لغير جسم و ما صورة هذه الحياة فإنا مجمعون على أن الجواهر لا تبلى شيئا فما الفرق حينئذ في الحياة بين المؤمن و الكافر فأجاب رحمه الله بأن الرزق لا يكون عندنا إلا للحيوان و الحيوان عندنا ليسوا بأجسام بل ذوات أخرجوا في هذه الدار إلى الأجساد و تعذر عليهم كثير من الأفعال إلا بها فإن أغنوا عنها بعد الوفاة جاز أن يرزقوا مع عدمها رزقا يحصل لهم به اللذات و إن افتقروا إليها كان الرزق لهم حينئذ بحسبه في الدنيا على السواء فأما قوله ما صورة هذه الحياة فالحياة لا صورة لها لأنها عرض من الأعراض و هي تقوم بالذات الفعالة دون الأجساد التي تقوم بها حياة النمو دون الحياة التي هي شرط في العلم و القدرة و نحوهما من الأعراض و قوله إنا مجمعون على أن الجواهر لا تبلى شيئا فليس ذلك كما ظن و لو كان كما توهم لم يمتنع أن توجد الحياة لبعض الجواهر و ترفع عن بعض كما توجد حياة النمو لبعض الأجساد و ترفع من بعض بالاتفاق و لو قلنا إن الحياة بعد النقلة من هذه الدار تعم أهل الكفر و الإيمان لم يفسد ذلك علينا أصلا في الدين فكانت الحياة لأهل الإيمان شرطا في وصول اللذات إليهم و الحياة لأهل الكفر شرطا في وصل الآلام إليهم بالعقاب انتهى. و قال شارح المقاصد اتفق الإسلاميون على حقيقة سؤال منكر و نكير في القبر و عذاب الكفار و بعض العصاة فيه و نسب خلافه إلى بعض المعتزلة قال بعض المتأخرين منهم حكي إنكار ذلك عن ضرار بن عمرو و إنما نسب إلى المعتزلة و هم برءاء منه لمخالطة ضرار إياهم و تبعه قوم من السفهاء من المعاندين للحق و نحوه قال في المواقف و قال المحقق الدواني في شرح العقائد العضدية عذاب القبر للمؤمن و الفاسق و الكافر حق لقوله تعالى النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها غُدُوًّا وَ عَشِيًّا الآية و قوله رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَ أَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ
و لقوله ص إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة و العشي إن كان من أهل الجنة فمن الجنة و إن كان من أهل النار فمن النار فيقال هذا مقعدك حتى نبعثك يوم القيامة
و قوله صلى الله عليه و آله استنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه
و قوله ص القبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران
و نقل العلامة التفتازاني عن السيد أبي الشجاع أن الصبيان يسألون و كذا الأنبياء ع و قيل إن الأنبياء لا يسألون لأن السؤال على ما ورد في الحديث عن ربه و عن دينه و عن نبيه و لا يعقل السؤال عن النبي ص من نفس النبي و أنت خبير بأنه لا يدل على عدم السؤال مطلقا بل عدم السؤال عن نبيه فقط و ذلك أيضا في الذي لا يكون على ملة نبي آخر و اختلف الناس في عذاب القبر فأنكره قوم بالكلية و أثبته آخرون ثم اختلف هؤلاء فمنهم من أثبت التعذيب و أنكر الإحياء و هو خلاف العقل و بعضهم لم يثبت العذاب بالفعل بل قال تجتمع الآلام في جسده فإذا حشر أحس بها دفعة و هذا إنكار لعذاب القبر حقيقة و منهم من قال بإحيائه لكن من غير إعادة الروح و منهم من قال بالإحياء و إعادة الروح و لا يلزم أن يرى أثر الحياة فيه حتى أن المأكول في بطن الحيوانات يحيا و يسأل و ينعم و يعذب و لا ينبغي أن ينكر لأن من أخفى النار في الشجر الأخضر قادر على إخفاء العذاب و النعيم قال الإمام الغزالي في الإحياء. اعلم أن لك ثلاث مقامات في التصديق بأمثال هذا. أحدها و هو الأظهر و الأصح أن تصدق بأن الحية مثلا موجودة تلدغ الميت و لكنا لا نشاهد ذلك فإن ذلك العين لا يصلح لمشاهدة تلك الأمور الملكوتية و كل ما يتعلق بالآخرة فهو من عالم الملكوت أ ما ترى أن الصحابة كيف كانوا يؤمنون بنزول جبرئيل ع و ما كانوا يشاهدونه و يؤمنون أنه ص يشاهده فإن كنت لا تؤمن بهذا فتصحيح الإيمان بالملائكة و الوحي عليك أوجب و إن آمنت به و جوزت أن يشاهد النبي ص ما لا تشاهده الأمة فكيف لا تجوز هذا في الميت. المقام الثاني أن تتذكر أمر النائم فإنه يرى في نومه حية تلدغه و هو يتألم بذلك حتى يرى في نومه يصيح و يعرق جبينه و قد ينزعج من مكانه كل ذلك يدرك من نفسه و يتأذى به كما يتأذى اليقظان و أنت ترى ظاهره ساكنا و لا ترى في حواليه حية و الحية موجودة في حقه و العذاب حاصل و لكنه في حقك غير مشاهد و إن كان العذاب ألم اللدغ فلا فرق بين حية تتخيل أو تشاهد. المقام الثالث أن الحية بنفسها لا تؤلم بل الذي يلقاك منها هو السم ثم السم ليس هو الألم بل عذابك في الأثر الذي يحصل فيك من السم فلو حصل مثل ذلك من غير سم فكان ذلك العذاب قد توفر و قد لا يمكن تعريف ذلك النوع من العذاب إلا بأن يضاف إلى السبب الذي يفضي إليه في العادة و الصفات المهلكات تنقلب موذيات و مولمات في النفس عند الموت فتكون آلامها كآلام لدغ الحيات من غير وجود الحيات. فإن قلت ما الصحيح من هذه المقامات الثلاثة فاعلم أن من الناس من لم يثبت إلا الثالث و إنما الحق الذي انكشف لنا من طريق الاستبصار أن كل ذلك في حيز الإمكان و أن من ينكر بعض ذلك فهو لضيق حوصلته و جهله باتساع قدرة الله و عجائب تدبيره منكر من أفعال الله تعالى ما لم يأنس به و لم يألفه و ذلك جهل و قصور بل هذه الطرق الثلاثة في التعذيب ممكن و التصديق بها واجب و رب عبد يعاقب بنوع واحد من هذه الأنواع الثلاثة هذا هو الحق فصدق به. ثم قال و سؤال منكر و نكير حق
لقوله ص إذا أقبر الميت أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما منكر و للآخر نكير يقولان ما كنت تقول في هذا الرجل فإن كان مؤمنا فيقول هو عبد الله و رسوله أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا رسول الله فيقولان قد كنا نعلم أنك تقول هذا ثم يفسح في قبره سبعين ذراعا في سبعين ذراعا ثم ينور له فيه ثم يقال له نم فيقول أرجع إلى أهلي فأخبرهم فيقولان نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك و إن كان منافقا قال سمعت الناس يقولون فقلت مثله لا أدري فيقولان قد كنا نعلم أنك تقول ذلك فيقال للأرض التئمي عليه فتلتئم عليه فتختلف أضلاعه فلا يزال فيه معذبا حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك
و أنكر الجبائي و ابنه و البلخي تسمية الملكين منكرا و نكيرا و قالوا إنما المنكر ما يصدر من الكافر عند تلجلجه إذا سئل و النكير إنما هو تقريع الكافر و هو خلاف ظاهر الحديث و الأحاديث الصحيحة الدالة على عذاب القبر و نعيمه و سؤال الملكين أكثر من أن تحصر بحيث يبلغ قدرة المشترك حد التواتر و إن كان كل منها خبر الآحاد و اتفق عليه السلف الصالح قبل ظهور المخالف و أنكره مطلقا ضرار بن عمرو و أكثر متأخري المعتزلة و بعض الروافض متمسكين بأن الميت جماد فلا يعذب و ما سبق حجة عليهم و من تأمل عجائب الملك و الملكوت و غرائب صنعه تعالى لم يستنكف عن قبول أمثال هذا فإن للنفس نشئات و في كل نشأة تشاهد صورا تقتضيها تلك النشأة فكما أنها تشاهد في المنام أمورا لم تكن تشاهد في اليقظة فكذا تشاهد في حال الانخلاع عن البدن أمورا لم تكن تشاهد في الحياة و إلى هذا يشير من قال الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا انتهى كلامه. و لا يخفى على أحد أن ما نسبه هو و غيره إلى الشيعة في هذا الباب فرية بلا مرية و لا يوجد من ذلك في كتبهم عين و لا أثر و قد سمعت بعض كلماتهم في ذلك و لعله رأى ذلك في بعض كتب الملاحدة من الإسماعيلية و غيرهم الملصقين بهذه الفرقة المحقة فنسب ذلك إليهم مجملا و هذا تدليس قبيح و لا سيما من الفضلاء. ثم اعلم أنه
