الآيات البقرة هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَ الْمَلائِكَةُ وَ قُضِيَ الْأَمْرُ وَ إِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ آل عمران يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَ ما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَ بَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَ يُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ و قال وَ مَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ الأنعام وَ لَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَ تَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ وَ ما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَ ضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ إبراهيم وَ لا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَ أَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ وَ أَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَ نَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَ وَ لَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ وَ سَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَ تَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ وَ ضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ وَ قَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَ عِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَ إِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ وَ بَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ وَ تَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ وَ تَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ النحل يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها وَ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ الكهف وَ إِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً طه وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً لا تَرى فِيها عِوَجاً وَ لا أَمْتاً يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ وَ خَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ رَضِيَ لَهُ قَوْلًا يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ وَ لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً وَ عَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَ قَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً وَ مَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلْماً وَ لا هَضْماً الأنبياء يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ الحج يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَ تَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَ تَرَى النَّاسَ سُكارى وَ ما هُمْ بِسُكارى وَ لكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ النور يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصارُ الروم وَ يَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ وَ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ الْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ وَ لكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَ لا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ المؤمن لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِ يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَ لا شَفِيعٍ يُطاعُ يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَ ما تُخْفِي الصُّدُورُ وَ اللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ القمر يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ الرحمن يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ وَ نُحاسٌ فَلا تَنْتَصِرانِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَ لا جَانٌّ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَ الْأَقْدامِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ الواقعة إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ خافِضَةٌ رافِعَةٌ إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا وَ بُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا وَ كُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ
القلم يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَ يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَ قَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَ هُمْ سالِمُونَ الحاقة فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ وَ حُمِلَتِ الْأَرْضُ وَ الْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ وَ انْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ وَ الْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ قُطُوفُها دانِيَةٌ كُلُوا وَ اشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ وَ أَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ وَ لَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ وَ لا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ وَ لا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ المعارج يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ وَ تَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ وَ لا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ وَ صاحِبَتِهِ وَ أَخِيهِ وَ فَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ كَلَّا إِنَّها لَظى نَزَّاعَةً لِلشَّوى تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَ تَوَلَّى وَ جَمَعَ فَأَوْعى و قال تعالى فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَ يَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ المزمل يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَ الْجِبالُ وَ كانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلًا و قال تعالى فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا القيامة يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ وَ خَسَفَ الْقَمَرُ وَ جُمِعَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ كَلَّا لا وَزَرَ إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَ أَخَّرَ بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَ لَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ الدهر إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَ يَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلًا المرسلات فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ وَ إِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ وَ إِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ وَ إِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ لِيَوْمِ الْفَصْلِ وَ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ و قال تعالى هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ وَ لا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ النبأ إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً وَ فُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً وَ سُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً و قال تعالى رَبِّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ وَ يَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً النازعات فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى وَ بُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى عبس فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ وَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ تَرْهَقُها قَتَرَةٌ أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ كورت إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ وَ إِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ وَ إِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ وَ إِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ وَ إِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ وَ إِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ وَ إِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ وَ إِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ وَ إِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ وَ إِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ وَ إِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ
الانفطار إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ وَ إِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ وَ إِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ وَ إِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَ أَخَّرَتْ يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ وَ إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ وَ إِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ وَ ما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ وَ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَ الْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ الانشقاق إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ وَ أَذِنَتْ لِرَبِّها وَ حُقَّتْ وَ إِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ وَ أَلْقَتْ ما فِيها وَ تَخَلَّتْ وَ أَذِنَتْ لِرَبِّها وَ حُقَّتْ يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً وَ يَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً وَ أَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً وَ يَصْلى سَعِيراً إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ بَلى إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً الزلزال إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها وَ قالَ الْإِنْسانُ ما لَها يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ القارعة الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ وَ ما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ وَ تَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ تفسير قال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ أي هل ينتظر هؤلاء المكذبون بآيات الله إلا أن يأتيهم أمر الله و ما توعدهم به على معصيته في ستر من السحاب و قيل قطع من السحاب و هذا كما يقال قتل الأمير فلانا و ضربه و أعطاه و إن لم يتول شيئا من ذلك بنفسه بل فعل بأمره و قيل معناه ما ينظرون إلا أن يأتيهم جلائل آيات الله غير أنه ذكر نفسه تفخيما للآيات كما يقال دخل الأمير البلد و يراد بذلك جنده و إنما ذكر الغمام ليكون أهول فإن الأهوال تشبه بظلل الغمام و قال الزجاج معناه يأتيهم الله بما وعدهم من الحساب و العذاب كما قال فَأَتاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَ الْمَلائِكَةُ أي يأتيهم الملائكة وَ قُضِيَ الْأَمْرُ أي فرغ من الأمر و هو المحاسبة و إنزال أهل الجنة الجنة و أهل النار النار وَ إِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ أي إليه ترد الأمور في سؤاله عنها و مجازاته عليها. و في قوله تعالى يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً اختلف في كيفية وجود العمل محضرا فقيل تجد صحائف الحسنات و السيئات و قيل ترى جزاء عملها من الثواب و العقاب فأما أعمالهم فهي أعراض قد بطلت لا يجوز عليها الإعادة فتستحيل أن ترى محضرة. و في قوله أَمَداً بَعِيداً أي غاية بعيدة أي تود أنها لم تكن فعلتها. و في قوله تعالى يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ معناه أنه يأتي به حاملا على ظهره
كما روي في حديث طويل ألا لا يغلن أحد بعيرا فيأتي به على ظهره يوم القيامة له رغاء ألا لا يغلن أحد فرسا فيأتي يوم القيامة به على ظهره له حمحمة فيقول يا محمد يا محمد فأقول قد بلغت قد بلغت قد بلغت فلا أملك لك من الله شيئا
و قال البلخي يجوز أن يكون ما تضمنه الخبر على وجه المثل كأن الله إذا فضحه يوم القيامة جرى ذلك مجرى أن يكون حاملا له و له صوت و الأولى أن يكون معناه و من يغلل يوافى بما غل يوم القيامة فيكون حمل غلوله على عنقه أمارة يعرف بها و ذلك حكم الله في كل من وافى يوم القيامة بمعصية لم يتب منها و أراد الله سبحانه أن يعامله بالعدل أظهر عليه من معصيته علامة تليق بمعصيته ليعلمه أهل القيامة بها و يعلموا سبب استحقاقه العقوبة و كذا كل من وافى القيامة بطاعة فإنه سبحانه يظهر من طاعته علامة يعرف بها. و في قوله تعالى وَ لَقَدْ جِئْتُمُونا قيل هذا من كلام الله تعالى إما عند الموت أو البعث و قيل من كلام الملائكة يؤدونه عن الله تعالى إلى الذين يقبضون أرواحهم فُرادى أي وحدانا لا مال لهم و لا خول و لا ولد و لا حشم و قيل واحدا واحدا على حدة و قيل كل واحد منهم منفرد من شريكه في الغي كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أي في بطون أمهاتكم فلا ناصر لكم و لا معين
و قيل معناه ما روي عن النبي ص أنه قال يحشرون حفاة عراتا غرلا
و الغرل هم الغلف و روي أن عائشة قالت لرسول الله ص حين سمعت ذلك وا سوأتاه أ ينظر بعضهم إلى سوءة بعض من الرجال و النساء فقال ع لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ و يشغل بعضهم عن بعض
و قال الزجاج معناه كما بدأناكم أول مرة أي يكون بعثكم كخلقكم وَ تَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ أي ملكناكم في الدنيا وَراءَ ظُهُورِكُمْ أي خلف ظهوركم في الدنيا وَ ما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ أي ليس معكم من كنتم تزعمون أنهم يشفعون لكم عند الله يوم القيامة و هي الأصنام الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ معناه زعمتم أنهم شركاؤنا فيكم و شفعاؤكم و هذا عام في كل من عبد غير الله تعالى أو اعتمد غيره يرجو خيره و يخاف ضيره في مخالفة الله تعالى لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ أي وصلكم و جمعكم و من قرأ بالنصب فمعناه لقد تقطع الأمر بينكم أو تقطع وصلكم بينكم وَ ضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ أي ضاع و تلاشى و لا تدرون أين ذهب من جعلتم شفعاءكم من آلهتكم و لم تنفعكم عبادتها و قيل ما تزعمون من عدم البعث و الجزاء. و في قوله تعالى إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ أي إنما يؤخر مجازاتهم إلى يوم القيامة و هو اليوم الذي يكون فيه الأبصار شاخصة عن مواضعها لا تغمض لهول ما ترى في ذلك اليوم و لا تطرف و قيل تشخص أبصارهم إلى إجابة الداعي حين يدعوهم مُهْطِعِينَ أي مسرعين و قيل يريد دائمي النظر إلى ما يرون لا يطرفون مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ أي رافعي رءوسهم إلى السماء حتى لا يرى الرجل مكان قدمه من شدة رفع الرأس و ذلك من هول يوم القيامة و قال مورخ معناه ناكسي رءوسهم بلغة قريش لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ أي لا ترجع إليهم أعينهم و لا يطبقونها و لا يغمضونها و إنما هو نظر دائم وَ أَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ أي قلوبهم خالية من كل شيء فزعا و خوفا و قيل خالية من كل سرور و طمع في الخير لشدة ما يرون من الأهوال كالهواء الذي بين السماء و الأرض و قيل زائلة عن مواضعها قد ارتفعت إلى حلوقهم لا تخرج و لا تعود إلى أماكنها بمنزلة الشيء الذاهب في جهات مختلفة المتردد في الهواء و قيل خالية عن عقولهم وَ أَنْذِرِ النَّاسَ أي دم على إنذارك يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ و هو يوم القيامة أو عذاب الاستيصال في الدنيا و قيل هو يوم المعاينة عند الموت و الأول أظهر فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أنفسهم بارتكاب المعاصي رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ أي ردنا إلى الدنيا و اجعل ذلك مدة قريبة نجب دعوتك فيها وَ نَتَّبِعِ الرُّسُلَ أي نتبع رسلك فيما يدعوننا إليه فيقول الله مخاطبا لهم أو تقول الملائكة بأمره أَ وَ لَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ أي حلفتم مِنْ قَبْلُ في الدنيا ما لَكُمْ مِنْ زَوالٍ أي ليس لكم من انتقال من الدنيا إلى الآخرة أو من الراحة إلى العذاب و في هذا دلالة على أن أهل الآخرة غير مكلفين خلافا لما يقوله النجار و جماعة لأنهم لو كانوا مكلفين لما كان لقولهم أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ وجه و لكان ينبغي لهم أن يؤمنوا فيتخلصوا من العقاب إذا كانوا مكلفين وَ سَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَ تَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ هذا توبيخ لهم و تعنيف أي و سكنتم ديار من كذب الرسل قبلكم فأهلكهم الله فعرفتم ما نزل بهم من البلاء و الهلاك و العذاب وَ ضَرَبْنا لَكُمُ الْأَمْثالَ و بينا لكم الأشباه و أخبرناكم بأحوال الماضين قبلكم لتعتبروا بها فلم تعتبروا و قيل الأمثال ما ذكر في القرآن مما يدل على أنه تعالى قادر على الإعادة كما أنه قادر على الإنشاء و قيل هي الأمثال المنبهة على الطاعة الزاجرة عن المعصية وَ قَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ أي بالأنبياء قبلك و قيل عنى بهم كفار قريش الذين دبروا في أمر النبي ص و مكروا بالمؤمنين وَ عِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ أي جزاء مكرهم وَ إِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ أي إن مكرهم و إن بلغ كل مبلغ فلا يزيل دين الله فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ أي ما وعدهم به من النصر و الظفر إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ أي ممتنع بقدرته من أن ينال باهتضام ذُو انتِقامٍ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ قيل فيه قولان أحدهما أن المعنى تبدل صورة الأرض و هيأتها عن ابن عباس فقد روي عنه أنه قال تبدل آكامها و آجامها و جبالها و أشجارها و الأرض على حالتها و تبقى أرضا بيضاء كالفضة لم يسفك عليها دم و لم تعمل عليها خطيئة و تبدل السماوات فيذهب بشمسها و قمرها و نجومها و كان ينشد.
فما الناس بالناس الذين عهدتهم و لا الدار بالدار التي كنت أعرف
و يعضده ما رواه أبو هريرة عن النبي ص قال يبدل الله الأرض غير الأرض و السماوات فيبسطها و يمدها مد الأديم العكاظي لا تَرى فِيها عِوَجاً وَ لا أَمْتاً ثم يزجر الله الخلق زجرة فإذا هم في هذه المبدلة في مثل مواضعهم من الأولى ما كان في بطنها كان في بطنها و ما كان على ظهرها على ظهرها
و الآخر أن المعنى تبدل الأرض و تنشأ أرض غيرها و السماوات كذلك تبدل بغيرها و تفنى هذه عن الجبائي و جماعة من المفسرين
و في تفسير أهل البيت ع بالإسناد عن زرارة و محمد بن مسلم و حمران بن أعين عن أبي جعفر و أبي عبد الله ع قالا تبدل الأرض خبزة نقية يأكل الناس منها حتى يفرغ من الحساب قال الله تعالى وَ ما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ و هو قول سعيد بن جبير و محمد بن كعب
و روى سهل بن سعيد الساعدي عن النبي ص قال تحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي ليس فيها معلم لأحد
و روي عن ابن مسعود أنه قال تبدل الأرض بنار فتصير الأرض كلها نارا يوم القيامة و الجنة من ورائها ترى كواعبها و أكوابها و يلجم الناس العرق و لم يبلغوا الحساب بعد
و قال كعب تصير السماوات جنانا و تصير مكان البحر النار و تبدل الأرض غيرها.
و روي عن أبي أيوب الأنصاري قال أتى رسول الله ص حبر من اليهود فقال أ رأيت إذ يقول الله في كتابه يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ فأين الخلق عند ذلك فقال أضياف الله فلن يعجزهم ما لديه
و قيل تبدل الأرض لقوم بأرض الجنة و لقوم بأرض النار و قال الحسن يحشرون على الأرض الساهرة و هي أرض غير هذه و هي أرض الآخرة و فيها تكون جهنم و تقدير الكلام و تبدل السماوات غير السماوات إلا أنه حذف لدلالة الظاهر عليه. وَ بَرَزُوا لِلَّهِ أي يظهرون من قبورهم للمحاسبة لا يسترهم شيء و جعل ذلك بروزا لله تعالى لأن حسابهم معه و إن كانت الأشياء كلها بارزة له الْواحِدِ الذي لا شبيه له و لا نظير الْقَهَّارِ المالك الذي لا يضام يقهر عباده بالموت الزوام وَ تَرَى الْمُجْرِمِينَ يعني الكفار يَوْمَئِذٍ أي يوم القيامة مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ أي مجموعين في الأغلال قربت أيديهم بها إلى أعناقهم و قيل يقرن بعضهم إلى بعض و قيل مشدودين في قرن أي حبل من الأصفاد و القيود و قيل يقرن كل كافر مع شيطان كان يضله في غل من حديد سَرابِيلُهُمْ أي قميصهم مِنْ قَطِرانٍ و هو ما يطلى به الإبل شيء أسود لزج منتن يطلون به فيصير كالقميص عليهم ثم يرسل النار فيهم ليكون أسرع إليهم و أبلغ في الاشتعال و أشد في العذاب و قرأ زيد عن يعقوب من قطر آن على كلمتين منونتين و هو قراءة أبي هريرة و ابن عباس و سعيد بن جبير و الكلبي و قتادة و عيسى الهمداني و الربيع قال ابن جني القطر الصفر و النحاس و الآن الذي بلغ غاية الحر و جوز الجبائي على القراءتين أن يسربلوا بسربالين أحدهما من القطران و الآخر من القطر الآني وَ تَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ أي تصيب وجوههم النار لا قطران عليها. و في قوله عز و جل تُجادِلُ عَنْ نَفْسِها أي تخاصمه الملائكة عن نفسها و تحتج بما ليس فيه حجة فيقول وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ و يقول أتباعهم رَبَّنا هؤُلاءِ أَضَلُّونا فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ و يحتمل أن يكون المراد أنها تحتج عن نفسها بما تقدر به إزالة العقاب عنها. و في قوله تعالى وَ إِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً معناه و إنا مخربون الأرض بعد عمارتها و جاعلون ما عليها مستويا من الأرض يابسا لا نبات عليه و قيل بلاقع. و في قوله تعالى وَ يَسْئَلُونَكَ أي و يسألك منكرو البعث عند ذكر القيامة عَنِ الْجِبالِ ما حالها فَقُلْ يا محمد يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً أي يجعلها ربي بمنزلة الرمل يرسل عليها الرياح فتذريها كتذرية الطعام من القشور و التراب فلا يبقى على وجه الأرض منها شيء و قيل يصيرها كالهباء
و قيل إن رجلا من ثقيف سأل النبي ص كيف تكون الجبال يوم القيامة مع عظمها فقال إن الله يسوقها بأن يجعلها كالرمال
ثم يرسل عليها الرياح فتفرقها فَيَذَرُها أي فيدع أماكنها من الأرض إذا نسفتها قاعاً أي أرضا ملسا و قيل منكشفة صَفْصَفاً أي أرضا مستوية ليس للجبل فيها أثر و قيل القاع و الصفصف بمعنى واحد و هو المستوي من الأرض الذي لا نبات فيه عن ابن عباس و مجاهد لا تَرى فِيها عِوَجاً وَ لا أَمْتاً أي ليس فيها مرتفع و لا منخفض قال الحسن العوج ما انخفض من الأرض و الأمت ما ارتفع من الروابي يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ أي يوم القيامة يتبعون صوت داعي الله الذي ينفخ في الصور لا عِوَجَ لَهُ أي لدعاء الداعي و لا يعدل عن أحد بل يحشرهم جميعا و قيل معناه لا عوج لهم عن دعائه و لا يعدلون عن ندائه بل يتبعونه سراعا وَ خَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ أي خضعت الأصوات بالسكوت لعظمة الرحمن فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً و هو صوت الأقدام أي لا تسمع من صوت أقدامهم إلا صوتا خفيا كما يسمع من وطء الإبل و قيل الهمس إخفاء الكلام و قيل معناه أن الأصوات العالية بالأمر و النهي في الدنيا تنخفض و تذل أصحابها فلا تسمع منهم إلا الهمس. يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ أي لا تنفع ذلك اليوم شفاعة أحد في غيره إلا شفاعة من أذن الله له في أن يشفع و رضي قوله فيها من الأنبياء و الأولياء و الصالحين و الصديقين و الشهداء يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَ ما خَلْفَهُمْ و الضمير راجع إلى الذين يتبعون الداعي أي يعلم سبحانه منهم جميع أقوالهم و أفعالهم قبل أن يخلفهم و بعد أن خلقهم و ما كان في حياتهم و بعد مماتهم لا يخفى عليه شيء من أمورهم تقدم أو تأخر و قيل يعلم ما بين أيديهم من أحوال الآخرة و ما خلفهم من أحوال الدنيا وَ لا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً أي لا يحيطون هم بالله علما أي بمقدوراته و معلوماته أو بكنه عظمته في ذاته و أفعاله وَ عَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ أي خضعت و ذلت خضوع الأسير في يد من قهره و المراد أرباب الوجوه و قيل المراد بالوجوه الرؤساء و القادة و الملوك وَ قَدْ خابَ عن ثواب الله مَنْ حَمَلَ ظُلْماً أي شركا وَ مَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ أي شيئا من الطاعات وَ هُوَ مُؤْمِنٌ مصدق بما يجب التصديق به فَلا يَخافُ ظُلْماً بأن يزاد في سيئاته وَ لا هَضْماً بأن ينقص من حسناته و الهضم النقص. و في قوله عز و جل يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ المراد بالطي هاهنا هو الطي المعروف فإن الله سبحانه يطوي السماء بقدرته و قيل إن طي السماء ذهابها كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ السجل صحيفة فيها الكتب عن ابن عباس و غيره و قيل إن السجل ملك يكتب أعمال العباد عن أبي عمرو و السدي و قيل هو ملك يطوي كتب بني آدم إذا رفعت إليه عن عطاء و قيل هو اسم كاتب كان للنبي ص كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ أي حفاة عراتا غرلا و قيل معناه نهلك كل شيء كما كان أول مرة. و في قوله تعالى سبحانه يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ أي عذابه إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ أي زلزلة الأرض يوم القيامة و المعنى أنها تقارن قيام الساعة و تكون معها
و قيل إن هذه الزلزلة قبل قيام الساعة و إنما أضافها إليها لأنها من أشراطها شَيْءٌ عَظِيمٌ أي أمر هائل لا يطاق و قيل إن معناه أن شدة يوم القيامة أمر صعب يَوْمَ تَرَوْنَها أي الزلزلة أو الساعة تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ أي تشغل عن ولدها و تنساه و قيل تسلو عن ولدها وَ تَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها أي تضع الحبالى ما في بطونهن و في هذا دلالة على أن الزلزلة في الدنيا قال الحسن تذهل المرضعة عن ولدها بغير فطام و تضع الحامل ما في بطنها بغير تمام و من قال المراد به القيامة قال إنه تهويل لأمر القيامة و شدائدها أي لو كان ثم مرضعة لذهلت أو حامل لوضعت وَ تَرَى النَّاسَ سُكارى من شدة الفزع وَ ما هُمْ بِسُكارى من الشراب وَ لكِنَّ عَذابَ اللَّهِ شَدِيدٌ فمن شدته يصيبهم ما يصيبهم. و في قوله تعالى يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَ الْأَبْصارُ أراد يوم القيامة تتقلب فيه أحوال القلوب و الأبصار و تنتقل من حال إلى حال فتلفحها النار ثم تنضجها ثم تحرقها و قيل تتقلب فيه القلوب و الأبصار بين الطمع في النجاة و الخوف من الهلاك و تتقلب الأبصار يمنة و يسرة من أين تؤتى كتبهم و من أين يؤخذ بهم أ من قبل اليمين أم من قبل الشمال و قيل تتقلب القلوب ببلوغها الحناجر و الأبصار بالعمى بعد البصر و قيل معناه تنتقل القلوب من الشك إلى اليقين و الإيمان و الأبصار عما كانت تراه غيا فتراه رشدا فمن كان شاكا في دنياه أبصر في آخرته و من كان عالما ازداد بصيرة و علما. و في قوله تعالى يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ أي يحلف المشركون ما لَبِثُوا في القبور غَيْرَ ساعَةٍ واحدة عن الكلبي و مقاتل و قيل يحلفون ما مكثوا في الدنيا غير ساعة لاستقلالهم مدة الدنيا و قيل يحلفون ما لبثوا بعد انقطاع عذاب القبر غير ساعة عن الجبائي و متى قيل كيف يحلفون كاذبين مع أن معارفهم في الآخرة ضرورية قيل فيه أقوال أحدها أنهم حلفوا على الظن و لم يعلموا لبثهم في القبور فكأنهم قالوا ما لبثنا غير ساعة في ظنوننا و ثانيها أنهم استقلوا الدنيا لما عاينوا من أمر الآخرة فكأنهم قالوا ما الدنيا في الآخرة إلا ساعة و ثالثها أن ذلك يجوز أن يقع منهم قبل إكمال عقولهم كَذلِكَ كانُوا يُؤْفَكُونَ في دار الدنيا أي يكذبون و قيل يصرفون صرفهم جهلهم عن الحق في الدارين و من استدل بهذه الآية على نفي عذاب القبر فقد أبعد لما بينا أنه يجوز أن يريدوا أنهم لم يلبثوا بعد عذاب الله إلا ساعة وَ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ الْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ أي مكثتم فِي كِتابِ اللَّهِ معناه أن لبثكم ثابت في كتاب الله أثبته الله فيه و هو قوله وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ و هذا كما يقال إن كل ما يكون فهو في اللوح المحفوظ أي هو مثبت فيه و المراد لقد لبثتم في قبوركم إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ و قيل إن الذين أوتوا العلم و الإيمان هم الملائكة و قيل هم الأنبياء و قيل المؤمنون و قيل إن هذا على التقديم و تقديره و قال الذين أوتوا العلم في كتاب الله و هم الذين يعلمون كتاب الله و الإيمان لقد لبثتم إلى يوم البعث فَهذا يَوْمُ الْبَعْثِ الذي كنتم تنكرونه في الدنيا وَ لكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ وقوعه في الدنيا فلا ينفعكم العلم به الآن و يدل على هذا المعنى قوله فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أنفسهم بالكفر مَعْذِرَتُهُمْ فلا يمكنون من الاعتذار و لو اعتذروا لم يقبل عذرهم وَ لا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ أي لا يطلب منهم الإعتاب و الرجوع إلى الحق. و في قوله سبحانه لِيُنْذِرَ أي النبي بما أوحي إليه يَوْمَ التَّلاقِ يلتقي في ذلك اليوم أهل السماء و أهل الأرض و قيل يلتقي فيه الأولون و الآخرون و الخصم و المخصوم و الظالم و المظلوم و قيل يلتقي الخلق و الخالق يعني أنه يحكم بينهم و قيل يلتقي المرء و عمله و الكل مراد يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ من قبورهم و قيل يبرز بعضهم لبعض فلا يخفى على أحد حال غيره لأنه ينكشف له ما يكون مستورا لا يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ أي من أعمالهم و أحوالهم و يقول الله في ذلك اليوم لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ فيقر المؤمنون و الكافرين بأنه لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ و قيل إنه سبحانه هو القائل لذلك و هو المجيب لنفسه و يكون في الأخبار بذلك مصلحة للمكلفين قال محمد بن كعب القرطي
يقول الله تعالى ذلك بين النفختين حين يفنى الخلائق كلها ثم يجيب نفسه لأنه بقي وحده و الأول أصح لأنه بين أنه يقول ذلك يوم التلاق يوم يبرز العباد من قبورهم و إنما خص ذلك اليوم بأن له الملك فيه لأنه قد ملك العباد بعض الأمور في الدنيا و لا يملك أحد شيئا ذلك اليوم. فإن قيل أ ليس يملك الأنبياء و المؤمنون في الآخرة الملك العظيم فالجواب أن أحدا لا يستحق إطلاق الصفة بالملك إلا الله تعالى لأنه يملك جميع الأمور من غير تمليك مملك و قيل إن المراد به يوم القيامة قبل تمليك أهل الجنة ما يملكهم الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ يجزى المحسن بإحسانه و المسيء بإساءته و في الحديث أن الله تعالى يقول أنا الملك أنا الديان لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة و لا لأحد من أهل النار أن يدخل النار و عنده مظلمة حتى أقصه منه ثم تلا هذه الآية لا ظُلْمَ الْيَوْمَ أي لا ظلم لأحد على أحد و لا ينقص من ثواب أحد و لا يزاد في عقاب أحد إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ لا يشغله محاسبة واحد عن محاسبة غيره وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ أي الدانية و هو يوم القيامة لأن كل ما هو آت دان قريب و قيل يوم دنو المجازاة إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ و ذلك أنها تزول عن مواضعها من الخوف حتى تصير إلى الحنجرة كاظِمِينَ أي مغمومين مكروبين ممتلين غما قد أطبقوا أفواههم على ما في قلوبهم من شدة الخوف ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ يريد ما للمشركين و المنافقين من قريب ينفعهم وَ لا شَفِيعٍ يُطاعُ فيهم فتقبل شفاعته يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ أي خيانتها و هي مسارقة النظر إلى ما لا يحل النظر إليه وَ ما تُخْفِي الصُّدُورُ و يعلم ما تضمره الصدور وَ اللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ أي يفصل بين الخلائق بالحق وَ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ من الأصنام لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ لأنها جماد. و في قوله تعالى يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ أي منكر غير معتاد و لا معروف بل أمر فظيع لم يروا مثله فينكرونه استعظاما و اختلف في الداعي فقيل هو إسرافيل يدعو الناس إلى الحشر قائما على صخرة بيت المقدس و قيل بل الداعي يدعوهم إلى النار و يوم ظرف ليخرجون و يجوز أن يكون التقدير في هذا اليوم يقول الكافرون خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ أي ذليلة خاضعة عند رؤية العذاب و إنما وصف الأبصار بالخشوع لأن ذلة الذليل و عزة العزيز تتبين في نظره و تظهر في عينه يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ أي من القبور كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ و المعنى أنهم يخرجون فزعين يدخل بعضهم في بعض و يختلط بعضهم ببعض لا جهة لأحد منهم فيقصدها كما أن الجراد لا جهة لها فتكون أبدا متفرقة في كل جهة و قيل إنما شبههم بالجراد في كثرتهم و في هذه الآية دلالة على أن البعث إنما يكون لهذه البنية لأنها الكائنة في الأجداث خلافا لمن زعم أن البعث يكون للأرواح مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ أي مقبلين إلى صوت الداعي و قيل مسرعين إلى إجابة الداعي و قيل ناظرين قبل الداعي قائلين هذا يَوْمٌ عَسِرٌ أي صعب شديد. و في قوله تعالى يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا أي تخرجوا هاربين من الموت يقال نفذ الشيء من الشيء إذا خلص منه كالسهم ينفذ من الرمية مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أي جوانبهما و نواحيهما فَانْفُذُوا أي فأخرجوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ أي حيث توجهتم فثم ملكي و لا تخرجون من سلطاني فأنا آخذكم بالموت و قيل لا تنفذون إلا بقدرة من الله و قوة يعطيكموها بأن يخلق لكم مكانا آخر سوى السماوات و الأرض و يجعل لكم قوة تخرجون بها إليه و قيل المعنى إن استطعتم أن تعلموا ما في السماوات و الأرض فاعلموا أنه لا يمكنكم ذلك لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ أي لا تعلمون إلا بحجة و بيان و قيل لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ معناه حيث ما نظرتم شاهدتم حجة الله و سلطانه الذي يدل على توحيده
يُرْسَلُ عَلَيْكُما شُواظٌ مِنْ نارٍ هو اللهب الأخضر المنقطع من النار وَ نُحاسٌ هو الصفر المذاب للعذاب و قيل النحاس الدخان و قيل المهل و المعنى لا تنفذون و لو جاز أن تنفذوا و قدرتم عليه لأرسل عليكم العذاب من النار المحرقة و قيل معناه أنه يقال لهم ذلك يوم القيامة يُرْسَلُ عَلَيْكُما أي على من أشرك منكما و قد جاء في الخبر يحاط على الخلق بالملائكة و بلسان من نار ثم ينادون يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ إلى قوله شُواظٌ مِنْ نارٍ و
روى مسعدة بن صدقة عن كليب قال كنا عند أبي عبد الله ع فأنشأ يحدثنا فقال إذا كان يوم القيامة جمع الله العباد في صعيد واحد و ذلك أنه يوحي إلى السماء الدنيا أن اهبطي بمن فيك فيهبط أهل السماء الدنيا بمثلي من في الأرض من الجن و الإنس و الملائكة ثم يهبط أهل السماء الثانية بمثل الجميع مرتين فلا يزالون كذلك حتى يهبط أهل سبع سماوات فيصير الجن و الإنس في سبع سرادقات من الملائكة ثم ينادي مناد يا معشر الجن و الإنس إِنِ اسْتَطَعْتُمْ الآية فينظرون فإذا قد أحاط بهم سبع أطواق من الملائكة
و قوله فَلا تَنْتَصِرانِ أي فلا تقدران على دفع ذلك عنكما و عن غيركما فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ يعني يوم القيامة إذا انصدعت السماء و انفك بعضها من بعض فَكانَتْ وَرْدَةً أي فصارت حمراء كلون الفرس الورد و هو الأبيض الذي يضرب إلى الحمرة أو الصفرة فيكون في الشتاء أحمر و في الربيع أصفر و في اشتداد البرد أغبر سبحانه خالقها و المصرف لها كيف يشاء و الوردة واحدة الورد فشبه السماء يوم القيامة في اختلاف ألوانها بذلك و قيل أراد به وردة النبات و هي حمراء و قد تختلف ألوانها و لكن الأغلب في ألوانها الحمرة لتصير السماء كالوردة في الاحمرار ثم تجري كَالدِّهانِ و هو جمع الدهن عند انقضاء الأمر و تناهي المدة قال الحسن هي كالدهان التي تصب بعضها بألوان مختلفة قال الفراء شبه تلون السماء بتلون الوردة من الخيل و شبه الوردة في اختلافه بالدهن و اختلاف ألوانه و قيل الدهان الأديم الأحمر و قيل هو عكر الزيت يتلون ألوانا فَيَوْمَئِذٍ يعني يوم القيامة لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَ لا جَانٌّ أي لا يسأل المجرم عن جرمه في ذلك الموطن لما يلحقه من الذهول الذي تحار له العقول و إن وقعت المسألة في غير ذلك الوقت بدلالة قوله وَ قِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ و قيل المعنى لا يسألان سؤال الاستفهام ليعرف ذلك بالمسألة من جهته لأن الله تعالى قد أحصى الأعمال و حفظها على العباد و إنما يسألون سؤال تقريع و توبيخ للمحاسبة و قيل إن أهل الجنة حسان الوجوه و أهل النار سود الوجوه فلا يسألون من أي الحزبين هم و لكن يسألون سؤال تقريع.