روى العامة في كتبهم عن أبي أمامة الباهلي أن النبي ص قال إذا مات أحدكم و سويتم عليه التراب فليقم أحدكم عند قبره ثم ليقل يا فلان بن فلانة فإنه يسمع و لا يجيب ثم ليقل يا فلان بن فلان الثانية فيستوي قاعدا ثم ليقل يا فلان بن فلانة فإنه يقول أرشدنا رحمك الله فيقول اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله و أنك رضيت بالله ربا و بالإسلام دينا و بمحمد نبيا و بالقرآن إماما فإن منكرا و نكيرا يتأخر كل واحد منهما فيقول انطلق فما يقعدنا عند هذا و قد لقن حجته فقال يا رسول الله فإن لم يعرف أمه قال فلينسبه إلى حواء
و قال الشيخ البهائي قدس الله روحه قد يتوهم أن القول بتعلق الأرواح بعد مفارقة أبدانها العنصرية بأشباح أخر كما دلت عليه الأحاديث قول بالتناسخ و هذا توهم سخيف لأن التناسخ الذي أطبق المسلمون على بطلانه هو تعلق الأرواح بعد خراب أجسادها بأجسام أخر في هذا العالم إما عنصرية كما يزعم بعضهم و يقسمه إلى النسخ و المسخ و الرسخ أو فلكية ابتداء أو بعد ترددها في الأبدان العنصرية على اختلاف آرائهم الواهية المفصلة في محلها و أما القول بتعلقها في عالم آخر بأبدان مثالية مدة البرزخ إلى أن تقوم قيامتها الكبرى فتعود إلى أبدانها الأولية بإذن مبدعها إما بجمع أجزائها المتشتتة أو بإيجادها من كتم العدم كما أنشأها أول مرة فليس من التناسخ في شيء و إن سميته تناسخا فلا مشاحة في التسمية إذا اختلف المسمى و ليس إنكارنا على التناسخية و حكمنا بتكفيرهم بمجرد قولهم بانتقال الروح من بدن إلى آخر فإن المعاد الجسماني كذلك عند كثير من أهل الإسلام بل بقولهم بقدم النفوس و ترددها في أجسام هذا العالم و إنكارهم المعاد الجسماني في النشأة الأخروية. قال الفخر الرازي في نهاية العقول إن المسلمين يقولون بحدوث الأرواح و ردها إلى الأبدان لا في هذا العالم و التناسخية يقولون بقدمها و ردها إليها في هذا العالم و ينكرون الآخرة و الجنة و النار و إنما كفروا من أجل هذا الإنكار انتهى كلامه ملخصا فقد ظهر البون البعيد بين القولين انتهى كلامه زاد الله في إكرامه. ثم اعلم أن مقتضى قواعد العدلية و ظواهر النصوص الماضية و الآتية أنه إنما يسأل في القبر المكلفون الكاملون لا الأطفال و المجانين و المستضعفون و أما الأنبياء و الأئمة ع و إن كان المفهوم من فحوى عدم سؤال من لقن و أمثالهم و ما مر أنه يسأل و هو مضغوط على بعض محتملاته و غيره مما يدل على رفعة شأنهم عدم السؤال عنهم لكن لما لم نر فيه نصا صريحا فالأولى عدم التعرض له نفيا و إثباتا و لذا لم يتعرض له علماؤنا رضوان الله عليهم. قال صاحب المحجة البيضاء في مذهب آل العباء اختلف أهل السنة في أن الأنبياء ع هل يسألون في القبر أم لا و كذا في الأطفال فقيل الأصح أن الأنبياء ع لا يسألون و قال الصفار ليس في هذا نص و لا خبر و لا دليل فانتفى ذلك عنهم و ما روي عنه ص من الاستعاذة عن عذاب القبر فذلك للمبالغة في إظهار الافتقار إلى الله