و روي عن الرضا ع أنه قال فيومئذ لا يسئل منكم عن ذنبه إنس و لا جان و المعنى أن من اعتقد الحق ثم أذنب و لم يتب في الدنيا عذب عليه في البرزخ و يخرج يوم القيامة و ليس له ذنب يسأل عنه
يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ أي بعلامتهم و هي سواد الوجوه و زرقة العيون و قيل بأمارات الخزي فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَ الْأَقْدامِ فتأخذهم الزبانية فتجمع بين نواصيهم و أقدامهم بالغل ثم يسحبون إلى النار و يقذفون فيها. و في قوله تعالى إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ أي إذا قامت القيامة سميت بها لكثرة ما يقع فيها من الشدة أو لشدة وقعتها لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ أي ليس لمجيئها و ظهورها كذب و قيل أي ليس لوقعتها قضية كاذبة أي ثبت وقوعها بالسمع و العقل خافِضَةٌ رافِعَةٌ أي تخفض ناسا و ترفع آخرين و قيل تخفض أقواما إلى النار و ترفع أقواما إلى الجنة إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا أي حركت حركة شديدة و زلزلت زلزالا شديدا و قيل معناه رجت بما فيها كما يرج الغربال بما فيه فتخرج من في بطنها من الموتى وَ بُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا أي فتت فتا و قيل أي كسرت كسرا و قيل قلعت من أصلها و قيل سيرت من وجه الأرض تسييرا و قيل بسطت بسطا كالرمل و التراب و قيل جعلت كَثِيباً مَهِيلًا بعد أن كانت شامخة طويلة فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا أي غبارا متفرقا كالذي يرى في شعاع الشمس إذا دخل من الكوة وَ كُنْتُمْ أَزْواجاً أي أصنافا ثَلاثَةً فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ يعني اليمين و هم الذين يعطون كتبهم بأيمانهم و قيل الذين يؤخذ بهم ذات اليمين إلى الجنة و قيل هم أصحاب اليمن و البركة ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ أي أي شيء هم كما يقال هم ما هم وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ هم الذين يعطون كتبهم بشمالهم أو يؤخذ بهم ذات الشمال إلى النار و قيل هم المشائم على أنفسهم وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أي و السابقون إلى اتباع الأنبياء الذين صاروا أئمة الهدى هم السابقون إلى جزيل الثواب عند الله و قيل السابقون إلى طاعة الله هم السابقون إلى رحمته فالسابقون الثاني خبر الأول و يحتمل أن يكون تأكيدا للأول و الخبر أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ. و في قوله تعالى فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ و هي النفخة الأولى و قيل الثانية وَ حُمِلَتِ الْأَرْضُ وَ الْجِبالُ أي رفعت من أماكنها فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً أي كسرتا كسرة واحدة لا تثنى حتى يستوي ما عليها من شيء مثل الأديم الممدود و قيل ضرب بعضها ببعض حتى تفتتت الجبال و نسفتها الرياح و بقيت الأرض شيئا واحدا لا جبل فيها و لا رابية بل تكون قطعة مستوية و إنما قال دكتا لأنه جعل الأرض جملة واحدة و الجبال جملة واحدة فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْواقِعَةُ أي قامت القيامة وَ انْشَقَّتِ السَّماءُ أي انفرج بعضها من بعض فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ أي شديدة الضعف بانتقاض أبنيتها و قيل هو أن السماء تنشق بعد صلابتها فتصير بمنزلة الصوف في الوهن و الضعف وَ الْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها أي على أطرافها و نواحيها و الملك اسم يقع على الواحد و الجمع و السماء مكان الملائكة فإذا وهت صارت في نواحيها و قيل إن الملائكة يومئذ على جوانب السماء تنتظر ما يؤمر به في أهل النار و أهل الجنة وَ يَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يعني فوق الخلائق يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ من الملائكة.
و روي عن النبي ص أنهم اليوم أربعة فإذا كان يوم القيامة أيدهم بأربعة أخرى فيكونون ثمانية
و قيل ثمانية صفوف لا يعلم عددهم إلا الله تعالى عن ابن عباس يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ يعني يوم القيامة تعرضون معاشر المكلفين لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ أي نفس خافية أو فعلة خافية و قيل الخافية مصدر أي خافية أحد و روي في الخبر عن ابن مسعود و قتادة أن الخلق يعرضون ثلاث عرضات ثنتان فيهما معاذير و جدال و الثالثة تطير الصحف من الأيدي فآخذ بيمينه و آخذ بشماله و ليس يعرض الله الخلق ليعلم من حالهم ما لم يعلمه و لكن ليظهر ذلك لخلقه فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ لأهل القيامة هاؤُمُ أي تعالوا اقْرَؤُا كِتابِيَهْ إنما يقوله سرورا بهم لعلمه بأنه ليس فيه إلا الطاعات فلا يستحيي أن ينظر فيه غيره إِنِّي ظَنَنْتُ أي علمت و أيقنت في الدنيا أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ و الهاء لنظم رءوس الآي و هي هاء الاستراحة و المعنى أني كنت مستيقنا في دار الدنيا بأني ألقى حسابي يوم القيامة فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ أي حالة من العيش ذات رضى بمعنى مرضية فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ أي رفيعة القدر و المكان قُطُوفُها دانِيَةٌ أي ثمارها قريبة ممن يتناولها قال البراء بن عازب يتناول الرجل من الثمرة و هو نائم.
و روي عن سلمان قال قال رسول الله ص لا يدخل الجنة أحد إلا بجواز بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ هذا كتاب من الله لفلان بن فلان أدخلوه جنة عالية قُطُوفُها دانِيَةٌ
و قيل معناه لا يرد أيديهم عن ثمرها بعد و لا شوك يقال لهم كُلُوا وَ اشْرَبُوا في الجنة هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ أي قدمتم من أعمالكم الصالحة فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ أي الماضية في الدنيا و يعني بقوله هَنِيئاً أنه ليس فيه ما يؤذي فلا يحتاج فيه إلى إخراج فضل بغائط أو بول وَ أَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ أي صحيفة أعماله بِشِمالِهِ فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ لما يرى فيه من قبائح أعماله وَ لَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ أي و لم أدر أي شيء حسابي يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ الهاء في ليتها كناية عن الحال التي هم فيها و قيل كناية عن الموتة الأولى و القاضية القاطعة للحياة أي ليت الموتة الأولى لم نحي بعدها أو تمنى يومئذ الموت و لم يكن في الدنيا شيء أكره عنده من الموت ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ أي ما دفع عني مالي من عذاب الله شيئا هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ أي ضل عني ما كنت أعتقده حجة أو هلك عني تسلطي و أمري و نهيي في دار الدنيا على ما كنت مسلطا عليه. ثم أخبر سبحانه أنه يقول للملائكة خُذُوهُ فَغُلُّوهُ أي أوثقوه بالغل و هو أن تشد إحدى يديه أو رجليه إلى عنقه بجامعة ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ أي ثم أدخلوا النار العظيمة و ألزموه إياها ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها أي طولها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ أي اجعلوه فيها لأنه يؤخذ عنقه فيها ثم يجر بها قال الضحاك إنما تدخل في فيه و تخرج من دبره فعلى هذا يكون المعنى ثم اسلكوا السلسلة فيه فقلب و قال نوف البكالي كل زراع سبعون باعا الباع أبعد مما بينك و بين مكة و كان في رحبة الكوفة و قال الحسن الله أعلم بأي ذراع هو و قال سويد بن نجيح إن جميع أهل النار كانوا في تلك السلسلة و لو أن حلقة منها وضعت على جبل لذاب من حرها إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ أي لم يكن يوحد الله و لا يصدق به وَ لا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ أي كان يمنع الزكاة و الحقوق الواجبة فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ أي صديق ينفعه وَ لا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ و هو صديد أهل النار و ما يجري منهم و قيل إن أهل النار طبقات فمنهم من طعامه غسلين و منهم من طعامه الزقوم و منهم من طعامه الضريع لأنه قال في موضع آخر لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ و قيل يجوز أن يكون الضريع هو الغسلين لا يَأْكُلُهُ أي هذا الغسلين إِلَّا الْخاطِؤُنَ و هم
الجائزون عن طريق الحق عامدين و الفرق بين الخاطئ و المخطئ أن المخطئ قد يكون من غير تعمد و الخاطئ المذنب المتعمد الجائز عن الصراط المستقيم. و في قوله سبحانه يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ أي كدردي الزيت و قيل كعكر القطران و قيل مثل الفضة إذا أذيبت و قيل مثل الصفر المذاب وَ تَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ أي كالصوف المصبوغ و قيل كالصوف المنفوش و قيل كالصوف الأحمر بمعنى أنها تلين بعد الشدة و تتفرق بعد الاجتماع و قال الحسن إنها أولا تصير كَثِيباً مَهِيلًا ثم تصير عهنا منفوشا ثم هَباءً مَنْثُوراً وَ لا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً لشغل كل إنسان بنفسه عن غيره و قيل لا يسأله عن يتحمل من أوزاره ليأسه من ذلك في الآخرة و قيل معناه أنه لا يحتاج إلى سؤاله لأنه يكون لكل علامة يعرف بها فعلامة الكافرين سواد الوجوه و زرقة العيون و علامة المؤمنين نضارة اللون و بياض الوجوه يُبَصَّرُونَهُمْ أي تعرف الكفار بعضهم بعضا ساعة ثم لا يتعارفون و يفر بعضهم من بعض و قيل يعرفهم المؤمنون فيشمتون بهم و يسرون بعذابهم و قيل يعرف أتباع الضلالة رؤساءهم و قيل إن الضمير يعود إلى الملائكة أي يعرفهم الملائكة و يجعلون بصراء بهم فيسوقون فريقا إلى الجنة و فريقا إلى النار يَوَدُّ الْمُجْرِمُ أي يتمنى العاصي لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ أي يتمنى سلامته من العذاب النازل به بإسلام كل كريم عليه من أولاده الذين هم أعز الناس عليه وَ صاحِبَتِهِ أي زوجته التي كانت سكنا له و ربما آثرها على أبويه وَ أَخِيهِ الذي كان ناصرا له و معينا وَ فَصِيلَتِهِ أي و عشيرته الَّتِي تُؤْوِيهِ في الشدائد و تضمه و يأوي إليها في النسب وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً أي بجميع الخلائق ثُمَّ يُنْجِيهِ ذلك الفداء كَلَّا لا ينجيه ذلك إِنَّها لَظى يعني أن نار جهنم لظى أو القصة لظى نَزَّاعَةً لِلشَّوى و سميت لظى لأنها تتلظى أي تشتعل و تتلهب على أهلها و قيل لظى اسم من أسماء جهنم و قيل هي الدركة الثانية منها و هي نزاعة للشوى تنزع الأطراف فلا تترك لحما و لا جلدا إلا أحرقته و قيل تنزع الجلد و أم الرأس و قيل تنزع الجلد و اللحم عن العظم و قال الكلبي يعني تأكل الدماغ كله ثم يعود كما كان و قال أبو صالح الشوى لحم الساق و قال
سعيد بن جبير العصب و العقب و قال أبو العالية محاسن الوجه تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَ تَوَلَّى يعني النار تدعو إلى نفسها من أدبر عن الإيمان و تولى عن طاعة الله و طاعة رسوله أي لا يفوتها كافر فكأنها تدعوه فيجيئها كرها و قيل إن الله تعالى ينطق النار حتى تدعوهم إليها و قيل معناه تدعو زبانية النار و قيل تدعو أي تعذب رواه المبرد عن الخليل قال يقال دعاك الله أي عذبك. و في قوله كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ أي كأنهم يسعون فيسرعون إلى علم نصب لهم و قيل كأنهم إلى أوثانهم يسعون للتقرب إليها تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ أي تغشاهم. و في قوله سبحانه يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَ الْجِبالُ أي تتحرك باضطراب شديد وَ كانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلًا أي رملا سائلا متناثرا عن ابن عباس و قيل المهيل الذي إذا وطئته القدم زل من تحتها و إذا أخذت أسفله انهار أعلاه و المعنى أن الجبال تنقلع من أصولها فتصير بعد صلابتها كالرمل السائل. و في قوله يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً هو جمع أشيب و هذا وصف لذلك اليوم و شدته كما يقال هذا أمر يشيب منه الوليد و تشيب منه النواصي إذا كان عظيما شديدا و المعنى بأي شيء تتحصنون من عذاب ذلك اليوم إن كفرتم و كيف تدفعون عنكم ذلك السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ الهاء يعود إلى اليوم و المعنى أن السماء تنفطر و تنشق في ذلك اليوم من هوله و قيل بسبب ذلك اليوم و هوله و شدته كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا أي كائنا لا خلف فيه و لا تبديل. و في قوله تعالى فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ أي شخص البصر عند معاينة ملك الموت فلا يطرف من شدة الفزع و قيل إذا فزع و تحير لما يرى من أهوال القيامة و أحوالها وَ خَسَفَ الْقَمَرُ أي ذهب نوره و ضوؤه وَ جُمِعَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ أي جمع بينهما في ذهاب ضوئهما بالخسوف ليتكامل ظلام الأرض على أهلها حتى يراهما كل أحد بغير نور و ضياء و قيل في طلوعهما من المغرب كالبعيرين القرينين يَقُولُ الْإِنْسانُ المكذب بالقيامة يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ أين الفرار و يجوز أن يكون معناه أين موضع الفرار كَلَّا لا وَزَرَ أي لا مهرب و لا ملجأ لهم يلجئون إليه و الوزر ما يتحصن به من جبل أو غيره إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ أي المنتهى أي ينتهي الخلق يومئذ إلى حكمه و أمره فلا حكم و لا أمر لأحد غيره و قيل المستقر المكان الذي يستقر فيه المؤمن و الكافر و ذلك إلى الله لا إلى العباد و قيل المستقر المصير و المرجع يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَ أَخَّرَ أي يخبر الإنسان يوم القيامة بأول عمله و آخره فيجازى به و قيل معناه بما قدم من العمل في حياته و ما سنه فعمل به بعد موته من خير أو شر و قيل بما قدم من المعاصي و أخر من الطاعات و قيل بما أخذ و ترك و قيل بما قدم من طاعة الله و أخر من حق الله و ضيعه و قيل بما قدم من ماله لنفسه و ما خلفه لورثته بعده بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ أي إن جوارحه تشهد عليه بما عمل قال القتيبي أقام جوارحه مقام نفسه و لذلك أنث و قيل معناه أن الإنسان بصير بنفسه و عمله
و روى العياشي بإسناده عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ع قال ما يصنع أحدكم أن يظهر حسنا و يسر سيئا أ ليس إذا رجع إلى نفسه يعلم أنه ليس كذلك و الله سبحانه يقول بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ إن السريرة إذا صلحت قويت العلانية
وَ لَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ أي و لو اعتذر و جادل عن نفسه لم ينفعه ذلك و قيل معناه و لو أرخى الستور و أغلق الأبواب قال الزجاج معناه و لو أدلى بكل حجة عنده و جاء في التفسير المعاذير الستور واحدها معذار و قال المبرد هي لغة طائية و المعنى على هذا القول و إن أسبل الستور ليخفي ما يعمل فإن نفسه شاهد عليه. و في قوله سبحانه إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ أي يؤثرون اللذات و المنافع العاجلة في دار الدنيا وَ يَذَرُونَ وَراءَهُمْ أي و يتركون أمامهم يَوْماً ثَقِيلًا أي عسيرا شديدا و المعنى أنهم لا يؤمنون به و لا يعملون له و قيل معنى وراءهم خلف ظهورهم. و في قوله تعالى فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ أي محيت آثارها و أذهب نورها وَ إِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ أي شقت و صدعت فصار فيها فروج وَ إِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ أي قلعت من مكانها و قيل أي أذهبت بسرعة حتى لا يبقى لها أثر في الأرض وَ إِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ أي جمعت لوقتها و هو يوم القيامة لتشهد على الأمم و هو قوله لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ أي أخرت و ضرب لهم الأجل لجمعهم تعجب العباد من ذلك اليوم و قيل أُقِّتَتْ معناه عرفت وقت الحساب و الجزاء لأنهم في الدنيا لا يعرفون متى تكون الساعة و قيل عرفت ثوابها في ذلك اليوم
و قال الصادق ع أُقِّتَتْ أي بعثت في أوقات مختلفة
ثم بين سبحانه ذلك اليوم فقال لِيَوْمِ الْفَصْلِ أي يوم يفصل الرحمن بين الخلائق ثم عظم ذلك اليوم فقال وَ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ ثم أخبر سبحانه عن حال من كذب به فقال وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ. و في قوله تعالى هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ فيه قولان أحدهما أنهم لا ينطقون بنطق ينتفعون به فكأنهم لم ينطقوا و الثاني أن في القيامة مواقف ففي بعضها يختصمون و يتكلمون و في بعضها يختم على أفواههم فلا يتكلمون و عن قتادة قال جاء رجل إلى عكرمة فقال أ رأيت قول الله تعالى هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ و قوله ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ قال إنها مواقف فأما موقف منها فتكلموا و اختصموا ثم ختم على أفواههم فتكلمت أيديهم و أرجلهم فحينئذ لا ينطقون. و في قوله تعالى إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ كانَ مِيقاتاً أي لما وعد الله من الجزاء و الحساب و الثواب و العقاب يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً أي جماعة جماعة إلى أن تتكاملوا في القيامة و قيل زمرا زمرا من كل مكان للحساب و كل فريق يأتي مع شكله و قيل إن كل أمة تأتي مع نبيها وَ فُتِحَتِ السَّماءُ أي شقت لتزول الملائكة فَكانَتْ أَبْواباً أي ذات أبواب و قيل صار فيها طرق و لم يكن كذلك من قبل وَ سُيِّرَتِ الْجِبالُ أي أزيلت عن أماكنها و ذهب بها فَكانَتْ سَراباً أي كالسراب يظن أنها جبال و ليست إياها
و في الحديث عن البراء بن عازب قال كان معاذ بن جبل جالسا قريبا من رسول الله ص في منزل أبي أيوب الأنصاري فقال معاذ يا رسول الله أ رأيت قول الله تعالى يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْواجاً الآيات فقال يا معاذ سألت عن عظيم من الأمر ثم أرسل عينيه ثم قال تحشر عشرة أصناف من أمتي أشتاتا قد ميزهم الله تعالى من المسلمين و بدل صورهم فبعضهم على صورة القردة و بعضهم على صورة الخنازير و بعضهم منكسون أرجلهم من فوق و وجوههم من تحت ثم يسحبون عليها و بعضهم عمي يترددون و بعضهم بكم لا يعقلون و بعضهم يمضغون ألسنتهم يسيل القيح من أفواههم لعابا يتقذرهم أهل الجمع و بعضهم مقطعة أيديهم و أرجلهم و بعضهم مصلبون على جذوع من نار و بعضهم أشد نتنا من الجيف و بعضهم يلبسون جبابا سابغة من قطران لازقة بجلودهم فأما الذين على صورة القردة فالقتات من الناس و أما الذين على صورة الخنازير فأهل السحت و أما المنكسون على رءوسهم فأكلة الربا و العمي الجائرون في الحكم و الصم البكم المعجبون بأعمالهم و الذين يمضغون بألسنتهم فالعلماء و القضاة الذين خالفت أعمالهم أقوالهم و المقطعة أيديهم و أرجلهم الذين يؤذون الجيران و المصلبون على جذوع من نار فالسعاة بالناس إلى السلطان و الذين هم أشد نتنا من الجيف فالذين يتمتعون بالشهوات و اللذات و يمنعون حق الله في أموالهم و الذين يلبسون الجباب فأهل التجبر و الخيلاء
و في قوله تعالى لا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطاباً أي لا يملكون أن يسألوا إلا فيما أذن لهم فيه قال مقاتل لا يقدر الخلق على أن يكلموا الرب إلا بإذنه يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا اختلف في الروح فقيل خلق الله على صورة بني آدم و ليسوا بناس و لا بملائكة يقومون صفا و الملائكة صفا و قيل ملك من الملائكة ما خلق الله مخلوقا أعظم منه فإذا كان يوم القيامة قام هو وحده صفا و قامت الملائكة كلهم صفا واحدا فيكون عظم خلقه مثل صفهم عن ابن عباس و قيل إنها أرواح الناس تقوم مع الملائكة فيما بين النفختين قبل أن ترد الأرواح إلى الأجساد عن ابن عباس أيضا و قيل إنه جبرئيل ع و قال وهب إن جبرئيل واقف بين يدي الله عز و جل ترعد فرائصه يخلق الله عز و جل من كل رعدة منه مائة ألف ملك فالملائكة صفوف بين يدي الله عز و جل منكسو رءوسهم فإذا أذن الله لهم في الكلام قالوا لا إله إلا الله وَ قالَ صَواباً أي لا إله إلا الله
و عن الصادق ع أنه ملك أعظم من جبرئيل و ميكائيل
و قيل إن الروح بنو آدم. و قوله صفا معناه مصطفين لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ و هم المؤمنون و الملائكة وَ قالَ في الدنيا صَواباً أي شهد بالتوحيد و قال لا إله إلا الله و قيل إن الكلام هاهنا الشفاعة ذلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ الذي لا شك فيه يعني القيامة فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ مَآباً أي مرجعا بالطاعة إِنَّا أَنْذَرْناكُمْ عَذاباً قَرِيباً يعني العذاب في الآخرة يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ ما قَدَّمَتْ يَداهُ أي ينتظر جزاء ما قدمه من طاعة و معصية و قيل معناه أن كل أحد ينظر إلى عمله في ذلك اليوم من خير و شر مثبتا عليه في صحيفته فيرجو ثواب الله على صالح عمله و يخاف العقاب على سوء عمله وَ يَقُولُ الْكافِرُ في ذلك اليوم يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً أي يتمنى أن لو كان ترابا لا يعود و لا يحاسب ليتخلص من عقاب ذلك اليوم و قال عبد الله بن عمر إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم و حشر الدواب و البهائم و الوحوش ثم يجعل القصاص بين الدواب حتى يقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء التي نطحتها و قال مجاهد يقاد يوم القيامة للمنطوحة من الناطحة و قال المقاتل إن الله يجمع الوحوش و الهوام و الطير و كل شيء غير الثقلين فيقول من ربكم فيقولون الرحمن الرحيم فيقول لهم الرب بعد ما يقضي بينهم حتى يقتص للجماء من القرناء إنا خلقناكم و سخرناكم لبني آدم و كنتم مطيعين أيام حياتكم فارجعوا إلى الذي كنتم كونوا ترابا فتكون ترابا فإذا التفت الكافر إلى شيء صار ترابا يتمنى فيقول يا ليتني كنت في الدنيا على صورة خنزير رزقي كرزقه و كنت اليوم أي في الآخرة ترابا و قيل إن المراد بالكافر هنا إبليس عاب آدم بأن خلق من تراب و افتخر بالنار فيوم القيامة إذا رأى كرامة آدم و ولده المؤمنين قال يا ليتني كنت ترابا. و في قوله تعالى فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى هي القيامة لأنها تطم على كل داهية هائلة أي تعلو و تغلب و قال الحسن هي النفخة الثانية و قيل هي الغاشية الغليظة المجللة التي تدفق الشيء بالغلظ و قيل إن ذلك حين يساق أهل الجنة إلى الجنة و أهل النار إلى النار يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى أي تجيء الطامة في يوم يتذكر الإنسان ما عمله من خير أو شر وَ بُرِّزَتِ الْجَحِيمُ أي أظهرت النار لِمَنْ يَرى فيراها الخلق مكشوفا عنها الغطاء و يبصرونها مشاهدة. و في قوله تعالى فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ يعني صيحة القيامة عن ابن عباس سميت بذلك لأنها تصخ الآذان أي تبالغ في إسماعها حتى تكاد تصمها و قيل لأنها يصخ لها الخلق أي يستمع يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ وَ صاحِبَتِهِ أي زوجته وَ بَنِيهِ أي لا يلتفت إلى واحد من هؤلاء لعظم ما هو فيه و شغله بنفسه و إن كان في الدنيا يعتني بشأنهم و قيل يفر منهم حذرا من مطالبتهم إياه بما بينه و بينهم من التبعات و المظالم و قيل لعلمه بأنهم لا يشفعون له و لا يغنون عنه شيئا و يجوز أن يكون مؤمنا و أقرباؤه من أهل النار فيعاديهم و لا يلتفت إليهم أو يفر منهم لئلا يرى ما نزل بهم من الهوان لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ أي لكل إنسان منهم أمر عظيم يشغله عن الأقرباء و يصرفه عنهم وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ أي مشرقة مضيئة ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ من سرورها و فرحها بما أعد لها من الثواب و أراد بالوجوه أصحابها وَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ أي سواد و كآبة للهم تَرْهَقُها أي تعلوها و تغشاها قَتَرَةٌ
أي سواد و كسوف عند معاينة النار و قيل الغبرة ما انحطت من السماء إلى الأرض و القترة ما ارتفعت من الأرض إلى السماء. و في قوله سبحانه إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ أي إذا ذهب ضوؤها فأظلمت و اضمحلت و قيل ألقيت و رمي بها و قيل جمع ضوؤها و لفت كما تلف العمامة و المعنى أن الشمس تكور بأن تجمع نورها حتى تصير كالكارة الملقاة و يذهب ضوؤها و يحدث الله تعالى للعباد ضياء غيرها وَ إِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ أي تساقطت و تناثرت يقال انكدر الطائر من الهواء إذا انقض و قيل تغيرت من الكدورة و الأول أولى لقوله وَ إِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ إلا أن يقال يذهب ضوؤها ثم تتناثر وَ إِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ عن وجه الأرض فصارت هباء منبثا و سرابا وَ إِذَا الْعِشارُ و هي النوق الحوامل أتت عليها عشرة أشهر و بعد الوضع تسمى عشارا أيضا و هي أنفس مال عند العرب عُطِّلَتْ أي تركت هملا بلا راع و قيل العشار السحاب يعطل فلا يمطر وَ إِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ أي جمعت حتى يقتص بعضها من بعض فيقتص للجماء من القرناء و يحشر الله سبحانه الوحوش ليوصل إليها ما تستحقه من الأعواض على الآلام التي نالتها في الدنيا و ينتصف لبعضها من بعض فإذا وصل إليها ما استحقته من الأعواض فمن قال إن العوض دائم قال تبقى منعمة إلى الأبد و من قال باستحقاقها العوض منقطعا فقال بعضهم يديمه الله لها تفضلا لئلا يدخل على المعوض غم بانقطاعه و قال بعضهم إذا فعل الله بها ما استحقته من الأعواض جعلها ترابا وَ إِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ أي أرسل عذبها على مالحها و مالحها على عذبها حتى امتلأت و قيل إن المعنى فجر بعضها في بعض فصارت البحور كلها بحرا واحدا و يرتفع البرزخ و قيل أي أوقدت فصارت نارا تصطرم عن ابن عباس و قيل يبست و ذهبت ماؤها فلم يبق فيها قطرة و قيل ملئت من القيح و الصديد الذي يسيل من أبدان أهل النار في النار و أراد بحار جهنم لأن بحور الدنيا قد فنيت عن الجبائي وَ إِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ أي قرن كل واحد منها إلى شكله و ضم إليها من أهل النار و أهل الجنة و قيل أي ردت الأرواح إلى الأجساد و قيل يقرن الغاوي بمن أغواه
من إنسان أو شيطان و قيل أي قرنت نفوس الصالحين بالحور العين و نفوس الكافرين بالشياطين وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ يعني الجارية المدفونة حيا و كانت المرأة إذا حان وقت ولادتها حفرت حفرة و قعدت على رأسها فإن ولد بنتا رمت بها في الحفرة و إن ولدت غلاما حبسته بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ أي يقال لها بأي ذنب قتلت و معنى سؤالها توبيخ قاتلها لأنها تقول قتلت بغير ذنب و قيل إن معنى سئلت طولب قاتلها بالحجة في قتلها فكأنه قيل سئل قاتلها بأي ذنب قتلت هذه و نظير قوله إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا أي مسئولا عنه وَ إِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ يعني صحف الأعمال التي كتبت الملائكة فيها أعمال أهلها من خير و شر تنشر ليقرأها أصحابها و لتظهر الأعمال فيجازوا بحسبها وَ إِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ أي أزيلت عن موضعها كالجلد يزال عن الجزور ثم يطويها الله و قيل معناه قلعت كما يقلع السقف و قيل كشفت عمن فيها و معنى الكشط رفعك شيئا عن شيء قد غطاه كما يكشط الجلد عن السنام وَ إِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ أوقدت و أضرمت حتى ازدادت شدة على شدة و قيل سعرها غضب الله و خطايا بني آدم وَ إِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ أي قربت من أهلها بدخول و قيل قربت بما فيها من النعيم فيزداد المؤمن سرورا و يزداد أهل النار حسرة عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ أي إذا كانت هذه الأشياء التي تكون في القيامة علمت في ذلك الوقت كل نفس ما وجدت حاضرا من عمله كما قالوا أحمدته وجدته محمودا و قيل علمت ما أحضرته من خير و شر و إحضار الأعمال مجاز لأنها لا تبقى و المعنى أنه لا يشذ عنها شيء فكان كلها حاضرة و قيل إن المراد صحائف الأعمال. و في قوله سبحانه إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ أي انشقت و تقطعت وَ إِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ أي تساقطت و تهافتت قال ابن عباس سقطت سودا لا ضوء لها وَ إِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ أي فتح بعضها في بعض عذبها في ملحها و ملحها في عذبها فصارت بحرا واحدا و قيل معناه ذهب ماؤها وَ إِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ أي قلبت ترابها و بعثت الموتى التي فيها و قيل معناه بحثت عن الموتى فأخرجوا منها يريد عند البعث عن ابن عباس عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَ أَخَّرَتْ عن ابن مسعود قال ما قدمت من خير أو شر و ما
أخرت من سنة حسنة استن بها بعده فله أجر من اتبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيء أو سنة سيئة عمل بها بعده فعليه وزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيء. يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ أي أي شيء غرك بخالقك و خدعك و سول لك الباطل حتى عصيته و خالفته
و روي أن النبي ص لما تلا هذه الآية قال غره جهله
و قيل للفضيل بن عياض لو أقامك الله يوم القيامة بين يديه فقال ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ ما ذا كنت تقول قال أقول غرني ستورك المرخاة و قال يحيى بن معاذ لو أقامني الله بين يديه فقال ما غرك بي قلت غرني بك برك بي سالفا و آنفا و عن بعضهم قال غرني حلمك و عن أبي بكر الوراق غرني كرم الكريم و إنما قال سبحانه الْكَرِيمِ دون سائر أسمائه و صفاته لأنه كان لقنه الإجابة حتى يقول غرني كرم الكريم و قال عبد الله بن مسعود ما منكم من أحد إلا سيخلو الله به يوم القيامة فيقول يا ابن آدم ما غرك بي يا ابن آدم ما ذا عملت فيما عملت يا ابن آدم ما ذا أجبت المرسلين الَّذِي خَلَقَكَ من نطفة و لم تك شيئا فَسَوَّاكَ إنسانا تسمع و تبصر فَعَدَلَكَ أي جعلك معتدلا فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ أي في أي شبه من أب أو أم أو خال أو عم.