تعالى و قيل هو تحكم محض لجواز أن يقال آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ فكما جاز أن يسأل المؤمن عما آمن به فيقال من ربك و ما دينك فكذا الرسول يسأل عما آمن به فعلم أن حمل الاستعاذة على المبالغة تحكم بغير دليل و لأن النبي صلى الله عليه و آله صاحب عهدة عظيمة لأنه إنما بعث لبيان الشرائع و صرف القلوب إلى الله تعالى فلم لا يجوز أن يسأل عما كان في عهدته حتى قيل و سؤالهما الأنبياء بهذه العبارة على ما ذا تركتم أمتكم و الحق أن الأئمة كالأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين في هذه الأمور كلها و لم أر في كتب الإمامية المسألة لا نفيا و لا إثباتا و الذي يطمئن إليه قلبي أنهم مع الأئمة سلام الله عليهم مستثنون من هذه الأحكام انتهى. و قال الصدوق رحمه الله في رسالة العقائد اعتقادنا في المساءلة في القبر أنها حق لا بد منها فمن أجاب بالصواب فإذا بروح و ريحان في قبره بجنة نعيم في الآخرة و من لم يأت بالصواب فله نزل من حميم في قبره و تصلية جحيم في الآخرة و أكثر ما يكون عذاب القبر من النميمة و سوء الخلق و الاستخفاف بالبول و أشد ما يكون عذاب القبر على المؤمن مثل اختلاج العين أو شرطة حجام و يكون ذلك كفارة لما بقي عليه من الذنوب التي تكفرها الهموم و الغموم و الأمراض و شدة النزف عند الموت فإن رسول الله ص كفن فاطمة بنت أسد في قميصه بعد ما فرغت النساء من غسلها و حمل جنازتها على عاتقه حتى أوردها قبرها ثم وضعها و دخل القبر و اضطجع فيه ثم قام فأخذها على يديه و وضعها في قبرها ثم انكب عليها يناجيها طويلا و يقول لها ابنك ابنك ثم خرج و سوى عليها التراب ثم انكب على قبرها فسمعوه و هو يقول اللهم إني أودعتها إياك ثم انصرف فقال له المسلمون يا رسول الله إنا رأيناك صنعت اليوم شيئا لم تصنعه قبل اليوم فقال اليوم فقدت بر أبي طالب إنها كانت يكون عندها الشيء فتؤثرني به على نفسها و ولدها و إني ذكرت القيامة و أن الناس يحشرون عراة فقالت وا سوأتاه فضمنت لها أن يبعثها الله تعالى كاسية و ذكرت ضغطة القبر فقالت وا ضعفاه فضمنت لها أن يكفيها الله تعالى ذلك فكفنتها بقميصي و اضطجعت في قبرها لذلك و انكببت عليها فلقنتها ما تسأل عنه و إنما سئلت عن ربها فقالت الله و سئلت عن نبيها فأجابت و سئلت عن وليها و إمامها فارتج عليها فقلت لها ابنك ابنك. أقول و قال الشيخ المفيد نور الله ضريحه في شرح هذا الكلام جاءت الأخبار الصحيحة عن النبي ص أن الملائكة تنزل على المقبورين فتسألهم عن أديانهم و ألفاظ الأخبار بذلك متقاربة فمنها أن ملكين لله تعالى يقال لهما ناكر و نكير ينزلان على الميت فيسألانه عن ربه و نبيه و دينه و إمامه فإن أجاب بالحق سلموه إلى ملائكة النعيم و إن أرتج عليه سلموه إلى ملائكة العذاب و قيل في بعض الأخبار إن اسمي الملكين الذين ينزلان على المؤمن مبشر و بشير و قيل إنه إنما سمي ملكا الكافر ناكرا و نكيرا لأنه ينكر الحق و ينكر ما يأتيانه به و يكرهه و سمي ملكا المؤمن مبشرا و بشيرا لأنهما يبشرانه من الله تعالى بالرضا و الثواب المقيم و إن هذين الاسمين ليسا بلقب لهما و إنهما عبارة عن فعلهما و هذه أمور تتقارب بعضها من بعض و لا تستحيل معانيها و الله أعلم بحقيقة الأمر فيها و قد قلنا فيما سلف إنما ينزل الملكان على من محض الإيمان محضا أو محض الكفر محضا و من سوى هذين فيلهى عنه و بينا أن الخبر جاء بذلك فمن جهته قلنا فيه ما ذكرناه. فصل و ليس ينزل الملكان إلا على حي و لا يسألان إلا من يفهم المسألة و يعرف معناها و هذا يدل على أن الله