و روي عن الرضا عن آبائه ع عن النبي ص أنه قال لرجل ما ولد لك قال يا رسول الله و ما عسى أن يولد لي إما غلاما و إما جارية قال فمن يشبه قال يشبه أمه أو أباه فقال ص لا تقل هكذا إن النطفة إذا استقرت في الرحم أحضرها الله كل نسب بينها و بين آدم أ ما قرأت هذه الآية فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ أي فيما بينك و بين آدم
و قيل فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ من صور الخلق رَكَّبَكَ إن شاء في صورة إنسان و إن شاء في صورة حمار و إن شاء في صورة قرد.
و قال الصادق ع لو شاء ركبك على غير هذه الصور
و قيل في أي صورة شاء من ذكر أو أنثى جسيم أو نحيف حسن أو ذميم طويل أو قصير كَلَّا أي ليس الأمر على ما تزعمون أنه لا بعث و لا حساب بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ أي الجزاء أو بالدين الذي جاء به محمد ص وَ إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ من الملائكة يحفظون عليكم ما تعملونه كِراماً على ربهم كاتِبِينَ يكتبون أعمال بني آدم يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ من خير و شر إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ و هو الجنة و الأبرار أولياء الله المطيعون في الدنيا وَ إِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ و هو العظيم من النار يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ أي يلزمونها بكونهم فيها وَ ما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ أي لا يكونون غائبين عنها بل يكونون مؤبدين فيها و قد دل الدليل على أن أهل الكبيرة من المسلمين لا يخلدون في النار فالمراد بالفجار الكفار وَ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ قاله تعظيما لشدته ثم كرر تأكيدا لذلك و قيل أراد و ما أدراك ما في يوم الدين من النعيم لأهل الجنة ثم ما أدراك ما في يوم الدين من العذاب لأهل النار يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً أي لا يملك أحد الدفاع عن غيره ممن يستحق العقاب وَ الْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ وحده أي الحكم له في الجزاء و الثواب و العفو و الانتقام
و روى عمر بن شمر عن جابر عن أبي جعفر ع أنه قال إن الأمر يومئذ و اليوم كله لله يا جابر إذا كان يوم القيامة بادت الحكام فلم يبق حاكم إلا الله
و في قوله تعالى إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ أي تصدعت و انفرجت و انشقاقها من علامات القيامة و ذكر ذلك في مواضع من القرآن وَ أَذِنَتْ لِرَبِّها أي سمعت و أطاعت في الانشقاق و هذا توسع أي كأنها سمعت و انقادت لتدبير الله وَ حُقَّتْ أي و حق لها أن تأذن بالانقياد لأمر ربها الذي خلقها و تطيع له وَ إِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ أي بسطت باندكاك جبالها و آكامها حتى تصير كالصحيفة الملساء و قيل إنها تمد مد الأديم العكاظي و تزاد في سعتها عن ابن عباس و قيل سويت فلا بناء و لا جبل إلا دخل فيها وَ أَلْقَتْ ما فِيها من الموتى و الكنوز وَ تَخَلَّتْ أي خلت فلم يبق في بطنها شيء و قيل معناه ألقت ما في بطنها من كنوزها و معادنها و تخلت مما على ظهرها من جبالها و بحارها وَ أَذِنَتْ لِرَبِّها وَ حُقَّتْ ليس هذا بتكرار لأن الأول في صفة السماء و الثاني في صفة الأرض و هذا كله من أشراط الساعة و جلائل الأمور التي تكون فيها و التقدير إذا كانت هذه الأشياء رأى الإنسان ما قدم من خير و شر و يدل على هذا المحذوف قوله يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً أي ساع إليه في عملك و هو خطاب لجميع المكلفين يقول الله سبحانه لهم و لكل واحد منهم يا أيها الإنسان إنك عامل عملا في مشقة لتحمله إلى الله و توصله إليه فَمُلاقِيهِ أي ملاق جزاءه و قيل أي ملاق ربك فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ الذي ثبتت فيه أعماله بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً أي لا يناقش في الحساب و لا يواقف على ما عمل من الحسنات و ما له عليه من الثواب و ما حط عنه من الأوزار إما بالتوبة أو بالعفو و قيل الحساب اليسير التجاوز عن السيئات و الإثابة على الحسنات و من نوقش الحساب عذب في خبر مرفوع. و في رواية أخرى يعرف عمله ثم يتجاوز عنه
و في حديث آخر ثلاث من كن فيه حاسبه الله حسابا يسيرا و أدخله الجنة برحمته قالوا و ما هي يا رسول الله قال تعطي من حرمك و تصل من قطعك و تعفو عمن ظلمك
وَ يَنْقَلِبُ بعد الفراغ من الحساب إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً بما أوتي من الخير و الكرامة و المراد بالأهل الحور العين و قيل أزواجه و أولاده و عشائره و قد سبقوه إلى الجنة وَ أَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ لأن يمينه مغلولة إلى عنقه و تكون يده اليسرى خلف ظهره و قيل تخلع يده اليسرى خلف ظهره و الوجه في ذلك أن يكون إعطاء الكتاب باليمين أمارة للملائكة و المؤمنين لكون صاحبه من أهل الجنة و لطفا للخلق في الإخبار به و كناية عن قبول أعماله و إعطاؤه على الوجه الآخر أمارة لهم على أن صاحبه من أهل النار و علامته لمناقشة الحساب و سوء المآب فَسَوْفَ يَدْعُوا ثُبُوراً أي هلاكا إذا قرأ كتابه و هو أن يقول وا ثبوراه وا هلاكاه وَ يَصْلى سَعِيراً أي يدخل النار و يعذب بها إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً في الدنيا ناعما لا يهمه أمر الآخرة و لا يتحمل مشقة العبادة فأبدله الله بسروره غما باقيا لا ينقطع و قيل كان مسرورا بمعاصي الله لا يندم عليها إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ أي ظن في دار التكليف أنه لن يرجع إلى الحياة في الآخرة فارتكب المأثم بَلى ليحورن و ليبعثن إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً من يوم خلقه إلى أن يبعثه. و في قوله تعالى إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها أي إذا حركت الأرض تحريكا شديدا لقيام الساعة زلزالها الذي كتب عليها و يمكن أن يكون إنما أضافها إلى الأرض لأنها تعم جميع الأرض وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها أي موتاها المدفونة فيها أو كنوزها و معادنها فتلقاها على ظهرها ليراها أهل الموقف و تكون الفائدة في ذلك أن يتحسر العصاة إذا نظروا إليها لأنهم عصوا الله فيها ثم تركوها لا تغني عنهم شيئا و أيضا فإنه تكوى بِها جِباهُهُمْ وَ جُنُوبُهُمْ وَ ظُهُورُهُمْ وَ قالَ الْإِنْسانُ ما لَها أي و يقول الإنسان متعجبا ما للأرض تتزلزل و قيل إن المراد بالإنسان الكافر لأن المؤمن معترف بها لا يسأل عنها يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها أي تخبر بما عمل عليها
و جاء في الحديث أن النبي ص قال أ تدرون ما أخبارها قالوا الله و رسوله أعلم قال أخبارها أن تشهد على كل عبد و أمة بما عمل على ظهرها تقول عمل كذا و كذا يوم كذا و كذا فهذا أخبارها
و على هذا فيجوز أن يكون الله تعالى يحدث الكلام فيها و إنما نسبه إليها توسعا و مجازا و يجوز أن يقلبها حيوانا يقدر على النطق و يجوز أن يظهر فيها ما يقوم مقام الكلام فعبر عنه بالكلام كما يقال عيناك تشهدان بسهرك و قوله بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها معناه أن الأرض تحدث فتقول إن ربك يا محمد أوحى لها أي ألهمها و عرفها بأن تحدث أخبارها و قيل بأن تلقي الكنوز و الأموات على ظهرها يقال أوحى له و إليه أي ألقى إليه من جهة تخفى قال الفراء تحدث أخبارها بوحي الله و إذنه لها و قال ابن عباس أذن لها بأن تخبر بما عمل عليها
و روى الواحدي بإسناده مرفوعا إلى ربيعة الحرشي قال قال رسول الله ص حافظوا على الوضوء و خير أعمالكم الصلاة و تحفظوا من الأرض فإنها أمكم و ليس فيها أحد يعمل خيرا أو شرا إلا و هي مخبرة به
يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً أي يرجع الناس عن موقف الحساب بعد العرض متفرقين أهل الإيمان على حدة و أهل كل دين على حدة لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ أي جزاء أعمالهم و المعنى أنهم يرجعون عن الوقف فرقا لينزلوا منازلهم من الجنة و النار و قيل معنى الرؤية هاهنا المعرفة بالأعمال عند تلك الحال و هي رؤية القلب و يجوز أن يكون التأويل على رؤية العين بمعنى ليروا صحائف أعمالهم فيقرءون ما فيها لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَ لا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ أي و من يعمل وزن ذرة من الخير ير ثوابه و جزاءه وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ أي ير ما يستحق عليه من العقاب. و في قوله عز و جل الْقارِعَةُ اسم من أسماء القيامة لأنها تقرع القلوب بالفزع و تقرع أعداء الله بالعذاب مَا الْقارِعَةُ هذا تعظيم لشأنها و تهويل لأمرها و معناه و أي شيء القارعة ثم عجب نبيه ص فقال وَ ما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ يقول إنك يا محمد لا تعلم حقيقة أمرها و كنه وصفها على التفصيل ثم بين سبحانه أنها متى تكون فقال يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ شبه الناس عند البعث بما يتهافت في النار قال قتادة هذا هو الطائر الذي يتساقط في النار و السراج و قال أبو عبيدة هو طير يتفرش ليس بذباب و لا بعوض لأنهم إذا بعثوا ماج بعضهم في بعض فالفراش إذا سار لم يتجه لجهة واحدة فدل ذلك على أنهم يقرعون عند البعث فيختلفون في المقاصد على جهات مختلفة و هذا مثل قوله كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ وَ تَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ و هو الصوف المصبوغ المندوف و المعنى أن الجبال تزول عن أماكنها و تصير خفيفة السير
1- ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ إبراهيم بن أبي البلاد عن يعقوب بن شعيب بن ميثم قال سمعت أبا عبد الله ع يقول نار تخرج من قعر عدن تضيء لها الإبل تبصر من أرض الشام تسوق الناس إلى المحشر
2- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ الغضائري عن علي بن محمد العلوي عن محمد بن موسى الرقي عن علي بن محمد بن أبي القاسم عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي عن عبد العظيم بن عبد الله الحسني عن أبيه عن أبان مولى زيد بن علي عن عاصم بن بهدلة عن شريح القاضي عن أمير المؤمنين ع في خطبة طويلة قال اسمع يا ذا الغفلة و التصريف من ذي الوعظ و التعريف جعل يوم الحشر يوم العرض و السؤال و الحباء و النكال يوم تقلب إليه أعمال الأنام و تحصى فيه جميع الآثام يوم تذوب من النفوس إحداق عيونها و تضع الحوامل ما في بطونها و تفرق من كل نفس وجيبها و يحار في تلك الأهوال عقل لبيبها إذ نكرت الأرض بعد حسن عمارتها و تبدلت بالخلق بعد أنيق زهرتها أخرجت من معادن الغيب أثقالها و نفضت إلى الله أحمالها يوم لا ينفع الحذر إذ عاينوا الهول الشديد فاستكانوا و عرف المجرمون بسيماهم فاستبانوا فانشقت القبور بعد طول انطباقها و استسلمت النفوس إلى الله بأسبابها كشف عن الآخرة غطاؤها فظهر للخلق أنباؤها فدكت الأرض دكا دكا و مدت لأمر يراد بها مدا مدا و اشتد المبادرون إلى الله شدا شدا و تزاحفت الخلائق إلى المحشر زحفا زحفا و رد المجرمون على الأعقاب ردا ردا و جد الأمر ويحك يا إنسان جدا جدا و قربوا للحساب فردا فردا وَ جاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا يسألهم عما عملوا حرفا حرفا و جيء بهم عراة الأبدان خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ أمامهم الحساب و مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ يسمعون زفيرها و يرون سعيرها فلم يجدوا ناصرا و لا وليا يجيرهم من الذل فهم يعدون سراعا إلى مواقف الحشر يساقون سوقا فالسماوات مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ و العباد على الصراط وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ يظنون أنهم لا يسلمون وَ لا يُؤْذَنُ لَهُمْ فيتكلمون و لا يقبل منهم فَيَعْتَذِرُونَ قد ختم على أفواههم و استنطقت أَيْدِيهِمْ وَ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ يا لها من ساعة ما أشجى مواقعها من القلوب حين ميز بين الفريقين فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَ فَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ من مثل هذا فليهرب الهاربون إذا كانت الدار الآخرة لها فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ
-3 دعوات الراوندي، بإسناده عن موسى بن جعفر عن آبائه ع قال قال رسول الله ص النجوم أمنة من السماء لأهل السماء فإذا تناثرت دنا من أهل السماء ما يوعدون و الجبال أمنة لأهل الأرض فإذا سيرت دنا من أهل الأرض ما يوعدون
4- لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن المتوكل عن محمد العطار عن الأشعري عن سلمة بن الخطاب عن الحسين بن سعيد عن إسحاق بن إبراهيم عن عبد الله بن صباح عن أبي بصير عن أبي عبد الله الصادق ع قال إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين و الآخرين في صعيد واحد فتغشاهم ظلمة شديدة فيضجون إلى ربهم و يقولون يا رب اكشف عنا هذه الظلمة قال فيقبل قوم يمشي النور بين أيديهم و قد أضاء أرض القيامة فيقول أهل الجمع هؤلاء أنبياء الله فيجيئهم النداء من عند الله ما هؤلاء بأنبياء فيقول أهل الجمع فهؤلاء ملائكة فيجيئهم النداء من عند الله ما هؤلاء بملائكة فيقول أهل الجمع هؤلاء شهداء فيجيئهم النداء من عند الله ما هؤلاء بشهداء فيقولون من هم فيجيئهم النداء يا أهل الجمع سلوهم من أنتم فيقول أهل الجمع من أنتم فيقولون نحن العلويون نحن ذرية محمد رسول الله ص نحن أولاد علي ولي الله نحن المخصوصون بكرامة اللهنحن الآمنون المطمئنون فيجيئهم النداء من عند الله عز و جل اشفعوا في محبيكم و أهل مودتكم و شيعتكم فيشفعون فيشفعون
5- فس، ]تفسير القمي[ أبي عن ابن محبوب عن الثمالي عن أبي الربيع قال سأل نافع مولى عمر أبا جعفر ع عن قول الله تبارك و تعالى يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ أي أرض تبدل فقال أبو جعفر ع بخبزة بيضاء يأكلون منها حتى يفرغ الله من حساب الخلائق فقال نافع إنهم عن الأكل لمشغولون فقال أبو جعفر ع أ هم حينئذ أشغل أم و هم في النار فقال نافع و هم في النار قال فقد قال الله وَ نادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ ما شغلهم أليم عذاب النار عن أن دعوا بالطعام فأطعموا الزقوم و دعوا بالشراب فسقوا الحميم فقال صدقت يا ابن رسول الله الخبر
ج، ]الإحتجاج[ مرسلا مثله كا، ]الكافي[ العدة عن البرقي عن ابن محبوب مثله
6- فس، ]تفسير القمي[ قوله وَ يَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَ شُرَكاؤُكُمْ فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ قال يبعث الله نارا تزيل بين الكفار و المؤمنين
7- فس، ]تفسير القمي[ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ قال تبدل خبزة بيضاء نقية في الموقف يأكل منها المؤمنون
8- فس، ]تفسير القمي[ يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ قال السجل اسم الملك الذي يطوي الكتب و معنى نطويها أي نفنيها فتتحول دخانا و الأرض نيرانا
9- فس، ]تفسير القمي[ أبي عن ابن محبوب عن أبي محمد الوابشي عن أبي الورد عن أبي جعفر ع قال إذا كان يوم القيامة جمع الله الناس في صعيد واحد فهم حفاة عراة فيوقفون في المحشر حتى يعرقوا عرقا شديدا فتشتد أنفاسهم فيمكثون في ذلك مقدار خمسين عاما و هو قول الله وَ خَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً قال ثم ينادي مناد من تلقاء العرش أين النبي الأمي فيقول الناس قد أسمعت فسم باسمه فينادي أين نبي الرحمة محمد بن عبد الله الأمي ص فيتقدم رسول الله ص أمام الناس كلهم حتى ينتهي إلى حوض طوله ما بين أيلة إلى صنعاء فيقف عليه ثم ينادي بصاحبكم فيتقدم أمام الناس فيقف معه ثم يؤذن للناس فيمرون فبين وارد الحوض يومئذ و بين مصروف عنه فإذ رأى رسول الله ص من يصرف عنه من محبينا يبكي فيقول يا رب شيعة علي قال فيبعث الله إليه ملكا فيقول ما يبكيك يا محمد فيقول أبكي لأناس من شيعة علي أراهم قد صرفوا تلقاء أصحاب النار و منعوا ورود الحوض قال فيقول له الملك إن الله يقول قد وهبتهم لك يا محمد و صفحت لهم عن ذنوبهم و ألحقتهم بك و بمن كانوا يقولون به و جعلناهم في زمرتك فأوردهم حوضك فقال أبو جعفر ع فكم من باك يومئذ و باكية ينادون يا محمداه إذا رأوا ذلك و لا يبقى أحد يومئذ يتولانا و يحبنا و يتبرأ من عدونا و يبغضهم إلا كانوا في حزبنا و معنا و يرد حوضنا
10- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ المفيد عن ابن قولويه عن محمد بن الحسين بن محمد بن عامر عن المعلى بن محمد عن محمد بن جمهور العمي عن الحسن بن محبوب عن الوابشي عن أبي الورد مثله و سيأتي في باب الحوض
كشف، ]كشف الغمة[ من كتاب ابن طلحة عن أبي جعفر ع مثله بيان في بعض النسخ أيلة بالياء المثناة من تحت و هي بفتح الهمزة و سكون الياء بلد معروف فيما بين مصر و الشام و في بعضها بالباء الموحدة قال الجزري هي بضم الهمزة و الباء و تشديد اللام البلد المعروف قرب البصرة من جانبها البحري. أقول لعله كان موضع البصرة المعروفة في هذا الزمان
11- فس، ]تفسير القمي[ يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ قال مخاطبة الناس عامة يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ أي تبقى و تتحير و تتغافل وَ تَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها قال امرأة تموت حاملة تضع حملها يوم القيامة وَ تَرَى النَّاسَ سُكارى قال من الخوف و الفزع متحيرين
12- فس، ]تفسير القمي[ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ يعني الأمور التي يدبرها و الأمر و النهي الذي أمر به و أعمال العباد كل هذا يظهره يوم القيامة فيكون مقدار ذلك اليوم ألف سنة من سني الدنيا
13- فس، ]تفسير القمي[ في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ع في قوله يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا فإن القوم كانوا في القبور فلما قاموا حسبوا أنهم كانوا نياما قالُوا يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا قال الملائكة هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَ صَدَقَ الْمُرْسَلُونَ
14- فس، ]تفسير القمي[ وَ امْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ قال إذا جمع الله الخلق يوم القيامة بقوا قياما على أقدامهم حتى يلجمهم العرق فينادوا يا رب حاسبنا و لو إلى النار قال فيبعث الله رياحا فيضرب بينهم و ينادي مناد وَ امْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ فيميز بينهم فصار المجرمون في النار و من كان في قلبه إيمان صار إلى الجنة
15- فس، ]تفسير القمي[ يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ فإذا كان يوم القيامة أحاطت سماء الدنيا بالأرض و أحاطت السماء الثانية بسماء الدنيا و أحاطت السماء الثالثة بالسماء الثانية و أحاطت كل سماء بالذي يليها ثم ينادي مناد يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ إلى قوله بِسُلْطانٍ أي بحجة
16- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ في كتاب كتبه أمير المؤمنين صلوات الله عليه إلى أهل مصر مع محمد بن أبي بكر يا عباد الله إن بعد البعث ما هو أشد من القبر يوم يشيب فيه الصغير و يسكر فيه الكبير و يسقط فيه الجنين و تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ يوم عبوس قمطرير يوم كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً إن فزع ذلك اليوم ليرهب الملائكة الذين لا ذنب لهم و ترعد منه السبع الشداد و الجبال الأوتاد و الأرض المهاد و تنشق السماء فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ و تتغير فكأنها وَرْدَةً كَالدِّهانِ و تكون الجبال سرابا مهيلا بعد ما كانت صما صلابا و يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فيفزع من في السماوات و الأرض إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ فكيف من عصى بالسمع و البصر و اللسان و اليد و الرجل و الفرج و البطن إن لم يغفر الله له و يرحمه من ذلك اليوم لأنه يصير إلى غيره إلى نار قعرها بعيد و حرها شديد و شرابها صديد و عذابها جديد و مقامعها حديد لا يغير عذابها و لا يموت ساكنها دار ليس فيها رحمة و لا تسمع لأهلها دعوة الخبر
17- ج، ]الإحتجاج[ ع، ]علل الشرائع[ في خبر ثوبان أن اليهودي سأل النبي ص عن قوله عز و جل يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّماواتُ أين الناس يومئذ قال في الظلمة دون المحشر الخبر
بيان هذا الخبر يدل على أن تبديل الأرض و السماوات يكون بعد حشر الناس قبل وصولهم إلى المحشر
18- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ ل، ]الخصال[ ابن الوليد عن سعد عن أحمد بن حمزة الأشعري عن ياسر الخادم قال سمعت أبا الحسن الرضا ع يقول إن أوحش ما يكون هذا الخلق في ثلاثة مواطن يوم يولد و يخرج من بطن أمه فيرى الدنيا و يوم يموت فيعاين الآخرة و أهلها و يوم يبعث فيرى أحكاما لم يرها في دار الدنيا و قد سلم الله عز و جل على يحيى ع في هذه الثلاثة المواطن و آمن روعته فقال وَ سَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَ يَوْمَ يَمُوتُ وَ يَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا و قد سلم عيسى ابن مريم ع على نفسه في هذه الثلاثة المواطن فقال وَ السَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَ يَوْمَ أَمُوتُ وَ يَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا
19- ل، ]الخصال[ أبي عن سعد عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال قال علي بن الحسين ع أشد ساعات ابن آدم ثلاث ساعات الساعة التي يعاين فيها ملك الموت و الساعة التي يقوم فيها من قبره و الساعة التي يقف فيها بين يدي الله تبارك و تعالى فإما إلى الجنة و إما إلى النار ثم قال إن نجوت يا ابن آدم عند الموت فأنت أنت و إلا هلكت و إن نجوت يا ابن آدم حين توضع في قبرك فأنت أنت و إلا هلكت و إن نجوت حين يحمل الناس على الصراط فأنت أنت و إلا هلكت و إن نجوت حين يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ فأنت أنت و إلا هلكت ثم تلا وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قال هو القبر و إن لهم فيه ل مَعِيشَةً ضَنْكاً و الله إن القبر لروضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار ثم أقبل على رجل من جلسائه فقال له قد علم ساكن السماء ساكن الجنة من ساكن النار فأي الرجلين أنت و أي الدارين دارك
20- ل، ]الخصال[ محمد بن عمرو بن علي بن عبد الله البصري عن محمد بن عبد الله بن أحمد بن جبلة الواعظ عن أبيه عن الرضا عن آبائه ع عن الحسين بن علي ع قال كان علي بن أبي طالب ع بالكوفة في الجامع إذ قام إليه رجل من أهل الشام فسأله عن مسائل فكان فيما سأله أن قال أخبرني عن قول الله عز و جل يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ من هم فقال ع قابيل يفر من هابيل و الذي يفر من أمه موسى و الذي يفر من أبيه إبراهيم و الذي يفر من صاحبته لوط و الذي يفر من ابنه نوح يفر من ابنه كنعان
قال الصدوق رضي الله عنه إنما يفر موسى من أمه خشية أن يكون قصر فيما وجب عليه من حقها و إبراهيم إنما يفر من الأب المربي المشرك لا من الأب الوالد و هو تارخ. بيان يحتمل أيضا أن يكون المراد بالأم امرأة مشركة كانت تربيه في بيت فرعون
21- ج، ]الإحتجاج[ عبد الرحمن بن عبد الله الزهري قال حج هشام بن عبد الملك فدخل المسجد الحرام متكئا على يد سالم مولاه و محمد بن علي بن الحسين ع جالس في المسجد فقال له سالم يا أمير المؤمنين هذا محمد بن علي بن الحسين فقال له هشام المفتون به أهل العراق قال نعم قال اذهب إليه فقل له يقول لك أمير المؤمنين ما الذي يأكل الناس و يشربون إلى أن يفصل بينهم يوم القيامة فقال أبو جعفر ع يحشر الناس على مثل قرصة البر النقي فيها أنهار متفجرة يأكلون و يشربون حتى يفرغ من الحساب قال فرأى هشام أنه قد ظفر به فقال الله أكبر اذهب إليه فقل له ما أشغلهم عن الأكل و الشرب يومئذ فقال له أبو جعفر ع هم في النار أشغل و لم يشغلوا عن أن قالوا أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ فسكت هشام لا يرجع كلاما
22- لي، ]الأمالي للصدوق[ ابن المتوكل عن السعدآبادي عن البرقي عن أبيه عن أبي البختري عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه ع أن علي بن أبي طالب ع قال لا تنشق الأرض عن أحد يوم القيامة إلا و ملكان آخذان بضبعه يقولان أجب رب العزة
توضيح قال الفيروزآبادي الضبع العضد كلها أو وسطها بلحمها أو الإبط أو ما بين الإبط إلى نصف العضد من أعلاه
23- فس، ]تفسير القمي[ وَ لا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ يعني العذاب كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ قال يرون يوم القيامة أنهم لم يلبثوا في الدنيا إلا ساعة من نهار بَلاغٌ أي أبلغهم ذلك فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ
24- فس، ]تفسير القمي[ قوله يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ قال الرصاص الذائب و النحاس كذلك تذوب السماء وَ لا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً أي لا ينفع
و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ع في قوله يُبَصَّرُونَهُمْ يقول يعرفونهم ثم لا يتساءلون
25- فس، ]تفسير القمي[ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً قال من القبور كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ قال إلى الداعي ينادون
بيان ينادون على البناء للمفعول أي إيفاضهم و إسراعهم إلى الداعي الذي ناداهم و ليس هو تفسير يوفضون إذ لم يعهد ذلك في اللغة
-26 فس، ]تفسير القمي[ يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَ الْجِبالُ أي تخسف وَ كانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلًا قال مثل الرمل ينحدر
بيان تفسير الرجف بالخسف غير معهود و لعله بيان لحاصل المعنى أي الرجف يصير سببا للخسف
27- فس، ]تفسير القمي[ فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ قال يذهب نورها و يسقط وَ إِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ قال تنفرج و تنشق وَ إِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ أي تقلع
28- فس، ]تفسير القمي[ قال علي بن إبراهيم في قوله يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ قال تنشق الأرض بأهلها و الرادفة الصيحة قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ أي خائفة أَبْصارُها خاشِعَةٌ فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ قال الزجرة النفخة الثانية في الصور و الساهرة موضع بالشام عند بيت المقدس
و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ع في قوله إِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ يقول أي في خلق جديد و أما قوله فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ فالساهرة الأرض كانوا في القبور فلما سمعوا الزجرة خرجوا من قبورهم فاستووا على الأرض