تعالى يحيي العبد بعد موته للمساءلة و يديم حياته بنعيم إن كان يستحقه أو بعذاب إن كان يستحقه نعوذ بالله منسخطه و نسأله التوفيق لما يرضيه برحمته و الغرض من نزول الملكين و مسألتهما العبد أن الله يوكل بالعبد بعد موته ملائكة النعيم و ملائكة العذاب و ليس للملائكة طريق إلى ما يستحقه العبد إلا بإعلام الله تعالى ذلك لهم فالملكان اللذان ينزلان على العبد أحدهما من ملائكة النعيم و الآخر من ملائكة العذاب فإذا هبطا لما وكلا به استفهما حال العبد بالمساءلة
فإن أجاب بما يستحق به النعيم قام بذلك ملك النعيم و عرج عنه ملك العذاب و إن ظهرت فيه علامة استحقاقه العذاب وكل به ملك العذاب و عرج عنه ملك النعيم و قد قيل إن الملائكة الموكلين بالنعيم و العقاب غير الملكين الموكلين بالمساءلة و إنما يعرف ملائكة النعيم و ملائكة العقاب ما يستحقه العبد من جهة ملكي المساءلة فإذا ساءلا العبد و ظهر منه ما يستحق به الجزاء تولى منه ذلك ملائكة الجزاء و عرج ملكا المساءلة إلى مكانهما من السماء و هذا كله جائز و لسنا نقطع بأحد دون صاحبه إذ الأخبار فيه متكافئة و العادة لنا في معنى ما ذكرناه التوقف و التجويز. فصل و إنما وكل الله تعالى ملائكة المساءلة و ملائكة العذاب و النعيم بالخلق تعبدا لهم بذلك كما وكل الكتبة من الملائكة ع بحفظ أعمال الخلق و كتبها و نسخها و رفعها تعبدا لهم بذلك و كما تعبد طائفة من الملائكة بحفظ بني آدم و طائفة منهم بإهلاك الأمم و طائفة بحمل العرش و طائفة بالطواف حول البيت المعمور و طائفة بالتسبيح و طائفة بالاستغفار للمؤمنين و طائفة بتنعيم أهل الجنة و طائفة بتعذيب أهل النار و التعبد لهم بذلك ليثيبهم عليها و لم يتعبد الله الملائكة بذلك عبثا كما لم يتعبد البشر و الجن بما تعبدهم به لعبا بل تعبد الكل للجزاء و ما تقتضيه الحكمة من تعريفهم نفسه تعالى و التزامهم شكر النعمة عليهم و قد كان الله تعالى قادرا على أن يفعل العذاب بمستحقه من غير واسطة و ينعم المطيع من غير واسطة لكنه علق ذلك على الوسائط لما ذكرناه و بينا وجه الحكمة فيه و وصفناه و طريق مساءلة الملكين الأموات بعد خروجهم من الدنيا بالوفاة هو السمع و طريق العلم برد الحياة إليهم عند المساءلة هو العقل إذ لا تصح مساءلة الأموات و استخبار الجمادات و إنما يحسن الكلام للحي العاقل لما يكلم به و تقريره و إلزامه بما يقدر عليه مع أنه قد جاء في الخبر أن كل مساءل ترد إليه الحياة عند مساءلتهم ليفهم ما يقال له فالخبر بذلك أكد ما في العقل و لو لم يرد بذلك خبر لكفى حجة العقل فيه على ما بيناه انتهى كلامه رحمه الله. و أقول لما كانت هذه المسألة من أعظم الأصول الإسلامية و قد أكثرت المتفلسفة و الملاحدة الشبه فيها و رام بعض من آمن بلسانه و لم يؤمن بقلبه تأويلها و تحريفها
أطنبت الكلام فيها بعض الإطناب و أرجو من فضل ربي أن يوفقني لأن أعمل في ذلك رسالة مفردة عن هذا الكتاب و الله الموفق لكل خير و صواب و قد أثبتنا الأخبار النافعة في هذا المقصد الأقصى في باب الاحتضار و باب الجريدتين و باب الدفن و باب التلقين و غيرها من أبواب الجنائز و باب أحوال أولاد آدم و أبواب معجزات الأئمة ع و غرائب أحوالهم و سيأتي خبر طويل في تكلم سلمان مع بعض الأموات في باب أحواله رضي الله عنه و سيأتي في أكثر الأبواب ما يناسب الباب لا سيما في باب فضل فاطمة بنت أسد رضي الله عنها و باب فضل ليلة الجمعة و يومها و أبواب المواعظ و أبواب فضائل الأعمال و غيرها مما تطول الإشارة إليها فكيف ذكرها