29- فس، ]تفسير القمي[ إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ قال تصير سوداء مظلمة وَ إِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ قال يذهب ضوؤها وَ إِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ قال تسير كما قال تَحْسَبُها جامِدَةً وَ هِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ وَ إِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ قال الإبل يتعطل إذا مات الخلق فلا يكون من يحلبها وَ إِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ قال تحول البحار التي هي حول الدنيا كلها نيرانا وَ إِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ قال من الحور العين
و في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ع في قوله تعالى وَ إِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ قال أما أهل الجنة فزوجوا الخيرات الحسان و أما أهل النار فمع كل إنسان منهم شيطان يعني قرنت نفوس الكافرين و المنافقين بالشياطين فهم قرناؤهم
و قال علي بن إبراهيم في قوله تعالى وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ قال كانت العرب يقتلون البنات للغيرة إذا كان يوم القيامة سئلت الموءودة بأي ذنب قتلت و قطعت وَ إِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ قال صحف الأعمال وَ إِذَا السَّماءُ كُشِطَتْ قال أبطلت
و حدثنا سعيد بن محمد عن بكر بن سهل عن عبد الغني بن سعيد عن موسى بن عبد الرحمن عن ابن جريح عن عطاء عن ابن عباس في قوله تعالى وَ إِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ يريد أوقدت للكافرين و الجحيم النار الأعلى من جهنم و الجحيم في كلام العرب ما عظم من النار كقوله عز و جل ابْنُوا لَهُ بُنْياناً فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ يريد النار العظيمة وَ إِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ يريد قربت لأولياء الله من المتقين
30- فس، ]تفسير القمي[ وَ إِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ قال تتحول نيرانا وَ إِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ قال تنشق فيخرج الناس منها
بيان في نسخ التفسير هنا سجرت و في القرآن فُجِّرَتْ و لعله تصحيف النساخ فيكون التفسير مبنيا على أن فجرت بمعنى ذهب ماؤها و يكون بيانا لحاصل المعنى و يحتمل أن يكون قراءة أهل البيت ع هنا أيضا سجرت
31- فس، ]تفسير القمي[ سعيد بن محمد عن بكر بن سهل عن عبد الغني بن سعيد عن موسى بن عبد الرحمن عن مقاتل بن سليمان عن الضحاك عن ابن عباس في قوله وَ الْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ يريد الملك و القدرة و السلطان و العزة و الجبروت و الجمال و البهاء و الإلهية لا شريك له
32- فس، ]تفسير القمي[ إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ قال يوم القيامة وَ أَذِنَتْ لِرَبِّها وَ حُقَّتْ أي أطاعت ربها و حق لها أن تطيع ربها وَ إِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ وَ أَلْقَتْ ما فِيها وَ تَخَلَّتْ قال تمد الأرض و تنشق فيخرج الناس منها وَ تَخَلَّتْ أي تخلت من الناس
33- فس، ]تفسير القمي[ وَ السَّماءِ وَ الطَّارِقِ قال الطارق النجم الثاقب و هو نجم العذاب و نجم القيامة و هو زحل في أعلى المنازل إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ قال الملائكة
-34 فس، ]تفسير القمي[ في رواية أبي الجارود عن أبي جعفر ع في قوله كَلَّا إِذا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا قال هي الزلزلة
35- ج، ]الإحتجاج[ روى هشام بن الحكم أنه سأل الزنديق أبا عبد الله ع فقال أخبرني عن الناس يحشرون يوم القيامة عراة قال بل يحشرون في أكفانهم قال أنى لهم بالأكفان و قد بليت قال إن الذي أحيا أبدانهم جدد أكفانهم قال من مات بلا كفن قال يستر الله عورته بما شاء من عنده قال فيعرضون صفوفا قال نعم هم يومئذ عشرون و مائة صف في عرض الأرض الخبر
36- سن، ]المحاسن[ أبي عن القاسم بن عروة عن ابن بكير عن زرارة قال سألت أبا جعفر ع عن قول الله عز و جل يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ قال تبدل خبزة نقي يأكل الناس منها حتى يفرغ الناس من الحساب فقال له قائل إنهم لفي شغل يومئذ عن الأكل و الشرب قال إن الله خلق ابن آدم أجوف فلا بد له من الطعام و الشراب أ هم أشد شغلا يومئذ أم من في النار فقد استغاثوا و الله يقول وَ إِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرابُ
شي، ]تفسير العياشي[ عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله ع مثله
37- سن، ]المحاسن[ أبي عن ابن أبي عمير عن هشام عن زرارة عن أبي جعفر ع قال سأل الأبرش الكلبي عن قول الله عز و جل يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ قال تبدل خبزة نقي يأكل الناس منها حتى يفرغ من الحساب فقال الأبرش إن الناس يومئذ لفي شغل عن الأكل فقال أبو جعفر ع و هم في النار لا يشغلون عن أكل الضريع و شرب الحميم و هم في العذاب فكيف يشغلون عنه في الحساب
شي، ]تفسير العياشي[ عن محمد بن هاشم عمن أخبره عن أبي جعفر ع مثله بيان قال الجزري فيه يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي يعني الخبز الحوارى و هو الذي نخل مرة بعد مرة
38- شا، ]الإرشاد[ لما عاد رسول الله ص من تبوك إلى المدينة قدم إليه عمرو بن معديكرب فقال له النبي ص أسلم يا عمرو يؤمنك الله من الفزع الأكبر قال يا محمد و ما الفزع الأكبر فإني لا أفزع فقال يا عمرو إنه ليس كما تظن و تحسب إن الناس يصاح بهم صيحة واحدة فلا يبقى ميت إلا نشر و لا حي إلا مات إلا ما شاء الله ثم يصاح بهم صيحة أخرى فينشر من مات و يصفون جميعا و تنشق السماء و تهد الأرض و تخر الجبال هدا و ترمي النار بمثل الجبال شررا فلا يبقى ذو روح إلا انخلع قلبه و ذكر دينه و شغل بنفسه إلا ما شاء الله فأين أنت يا عمرو من هذا قال ألا إني أسمع أمرا عظيما فآمن بالله و رسوله و آمن معه من قومه ناس و رجعوا إلى قومهم
بيان في النفخة الأولى هنا ما يخالف ما سبق و المعتمد الأخبار السابقة
39- شي، ]تفسير العياشي[ عن ثوير بن أبي فاختة عن علي بن الحسين ع قال تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ يعني بأرض لم تكتسب عليها الذنوب بارِزَةً ليس عليها جبال و لا نبك كما دحاها أول مرة
بيان قال الفيروزآبادي النبكة محركة و تسكن أكمة محددة الرأس و ربما كانت حمراء و أرض فيها صعود و هبوط أو التل الصغير و الجمع نبك و نبك و نباك و نبوك انتهى. أقول لا ينافي هذا الخبر ما مر و ما سيأتي إذ كونها مستوية لا ينافي كون كلها أو بعضها من خبز فتكون المغايرة مرادة على الوجهين معا
40- شي، ]تفسير العياشي[ عن زرارة قال سألت أبا جعفر ع عن قول الله يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ قال تبدل خبزة نقية يأكل الناس منها حتى يفرغ من الحساب قال الله تعالى ما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ
41- جع، ]جامع الأخبار[ إن فاطمة صلوات الله عليها قالت لأبيها يا أبت أخبرني كيف يكون الناس يوم القيامة قال يا فاطمة يشغلون فلا ينظر أحد إلى أحد و لا والد إلى الولد و لا ولد إلى أمه قالت هل يكون عليهم أكفان إذا خرجوا من القبور قال يا فاطمة تبلى الأكفان و تبقى الأبدان تستر عورة المؤمن و تبدى عورة الكافرين قالت يا أبت ما يستر المؤمنين قال نور يتلألأ لا يبصرون أجسادهم من النور قالت يا أبت فأين ألقاك يوم القيامة قال انظري عند الميزان و أنا أنادي رب أرجح من شهد أن لا إله إلا الله و انظري عند الدواوين إذا نشرت الصحف و أنا أنادي رب حاسب أمتي حسابا يسيرا و انظري عند مقام شفاعتي على جسر جهنم كل إنسان يشتغل بنفسه و أنا مشتغل بأمتي أنادي يا رب سلم أمتي و النبيون ع حولي ينادون رب سلم أمة محمد ص و قال ع إن الله يحاسب كل خلق إلا من أشرك بالله فإنه لا يحاسب و يؤمر به إلى النار
42- عن ابن مسعود قال كنت جالسا عند أمير المؤمنين ع فقال إن في القيامة لخمسين موقفا كل موقف ألف سنة فأول موقف خرج من قبره حبسوا ألف سنة عراة حفاة جياعا عطاشا فمن خرج من قبره مؤمنا بربه و مؤمنا بجنته و ناره و مؤمنا بالبعث و الحساب و القيامة مقرا بالله مصدقا بنبيه ص و بما جاء من عند الله عز و جل نجا من الجوع و العطش قال الله تعالى فَتَأْتُونَ أَفْواجاً من القبور إلى الموقف أمما كل أمة مع إمامهم و قيل جماعات مختلفة
43- كا، ]الكافي[ علي عن أبيه و علي بن محمد جميعا عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود عن حفص عن أبي عبد الله ع قال مثل الناس يوم القيامة إذا قاموا لرب العالمين مثل السهم في القرب ليس له من الأرض إلا موضع قدمه كالسهم في الكنانة لا يقدر أن يزول هاهنا و لا هاهنا
44- كا، ]الكافي[ علي بن محمد عن صالح بن أبي حماد عن محمد بن سنان عن ابن مسكان عن أبي بكر الحضرمي عن تميم بن حاتم قال كنا مع أمير المؤمنين ع فاضطربت الأرض فوحاها بيده ثم قال لها اسكني ما لك ثم التفت إلينا و قال أما إنها لو كانت التي قال الله لأجابتني و لكن ليست بتلك
بيان الوحي الإشارة و في بعض النسخ فوجأها بالجيم و الهمزة يقال وجأته بالسكين أي ضربته و هو أظهر و هذا الخبر كغيره من الأخبار الكثيرة يدل على أن المراد بالإنسان في سورة الزلزال هو أمير المؤمنين ع فهو ع يسأل الأرض فتجيبه في القيامة عند زلزالها فاستدل ع بأن هذه الزلزلة ليست زلزلة القيامة و إلا لأجابتني كما قال الله تعالى
45- فر، ]تفسير فرات بن إبراهيم[ أبو القاسم العلوي معنعنا عن عمرو بن مرة قال بينا عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ع إذا تحركت الأرض فجعل يضربها بيده ثم قال ما لك فلم تجبه ثم قال ما لك فلم تجبه ثم قال أما و الله لو كان هيه لحدثتني و إني لأنا الذي يحدث الأرض أخبارها أو رجل مني
بيان المراد بالرجل القائم ع و لعل هذا للتبهيم لنوع من المصلحة أو كلمة أو بمعنى الواو
46- نهج، ]نهج البلاغة[ حتى إذا تصرمت الأمور و تقضت الدهور و أزف النشور أخرجهم من ضرائح القبور و أوكار الطيور و أوجرة السباع و مطارح المهالك سراعا إلى أمره مهطعين إلى معاده رعيلا صموتا قياما صفوفا ينفذهم البصر و يسمعهم الداعي عليهم لبوس الاستكانة و ضرع الاستسلام و الذلة قد ضلت الحيل و انقطع الأمل و هوت الأفئدة كاظمة و خشعت الأصوات مهيمنة و ألجم العرق و عظم الشفق و أرعدت الأسماع لزبرة الداعي إلى فصل الخطاب و مقايضة الجزاء و نكال العقاب و نوال الثواب
بيان تصرمت تقطعت و أزف دنا و قرب و الأوجرة جمع وجار و هو بيت السبع و الإهطاع الإسراع في العدو و أهطع إذا مد عنقه و صوب رأسه رعيلا قال ابن الأثير أي ركابا على الخيل انتهى و أصل الرعيل القطيع من الخيل و لعل الأظهر تشبيههم في اجتماعهم و صموتهم بقطيع الخيل و قال ابن الأثير في حديث ابن مسعود إنكم مجموعون في صعيد واحد ينفذكم البصر يقال نفذني بصره إذا بلغني و جاوزني و قيل المراد به ينفذهم بصر الرحمن حتى يأتي عليهم كلهم و قيل أراد ينفذهم بصر الناظر لاستواء الصعيد قال أبو حاتم أصحاب الحديث يروونه بالذال المعجمة و إنما هو بالمهملة أي يبلغ أولهم و آخرهم حتى يراهم كلهم و يستوعبهم من نفد الشيء و أنفدته و حمل الحديث على بصر المبصر أولى من حمله على بصر الرحمن لأن الله يجمع الناس يوم القيامة في أرض يشهد جميع الخلائق فيها محاسبة العبد الواحد على انفراده و يرون ما يصير إليه و اللبوس بالفتح ما يلبس و الضرع بالتحريك ما يصير سببا لضراعتهم و خضوعهم. قوله ع و هوت الأفئدة كاظمة مقتبس من آيتين قوله تعالى وَ أَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ و قوله تعالى إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ و قال الجزري الهينمة الكلام الخفي الذي لا يفهم و قال فيه يبلغ العرق منهم ما يلجمهم أي يصل إلى أفواههم فيصير لهم بمنزلة اللجام يمنعهم عن الكلام يعني في المحشر يوم القيامة و الشفق الخوف و يقال زبره زبرا و زبرة أي انتهره و يقال قايضه مقايضة في البيع إذا أعطاه سلعة و أخذ عوضها سلعة منه
47- نهج، ]نهج البلاغة[ فاتعظوا عباد الله بالعبر النوافع و اعتبروا بالآي السواطع و ازدجروا بالنذر البوالغ فكان قد علقتكم مخالب المنية و انقطعت منكم علائق الأمنية و دهمتكم مفظعات الأمور و السياقة إلى الورد المورود و كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَ شَهِيدٌ سائق يسوقها إلى محشرها و شاهد يشهد عليها بعملها
48- نهج، ]نهج البلاغة[ و ذلك يوم يجمع الله فيه الأولين و الآخرين لنقاش الحساب و جزاء الأعمال خضوعا قياما قد ألجمهم العرق و رجفت بهم الأرض فأحسنهم حالا من وجد لقدميه موضعا و لنفسه متسعا
بيان نقاش الحساب المناقشة و التدقيق فيه
49- نهج، ]نهج البلاغة[ حتى إذا بلغ الكتاب أجله و الأمر مقاديره و الحق آخر الخلق بأوله و جاء من أمر الله ما يريده من تجديد خلقه أماد السماء و فطرها و أرج الأرض و أرجفها و قلع جبالها و نسفها و دك بعضها بعضا من هيبة جلالته و مخوف سطوته و أخرج من فيها فجددهم بعد إخلاقهم و جمعهم بعد تفريقهم ثم ميزهم لما يريد من مساءلتهم عن خفايا الأعمال و خبايا الأفعال و جعلهم فريقين أنعم على هؤلاء و انتقم من هؤلاء فأما أهل الطاعة فأثابهم بجواره و خلدهم في داره حيث لا يظعن النزال و لا تتغير بهم الحال و لا تنوبهم الأفزاع و لا تنالهم الأسقام و لا تعرض لهم الأخطار و لا تشخصهم الأسفار و أما أهل المعصية فأنزلهم شر دار و غل الأيدي إلى الأعناق و قرن النواصي بالأقدام و ألبسهم سرابيل القطران و مقطعات النيران في عذاب قد اشتد حره و باب قد أطبق على أهله في نار لها كلب و جلب و لهب ساطع و قصيف هائل لا يظعن مقيمها و لا يفادى أسيرها و لا تفصم كبولها لا مدة للدار فتفنى و لا أجل للقوم فيقضى.
بيان بلغ الكتاب أجله أي بلغ الزمان المكتوب المقدر إلى منتهاه و ألحق آخر الخلق بأوله أي تساوى الكل في شمول الموت و الفناء لهم أماد السماء أي حركها و يروى أمار بالراء بمعناه كما قال تعالى يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً و أرج الأرض أي زلزلها و كذا قوله أرجفها و نسفها أي قلعها من أصولها و دك بعضها بعضا أي صدمه و دقه حتى تكسره إشارة إلى قوله تعالى فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً لا يظعن أي لا يرحل و لا تنوبهم أي لا تنزل بهم و الأخطار جمع الخطر و هو ما يشرف به على الهلكة و الكلب بالتحريك الشدة و الجلب و اللجب الصوت و القصيف الصوت الشديد لا تفصم كبولها أي لا تكسر قيودها
-50 نهج، ]نهج البلاغة[ أوصيكم عباد الله بتقوى الله فإنها الزمام و القوام فتمسكوا بوثائقها و اعتصموا بحقائقها تئول بكم إلى أكنان الدعة و أوطان السعة و معاقل الحرز و منازل العز في يوم تشخص فيه الأبصار و تظلم له الأقطار و يعطل فيه صروم العشار و ينفخ في الصور فتزهق كل مهجة و تبكم كل لهجة و تذل الشم الشوامخ و الصم الرواسخ فيصير صلدها سرابا رقرقا و معهدها قاعا سملقا فلا شفيع يشفع و لا حميم ينفع و لا معذرة تدفع
بيان تشبيه التقوى بالزمام إما لأنها المانعة عن الخطإ و الزلل أو لأنها تقود إلى الجنة و سماها قواما لأنه بها تقوم أمور الدنيا و الآخرة و الأكنان جمع الكن و هو الستر و المعقل الملجأ و المعاقل الحصون و الصروم جمع صرمة و هي القطيعة من الإبل نحو الثلاثين و الشمم محركة ارتفاع الجبل أي تذل الجبال العالية و الأحجار الثابتة و الصلد الصلب الشديد و الرقرقة بصيص الشراب و تلألؤه و معهدها أي ما عهد منزلا للناس و مسكنا و القاع المستوي من الأرض و السملق الأرض المستوية الجرداء التي لا شجر فيها فلا شفيع يشفع أي بغير إذن الله أو للكافرين
51- نهج، ]نهج البلاغة[ و إن السعداء بالدنيا غدا هم الهاربون منها اليوم إذا رجفت الراجفة و حقت بجلائلها القيامة و لحق بكل منسك أهله و بكل معبود عبدته و بكل مطاع أهل طاعته فلم يجز في عدله و قسطه يومئذ خرق بصر في الهواء و لا همس قدم في الأرض إلا بحقه فكم حجة يوم ذاك داحضة و علائق عذر منقطعة فتحر من أمرك ما يقوم به عذرك و تثبت به حجتك و خذ ما يبقى لك مما لا تبقى له و تيسر لسفرك و شم برق النجاة و ارحل مطايا التشمير
توضيح حقت أي لزمت و ثبتت و جلائلها شدائدها و الباء تحتمل التعدية و الهمس الصوت الخفي و تقول شمت البرق إذا نظرت إلى سحابتها أين تمطر و يقال رحل مطيته إذا شد على ظهرها الرحل و التشمير الجد في الأمر
52- فس، ]تفسير القمي[ الحسين بن عبد الله السكيني عن أبي سعيد البجلي عن عبد الملك بن هارون عن أبي عبد الله عن آبائه صلوات الله عليهم قال كان فيما سأل ملك الروم الحسن بن علي ع أن سأله عن أرواح المؤمنين أين يكونون إذا ماتوا قال تجتمع عند صخرة بيت المقدس في ليلة الجمعة و هو عرش الله الأدنى منها يبسط الله الأرض و إليها يطويها و إليها المحشر و منها استوى ربنا إلى السماء و الملائكة ثم سأله عن أرواح الكفار أين تجتمع قال تجتمع في وادي حضرموت وراء مدينة اليمن ثم يبعث الله نارا من المشرق و نارا من المغرب و يتبعهما بريحين شديدتين فيحشر الناس عند صخرة بيت المقدس فيحشر أهل الجنة عن يمين الصخرة و يزلف المتقين و يصير جهنم عن يسار الصخرة في تخوم الأرضين السابعة و فيها الفلق و السجين فيعرف الخلائق من عند الصخرة فمن وجبت له الجنة دخلها و من وجبت له النار دخلها و ذلك قوله تعالى فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَ فَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ
53- يب، ]تهذيب الأحكام[ المفيد و الغضائري عن جعفر بن محمد عن أخيه علي عن أحمد بن إدريس عن عمران بن موسى الخشاب عن علي بن حسان عن عمه عبد الرحمن عن أبي عبد الله ع و ساق حديث فضل مسجد السهلة إلى أن قال و هو من كوفان و فيه ينفخ في الصور و إليه المحشر و يحشر من جانبه سبعون ألفا يدخلون الجنة
-54 فس، ]تفسير القمي[ أبي عن ابن أبي عمير عن منصور بن يونس عن عمرو بن شيبة عن أبي جعفر صلوات الله عليه قال سمعته يقول ابتداء منه إن الله إذا بدا له أن يبين خلقه و يجمعهم لما لا بد منه أمر مناديا فنادى فاجتمع الإنس و الجن في أسرع من طرفة العين ثم أذن السماء الدنيا فنزل و كان من وراء الناس و أذن السماء الثانية فنزل و هي ضعف التي تليها فإذا رآها أهل السماء الدنيا قالوا جاء ربنا فيقال لا و هو آت حتى ينزل كل سماء يكون كل واحدة من وراء الأخرى و هي ضعف التي تليها ثم ينزل الله فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ وَ الْمَلائِكَةُ وَ قُضِيَ الْأَمْرُ وَ إِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ثم يأمر الله مناديا ينادي يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ قال و بكى حتى إذا سكت قلت جعلني الله فداك يا أبا جعفر و أين رسول الله و أمير المؤمنين و شيعته فقال أبو جعفر ع رسول الله و علي و شيعته على كثبان من المسك الأذفر على منابر من نور يحزن الناس و لا يحزنون و يفزع الناس و لا يفزعون ثم تلا هذه الآية مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَ هُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ فالحسنة و الله ولاية أمير المؤمنين ع
55- يد، ]التوحيد[ القطان عن ابن زكريا عن ابن حبيب عن أحمد بن يعقوب بن مطر عن محمد بن الحسن بن عبد العزيز عن طلحة بن يزيد عن عبيد الله بن عبيد عن أبي معمر السعداني عن أمير المؤمنين ع أنه قال في جواب من ادعى التناقض بين آيات القرآن فقال و أجد الله يقول يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَ الْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً و قال و استنطقوا فقالوا وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ و قال يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَ يَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً و قال إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ و قال لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَ قَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ و قال الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ فمرة يخبر أنهم لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً و مرة يخبر أن الخلق ينطقون و يقول عن مقالتهم وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ و مرة يخبر أنهم يختصمون فأجاب ع بأن ذلك في مواطن غير واحد من مواطن ذلك اليوم الذي كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ يجمع الله عز و جل الخلائق يومئذ في مواطن يتفرقون و يكلم بعضهم بعضا و يستغفر بعضهم لبعض أولئك الذين كان منهم الطاعة في دار الدنيا من الرؤساء و الأتباع و يلعن أهل المعاصي الذين بدت منهم البغضاء و تعاونوا على الظلم و العدوان في دار الدنيا المستكبرين و المستضعفين يكفر بعضهم ببعض و يلعن بعضهم بعضا و الكفر في هذه الآية البراءة يقول فيتبرأ بعضهم من بعض و نظيرها في سورة إبراهيم قول الشيطان إِنِّي كَفَرْتُ بِما أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ و قول إبراهيم خليل الرحمن كَفَرْنا بِكُمْ يعني تبرأنا منكم ثم يجتمعون في موطن آخر فيستنطقون فيه و يبكون فيه فلو أن تلك الأصوات بدت لأهل الدنيا لأذهلت جميع الخلق عن معايشهم و لتصدعت قلوبهم إلا ما شاء الله فلا يزالون يبكون الدم ثم يجتمعون في موطن آخر فيستنطقون فيه فيقولون وَ اللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ فيختم الله تبارك و تعالى على أفواههم و يستنطق الأيدي و الأرجل و الجلود فتشهد بكل معصية كانت منهم ثم يرفع عن ألسنتهم الختم فيقولون لجلودهم لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ و يجتمعون في موطن آخر فيستنطقون فيفر بعضهم من بعض فذلك قوله عز و جل يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ فيستنطقون ف لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَ قالَ صَواباً فتقوم الرسل ص فيشهدون في هذا الموطن فذلك قوله تعالى فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَ جِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً
ثم يجتمعون في موطن آخر يكون فيه مقام محمد ص و هو المقام المحمود فيثني على الله تبارك و تعالى بما لم يثن عليه أحد قبله ثم يثني على الملائكة كلهم فلا يبقى ملك إلا أثنى عليه محمد ص ثم يثني على الرسل بما لم يثن عليهم أحد مثله ثم يثني على كل مؤمن و مؤمنة يبدأ بالصديقين و الشهداء ثم بالصالحين فيحمده أهل السماوات و أهل الأرض و ذلك قوله عز و جل عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً فطوبى لمن كان له في ذلك المقام حظ و نصيب و ويل لمن لم يكن له في ذلك المقام حظ و لا نصيب ثم يجتمعون في موطن آخر فيدان بعضهم من بعض و هذا كله قبل الحساب فإذا أخذ في الحساب شغل كل إنسان بما لديه نسأل الله بركة ذلك اليوم قال فرجت عني فرج الله عنك يا أمير المؤمنين و ساق الحديث إلى أن قال فأما قوله وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ و قوله لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ فإن ذلك في موضع ينتهي فيه أولياء الله عز و جل بعد ما يفرغ من الحساب إلى نهر يسمى الحيوان فيغتسلون فيه و يشربون منه فتنضر وجوههم إشراقا فيذهب عنهم كل قذى و وعث ثم يؤمرون بدخول الجنة فمن هذا المقام ينظرون إلى ربهم كيف يثيبهم و منه يدخلون الجنة فذلك قول الله عز و جل في تسليم الملائكة عليهم سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ فعند ذلك أيقنوا بدخول الجنة و النظر إلى ما وعدهم ربهم و ذلك قوله إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ و إنما يعني بالنظر إليه النظر إلى ثوابه تبارك و تعالى و أما قوله لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ فهو كما قال لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ و لا تحيط به الأوهام وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ يعني يحيط بها الحديث
بيان قال الجزري فيه اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر أي شدته و مشقته و أصله من الوعث و هو الرمل و المشي فيه يشد على صاحبه و يشق
56- فس، ]تفسير القمي[ إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ قال القيامة هي حق قوله تعالى خافِضَةٌ قال لأعداء الله رافِعَةٌ لأولياء الله إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا قال يدق بعضها على بعض وَ بُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا قال قلعت الجبال قلعا فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا قال الهباء الذي يدخل في الكوة من شعاع الشمس
57- ثو، ]ثواب الأعمال[ بإسناده عن أبي عبد الله ع قال أرض القيامة نار ما خلا ظل المؤمن فإن صدقته تظله
58- فس، ]تفسير القمي[ أبي عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضا ع و ساق الحديث إلى أن قال قلت الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ بِحُسْبانٍ قال هما بعذاب الله قلت الشمس و القمر يعذبان قال سألت عن شيء فأيقنه إن الشمس و القمر آيتان من آيات الله يجريان بأمره مطيعان له ضوؤهما من نور عرشه و حرهما من جهنم فإذا كانت القيامة عاد إلى العرش نورهما و عاد إلى النار حرهما فلا يكون شمس و لا قمر و إنما عناهما لعنهما الله أ و ليس قد روى الناس أن رسول الله ص قال الشمس و القمر نوران في النار قلت بلى قال أ ما سمعت قول الناس فلان و فلان شمس هذه الأمة و نورها فهما في النار و الله ما عنى غيرهما الخبر
59- ن، ]عيون أخبار الرضا عليه السلام[ الحسين بن إبراهيم بن أحمد عن محمد بن جعفر الكوفي عن البرمكي عن الحسين بن الحسن عن بكر بن صالح عن الحسن بن سعيد عن أبي الحسن الرضا ع في قوله عز و جل يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ قال حجاب من نور يكشف فيقع المؤمنون سجدا و تدمج أصلاب المنافقين فلا يستطيعون السجود
60- يد، ]التوحيد[ أبي و ابن الوليد عن سعد عن ابن عيسى عن علي بن حديد عن جميل بن دراج عن زرارة عن أبي عبد الله ع في قول الله عز و جل وَ يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ قال صارت أصلابهم كصياصي البقر يعني قرونها وَ قَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَ هُمْ سالِمُونَ قال و هم مستطيعون
أقول قد مرت الأخبار في تفسير هذه الآية في أبواب العدل
-61 ين، ]كتاب حسين بن سعيد و النوادر[ النضر عن زرعة عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إن الرحم معلقة بالعرش ينادي يوم القيامة اللهم صل من وصلني و اقطع من قطعني فقلت أ هي رحم رسول الله ص فقال بل رحم رسول الله ص منها و قال إن الرحم تأتي يوم القيامة مثل كبة المدار و هو المغزل فمن أتاها واصلا لها انتشرت له نورا حتى يدخله الجنة و من أتاها قاطعا لها انقبضت عنه حتى يقذف به في النار
62- ما، ]الأمالي للشيخ الطوسي[ الحسين بن إبراهيم القزويني عن محمد بن وهبان عن أحمد بن إبراهيم عن الحسن بن علي الزعفراني عن البرقي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله ع قال يحشر الناس يوم القيامة متلازمين فينادي مناد أيها الناس إن الله قد عفا فاعفوا قال فيعفو قوم و يبقى قوم متلازمين قال فترفع لهم قصور بيض فيقال هذا لمن عفا فيتعافى الناس
63- دعوات الراوندي، روي أنه إذا كان يوم القيامة ينادي كل من يقوم من قبره اللهم ارحمني فيجابون لئن رحمتم في الدنيا لترحمون اليوم